Jul 19, 2023 7:15 PM
رياضة

"لعنة الكرة النسائية".. قصة خطر داهم يهدد المونديال!

في وقت يترقب العالم، وعشاق كرة القدم، انطلاق مونديال السيدات، غدا الخميس، يتساءل كثيرون عما بلغته "حواء" في ممارسة اللعبة الشعبية الأولى في العالم، ويطرح آخرون مقارنات بين ما يمكن أن تشهده ملاعب أستراليا ونيوزلندا التي تستضيف المونديال النسائي في نسخته التاسعة، وما شهدته ملاعب قطر التي أبدع فيها الرجال قبل شهور، في نسختهم المدوية من الحدث الشهير.

وبين التاريخ والحاضر، والمقارنات، تبرز مفارقات عدة، فقصة البطولة النسائية التي انطلقت عام 1991 تتطور بسرعة صاروخية، حتى باتت تناطح بطولات الرجال في الإثارة والقيمة وحتى في الشعبية حول العالم.

لكن مونديال السيدات يواجه، على الجانب الآخر، ما وصفته وسائل إعلام بـ"لعنة" تهدد كرة القدم عند حواء، وهي لعنة غامضة، رغم أنها تبدو واضحة للوهلة الأولى، إذ تتعلق بجزء محدد هو "الركبة".

قليلات من لاعبات كرة القدم حول العالم حظين بشهرة ميغان رابينو، لكن النجمة الأميركية المخضرمة، التي شاركت بتتويج منتخب بلاده بالمونديال مرتين على التوالي، وتحلم بالثالثة في أستراليا ونيوزلندا، تخوض غمار المونديال الجديد وفي جعبتها تاريخ مرير، 3 إصابات في الركبة كان ممكنا جدا أن تنهي مسيرتها في غمضة عين، وقبل سنوات بعيدة.

تعرضت رابينو، 38 عاما، لتمزق الرباط الصليبي الأمامي 3 مرات من قبل، وهي إصابة خطيرة تبعد من يتعرض لها عن الملاعب لفترة قد تصل إلى عام كامل.

تحدث الإصابة بغتة ومن بعدها تأتي المعاناة: الجراحة، عمليات إعادة التأهيل المضنية، الأسابيع الطويلة في "الجيمنازيوم" وسط تساؤلات مقلقة عن إمكانية العودة.

تكرر ذلك 3 مرات مع رابينو، نفس الإصابة اللعينة، التمزق في الرباط الصليبي الأمامي، مرتان في الركبة اليسري، وأخيرا في اليمنى، الأولى بينما كانت يافعة في عمر 21 عاما، ثم الإصابة ذاتها في نفس المكان بعد عام، والأخيرة عام 2015.

نجت رابينو لتواصل مسيرتها سنوات وسنوات، قبل أن تعلن قبل أيام نيتها في توديع كرة القدم عقب نهاية المونديال.

لم تكن النجمة الأميركية الأشهر وحدها من تعرضت لتلك المحنة، فعلى مدار العام الماضي، وحسب صحيفة "نيويورك تايمز" باتت كرة القدم النسائية وكأنها في قبضة وباء "التمزق الصليبي"، لدرجة أن تلك الإصابة أبعدت عن الملاعب، في وقت واحد، ربع المرشحات لجائزة الكرة الذهبية.

وبينما تعافت ألكسيا بوتيلاس، نجمة خط وسط إسبانيا التي فازت بتلك الجائزة المرموقة، فإن نجمات أخريات لم يكن سعيدات الحظ بما يكفي، وبدلا من التألق فوق العشب في نيوزلندا وأستراليا، سيفرض عليهن قضاء الصيف في المنزل، يعالجن إصاباتهن، ويلعن حظهن العاثر.

تبدو القائمة طويلة فهي تضم كاتارينا ماكاريو، نجمة هجوم الولايات المتحدة التي تعرضت لتمزق الرباط الصليبي في ركبتها اليسرى العام الماضي، ولم تستطع استعادة لياقتها في الوقت المناسب، ولن تكون حاضرة بالمونديال.

كما لن تشارك اثنتان من نجمات منتخب إنكلترا، الذي يأمل في الإطاحة بالولايات المتحدة، هما قائدة الفريق ليا ويليامسون، وأبرز عناصر الهجوم بيث ميد، وكلتاهما بسبب الإصابة ذاتها.

وستفقد كندا، بطلة أولمبياد طوكيو، نجمتها جانين بيكي، بينما لن تتمكن فرنسا من استدعاء ماري أنطوانيت كاتوتو ودلفين كسكارينو، وستغيب أيضا نجمة الهجوم الهولندية فيفيان ميديما.

ووفق "نيويورك تايمز" فإن هؤلاء فقط الأسماء المشهور والوجوه المألوفة، أما القائمة الكاملة فتطول، وقد باتت المشكلة حادة لدرجة أنها أدت في بعض الأحيان إلى انتشار التوتر بين مسؤولي المنتخبات الوطنية والأندية التي تنتمي إليها اللاعبات.

ويعني الغياب عن البطولة الكثير للمنتخبات الـ32 المشاركة من قارات العالم الـ6، فضلا بالتأكيد عما يمثله للاعبات التي ينتظرن بشغف الحدث الذي يقام كل 4 سنوات، باعتباره واجهة الانطلاق إلى الشهرة وعالم الاحتراف والأموال، تمام كما يحدث في عالم كرة القدم الرجال.

