Aug 05, 2023 3:46 PM
تحليل سياسي

لبنان يدفع مجددا ثمن تلاشي الدولة "سياديا"..سفارات لرعاياها: غادروا!
ميقاتي يكلّف بوحبيب بطمأنة "الاشقاء".. واستياء كويتي من تصريحات سلام
نزاع "الإقتراض" يضع لقمة العيش على المحك.. جعجع: حسّنوا الجباية

المركزية- فيما الحقيقة في انفجار المرفأ في ذكراه الثالثة، مجهولة- معلومة، عن سابق تصور وتصميم مِن المنظومة الحاكمة، الاخيرةُ تَسوق البلادَ كلها اليوم، مخفورة، الى المصير المجهول - المعلوم ايضا، وتضع الافَ اللبنانيين أمام خطر الحرمان من الرواتب والدواء والمحروقات والاتصالات، نهاية آب الجاري. وليكتمل هذا المشهد الاسود، ولان "الدولة" تتدخل حيث يجب الا تتدخل- في القضاء مثلا- ولا تتدخل حيث يجب ان تضرب بيد من حديد وتفرض هيبتها والسيادة - في المربعات الامنية والبؤر الخارجة عن الشرعية مثلا - صدر في الساعات الماضية تحذيران امنيان عربيان، سعودي وكويتي، يطلبان من رعاياهما توخي الحيطة في تنقلاتهم، وقد طلبت الرياض من ابنائها مغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة. كل ذلك فيما يتوق لبنان الى اعادة علاقاته الى "زمنها الجميل" مع الدول الخليجية وفي عز موسم السياحة والاصطياف. ولان المصائب لا تأتي فرادى، فجّرت تصريحات "غير مسؤولة" او غير مدروسة، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، صدرت عن وزير الاقتصاد امين سلام، موجة استياء في الكويت.
متابعة رسمية: استحوذت  التطورات "الامنية – الدبلوماسية" على اهتمام رسمي اليوم. فقد تابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزيري الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب والداخلية والبلديات بسام مولوي، التطورات المتصلة بالبيانات التحذيرية الصادرة عن سفارات المملكة العربية السعودية والكويت والمانيا لرعاياها في لبنان. وبنتيجة البحث مع القيادات العسكرية والامنية، افادت المعطيات المتوافرة ان الوضع الامني بالاجمال لا يستدعي القلق والهلع ، وان الاتصالات السياسية والامنية لمعالجة احداث مخيم عين الحلوة قطعت اشواطا متقدمة، والامور قيد المتابعة الحثيثة لضمان الاستقرار العام ومنع تعكير الامن او استهداف المواطنين والمقيمين والسياح العرب والاجانب. وكلف ميقاتي بو حبيب التواصل مع "الاشقاء العرب لطمأنتهم الى سلامة مواطنيهم في لبنان". كما طلب من مولوي دعوة مجلس الأمن المركزي للانعقاد للبحث في التحديات التي قد يواجهها لبنان في هذه الظروف الإقليمية المتشنجة، واتخاذ القرارات المناسبة لحفظ الامن في كل المناطق.
الجيش ينفي: من جانبها، قالت قيادة الجيش في بيان "تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي معلومات نقلًا عن مصدر عسكري حول تحضير الجيش لتنفيذ عملية عسكرية في مخيم عين الحلوة". أضافت: يهم قيادة الجيش أن تنفي صحة هذه المعلومات، وتؤكد أنها تتابع بدقة الوضع الأمني في المخيم. كما تشدد على ضرورة العودة إلى بياناتها الرسمية حصرًا للحصول على المعلومات.
تحذيرات عربية: ومع ان الهدوء عاد نسبيا الى مخيم عين الحلوة حيث يشهد التزاما منذ ايام بقرار وقف اطلاق النار، أهابت سفارة دولة الكويت لدى الجمهورية اللبنانية بمواطني دولة الكويت المتواجدين في الجمهورية اللبنانية إلتزام الحيطة والحذر والإبتعاد عن مواقع الإضطرابات الأمنية في بعض المناطق والتقيد بالتعليمات الصادرة عن السلطات المحلية المختصة. بدورها طالبت السفارة السعودية لدى لبنان، المواطنين السعوديين بمغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة، محذرة إياهم من الاقتراب من المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة.  ولم تحدد السفارة المناطق التي يجب الامتناع عن الاقتراب منها، إلا أن المملكة قامت، في أول آب الجاري، بتحديث توجيهات السفر إلى لبنان ونصحت بتجنب "كافة أنواع السفر غير الضروري" إلى مناطق في جنوبي لبنان قرب مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين. في المقابل، غردت السفارة الالمانية: خلافا للشائعات ... ألمانيا حاليا لا تطلب من مواطنيها المغادرة.
