Jul 28, 2023 6:02 AM
صحف

لودريان: "أولويات الرئيس" أولاً والرياض: الحوار بعد الانتخاب

حزم أمس الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية الفرنسية جان إيف لودريان حقائبه وغادر لبنان، فيما بدا أنه في زيارته الثانية انتقل مبدئياً من ضفة مبادرة، كانت تتماهى مع فريق الممانعة، الى ضفة نتائج اجتماع اللجنة الخماسية لأجل لبنان الذي انعقد أخيراً في الدوحة. فهل تمضي الأمور في الاتجاه الجديد للمبادرة الفرنسية في أيلول المقبل، عندما يعود الى لبنان في زيارة ثالثة، فتكون «الثالثة ثابتة»، كما يقال؟

بحسب معلومات «نداء الوطن»، هناك حراك قطري موازٍ للتحرّك الفرنسي غير معلن منذ اجتماع الدوحة في 17 الجاري، وقد انقسمت التقديرات السياسية بعد جولة لودريان والحراك القطري إلى قسمين:

قسم متفائل بالحراك الدولي الذي عبّر عنه اجتماع «الخماسية»، وينمّ عن حماسة هذه الدول لحسم الملف الرئاسي، حيث يفترض أن تتولى قطر جانب الاتصالات الدولية، وتحديداً مع طهران، بعدما أبدت الدوحة استعدادها للمساعدة في انجاز الاستحقاق الرئاسي.

ويرى المتفائلون أنّه من المتوقع أن يثمر «التزخيم» في الحراك الدولي، تسوية تأتي برئيس من الفئة الثالثة من المرشحين، فيما يفترض أن يكون الحوار اللبناني- اللبناني الذي سترعاه باريس عبر لودريان، السلّم الذي سيُنزل القوى السياسية عن شجرة التصعيد، خصوصاً أنّ خيارات الثنائي الشيعي باتت مقفلة، ومن غير المتوقع أن يؤدي الحوار بين «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل إلى خروق نوعية بسبب انعدام الثقة بينهما بعد الخلافات والأضرار التي أصابت العلاقة الثنائية.

وقسم متشائم يرى أنّ الثنائي الشيعي يراهن على تمديد الشغور إلى حين انتهاء ولاية قائد الجيش جوزاف عون لكي يخرج من السباق الرئاسي، ومن بعدها لكلّ حادث حديث.

الى ذلك، أشارت معلومات «نداء الوطن» الى أن السعودية تركز على «أولوية» انتخاب رئيس للجمهورية، على أن يجرى الحوار بعد انتخابه. وفي الوقت نفسه، أعلن بيان أصدرته أمس السفارة الفرنسية ان لودريان «اقترح على جميع الجهات الفاعلة التي تشارك في عملية انتخاب رئيس الجمهورية «دعوتهم من أجل عقد لقاء في أيلول في لبنان، يرمي إلى بلورة توافق في شأن التحديات التي تواجه رئيس الجمهورية المستقبلي والمشاريع ذات الأولوية التي يجب عليه الاضطلاع بها، وبالنتيجة المواصفات الضرورية من أجل تحقيق ذلك».

ولفت الى أنّ «خطوة التيسير والمساعي الحميدة التي بادرت بها فرنسا»، تحظى «بدعم كامل من شركاء لبنان وأصدقائه» الذين اجتمعوا في الدوحة في 17 تموز الجاري.

وتضمّن اليوم الثالث من زيارة لودريان الثانية لقاء ممثلي «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، والأمين العام لحزب «الطاشناق» ورئيس «كتلة نواب الأرمن» النائب هاغوب بقرادونيان، وأخيراً زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري للمرة الثانية.

ووجّه «حزب الله» الإهتمام الإعلامي الى موقف نائب الأمين العام لـ»الحزب» الشيخ نعيم قاسم الذي استبق وصول لودريان الى الضاحية بالقول إن «تعقيدات انتخابات الرئيس ما زالت موجودة، ويبدو أنها تتطلب وقتاً إضافياً قبل أن تجد طريقاً للحل، ولا يبدو أنّ الحل سريع».

وأجرى نواب في المعارضة، التقوا أمس تقييماً مشتركاً للمقاربة التي طرحها لودريان، وهم بصدد تحضير جواب مفصّل ومشترك سيصاغ خلال الأيام المقبلة.