وانطلق مونديال السيدات لأول مرة في الصين عام 1991 بمشاركة 12 منتخبا، لكنه حظي سريعا بشهرة عالمية، وصولا إلى إقامته بمشاركة 32 منتخبا للمرة الأولى.

وتملك الولايات المتحدة نصيب الأسد من عدد الألقاب برصيد 4 ألقاب خلال النسخ الـ8 الماضية، وهي تحلم بالتتويج للمرة الثالثة على التوالي بعد بطولتي 2019 في فرنسا و2015 في كندا.

لا معلومات
وبالنسبة لتمزق الرباط الصليبي فإن غياب المعلومات الدقيقة يعمق المشكلة، وترصد "نيويورك تايمز" ما حدث في أوروبا على وجه الخصوص على مدى الأشهر الـ12 الماضية، فقد أدى الحجم الهائل للمشكلة إلى انتشار ما يشبه "العدوى النفسية".

وأبلغ عدد من الاتحادات الوطنية، بالإضافة إلى مكاتب محلية لـ FIFPro، اتحاد اللاعبين العالميين، عن ورود استفسارات من اللاعبين واللاعبات الذين شاهدوا زملاء لهم في الفريق أو منافسين، يقعون فريسة لهذه الإصابة، وذلك بحثا عن طمأنينة، أو حتى لمجرد الحصول على معلومات أساسية.

وتقول أليكس كولفين، رئيسة قسم الإستراتيجية والأبحاث في FIFPro فيما يتعلق بكرة القدم النسائية: "تلقينا الكثير من التعليقات من اللاعبات اللائي قلن إنهن لا يشعرن بالأمان. لقد رصدت ذلك الموسم الماضي، في بعض الأحيان لم تكن اللاعبات يشاركن في التدخلات (الكروية العنيفة في الملعب) كما كن يفعلن عادة، لأنهن خائفات من الإصابة".

واعتبرت، في تصريحات لنيويورك تايمز، أن المشكلة تكمن في عدم وجود أبحاث كافية متاحة لإعطاء اللاعبات إجابات واضحة.

ويجري الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، "يويفا"، دراسة لمراقبة الإصابات بالنسبة للرجال منذ أكثر من عقدين، أم فيما يتعلق بالنساء، فالأمر لم يزد عن 5 سنوات فقط، وتشير كولفين في هذا الصدد إلى أن "نقص المعرفة يخلق الخوف".

وتؤكد الإحصائيات أن النساء أكثر عرضة لخطر تمزق الرباط الصليبي أكثر من الرجال، وهو أمر لا تزال أسبابه غير واضحة تماما.

ويعتبر مارتن هاغلوند، أستاذ العلاج الطبيعي في جامعة لينكوبينغ في السويد، أن الخطر يبلغ "مرتين إلى ثلاث مرات" أكثر عند النساء، وذلك بناءً على مراجعة منهجية للدراسات"، بينما تذهب كولفين إلى مستوى أعلى قليلا، إذ تقول إن بعض الدراسات تشير إلى أن الخطر على النساء قد يكون "ستة أو سبعة" أضعاف الخطر بالنسبة للرجال.

ما المشكلة؟
أما السبب فيبقى موضع خلاف، وتقليديا ركزت الكثير من الأبحاث على "علم الأحياء". وقال هاغلوند: "هناك اختلافات تشريحية واضحة" بين ركبتي الرجال والنساء. ليس فقط الركبتين، في الواقع - الساق بأكملها". وتقول بعض الدراسات أن خلايا الرباط الصليبي لدى النساء أصغر. وهناك اختلافات في الفخذين والحوض وهندسة القدم.

كما أن ثمة دلائل تشير إلى وجود صلة بين التغيرات الهرمونية وقابلية التعرض للإصابات بشكل عام، ولهذا يلجأ نادي تشلسي الإنكليزي الشهير حاليا إلى تخصيص أحمال تدريب اللاعبات بالتزامن مع مراحل محددة من الدورة الشهرية، في محاولة لتخفيف تأثير ذلك.

لكن ورقة بحثية، نُشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي في سبتمبر 2021، تحذر، من تجذر التركيز على التفسيرات الفسيولوجية وعلاقتها بالصورة النمطية المعادية للنساء التي تروج لفكرة أن "مشاركة المرأة في الرياضة أمر خطير في الغالب بسبب البيولوجيا الأنثوية".

وعلى أي حال، لا تبدو الإجابات التي تتمحور حول الاختلافات في التركيب الجسدي لكلا الجنسين مقنعة تماما حتى الآن بحسب تقرير لصحيفة "ماركا" الإسبانية"، وذلك رغم إشارة مؤتمر نظم عام 1999 بشأن الوقاية من إصابات الرباط الصليبي الأمامي إلى أن الإناث يملن إلى زرع قدم مع زاوية ركبتها إلى الداخل، بسبب تمتعهن بخواصر أوسع نسبيًا، أو أن النساء لا يستخدمن عضلات مؤخرة الساق، مثل أوتار الركبة والأرداف، مثل الرجال، مما يؤدي إلى عدم التوازن، وحدوث الإصابات.

ورغم تلك التحليلات، تقول "ماركا" فإنه لا مفر من إجراء المزيد والمزيد من الأبحاث، لإيجاد تدابير وقائية نظرًا لأن "الوباء" لا يزال مستشريًا في عام 2023، وهو ما سيؤثر بكل تأكيد على المونديال الذي ينتظره الجميع.

المصدر: اللححرة

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o