لا علاقة: وفي وقت ربط بعض المحللين بين هذه الاجراءات الخليجية والتطورات في الاقليم على خط التصعيد بين الخليج وايران حول "حقل الدرة والجزر الثلاث"، وايضا بينها وبين الضغط على لبنان رئاسيا، افادت معلومات صحافية ان قرار الخارجية السعودية لا علاقة له إطلاقاً بتداعيات خارج لبنان كما يصورها البعض.
استياء كويتي: وعلى خط "الدعسات الناقصة" الرسمية تجاه العرب، والتي باتت لا تعد وتحصى، اثارت تصريحات أطلقها وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام في معرض مناشدته دولة الكويت إعادة بناء صوامع القمح التي دمّرها انفجار مرفأ بيروت، اثارت استياءً عارماً في الكويت يُخشى أن تكون له تداعياتٌ سياسية - ديبلوماسية متدحْرجة.   ولم يمرّ بسلام، في الكويت ما قاله سلام عبر "سبوتنيك" عن أنه بعث برسالة قبل 3 أسابيع إلى الكويت عبر الخارجية اللبنانية يناشد فيها "باسم الشعب اللبناني إعادة بناء إهراءات القمح"، وأنه بـ "شخطة قلم" يمكن أن تبني الكويت إهراءات لبنان في بيروت وطرابلس.. فقد اعرب وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم الصباح عن استنكار واستغراب الكويت الشديدين لتصريح وزير الاقتصاد اللبناني، واصفا إياه بأنه "يتنافى مع أبسط الأعراف السياسية ويعكس فهماً قاصراً لطبيعة اتخاذ القرارات في دولة الكويت، والمبنية على الأسس الدستورية والمؤسساتية بما في ذلك المنح والقروض الإنسانية التي تقدمها حكومة دولة الكويت للدول الشقيقة والصديقة". وأوضح أن الكويت تمتلك سجلاً تاريخياً زاخراً بمساندة الشعوب والدول الشقيقة والصديقة، إلّا أن دولة الكويت ترفض رفضاً قاطعاً أي تدخل في قراراتها وشؤونها الداخلية. وحث على سحب هذا التصريح، حرصاً على العلاقات الثنائية الطيبة القائمة بين البلدين الشقيقين.
سلام يبرر: على الاثر، عقد سلام بعد الظهر مؤتمرا صحافيا اعلن فيه ان "التباسا كبيرا حصل باستعمال تعبير معين في المقابلة التي اجريتها وهي ببساطة كنا نؤكد المؤكد فيها بدعم الكويت للبنان الذي ما زال موجودا"، موضحا: قصدنا من خلال استعمال مقولة "بشخطة قلم" وهي عبارة تستخدم باللغة اللبنانية العامية ان الموضوع قابل للتنفيذ وبسرعة.
مناشدات شعبية ودولية: على صعيد آخر، كان "المرفأ" الحدث شعبيا وسياسيا، محليا ودوليا، في الساعات الماضية حيث احتلت ذكرى الرابع من آب، صدارة المشهد. فعلى وقع تظاهرة شعبية مُطالبة بالحقيقة والمحاسبة وبلجنة تقصي حقائق دولية، ومُدينة للمعرقلين للتحقيقات، وعلى رأسهم محور الممانعة وحزب الله، كما قال ذوو الضحايا والمشاركون في التحرك الشعبي امس، كانت مواقف دولية مماثلة انتقدت عرقلت التحقيقات وتمييع العدالة، صدر ابرزها من واشنطن ومجموعة الدعم الدولية للبنان، في حين جدد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وقوفه الى جانب الشعب اللبناني.
