Aug 23, 2023 3:02 PM
خاص

واشنطن تتجه لتغيير المعادلة في سوريا... المنطقة على أبواب خريف حار!

يولا هاشم

المركزية – يشير بعض المحللين السياسيين والعسكريين إلى ان ثمة اتجاها لتحريك الملف السوري أمنياً للضغط على الرئيس بشار الاسد الذي لم يلتزم بالوعود التي قطعها للدول العربية التي أحتضنته مجدداً، وما زال يجاري ايران من خلال جعل سوريا ساحة للصراع ولتهريب السلاح والكبتاغون وبعث الرسائل خاصة باتجاه الولايات المتحدة الاميركية.  فقد أعلنت قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، الاسبوع الماضي، مقتل قيادي كبير في تنظيم داعش خلال عملية أمنية في مدينة الرقة بشمال البلاد. وجاء ذلك ردا على عمليتين للتنظيم خلال الأسبوع الماضي، هما الأكبر منذ مطلع العام الجاري، بينما قدرت تقارير للأمم المتحدة هذا الأسبوع أن داعش ما زال يضم ما بين 5 و7 آلاف مقاتل في سوريا والعراق، ما يمكّنه من شن هجمات كبيرة بالبادية السورية. فما أسباب عودة داعش وتوسيع عملياته اخيرا داخل الأراضي السورية؟ 

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية" ان "ايران هي من تحرك داعش، ومن الواضح ان هناك توجها أميركيا جديداً في عملية معالجة القضية السورية، يقضي بفصل معبر البوكمال على الحدود السورية –العراقية عن المناطق العراقية، تبعاً لمصلحة واشنطن طبعاً. إشارة الى ان القوات الاميركية تتمركز شمال الجزيرة الى غرب وشرق الفرات، بينما الوجود الايراني أصبح داخل القواعد والثكنات، كما ان منطقة البوكمال وام حسن والميادين هي تحت تصرف ايران والحشود الشعبية. إذاً كيف سيعمل الاميركي على فصل هذه المنطقة في ظل تعثر كل عملية التوافق مع نظام بشار الاسد؟ من خلال سيناريو قديم - جديد اسمه سوريا الاقتصادية وسوريا المفيدة، والتي تضم مناطق البادية وجزءا من الحسكة ومنطقة تواجد العشائر العربية. والاسبوع الماضي حصل اشكال على المعبر بين عائلة الجُبور وهي عائلة سورية وعراقية تنتمي الى عشيرة كبيرة جدا، ما يدل على ان الاحتكاك ما بين الميليشيات وعملية التجنيد ونشر التشيّع في هذه المنطقة العربية التقليدية اصبحت تزعج سكانها، خاصة وان الاميركيين متواجدين في المناطق في شمال الحسكة ومناطق التنف".  

ويتابع العزي: "وبالتالي تفكر الولايات المتحدة عمليا بالتضييق على الميليشيات، لكن الصراع الاميركي -الايراني لا يمكن ان يتم في العراق، بسبب اتفاقية عسكرية موقعة بين واشنطن وطهران بخصوص التواجد في العراق ومبرراته وتمت بموافقة بغداد وحضور قاسم سليماني، وبالتالي سينتقل الصراع الى سوريا وتحديدا منطقة الفرات. إلا ان هناك أزمتين في هذه المنطقة، أولاً ان كل القوى مرتبطة بالتواجد مع الادارة الذاتية اي الاكراد الذين هم على علاقة جيدة وممتازة مع الحرس الثوري الايراني ومع المخابرات الروسية وبالتالي ليس لديهم اشكالية مع نظام الاسد. وثانياً، ظهور تنظيم داعش الذي يتم استدعاؤه غب الطلب، وقد شاهدنا منذ فترة أنه يشنّ عمليات موجهة في هذه المنطقة بالتحديد ضد الجيش السوري. لكن كيف تنبعث هذه القوى حيث يُراد لها ذلك وتقوم بتنفيذ عمليات كبيرة، وهي ليست ذئابا مخفية بل تقوم بهجمات منظمة بسلاح وقوى؟ إذاً هناك من يستدعي هذه المجموعات لتخويف العالم بها". 

 ويضيف: تعلم واشنطن أنها تواجه مشكلتين، أولاً، لن تستطيع الاتكال على الادارة الذاتية وثانياً ستُخلق لها مشكلة داعش من جديد، والتي تتحرك غب الطلب بناء على أوامر ايرانية. لذلك لدى واشنطن العديد من السيناريوهات التي قد تقوم بتنفيذها، اولا، اعادة توحيد المنطقة تحديدا من الحسكة وفصل الكتائب العربية التي كانت ضمن الجيش الحر وشنّت عليها داعش هجومات والتحقت بالادارة الذاتية، واعادة التركيز على العشائر العربية لأنها هي من تستطيع مواجهة داعش والميليشيات. ثانياً، ربط هذه المنطقة الاقتصادية التي تحوي حقولاً نفطية كبيرة خاصة مركز العمر، والتي حاولت روسيا الاستيلاء عليها، وهي اليوم تحت تصرف الادارة الذاتية لكن بحماية الاميركيين". 

