Jun 13, 2023 6:18 AM
صحف

الرئاسة مَسمومة بالتقاطعات.. والثنائي متأهب للمواجهة

كلّ الأنتينات واللواقِط السياسيّة مصَوّبة نحو ساحة النجمة اليوم، رَصداً لجلسة مجلس النواب، المفتوحة على كل شيء إلّا على انتخاب رئيس للجمهورية.

واذا كانت هذه الجلسة محسومة النتائج سلفاً بأنها لن تحقق الاعجوبة الرئاسية، فإنّ الاجواء السابقة لها ملبّدة بالحقد السياسي، ما يجعل من هذه الجلسة مرآة عاكسة للانقسام الافقي والعمودي السائد في البلد على كلّ المستويات. وبالتالي، لن يَتأتَّى منها سوى إضافة المزيد من الجمر الحارق تحت رماد الرئاسة، وبث سموم اضافية في جو مسموم أصلاً، تُطيل إقامة لبنان واللبنانيين بين المتاريس، ويشرّع الباب واسعاً على منحدرات ومنزلقات جديدة ليس معلوماً ما قد تخبئه من مفاجآت وربما صدمات على اكثر من صعيد. وهو الامر الذي يثير اكثر من علامة استفهام حول مرحلة ما بعد 14 حزيران؟ وأي قواعد اشتباك ستحكم لبنان؟ وربطاً بذلك، على أي صورة سيرسو المشهد الرئاسي؟

وخلافاً لما تروّج له البوانتاجات والأرقام التي تروّج على سبيل المبالغة او التهويل، لا رئيس للجمهورية غداً، وهي النتيجة الطبيعيّة للجَو المتناثر في اكثر من اتجاه سياسي، وكل اطراف الصراع الرئاسي مُسلّمة بهذه الخلاصة الطبيعيّة لعملية انتخابيّة لا يملك ايّ من هذه الاطراف قدرة الحسم فيها، بتأمين أكثرية الفوز للمرشحين لا في دورتها الاولى ولا في دورتها الثانية. ومُسلّمة ايضاً بأن جلسة الانتخاب محكومة وقائعها بلعبة مكشوفة، الهدف الاساس فيها ليس انتخاب رئيس الجمهورية، والتقاطعات السياسيّة التي تقاطعت على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور تقول بصراحة علنية انّ الجوهر الاساس للتقاطع على أزعور، هو قطع الطريق على الوزير فرنجية.

إذاً اللعبة مكشوفة، وفي سياقها جنّدت التقاطعات على أزعور كل إمكانياتها وماكيناتها السياسية والاعلامية لِحَشد النسبة الاعلى من الاصوات له، ورهانها على تجاوب الشريحة الكبرى ممّن يُسَمّون أنفسهم نواباً تغييريين، والانضمام اليها في لعبة إقصاء فرنجية، وفيما انخرطَ البعض من هؤلاء النواب في هذا المسار وبعضهم نصّبوا كناطقين باسم التقاطعات، فإن معلومات «الجمهورية» تؤكّد انّ نواباً من ألوان تغييرية اخرى ستلحق بهم، هذا في وقت حسم عدد كبير من النواب المستقلين، والمعتدلين، خياراتهم سلفاً بعدم المشاركة في هذه اللعبة، وبالتالي توجّههم في جلسة الغد، هو نحو التصويت لمصلحة خيار رئاسي ثالث، وبعضهم بورقة بيضاء.

وفيما بدا واضحاً انّ التقاطعات تسعى جهدها لأن ينال جهاد ازعور نسبة من اصوات تُظهِر فارقا كبيرا مع النسبة التي سينالها فرنجية، وعلى ما تقول مصادر نيابية لـ»الجمهورية» فإن هذا الفارق إن حصل يعني انها حققت هدفها، حتى ولو كان هذا الفارق صوتا واحدا لأزعور زيادة عن فرنجية، حيث ان التقاطعات ستسخدمه سلاحا في يدها للقول انّ مرشح الممانعة قد سقط، ولم يعد له مكان في نادي المرشحين، وليس خافيا ان بعض هذه التقاطعات، كالتيار الوطني الحر، اعلن على لسان رئيسه جبران باسيل انه منفتح لا بل مُحبّذ على الذهاب الى خيار ثالث.