رسائل رئاسية: غير ان المناسبة هذه شكّلت فرصة ايضا للتصويب على اداء الطبقة السياسية الحاكمة وعلى معطّلي الاستحقاقات الدستورية ومحاربةِ الفساد في البلاد. في هذا السياق،  وجه أعضاء مجلس النواب الأميركي داريل عيسى، ودارين لحود وماكس ميلر، رسالةً إلى وزير الخارجيّة الأميركيّ أنتوني بلينكن، اعربوا فيها عن القلق جرّاء الوضع اللبناني المتردّي، مطالبين الولايات المتحدة باتّخاذ إجراءات حازمة تجاه المعرقلين. وأوضحوا أنه ولسبب غير مفهوم، "يفضّل البعض في البرلمان الحفاظ على الوضع الراهن من أجل مكاسبهم السياسيّة والشخصيّة"، مطالبين أميركا بفرض عقوبات، بما في ذلك تجميد أي أصول مقومة بالدولار، وبمن فيهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي اعتبروه مُجرَّد امتداد لحزب الله... كما وجّهت لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي رسالة الى الرئيس الأميركي جو بايدن في مناسبة 4 آب. وجاء في الرسالة التي وقعها رئيس اللجنة السيناتور الأميركي جايمس ريتش أن "على الإدارة الأميركية استخدام كل الوسائل الديبلوماسية المتاحة لتقديم المصالح الأميركية والا سيسقط لبنان في قبضة إيران". واعتبرت الرسالة أن ما جرى في الجلسات الأخيرة لانتخاب رئيس لبناني اثبت أن رئيس المجلس النيابي نبيه برّي هو مجرّد امتداد لحزب الله واستخدم الإجراءات البرلمانية لمنع انتخاب رئيس للجمهورية. ورحّبت الرسالة بالأصوات الصادرة من أوروبا والتي تدعو الى فرض عقوبات على برّي. وأكدت الرسالة على ضرورة مواصلة دعم الجيش اللبناني كونه المؤسسة الوحيدة التي لا تزال قادرة على لعب دور رادع بوجه حزب الله.
جمود سياسي: في انتظار اي مفاعيل لهذا الضغط الاميركي، اكان رئاسيا او "قضائيا"، حيث قد يدفع في الانتخابات والتحقيقات قدما، او قد يزيد مسارهما تعقيدا، الجمود سيد الساحة سياسيا في انتظار عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت في ايلول المقبل، بعد ان يكون تسلّم من الكتل النيابية اوراقا بالمواصفات الرئاسية واولويات العهد المقبل، طلب منها تحضيرها تمهيدا لتحديد شكل حوار ايلول.
اقراض الدولة: في ظل هذا الجمود، تتجه الانظار الى مسار الحكومة وقراراتها الاقتصادية والمالية المرتقبة، نظرا الى ما ستكون لها من تداعيات "مصيرية"، على الواقع الداخلي ابتداء من مطلع الشهر المقبل، وهي تعقد جلستين الاثنين والخميس لمتابعة درس موازنة 2023 والوضع المالي.. وفي حين أوقف حاكم مصرف لبنان "الجديد" وسيم منصوري اقراض الدولة واشترط تغطيته بقانون للاستمرار في هذا المسار، تتقاذف الحكومة ومجلس النواب هذه الطابة. واذ تردد ان ثمة توجها لدى عدد من النواب لتقديم اقتراح قانون في هذا الشأن، علما ان كان من المقرر ان يرسل مجلس الوزراء هذا المشروع الى ساحة النجمة، الصورةُ ضبابية ومقلقة، وفق ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ"المركزية"، بما ان الاكثرية اللازمة لاقرار قانون "الاقراض" لا تبدو مؤمنة، ما يعني ان الاموال لصرف الرواتب وتغطية دعم الادوية وقطاع الاتصالات.. لن تكون ايضا مؤمنة، مع قلق على استقرار سعر صرف الدولار.
جعجع للجباية: في هذا الاطار، قال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في بيان: تسعى الأكثريّة الحكوميّة الحاليّة، بكل الوسائل، إلى تغطية مصاريف الدولة من خلال استخدام الاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان، ولو أن هذا المسعى هو في الاتجاه الخاطئ تمامًا، لأنّ الاحتياطي الالزامي مكوّن ممّا تبقّى من ودائع الناس، في الوقت الذي يجب على الأكثريّة الوزاريّة الحاليّة أن تطلب من وزير الماليّة، وهو من صفوفها، جباية الضرائب والرسوم على أنواعها (مطار ، مرفأ، كهرباء…)، كما التخلُّص من التهرّب الضريبي الذي وحده يقدّر بحوالي مليار دولار سنويًّا، فضلاً عن ضبط التهريب وإقفال المعابر غير الشرعية. أضاف: بدل من أن تستسهل هذه الأكثريّة الحكوميّة مدّ اليد على أموال المودعين، كما فعلت في كل المراحل السابقة، عليها أن تمارس أبسط واجباتها بجباية الضرائب والرسوم "كما يجب" وهذا وحده كفيل بحلّ الأزمة الماليّة.
***
 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o