Jul 11, 2023 3:55 PM
خاص

المبعوث الأميركي لإيران مُنِح إجازة... روبرت مالي كبش محرقة؟

يولا هاشم

المركزية – بعدما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الأسبوع الماضي، أن المبعوث الأميركي الخاص لإيران روبرت مالي مُنِح إجازة دون مزيد من التوضيحات، تبيّن أن مكتب التحقيقات الاتحادي يحقق مع مالي بشأن معلومات سرية. فماذا في التفاصيل، وما خلفيات إبعاده عن الملف النووي؟ 

المحلل السياسي  الدكتور خالد العزي يقول لـ"المركزية": "بشكل غير مباشر، ظهرت الاسبوع الماضي، في الصحف الاسرائيلية والاميركية حملة اعلامية عن صفقة تُرتَّب بين النظام الايراني وادارة الرئيس الاميركي جو بايدن، بهدوء دون علم الاعلام أو حتى الكونغرس. إلا أن المعلومات حول هذه الصفقة تسرّبت، وأشارت إلى أن بايدن يسعى من خلال هذه الصفقة إلى تعويم دور ايران من خلال إبعادها عن روسيا مقابل الافراج عن اموال محتجزة لدى الاميركيين. وينص الاتفاق على اطلاق ثلاثة سجناء أميركيين من أصول ايرانية، أضيف إليهم لاحقاً سجين رابع، على ان تتعهد ايران في المقابل بعدم إمداد روسيا بالصواريخ والمسيّرات، رغم ان الولايات المتحدة كانت دائماً تتذرع بأنها تفصل ما بين التوأم الروسي والايراني في عملية حرب اوكرانيا. لكن هذه المعلومات تفشت سريعا كالنار في الهشيم في الاوساط الاعلامية الاميركية والاسرائيلية، وكان روبرت مالي هو عراب الولايات المتحدة ويدير مسار الصفقة. إشارة إلى أن مالي هو مَن كان يفاوض في الاتفاق النووي الاول ، وكان بايدن انذاك هو المسؤول. وعندما شكّل بايدن في عهده فريق التفاوض، أعاد مالي بعد أن كان قد أُبعِد في ولاية الرئيس دونالد ترامب".  

ويضيف العزي: "عندما بدأ الاعلام يحرّض على ادارة بايدن، وقف مستشار الامن القومي جيك سوليفان، وهو عراب البيت الابيض، ودافع عن هذه الاقاويل غير الصحيحة مع نظيره الاسرائيلي اسحق "تساحي" هنغبي. وأكدت الاتصالات بين الجانبين الاسرائيلي والاميركي ان هناك فعلاً تفاوضا. وأشار سوليفان إلى أن حكومة نتنياهو والكونغرس يحرضان على ادارة الرئيس بايدن من خلال افتعال مشكلة في الوسط الاعلامي وإحداث ثغرة في الرأي العام باعتبار أن بايدن يستفرد بانجاز اتفاق جديد مع ايران دون قواعد ترتكَز عليها هذه الاتفاقية، وكأنه ينقذ النظام الايراني من أزمته تحت شعار "إبعاد ايران عن روسيا". ويستطرد العزي: "إلا أن الولايات المتحدة لن تتمكن من إبعاد ايران عن روسيا إلا بحالة واحدة، إذا تلقت روسيا هزيمة فعلية، لأن كل مصانع المسيرات وربما الصورايخ اصبحت موجودة في روسيا، والخبراء الايرانيون يسرحون ويمرحون فيها. هذه الحقائق قُدَّمت للناتو وللولايات المتحدة من خلال الهجمات التي تمت على اوكرانيا". 

