مؤشر "تجار بيروت – فرنسَبنك" للفصل الأول: ضغوط غير مسبوقة على الأسَر
المركزية- أظهر "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الأول من سنة 2023 (Q1 - 2023)أن "الضغوط النقدية تزداد على المواطنين والقدرة الشرائية للأسَر اللبنانية تتعرّض لضغوط غير مسبوقة".
وأورد المؤشر ما يأتي: " إن أرقام الأعمال الإسمية (Nominal) المجمـّـعة لقطاعات تجارة التجزئة ما بين الفصل الأول من 2022 والفصل الأول من 2023 تشير الى أن هنالك إرتفاعاً في هذه الأرقام بنسبة توازي 28.30 % ( للتذكير: إن هذا الإرتفاع يمثل نسبة الإرتفاع في أرقام الأعمال الإسمية بالليرة اللبنانية قبل التثقيل). إنما بعد عملية تثقيل تلك الأرقام بنسبة مؤشر غلاء المعيشة للفترة المعنية (+ 263.84 %)، يتبيـّـن أنها قد سجـّـلت بالفعل إنخفاضاً كبيراً لامس كالعادة الـ 100 %، وذلك في كافة قطاعات الأسواق التجارية، بما فيها قطاع الوقود حيث تمّ أيضاً تسجـيل إنخفاضاً في حجم الكميات التى تمّ بيعها (- 5.02 %) بالمقارنة مع الفصل الأول لسنة 2022.
تلك الأرقام تعكس طبعاً الأحوال الإقتصادية المتردية في البلاد، والإنكماش الشديد بالرغم من الإعلان عن نمو بلغ 2.50 % خلال الـعام 2022، إلّا أن الإنهيار ما زال مستمراً على أرض الواقع وفي معظم القطاعات، نتيجة للتردّي المستمر في القدرة الشرائية لدى الأسر اللبنانية التى تشهد، حتى بعد زيادات الرواتب والأجور، مزيداً من التراجع. بالإضافة إلى تحليق لسعر الدولار حيث بلغ 143.000 ل.ل. في أواخر شهر آذار، قبل أن يتدخـّـل البنك المركزي ويدفع الليرة الى التراجع مجدّداً الى مستوى حوالي الـ 110.000 ل.ل.
وبالتزامن مع التدهور الذى حصل في قيمة الليرة اللبنانية، كان لمفاعيل قرارات الحكومة ووزارة المالية والبنك المركزي – من حيث الضرائب والرسوم المتصاعدة والمتراكمة من جرّاء رفع الدولار الرسمي والجمركي، والغموض حول السعر المعتمد لاحتساب الضريبة على القيمة المضافة، بالإضافة الى العوامل الإقليمية والدولية، التأثير الكبير في تسارع إرتفاع معدّل التضخـّـم العام.
وجاءت نسبة الزيادة في مؤشر التضخـّـم ما بين الفصل الأول لسنة 2022 والفصل الأول لسنة 2023 لتسجـّـل مستوى 263.84 % وهي زيادة غير مسبوقة، كما وكان ملفتاً الإرتفاع الذى سجـّـله غلاء المعيشة ما بين الفصل الأخير لسنة 2022 والفصل الأول لسنة 2023، والذى بلغ 81.40 %، وهو أيضاً أمر مقلق جداً فيما يتعلـّـق بالمسار المقبل.
أما لجهة المواد الغذائية، التى تحظى بالأولوية في السلـّـة الإستهلاكية للأسر اللبنانية، فقد أشارت تقارير دولية بأن نسبة تضخـّـم أسعار الغذاء في لبنان باتت الأعلى عالمياً حيث بلغت مستوى 139.00 % في نهاية شهر آذار الماضي.
أما معدّلات نسب التضخـّـم في كل قطاع على حدى، فهي كما يلي:
ما بين الفصل الأول لسنة 2022 والفصل الأول لسنة 2023:
+ 620.80 % في قطاع الإتصالات،
+ 450.97 % في قطاع المشروبات الروحية والتبغ،
+ 385.54 % في قطاع المطاعم والفنادق،
+ 373.90% في قطاع الصحة،
+ 358.91% في قطاع الألبسة والأحذية،
+ 358.45% في قطاع الأثاث والتجهيزات المنزلية،
+ 352.34% في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غيرالروحية،
+ 300.75% في قطاع النقل،
+ 210.60% في قطاع الإستجمام والتسلية والثقافة،
+ 193.02% في قطاع التعليم.