ويشير العزي الى ان "الاميركيين بدأوا يدخلون الى المنطقة لأن هذا السيناريو لا يمكن الاصطدام فيه مباشرة قبل تحريك الجبهة. ما نشهده في السويداء وقبلها في جاسم ومنطقة الصنمَين في درعا يدل على ان سوريا المفيدة سيتم ترتيبها وفقا للترتيب الاميركي، من مناطق العبور في منطقة بوكمال مرورا بمناطق جزئية من الحسكة الى مناطق البادية التي تضم عشائر عربية، الى السويداء وتدمر الى درعا والحدود الاردنية. وربما هذا المشروع يتحرك وفقا لضغوط واستفزازات يقوم بها النظام والميليشيا الايرانية، ما يجعل المنطقة على ابواب صراع "فصل الهلال الشيعي بين طهران وبيروت عبر معبر البوكمال"، وبالتالي للتضييق على هذه المجموعات يجب تأمين حمايتها. إلا ان الاميركيين لا يمكن ان يعززوا حمايتهم بـ2500 جندي اذا لم تدخل آليات واسلحة وعتاد كبيرة، لأن الاميركيين سيعتمدون بالدرجة الاولى على انفسهم، ومن ثم هناك نوع من الاحتكاك الروسي -الاميركي في هذه المنطقة لأن روسيا تحاول ان تحمل اجندة في سوريا والعراق محمية من ايران، عنوانها اخراج الاميركيين من هذه المنطقة. لذلك، يعي الاميركيون ان عليهم الاعتماد على قوة بشرية موجودة على الارض، لمواجهة النظام وداعش والحشود الولائية التابعة للحرس الثوري". 

ويضيف:"هذه المنطقة فارغة وستؤمَّن بمجموعات، من هنا الضربات الاسرائيلية شبه اليومية لمواقع ومراكز في الكسوة ودمشق والبوكمال، هدفها عدم تمكين الايرانيين او الحشود الولائية من جلب سلاح صاروخي او مسيرات وفرضه كقوة اساسية. وهذا ما يجعل المنطقة على ابواب خريف حار. قد يكون هذا السيناريو جديا لدى الاميركيين وقد يكون نوعا من التنازل الايراني نتيجة الصفقة التي تمت بين ايران وواشنطن التي افرجت فيها عن جواسيس ايرانيين تم اعتقالهم في ايران يحملون جنسيات اجنبية، ومفاوضة الولايات المتحدة عليها. اذاً هناك اتفاق سري لم يطّلع عليه احد انما تسرّبت عنه معلومات بأنه يتضمن امتناع ايران عن توريد المسيرات الى روسيا وتوقيف تخصيب اليورانيوم عند معدل الـ60%، وربما حماية ايران او منع اي اعتداء عسكري اميركي واسرائيلي على طهران، وربما السماح للولايات المتحدة بتنظيف منطقة البوكمال من هذه الحشود. ولذلك تشهد المنطقة نوعا من التصعيد ومركزه سوريا".  

ويؤكد العزي ان "مصلحة اميركا تقتضي بإقامة سوريا الاقتصادية وقد تكون برعاية وحماية الاردن بشكل مباشر وتأسيس جيش سوري من الجيوش الموجودة في الاردن وفي المناطق التي يسيطر عليها الاتراك وتُعتبر ذات حكم ذاتي. وبهذا تنتزع واشنطن يد المبادرة من الاتراك وتُحوّلها الى العشائر العربية التي من الممكن ان تواجه الحشود وتمنع تمددها وتمنع استباحة المنطقة وعملية التشيّع. هذا الامر لن يحصل بين اليوم والغد لأنه مرتبط بتطور تصعيدي بطيء وبسياسة استراتيجية تقوم بالضغط على ايران. وقد لا تستطيع الولايات المتحدة حاليا المواجهة لكنها تريد ان تكسب ورقة وتنتزعها من يد الحزب الجمهوري في عملية الصراع الداخلي الديمقراطي، لأن الحزب الجمهوري لديه توجه في حال عودته الى الحكم، فك الارتباط نهائيا مع ايران، وقد شاهدنا الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018 كيف خرج من هذا الملف وبقي فيه الاوروبيون، الذين ما لبثوا ان تراجعوا بعد حرب اوكرانيا". 

ويختم: "ايران اليوم في صدد "الاتفاق على الاتفاق" الذي تم مع واشنطن، وأنقذت نفسها، والدليل خطاب وزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان في السعودية البراغماتيكي وخطاب  السيد علي خامينئي في اليوم نفسه مع قادة الصف الاول للحرس الثوري الذي قال أن "ايران امام مرحلة صعبة وقد نتعرض الى ضربة، لذلك علينا الا نقع فريسة". وبالتالي هناك عملية ضياع لموقف حزب الله مما يحصل في المنطقة ودوره في سوريا واستعجاله في أخذ ثمن قبل حصول او تنفيذ اي عمل، لتأمين وصول رئيس للجمهورية يكون قادراً على حمايته وتأمين وجوده لست سنوات قادمة ريثما ينتهي الملف الايراني – الاميركي. يشعر الحزب ان هناك متغيرات في سوريا كبيرة لن يستطيع التعويل عليها، ومن هنا رأينا قدوم حفارات النفط للتنقيب، والتي لم تكن لتأتي ما لم يكن هناك ضمانات ايرانية واميركية لهذه الشركات الكبيرة، بعدم تعرضها للتهديد او التعطيل. لذلك نراه يسارع الى انهاء الخلاف وقبض ثمنه محليا قبل اي اتفاق او تحرك. لكن الولايات المتحدة على ما يبدو ذاهبة في سوريا باتجاه تغيير المعادلة لأن السكوت بات غير مجد لإدارة الرئيس الاميركي جو بايدن في ظل الصراع الداخلي، ومن ضمنه سوريا ولبنان والعراق والعلاقة مع السعودية والدول العربية وحماية النفط. وبالتالي، على واشنطن ان تأخذ موقفا جديا من كل هذه المسائل، ليس من أجل المنطقة او لحل الصراعات بل نتيجة الصراع الداخلي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي وكيفية استغلاله في الانتخابات الاميركية القادمة". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o