ويتابع: "أعضاء الكونغرس وحكومة نتنياهو مستاؤون من هذه المقاربة غير المنطقية التي يديرها بايدن في تعامله مع هذا الملف الاتصالي وكأن ثمة قطبة مخفية لا يريد الرئيس الأميركي الإفصاح عنها، وهذا يؤكد مدى ارتباط الحزب الديمقراطي باللوبي الايراني ودعمه المطلق لايران حتى على حساب الإدارة الأميركية. وهنا يُطرح السؤال: ما الفائدة اليوم لايران من إنجاز اتفاق شبيه بذاك الذي أُنجِز في السابق في عهد اوباما؟ طبعا لا شيء انما هو تمرد ايران مجددا ومساعدتها في احتلال عواصم عربية وإعادة تسليح اذرعها مجدداً، وهذا يريده بايدن نكاية بالعرب وتحديدا الخليج العربي في تكرار للتجربة السابقة وكأن الولايات المتحدة لم ترَ شيئا مما فعلت". 

ويؤكد العزي "ان هذه الترتيبات المصغرة لتحقيق التفاهم المتبادل في العديد من المجالات بين ايران والادارة الاميركية بما فيها لاحقا الملف النووي الذي قد يخدم ايران وليس القضية العامة، تم تسريبها فعلاً في وسائل الاعلام الاسرائيلية من خلال المسؤولين، مما وضع بايدن وإدراته في مأزق في التعامل مع الاوساط المعارضة له في الكونغرس والمجموعات الاخرى المعادية لهذا الاتفاق لا سيما نواب من الديمقراطيين، اضافة الى حليف شرق اوسطي متجدد هو اسرائيل، خاصة وان هذا الاتفاق لن يحقق شيئاً لأميركا، بل سيثير العرب الذين ذهبوا الى اتفاق مع ايران وسيقولون للولايات المتحدة "سنعمل على بناء مفاعلات نووية بمساعدة اي دولة اخرى كالهند او الصين او البرازيل او اي دولة اخرى، طالما انتم لا تأخذون مصالحنا في الاعتبار". وهنا أصبحت المسائل شخصية بين الحزب الديمقراطي واللوبي الايراني ذي الصلة بالعمائم الايرانية". 

ويضيف: "هذا ما فتح الباب على مصراعيه في المواقف السياسية الاميركية، وجاءت اتصالات سوليفان لإيقاف حركة النار السياسية خاصة وان الموضوع مثير جدا وان واشنطن وطهران عدوان لدودان بالنسبة لكافة شرائح المجتمع، فكيف يتم اللعب تحت الطاولة وتحديدا من قبل البيت الابيض؟ اذا المخابرات الاميركية التي كانت ترعى هذه الصفقة متشائمة جدا من تسريب معلومات عن الصفقة وعبّرت عن خيبة املها من مشاركة نتنياهو في تسريب هذه المعلومات وكأنه يقف مباشرة الى جانب الكونغرس في وجه ادارة بايدن. ليس هذا فقط، فقد نوقشت التقارير المتعلقة بالصفقة في الكنيست، والذي بدوره سيقوم بالتأكيد بالضغط على اللوبي الاسرائيلي في أميركا وتحريضه ضد ممارسات البيت الابيض خوفاً منه على دولة اسرائيل. كما ان حكومة نتنياهو قدّمت المعلومات التي تملكها عن الصفقة إلى الكونغرس، ذي الأغلبية الديمقراطية، كورقة تصادمية فعلية بيده، الذي بدوره لن يوافق على اي تصرف مماثل لبايدن وسيجعله محشوراً في الزاوية وكأنه يقوم بعقد صفقات بعيداً عن المؤسسات الأميركية الرسمية".  

