Aug 20, 2023 7:00 AM
صحف

التخبّط يصل إلى داخل الحكومة... "كيس ملاكمة"

أشارت "الأنباء" الكويتيّة الى ان التخبط ما زال السمة الأكثر واقعية للحالة اللبنانية الراهنة: تخبط في السياسة وإرباك في قطاع الكهرباء التي «كهربت» العلاقة بين وزيرين في حكومة تصريف الأعمال حول صفقة «فيول» لمصلحة كهرباء لبنان، فوزير الطاقة وليد فياض عقد الصفقة متفردا بقيمة تصل الى 80 مليون دولار، ووزير المال يوسف الخليل يرفض صرف الأموال له لعدة أسباب وجيهة، أبرزها أن خزانات النفط التابعة للدولة ملأى بالفيول العراقي، كما أن وزير الطاقة وليد فياض عقد الصفقة مباشرة ودون الرجوع إلى هيئة الشراء العام ودون إجراء مزايدة رسمية.

ويذهب البعض الى ربط هذا الاشكال الوزاري بالعلاقة غير السوية بين رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يعد وزير المال محسوبا عليه، وبين رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يغطي وزير الطاقة.

وتضاف الى هذه الإشكالية رفض حاكم مصرف لبنان المركزي بالإنابة وسيم منصوري تحويل رصيد كهرباء لبنان لديه بالليرة الى ما يقارب 37 مليون دولار، تحسبا لاهتزاز وضع الليرة المتماسكة حتى الآن، عند محور الـ 90 ألف ليرة للدولار، فضلا عن اقتناع منصوري بأن معالجة الوزير فياض للأزمة لا تتلاءم مع سياسة المصرف المركزي بإدارته الجديدة.

أما الوزير فياض الذي يرفض التشكيك بلزومية صفقة «الفيول» الجديدة، فقد بدأ يلوح بعدم استدامة مخططه لزيادة انتاج الطاقة، بمعنى إنقاص ساعات العتمة المديدة على اللبنانيين.

بدوره، رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تحويل حكومته الى «كيس ملاكمة»، وقال في تصريحات صحافيّة ردا على سؤال: مسألة الاعتكاف لم ترد في قاموسي حتى الآن، لكن اذا ظلت الأمور تنسج على منوال التعطيل وعدم التجاوب والتعاون ساعتئذ كل الاحتمالات واردة، وأضاف: دوما للصبر حدود.

ولفت ميقاتي الى أن ثمة من وضع في حساباته الضمنية أن يقطع الطريق علينا، من خلال عرقلة تصريف الأعمال وانه ماض في هذا النهج رغم تحذيراتنا.

وفي سياق متصل، أشارت "الانباء الالكترونية" الى ان مع تفسير كلام الرئيس ميقاتي منذ يومين بأنه تلويح بالاعتكاف، أكد النائب السابق علي درويش في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية أن "رئيس الحكومة لن يقدم على خيار الاعتكاف طالما بقيت الأبواب مفتوحة وتستطيع الحكومة العمل على تسيير امور الناس، وعندما يجد ان الابواب اصبحت موصدة أمامه ولم يعد قادرا على خدمة اللبنانيين، من الطبيعي ان يلجأ الى خيارات اخرى قد تكون قاسية"، مشيرا إلى أن "ميقاتي يعيش بالفعل حالة اشمئزاز مما يجري، لكنه سيبقى يمارس صلاحياته لأقصى درجة ممكنة".

وعن الجهة التي تعرقل عمل الحكومة وتضع العصي في الدواليب، قال درويش: "بالطبع هناك من يعمل على عدم تمرير جلسات الحكومة، وعدم تمرير جلسات التشريع المرتبطة بها، ووضع العصي في الدواليب، وهناك أيضاً من يعترض على تمرير ملفات ذات صلة بحياة الناس، بينما نجده يحاول دائما طرح ملفات خلافية بقصد الإساءة لخصومه السياسيين ولشريحة واسعة من اللبنانيين"، مشددا على أن "هناك من يعرقل بالفعل عمل الحكومة"، داعياً

"القوى السياسية الى مصارحة بعضهم والتعاون لتقطيع المرحلة وتسيير شؤون الناس بأقل الخسائر كي لا نصل الى الانفلات الاجتماعي والأمني".

وفي موضوع الاقتراض من مصرف لبنان، لفت درويش إلى أن هذا الموضوع يتطلب قانونا يصدر عن مجلس النواب. وحتى اللحظة يبدو متعثرا، واعتبر أنه بذلك "فإن الموظفين في الادارة العامة لن يستطيعوا قبض رواتبهم اذا استمرت الامور على ما هي عليه".

هذا الملف الذي يعيد طرح الأزمة الاقتصادية، لفت الخبير المالي جاسم عجاقة حياله إلى "عدم فهم ما يجري"، محذرا من "محاولة غش الناس للطريقة التي يعتمدها مصرف لبنان، كاشفا عن حساب للدولة في مصرف لبنان يحمل الرقم 36 لأموال موجودة فيه بالليرة اللبنانية كان المصرف المركزي يستخدمها لشراء الدولار على سعر المنصة لدفع رواتب موظفي القطاع العام. اما التعميم 158 فيجيز باستخدام الاحتياط الالزامي لاعطاء المودعين من أموالهم، والتعميم 161 كان يسمح بشراء الدولار بالليرة اللبنانية مع تحمل مصرف لبنان الخسائر الناجمة عن هذه العمليات. وبعد توقف منصة صيرفة أصبحت عملية الحصول على الدولار صعبة لأن لا احد يضمن عودة الدولار الى الارتفاع من جديد".

عجاقة اشار إلى أن "مسألة الرواتب يمكن دفعها بالليرة اللبنانية لكن أسعار المحروقات والدواء ورواتب السلك الدبلوماسي والمتوجبات الدولية من ديون وغيرها لا يمكن دفعها إلا بالعملة الصعبة"، محذرا من استمرار الوضع على ما هو عليه "لأننا سنكون ذاهبين الى ازمة كبيرة بغياب الإصلاحات وبظل رفض النواب التصويت على استخدام أموال المودعين"، ورأى أن الحكومة أمام احتمالين، الأول: شراء الدولارات من السوق وهذا يؤدي الى تفلت الدولار، الثاني: إعادة تفعيل جباية الضرائب والرسوم بالدولار للخروج من الازمة".

الصورة القائمة اذا قاتمة، فلا التشريع يتم، ولا الحكومة يُسمح لها بالتحرك كما هو مطلوب، ولا استحقاق رئاسة الجمهورية قاب الانجاز، والمؤسسات تتوالى تعثراً، أما المعطلون لكل ذلك فبالُهم في مصالحهم، ووبالُ ما يرتكبون يتعاظمُ أزماتٍ في معيشة الناس. 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o