من جهة أخرى، أعربت مصادر نواب في المعارضة لـ”النهار”عن تقديرها لـ “الاهتمام الذي تُبديه الدول الصديقة للبنان والذي تجلّى بالبيان الصادر عن اجتماعها في الدوحة، خصوصاً لجهة ضرورة التزام النواب مسؤولياتهم واحترام الآليات الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية والداعي للحفاظ على سيادة لبنان”. وبناءً عليه، يُجري نواب المعارضة الذين التقوا امس تقييماً مشتركاً للمقاربة التي طرحها المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، وهم بصدد تحضير جواب مفصّل ومشترك تتمّ صياغته خلال الأيام المقبلة، وذلك “انطلاقاً من حرصهم على التعامل مع الموضوع بجدّية ودقّة شديدتين لأنّ البلد لم يعد يمتلك ترف الوقت والمماطلة والتعطيل، كما وانطلاقاً من حرصهم على رفض الهيمنة والفرض ورغبتهم بانتخاب رئيس للجمهورية بعيداً عن منطق الفرض والإملاء في أسرع وقت ممكن لإطلاق مسار الإنقاذ الذي ينتظره اللبنانيون”.

قبول مبدئي: وأكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الجمهورية» ان هناك قبولا مبدئيا من معظم الأطراف بالمشاركة في طاولة التشاور التي دعا اليها الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في أيلول المقبل.

لكن المصادر أبدت خشيتها من ان يؤدي هذا الطرح الى مزيد من تقطيع او تمرير الوقت الضائع بعد تخدير اللبنانيين بانتظارات جديدة.

وقبل ان يصل لوديان الى الطائرة التي أقَلّته الى باريس، كان رؤساء الكتل النيابية والاحزاب المعارضة قد عقدوا اجتماعا تقويميا عبر تطبيق «زوم» من أجل توحيد الموقف من الطرح الفرنسي بعد قراءة متأنية لما طرحه لودريان، وعرض لما جرى بينه وبين مَن التقاهم بهدف توحيد الملاحظات التي توصلوا إليها في ضوء اللقاءات المنفردة التي أجراها معهم وتجميع القواسم المشتركة.

وأشارت معلومات «الجمهورية» الى ان الاجتماع الذي شارك فيه رؤساء الكتل النيابية ومعظم النواب الممثلين لمختلف الكتل في مسلسل الاجتماعات الدورية للمعارضة أعقب فتح خطوط التواصل، منذ ليل أمس الأول، بين رؤساء الكتل مباشرة بنحوٍ أوحى بضرورة تنسيق المواقف وتوحيدها تجاه ما طرحه لودريان وعدم التفرد بمواقف يمكن ان تنعكس على وحدة الموقف.

ولما فَضّل احد اقطاب اللقاء الكشف عن اسماء الذين شاركوا في الاجتماع، فهم انه كان على نسبة عالية من تمثيل الأطراف الذين تقاطعوا على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور وأجروا قراءة تفصيلية للمبادرة الفرنسية بنسختها الجديدة.

ولفتت مصادر المعارضة إلى ان القراءة الموحدة اجمعت على ان ما نقله لودريان طوى المرحلة السابقة ولا سيما المقايضة التي طرحها وجمعت بين المرشح لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية والسيفر القاضي نواف سلام ليكون رئيس حكومة العهد الاولى. وقد ثبت لمعظم المشاركين في اللقاء انهم فهموا هذه الرسالة الموحدة، والتي يفترض أنه نقلها الى جميع من التقاهم طوال الأيام الثلاثة الماضية.

وبعدما عبّر المجتمعون عن تقديرهم للاهتمام الذي أبدَته دول لقاء الدوحة الخماسي وترجم البيان الختامي ما توصّل اليه، خصوصاً لجهة النية بانخراطهم جميعاً بطريقة أكثر جدية واهتمام بأدق التفاصيل اللبنانية، توصّلا الى التزام النواب جميعهم بضرورة عقد جلسة انتخابية والمضي في الدورات المتتالية الى حين انتخاب رئيس. وهو تطور مهم لا يقع على عاتق المعارضة الالتزام به إنما هو على مسؤولية «الثنائي الشيعي» تحديداً قبل غيره من حلفائه من النواب المستقلين والكتل الصغيرة التي تدور في فلكه، وان قرروا الالتزام بالآليات الدستورية كاملة لا بد من التوصل الى انتخاب رئيس يهنّئه الجميع ممّن انتخبوه او من خارج مؤيديه.

ولمّا لم يصل الاجتماع الى خلاصات نهائية، علمت «الجمهورية» ان الاتصالات في الساعات المقبلة ستفضي الى تسمية المندوبين الذي يمثلون مختلف الكتل لتشكيل لجنة مشتركة تضع تصورا لموقف نهائي يمكن التوصل إليه قبل نهاية الأسبوع الجاري، «انطلاقاً من حرصهم على التعامل مع الموضوع بجدية ودقة شديدتين، لأن البلد لم يعد يمتلك ترف الوقت والمماطلة والتعطيل، كما وانطلاقا من حرصهم على رفض الهيمنة والفرض ورغبتهم بانتخاب رئيس للجمهورية بعيدا عن منطق الفرض والإملاء في أسرع وقت ممكن لإطلاق مسار الانقاذ الذي ينتظره اللبنانيون».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o