ويتابع: "بما ان روبرت مالي ملمّ بأدق تفاصيل الصفقة – الاتفاق، يبدو أنه متّهم بأنه هو من أوصل هذه الاخبار الى اللوبي الاسرائيلي، وبالتالي استطاعت اسرائيل ونتنياهو ان يرفعوا هذه الأوراق كبطاقة حمراء في وجه بايدن.  فمن سيدفع ثمن تسريب هذه المعلومات هو روبرت مالي، يضيف العزي، لأنه "كبش المحرقة الذي سيكون في الواجهة نتيجة العلاقة المميزة التي تربطه بايران وتوجهاته وقناعاته ومحاربته الدائمة لمصلحة عقد هذا الاتفاق نتيجة الارتباط التاريخي وتعاطفه وحمله لمواقف ايران. فهو ليس شخصية عادية بل اكاديمية منهجية له أبحاث، أقنع الجميع واستطاع ان يكوّن فريقا او لوبياً ايرانيا من حاملي الجنسيات الاميركية من أصول ايرانية. اللوبي الايراني صحيح أنه معارض للنظام لكنه مؤيد لامتلاك الدولة القومية الايرانية سلاحا لأنه يعتبر ان ايران القومية من حقها ان تكون دولة كبرى بغض النظر عمن يديرها، التيار الاسلامي ام التيار القومي. وهذا ما ساهم أيضاً بإبعاد مالي عن مركزه وبأن يتم تعيين نائبه ابرام بيلي مبعوثاً خاصاً بالوكالة لمتابعة الملف من قبل الخارجية الاميركية". 

ويشير العزي إلى ان "لاحقاً، قامت لجنة من الشؤون الخارجية في الكونغرس مؤلفة من نواب من الحزبين، مؤيدة وداعمة لاسرائيل بزيارة تل أبيب ولقاء نتنياهو والاطلاع على وجهة نظره وكيف ان هذه ستؤدي الى انعكاسات سلبية على المنطقة واسرائيل وعلى العلاقة ما بين الولايات المتحدة واسرائيل وبالتالي ستدفع اسرائيل لتنفيذ "مغامرة" أحادية الجانب، وجرّ المنطقة الى ازمة، وستكون عندها الولايات المتحدة عاجزة عن البقاء بعيدا عن التدخل لصالح طرف ضد آخر. هذه اللجنة استطاعت ان تضغط على الكونغرس، من هنا كان قد وجه 249 عضوا منهم رسالة تقول بأن على الولايات المتحدة ان ترسل اشارة الى ايران تفتح باب التفاوض على برنامجها النووي وإلا ستلقى عواقب وخيمة، وان على ايران الجلوس الى طاولة المفاوضات دون استفزازات وتنفيذ الاتفاق نفسه التي تم إبرامه عام 2015. هذا الملف يجب ان يقفل نهائيا دون اعطاء حوافز وتمديدات او مكافأة ايران على قضايا لا تستحق ان تُكافأ عليها".  

ويختم: "لاحظنا منذ ابرام الاتفاق السعودي - الايراني، ان ايران لم تحقق اي نوايا حسنة في أماكن تمركزها في العراق او في تعاملها مع الكبتاغون والنظام والحدود في سوريا او حتى احتجاز موضوع الرئاسة في لبنان ووضع اليد على ورقة التعامل مع اسرائيل. لذلك، فإن الكونغرس يقول لبايدن: "الى اين انت ذاهب، الم ترَ ماذا تفعل ايران في كل هذه الملفات؟ هل عليك ان تعطيها اوراقا وحوافز جديدة كي تتمرد أكثر؟" في حين أن المطلوب من الولايات المتحدة ان تقول لايران " عند اي اعتداء على قضايانا وعلى مراكزنا سيكون عليك الرد بالمثل، اي حماية جيشنا في سوريا والعراق. وقضية تبادل الاسرى هي مسألة مواطنين ايرانيين وفي النهاية على ايران ان تتحمل تبعاتها وليس ابتزاز الولايات المتحدة بهذا الملف. لذلك، المطلوب أن تتم المفاوضات بين واشنطن وطهران وليس بين بايدن وطهران ويوافق عليها الكونغرس لأنه سيكون اتفاقاً مؤسساتياً. واي اتفاق في الزواريب سيدخل الادارة الاميركية في ازمة وفي مواجهة جديدة".  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o