وهذه نسب هي بالطبع مرتفعة جداً، في كافة تلك القطاعات التى تـُـعتبر في معظمها حيوية، لا سيما الإتصالات والصحة والمواد الغذائية والمشروبات والملابس، ناهيك عن قطاع النقل.
أما بين الفصل الرابع لسنة 2022 والفصل الأول لسنة 2023، فقد تم تسجيل المعدّلات التالية:
+ 140.78% في قطاع المشروبات الروحية والتبغ،
+ 133.26% في قطاع المطاعم والفنادق،
+ 126.50% في قطاع الأثاث والتجهيزات المنزلية،
+ 115.00% في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غيرالروحية،
+ 107.00% في قطاع النقل،
+ 90.62% في قطاع الصحة،
+ 89.67% في قطاع الألبسة والأحذية،
+ 77.19% في قطاع الاتصالات،
+ 45.41% في قطاع الإستجمام والتسلية والثقافة،
+ 1.42% في قطاع التعليم.
وكما في نسب الإرتفاع على مدى 12 شهراً، يـتبيـّـن أن نسب الإرتفاع الفصلية قد طالت القطاعات الأساسية ذاتها، إنما بنسبة أشد في قطاعات المواد الغذائية والمشروبات والمطاعم. تعود تلك النسب المرتفعة في التضخـّـم لعدّة عوامل أساسية، منها زيادة الكتلة النقدية المستمرّة، لا سيما بعد رفع سقوف الأجور والمساعدات الإجتماعية، ومنها أيضاً الدولرة المتسارعة في الأسواق (والتى تمّ تقديرها بـ 9.9 مليارات دولار في أواخر عام 2022 من قـٍـبل البنك الدولي، أي ما يقارب الـ50% من الناتج القائم)، وتحوّل الإقتصاد اللبناني أكثر فأكثرالى اقتصاد نقدي، مع كل تداعياته لناحية النظرة الدولية لهذه الحالة . كل ذلك يضع الجميع أمام سيناريو إنهيار لا حدود واضحة له، خاصة في غياب تبلور أي خطة، أقلـّـه لوقف التدهور الحاصل، إذا ما كان رسم خطة تعافي متعذراً.
عليه، ومهما تمكـّـن التجار من تحقيق مبيعات وأرقام أعمال، يجدون – بعد التثقيل بنسب التضخـّـم الخاصة بقطاعاتهم وبعد إحتساب الفروقات بأسعار الدولار الأمريكي، أن تلك الأرقام لا تزال تتراجع بشكل مستمر.
عليه، جاءت النتائج المجمـّـعة لكافة قطاعات تجارة التجزئة لتسجـّـل خلال الفصل الأول لسنة 2023 المزيد من التراجع في أرقام الأعمال الحقيقية المجمـّـعة .
وقد بلغ التراجع الحقيقي (أي بعد التثقيل بنسبة التضخـّـم) للنشاط المجمـّـع نسبة – 80.92 % ما بين الفصل الأخير لسنة 2022 والفصل الأول لسنة 2023، بعد إستثناء قطاع الوقود والمحروقات (بالمقارنة مع نسبة - 21.28 % في الفصل السابق).
... في ضوء ما سبق، وبعد الإشارة الى أن المؤشر الأساس (100) الذي قد تم تبنـّـيه هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأن تضخم الأسعار خلال الفصل الأول من سنة 2023، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ + 81.40 %،
نعلن عن أن "مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسَبنك لتجارة التجزئة" هو: 0.83 للفصل الأول من سنة 2023 مقابل 1.07 في الفصل السابق له.
إذاً لم يكن مفاجئاً أن "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الأول من سنة 2023 بات تحت عتبة الـ1، بإنخفاض يلامس الـ 99 % بالمقارنة عمـّـا كان عليه في الفصل الرابع من سنة 2011.
وفي الختام، كل ما يمكن قوله هو إن اللبنانيين عامة، والقطاعات الخاصة بما فيها طبعاً قطاع التجار الصامدين خاصة، لا يزالون متمسـّـكين بأمل أن الفينيق سوف يقوم مجدّداً من رماده، وأن لحظة إنعطاف المسار باتت قريبة، مع إعداد وتفعيل خطة تعافٍ كتلك التى قدّمتها الهيئات الإقتصادية اللبنانية لإستنهاض النشاط الإقتصادي بما تضمـّـنته من معاودة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والجهات المانحة الأخرى، وإستعادة العلاقات الوطيدة مع دول الخليج لما لتلك الدول من ثقل في تحريك العجلة الاقتصادية في لبنان".