Jul 01, 2023 12:29 PM
خاص

مقتطفات من وثيقة لمعارضين تسلمها لودريان: تنازلنا ما فيه الكفاية والمسؤولية تقع على لقاء الـ (5+1) قبل الداخل!

طوني جبران

المركزية  - عندما كشف رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل عن مضمون لقائه مع الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص جان ايف لودريان، لم يتحدث عن موقف كتلة الحزب النيابية التي رفضت طرح اسماء جديدة بعد الوزير السابق جهاد أزعور قبل ان يسحب الآخرون مرشحهم، فحسب انما تلاقى ومواقف كثر من أركان المعارضة التي تقاطعت على ترشيح أزعور بمن فيهم كتل نواب التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية و"تجدد" واللقاء الديمقراطي ومجموعة من النواب التغييريين والمستقلين الذين جمعوا له 59 صوتا.

وان تردد ان البعض من هذه المجموعة النيابية المشار اليها، يمكنه التخلي عن ازعور والانتقال الى تسمية آخر ،  فإن ما هو ثابت انه ليس في وارد اي منهم التوجه الى دعم ترشيح الوزير سليمان فرنجية وهي معادلة وضعت الجميع من نواب المعارضة وحلفائها في سلة واحدة تبعدهم عن مثل هذا الاحتمال، ما يحول دون البحث برفع أصوات فرنجية إلى ما يزيد عن 51 صوتا. وإن كان الاستثناء يجوز بالنسبة الى بعض النواب المستقلين الذين لم يشاركوا في الاصطفاف بين المرشحين فرنجية وازعور فان عددهم ومهما جرى تضخيمه لن يوفر له الـ 65 صوتا المطلوبة لفوزه في الاكثرية المطلقة اي بالنصف زائد واحد في حال استوت اللعبة الديمقراطية وسمح رئيس مجلس النواب نبيه بري بالانتقال الى مرحلة عقد الدورات المتتالية حتى انتخاب الرئيس.

والى هذه المعادلة السلبية التي تتحكم بموازين القوى في مجلس النواب، فإن عددا غير قليل من النواب الذين صنفوا على لائحة المترددين والرماديين  يظهرون انهم اكثر تشددا من المعارضين أنفسهم. فهم بلجوئهم إلى الشعارات ومجموعة الأسماء المتفرقة عبروا بطريقة من الطرق عن استعدادهم للانتقال الفوري إلى اي مرشح ثالث يحقق التوافق بين مختلف الأطراف. فهم برفضهم لانتخاب أزعور تبين انه مبني على الخوف من فقدان الميثاقية التي هدد بها "الثنائي الشيعي"  وبعض حلفائه فيما هم لم يراعوا مثل هذه النظرية عند عدم امكان حصول مرشحه على اي صوت لنائب درزي مثلا وهو أمر يقاس بالمعايير الاخلاقية والسياسية دون البحث في لغة الأرقام والعدد بالنظر الى الفارق بين عدد النواب الدروز الثمانية وعدد النواب الشيعة الـ 27 نائبا وقد سبق ان تساوت النظرة إلى الكتلتين المذهبيتين في أكثر من مناسبة بالمعيار الميثاقي عينه والشواهد على مثل هذه الحالات موجودة على مستوى العمل الحكومي ولا مجال للتذكير بها.

على هذه الخلفيات، هناك من بين النواب المستقلين والرماديين انفسهم ممن لهم نظرة إضافية تضعهم في صفوف المعارضة. حتى ان البعض منهم يبدو اكثر تصلبا منها، فهم يخشون الفشل في مواجهة  المخطط الذي يبعد لبنان عن محيطه العربي والغربي من أجل "حشره" في محور "الفقر والممانعة" لمجرد انه بات على لائحة الدول الفقيرة التي تجمع العديد منهم وقد تضمه الى لائحة الدول التي تخضع للعقوبات كما هي الحال في إيران وسوريا ودول اخرى، وخصوصا إن استمر الوضع على ما هو عليه فقد يضم البلد إلى لائحة الدول المفلسة وربما  المارقة على ندرتها في العالم.