على ان الصورة في مقلب داعمي فرنجيّة، تعكس ما بَدا أنّه تأهّبٌ الى الحد الاقصى في مواجهة هذه اللعبة، وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ ثنائي «أمل» و«حزب الله» وحلفائهما قد رسموا خريطة المواجهة، لمنع تلك التقاطعات من تحقيق هدفها، من خلال استخدام كلّ الاسلحة الديموقراطية والبرلمانية المتاحة في المعركة الانتخابية».

وردا على سؤال عما اذا كان تطيير النصاب من ضمن تلك الاسلحة، قالت مصادر الثنائي لـ«الجمهورية»: لماذا تريدون استباق الأمور، نحن مُنخرطون الى الآخر في اللعبة البرلمانية، وملتزمون بكل ما تبيحه من خطوات، نحن لم نقل إننا سنعطّل جلسات الانتخاب، عودوا الى الاعلام فتجدون انهم هم من صَرّحوا علناً بذلك، ولذلك لن نقول شيئا قبل الجلسة، وعلى ما يقال كل أوان لا يستحي من أوانه».

الى ذلك، وعلى الرغم من تأكيد مختلف الاطراف مشاركتها في الجلسة، الا انّ مصادر التقاطعات تتهم الفريق الآخر بالسعي الى تعطيل الجلسة. وقالت لـ«الجمهورية» انّ «ثنائي التعطيل» قد يحاول الهروب الى الامام، والتغطية على هزيمة مرشحه بمحاولة تطيير نصاب الجلسة ومنعها من الانعقاد، وهذا ما توحي اليه تصريحات قيادات «حزب الله».

الا ان مصادر «الثنائي» اكدت لـ«الجمهورية» انّ الجلسة قائمة في موعدها، وستعقد بنصاب كامل، وكشفت ان محاولات وإشارات أطلقتها بعض المستويات السياسية، تُعرِب فيها عن الخشية من انزلاق الامور الى توترات تؤدي الى منزلقات خطيرة، وتقترح تأجيل الجلسة لمزيد من المشاورات وفتح الباب امام تبريد الأجواء، وان الجواب على هذا الاقتراح جاء بما حرفيته: من يريد تأجيل الجلسة فليعلن ذلك صراحة وعلناً، وليس بالهمس والحكي من تحت الطاولة».

وسَخرت المصادر مما يروّج له البعض بأنّ فرنجية سيخرج من اللعبة الرئاسية، وقالت: هذا من تأليف واخراج تقاطعات الزمن الرديء، فالوزير فرنجية باق في موقعه مرشحا ثابتا، ولننتظر كم سيبقى مرشحهم صامدا بين تقاطعات لا تريده أصلاً».

واذا كان اجراء دورة اقتراع أولى في جلسة الاربعاء محسوما، ولن يحقق فيها اي من المرشحين اكثرية الفوز برئاسة الجمهورية، الا ان دورة الاقتراع الثانية غير محسومة، وعلى ما تقول مصادر مجلسية لـ«الجمهورية» ان اجراء دورة ثانية مرتبط بالنتيجة التي ستُسفِر عنها الدورة الأولى، فإذا ما لامَسَ ازعور حدود الستين صوتاً في الدورة الاولى، فذلك يعزّز احتمال ألا تعقد دورة ثانية، بتطيير نصاب الجلسة. وذلك خشية من أن تحمل الدورة الثانية مفاجآت ترفع نسبة الاصوات الى الـ65 صوتا وتحسم المعركة الرئاسية لمصلحته، ومبعث هذه الخشية انّ عدداً لا يُستهان به من النواب من خارج الاصطفافين، صَرّحوا علناً بأنّ خياراتهم مفتوحة.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o