Jul 06, 2023 5:04 PM
خاص

صفر آليات لنقل السجناء الى المحاكمة...هل تعود مطرقة القضاء إلى قاعة سجن رومية؟

جوانا فرحات

المركزية – كارثة جديدة تُضاف إلى ما تشهده السجون اللبنانية من مخاطر حوّلتها إلى قنابل موقوتة. وجديدها عدم توافر آليات لدى القوى الأمنية من سجن رومية وسجون أخرى ومراكز التوقيف لنقل الموقوفين والسجناء إلى قاعات المحاكم!.وبهذا الخبر الكارثي تنتفي فرضية وجود بصيص أمل للحد من مشكلة الإكتظاظ في سجن رومية، والأخطر أنها تمهد الطريق لخارطة السوق الإستنسابي!.

النائب أشرف ريفي طرح "الكارثة المستجدة" على المعنيين وطالبهم بإيجاد حلِّ فوري. وذكَّر بحتمية البت بقانون العفو ومعالجة وضع السجون التي تحولت إلى قنابل موقوتة قبل فوات الأوان.

المعنيون قرأوا الخبر حتماً.  وكما العادة مرّوا عليه مرور الكرام بحجة عدم وجود إمكانات مادية ولوجستية. لكن تراهم يدركون أن هناك قاعة محاكمات في سجن رومية تم افتتاحها في 15-10-2012 في عهد وزير الداخلية الأسبق مروان شربل وحضوره إلى جانب وزير العدل الأسبق شكيب قرطباوي الذي كان أعطى موافقته وبركته على تأسيس قاعة المحاكمات؟

آنذاك كان المبرر من استحداث القاعة محاكمة الموقوفين في ملف الإسلاميين الشائك، إذ كانت تعمد القوى الأمنية إلى توزيعهم على دفعات أو على أكثر من آلية مما أدى إلى خلق شوائب أمنية وقانونية. إزاء هذا الواقع عرض الوزير شربل فكرة تشييد قاعة محاكمات في سجن رومية ووافق عليها وزير العدل آنذاك.. وفي كلمة الإفتتاح قال يومها:" هذه القاعة سوف تسرّع الاجراءات القضائية لكل الموقوفين الاسلاميين و تخفف كثيرا من الانزعاج وتعريض السجناء للخطر كما ستسرّع في المحاكمات. وقبل أن يختم أوضح بأن "هذه المحكمة لم تنشأ فقط لمحاكمة الاسلاميين وإنما عندما نطورها سنشهد بفضلها عددا كبيرا من إخلاءات السبيل".

غاية تبرر عدة وسائل لا وسيلة واحدة. إلا أن القاعة لم تشهد على أية جلسة إلا بعد 13 عاما على افتتاحها وذلك بفضل جهود "لجنة الرعاية الصحية في السجون"، حيث عادت تُسمع مطرقة القضاة في أروقة المبنى "المحايد" عن مباني سجن رومية بعد انتهاء اعمال الصيانة والتجهيز التي قامت بها سرية السجون المركزية في قوى الأمن الداخلي  تطبيقا لتوصيات اللجنة التي اطلقتها في بياناتها المتكررة، وفي اللقاءات التي عقدتها مع المسؤولين في الاجهزة الرسمية والقضائية.

والحق يقال فقد أدت هذه الخطوة الى التسريع في المحاكمات بأقل كلفة وأقل خطر ممكن على السجناء وعناصر قوى الامن الذين يتم نقلهم من سجن رومية الى قاعات المحاكم في بيروت وبعبدا،  وغيرها على حد سواء، اضافة الى التوفير في الوقت والمادة وتجنب الاصابة بأي عدوى او وباء. لكن كما العادة كل خطوة إيجابية تتوقف عجلاتها وإلى الوراء در!.

الوزير السابق مروان شربل الذي أمضى حوالى 40 عاما في سلك قوى الأمن الداخلي يأسف للواقع المزري الذي وصلت إليه مؤسسة قوى الأمن الداخلي ويقول عبر المركزية " الأمر غير مستغرب. فإذا كانت المؤسسة عاجزة عن تغطية كلفة غسل الآليات العسكرية ويتولى ضباط وعناصر دفع الكلفة من جيبهم الخاص، وإذا كانت الأموال المرصودة مخصصة لكلفة الطبابة والتعليم هل يجوز أن نسأل عن انعدام وجود آليات عسكرية لسوق الموقوفين والسجناء إلى قاعات المحاكم في بيروت وبعبدا وجبل لبنان؟. هذا ولم نتطرق بعد إلى مسألة تعبئة خزانات الآليات بالبنزين".

الكارثة "الجديدة "وليس "المستجدة" لأن أزمة الآليات طرحت منذ بدأت عملية التلاعب بسعر صرف الدولار وانهيار الليرة اللبنانية أعادت إلى ذهن الوزير السابق مسألة قاعة المحاكمات التي شيدها في عهده مجلس الإنماء والإعماربعدما طرح الفكرة ووافق عليها وزير العدل الأسبق شكيب قرطباوي وبلغت كلفتها مليونينونصف مليون دولار . إلا أنها بقيت مقفلة ولم تستعمل إلا للتهوئة أو لعقد جلسات معدودة".

تبلغ مساحة القاعة حوالي 250 مترا مربعا وتتضمن 12 قفص اتهام موزعة على ثلاث طبقات (أربع في كل طبقة). مساحة كل قفص اتهام 12 مترا مربعا وقدرة استيعابه عشرة أشخاص وهو مجهز بنظام مراقبة ومكبر صوت وميكروفون وزجاج ضد الرصاص وضد الصوت. كما ان المسافة القصوى بين قوس المحكمة وأبعد قفص هي أكثر من 20 مترا مما يعني ان القضاة مضطرون لاستعمال الكاميرات والميكروفونات للتواصل مع بعض الموقوفين وذلك بفضل وجود زجاج مزدوج ومذياع . هذا في داخل القاعة أما بالنسبة إلى مساحة الأمان الخارجي، فيقول شربل بأنها متوافرة وتحد من نسبة المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها عناصر قوى الأمن والسجناء خلال عملية سوقهم إلى المحكمة.

سؤال بديهي يُطرح إنطلاقا من الأزمة المالية والإقتصادية وتداعياتها: لماذا لا تستغل هذه القاعة طالما أنها توفر الأمن والإستغناء عن استعمال الآليات لسوق الموقوفين؟ لماذا تم هدر مبلغ مليونين ونصف مليون دولار؟ ولماذا لا يُثار الموضوع اليوم في ظل الكارثة الجديدة؟

"قبل 3 أشهر أثرت مسألة قاعة المحاكمات في سجن روميه لكن لا حياة لمن تنادي. هناك حوالى 7000 موقوف لم تصدر بحقهم أحكام .هذه جريمة في حق الإنسانية خصوصا أن الجلسات التي تعقد فيها تعنى بالجرائم المحالة إلى النيابة العامة في جبل لبنان؟".

إذا كانت ثمة شوائب تقنية أو لوجستية لحظها القضاة في إحدى الجلسات النادرة، فهذا لا يعني أن تتحول قاعة المحاكمات في سجن رومية إلى غرفة أشباح مخصصة للتهوئة فقط، أو لاحقا إلى غرفة للسجناء على غرار قاعة المحاكمات التي شيدت مع سجن رومية في الستينات وتحولت إلى زنزانة بفعل الإكتظاظ .

الشوائب قابلة للتصحيح أما الكارثة فنتائجها مدمرة وغير قابلة للترميم.   

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o