وما يمكن رصده ايضا ان هذا "التقاطع" المتعدد الوجوه ليس على مستوى تأييد ازعور فحسب، إنما هو يحتسب على أساس رفضه التصويت لفرنجية أو ملاقاة "الثنائي الشيعي" في مقاربته للاستحقاق الرئاسي . لأنه بالإضافة الى اللمسة المذهبية التي احياها على مستوى الوطن فهم يبررون موقفهم ليس من باب الإنتقاد أو رفض ترشيح فرنجية - فهو برأيهم مرشح ماروني طبيعي وممن يحق لهم بهذه الخطوة من دون اي نقاش - ولكن المشكلة وقعت بطريقة ترشيحه والآلية التي اعتمدت فيما كانت الصورة ستتغير تماما لو سبقت اي  كتلة نيابية مسيحية خطوة الثنائي، وحتى لو بادر فرنجية الى فتح أبواب الحوار من باب ترشيحه مع الكتل النيابية والقيادات المارونية واكتفائه بالتواصل مع بكركي والفرنسيين قبل البحث الجدي مع اي قوة مسيحية أخرى وهو ما لم يفعله حتى اليوم بمعزل عن دعوته الى الحوار الثنائي الذي لم يكن في توقيته قبل ترشيح الثنائي له.

ليس في ما سبق من معادلات تتحكم باللعبة الإنتخابية الرئاسية مجرد قراءة لموازين القوى الطائفية والمذهبية الإنتخابية إنما هي من مضمون دراسة اطلعت عليها "المركزية"  وضعها نواب معارضون رفضوا الكشف عن هويتهم تاركين الامر لمن تسلمها وهو الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان أثناء وجوده في لبنان. وهو الذي ناقش مضمونها بالتفاصيل التي قادته الى تغيير بعض من قناعاته التي كان يسوق لها اعضاء "خلية الازمة الفرنسية" في باريس بطريقة ساهمت بتجاهل ما كانت تقول به المبادرة السابقة والحديث عن ثنائية انتخاب فرنجية للرئاسة ونواف سلام للحكومة الاولى من عهده.

وتعتقد المراجع السياسية والديبلوماسية في قراءتها لهذه المعادلة ان لودريان سيبني عليها خطواته المقبلة قبل عودته الى بيروت لانها ستكون في صلب المحادثات التي سيجريها اولا مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قبل ان يحمل الصيغة الجديدة في جولته المرتقبة على الرياض والدوحة والقاهرة ان توسعت رقعة مشاوراته اليها، والتي يمكن ان تشكل العاصمة الايرانية هدفا إضافيا ايضا ان لم يكن قد سبقه اليها الموفدون القطريون لاستكمال ما بدأه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إبان وجود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في باريس. 

وبانتظار ما يمكن ان تقود اليه هذه المعطيات الجديدة وما يمكن ان تنتهي اليه من مؤشرات فان موقف المعارضة ينحو الى مزيد من التصلب بعدم بذل اي جهد يؤدي من اليوم وصاعدا الى تسمية اي مرشح ما بعد ازعور على قاعدة أن أبطال المبادرة الفرنسية كخطوة أولى كان انجازا مقصودا وهدفا أوليا. وإن قلل البعض من اهميته اليوم سيكتشف اهمية ما تحقق في وقت قريب. وخصوصا لجهة ما حققه من توازن القوى في المواجهة المفتوحة المقبلة مع "الثنائي الشيعي" وحلفائه على قاعدة انه ليس واردا حتى اليوم التخلي عن ازعور وان مكونات المعارضة ونواتها الصلبة لن تبذل اي جهد إضافي كالذي بذل من قبل ما لم يتراجع الطرف الآخر عن مرشحه سواء كان بمبادرة منه – على صعوبتها -  او من فرنجية كما يقترح البعض من اصدقائه، بعدما اقتنعوا باقفال الطريق امامه الى قصر بعبدا وخصوصا ان "سمة الدخول الفرنسية" قد ألغيت وبقي على مجموعة ممثلي "لقاء باريس الخماسي" ومعهم طهران ان ترسم الطريق الى المرحلة المقبلة قبل مطالبة الداخل بأي خطة يراها صعبة ومستحيلة.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o