Jul 20, 2023 3:20 PM
خاص

نظام شرق أوسطي جديد... هل تدير ترويكا ثلاثية شؤون العرب؟

يولا هاشم

المركزية – شهدت الساحة العربية في الأشهر القليلة الماضية اتصالات ومباحثات وزيارات متبادلة، قد يبدو الكثير منها مفاجئاً أو حتى مستغرباً، اعتبر المحللون أنها تأتي جميعها في إطار ما يمكن توصيفه محاولة من أطراف عربية فاعلة لبلورة "شكل وجوهر نظام إقليمي شرق أوسطي جديد"، فيما تتم في دائرة أوسع من دائرة المنطقة بلورة شكل وجوهر نظام عالمي جديد.

ولم تستبعد اوساط عربية عودة الترويكا العربية: مصر، السعودية، وسوريا الى العمل بعد عودة سوريا الى الحضن العربي واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية، ولو بعد حين او حتى استبدالها ببلد اخر. وتشير الى ان في ظلّ الترويكا العربية كانت المشاكل والأزمات بين الدول العربية تُحلّ بسلاسة أكبر، لأنها كانت تتولى معالجتها سريعا. وتذهب الأوساط أبعد، معتبرة ان هذه الترويكا في حال أبصرت النور فإنها ستواكب المستجدات العربية وتسعى لإنهاء الصراع العربي الاسرائيلي وتصفير المشاكل. فما هي نسبة حظوظ ولادتها؟

الاكاديمي والباحث الدكتور وجيه قانصو يؤكد لـ"المركزية" ان "هذه الفرضية مستبعدة، لأن الواقع العربي بمجمله ما زال في حالة ضعف وترهل ويعاني من أزمات داخلية خاصة بكل دولة متعددة ويحتاج الى الكثير من الوقت لتجاوزها ليصبح فعلا قادرا على ان يكون صاحب المبادرة لحل مشكلات الدول العربية. وبالتالي ترزح الدول التي تمّ ذكرها تحت أزمات داخلية تمنعها من تشكيل ترويكا تعطيها القدرة على إدارة الملفات وتكون صاحبة الكلمة النافذة في حلها، خاصة في ظل وجود عوامل خارج الواقع العربي تجعل الدول العربية نفسها فاقدة المبادرة في هذا الموضوع".

ويتطرّق قانصو الى كل بلد على حدة، معتبراً أن "النظام السوري ما زال أبعد بكثير من ان يبادر، لأنه عاجز عن ان يضبط ويحل الكثير من ملفاته الداخلية أولاً، كمسألة اللاجئين والمعارضة ومستقبل النظام السياسي والوجود الاجنبي الروسي والايراني والاميركي واشكالية الأثنية والملف الكردي... وأساساً، أكثر هذه الملفات ليست بيد النظام ولا يستطيع ان يحلها، فمن أين سيكون له القدرة ليكون شريكا او فاعلا في رسم خارطة واقع عربي جديد او ان يتداول ويناقش ملفات عربية اخرى".

"أما مصر فصحيح انها كدولة متماسكة، خاصة بعد انكفاء الاخوان المسلمين، لكنها تعاني ايضا من ازمات اقتصادية ومن الانفجار السكاني. فهي لم تعد مصر عبد الناصر التي تبادر وتتدخل في شؤون الواقع العربي، بل أصبحت منشغلة بأزماتها ومشاكلها واستحقاقاتها الداخلية، ما يعيقها عن ان تبادر. قد يكون لها دور انما على المستوى الدبلوماسي الخارجي وليس دوراً مقرراً ونافذاً، خاصة وان الدولة النافذة يجب ان تتمتع بقدرات اقتصادية، لذلك، فإن وضعيتها الحالية وتركيزها على الشأن الداخلي يمنعها من ان تستعيد مكانتها الدولية التي كانت معروفة بها ايام جمال عبد الناصر".

اما السعودية فيقول قانصو: "صحيح هي دولة مقتدرة على المستوى الاقتصادي لكن لوحظ ان هناك نوعا من الانكفاء السعودي عن الانشغال في الملفات العربية. ففي لبنان مثلا، كانت السعودية في السابق طرفاً اساسياً في الكثير من الجدل السياسي وشكلت احدى المرجعيات في تقرير العديد من الملفات ومعالجتها كرئاستَي الجمهورية والحكومة، لكن اليوم، رغم الحركة الدبلوماسية التي تقوم بها، فقد باتت واضحة، ومنذ فترة طويلة، حالة انكفائها عن الانشغال او التورط في الملف اللبناني".

ويضيف: "السعودية تمر في مرحلة انتقالية، وتسعى الى تصفير مشاكلها الداخلية، وتركز على تقديم الملفات الانمائية الداخلية على الخارجية، من خلال خلق علاقة مختلفة مع المكونات الداخلية، ومسألة العلاقة بين الدولة والدين وهي تقوم بتحول مهم في هذا الإطار، اي التمسك بالقبضة السابقة مع الانفتاح على المسائل الحياتية التي لم تكن واردة في السابق، خاصة في ما يتعلق بالمرأة وامور الرفاهية، وتطمح لأن تكون دولة صناعية ومنتجة في مجال العلم والتكنولوجيا ولا تتكل فقط على النفط. وهي تملك البنية التحتية والامكانيات التي تساعدها على القيام بهذا التحول، لكن هذا الأمر يتطلب منها إقفال الكثير من الملفات التي تشكل لها حالة من القلق وتستنزفها في الخارج، فالاتفاق الذي عقدته مع ايران مثلاً، كان هدفه إراحة المملكة وتسوية الملف اليمني. لكن هل بإمكان المملكة العربية السعودية ان تكون مبادرة؟ طبعا لديها القدرة، خاصة وأنها من أكثر الدول العربية اقتداراً على المستوى الاقتصادي، واكتسبت خبرة دبلوماسية وسياسية في إدارة الملفات، لكن من الواضح ان هناك نوعا من الانكفاء السعودي نحو الداخل والتفرغ لعملية التحول الانمائي الذي تسعى إليه، وليس لخلق نظام جديد ".

ويرى قانصو ان "هذه الدول قد تلتقي وتتحاور لكن لا توجد معطيات موضوعية توحي بتشكل نظام عربي جديد، بل هو مجرد فرضية تقفز فوق الكثير من المعوقات الموضوعية التي تمنع تشكله، لأن من شأن ذلك ان يتطلب من هذه الدول ان تكون قادرة على حل مشاكلها الذاتية أولاً. علينا ان نبحث عن قاعدة او ارضية او رؤية مشتركة بين هذه الدول الثلاث لتشكيل واقع جديد. مجرد اللقاء هو فقط لحلحلة مشاكل وتخفيف ازمات ليس أكثر. ليس هناك نوع من تناغم بين هذه الدول، بل العكس كل منها لديها ايقاعها الخاص وكل دولة تقارب المسألة العربية بطريقة مختلفة عن الاخرى، ولها ارتباطاتها ونظام علاقاتها الدولية المختلفة عن الاخرى".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o