Jun 07, 2023 6:36 AM
صحف

إعادة اعتبار قسرية لدور سوريا في لبنان

يعزف سياسيون لا سيما منذ اعادة النظام السوري الى مقعد بلاده في الجامعة العربية على وتر ان يعقد اتفاق بين المملكة السعودية والرئيس بشار الاسد حيال انجاز الاستحقاق الدستوري في لبنان . ويهمل الدفع في هذا الاتجاه النفوذ الايراني او نفوذ "حزب الله" كما لو ان سوريا لا تزال صاحبة الكلمة الفصل في الموضوع اللبناني او ان هذا الوضع في واقعه الراهن هو رهينة المعاندة او الممانعة السورية حتى تحقيق هذا الامر . وفي الحالين يقع هذا الكلام في موقع تهويلي على الاخرين وفي موقع تحفيزي للدول العربية للذهاب في هذا الاتجاه من اجل فك التعقيدات في الداخل اللبناني .

وبحسب "النهار" يسأل البعض في ضوء ذلك : هل يود هؤلاء السياسيون اعطاء نظام بشار الاسد ورقة المونة او الضغط على حلفائه في لبنان من اجل اظهار مرونة في شأن التخلي عن دعم ترشيح سليمان فرنجيه ما يعيد للنظام شأنا مؤثرا في لبنان على خلفية الصداقة التي تربطه بفريقه من جهة وامكان بيع "حزب الله" هذه الورقة للنظام دفعا لشرعيته ولحصة له متجددة في لبنان ام انهم يسعون الى تبييض صفحتهم معه من خلال اظهار العمل من اجل اعادته شريكا مضاربا في لبنان ؟ ويبدو ان زيارة الرئيس السابق ميشال عون الى العاصمة السورية للقاء الاسد سلطت الضوء على هذه النقطة فيما ان لا اهمية موضوعية او عملانية لزيارة عون ولا لموقعه بعدما بات خارج السلطة وكان يستطيع ان يوفر على نفسه عناء تظهير اهمية الرضى السوري في لبنان تعويضا عن زيارة لم يستطع القيام بها وهو في الرئاسة بسبب من المقاطعة العربية للنظام والعقوبات الدولية عليه من دون ان يقطع تواصله الاسبوعي معه. والأخطر ان يكون النظام هو من أراد ان يستقبل عون ربما في اطار إقناعه بالتحول نحو دعم فرنجيه لقاء وعود وضمانات مستقبلية لصهره. فهذا الاحتمال لا يمكن استبعاده في سياق المعركة الحادة الجارية وعدم رغبة الثنائي في الخسارة .

هذا لا ينفي واقع ان الداعمين او الدائرين في فلك النظام السوري في لبنان يدفعون في هذا الاتجاه على قاعدة ضرورة توافق المملكة السعودية مع الاسد من اجل اتمام الاستحقاق الدستوري. وهي نقطة يتجاهلها سياسيون كثر من موقع ان النظام السوري في حاجة الى استرداد سلطته وشرعيته على اراضيه قبل امتلاك القدرة على ممارسة ترف الالتفات الى تحقيق طموح ابدي بالانتقام لاخراج قواته العسكرية من لبنان . لا بل ان هناك مؤشرين يرى هؤلاء انهما مثيران للاهتمام في الاطار المذكور انطلاقا من اعادة تجميع نواب موالين لسوريا في تجمع نيابي واحد وما يعنيه ذلك عملانيا من اعادة اعلاء الصوت الحليف لدمشق في مجلس النواب او ربما الحصول على فرصة رئاسة الحكومة او في اعادة اطلاق الرسائل في اتجاه احياء سلاح للقوى الموالية لسوريا بذريعة مواجهة اسرائيل وان تحت مظلة الحزب . وذلك علما ان هذه النقطة محفزة لتساؤلات اذا كان التموضع الجديد المحتمل للاسد سيبعد عنه شبح الاعتداءات الاسرائيلية لمصلحة اعادة توجيه هذه الاعتداءات وتحويلها نحو لبنان بعدما كانت نحو سوريا منذ العام 2013 . وثمة من يخشى في ظل العجز عن استعادة النظام اراضيه استرهان لبنان اما من اجل الحصول عليه كبديل يمارس نفوذه فيه كما في السابق او لان لبنان كان دوما الورقة التي ساوم الاميركيون عليها جنبا الى جنب مع تظهير نفسه محاربا الارهابيين ومقدما دلائل للاميركيين على قدرته على الامساك باوراق قوة تعزز موقعه لديهم انطلاقا من هذه النقطة . فهناك نقطة تغيب عن اذهان مراقبين سياسيين كثر ويبحثون عن الاجابة عليها في السلوك الاستفزازي للثنائي الشيعي لا بل في تقدم رئيس مجلس النواب نبيه بري على حليفه الشيعي في المواقف الحادة وعدم تركه يزايد عليه في التشدد في الموقف المعتمد من المرشح المدعوم منهما ومن المرشحين الذين تقترحهم القوى الاخرى . فرئيس تيار المردة سليمان فرنجيه يحسب في منطقة مشتركة بين الثنائي الشيعي والنظام السوري وهو قدم نفسه على انه يستطيع ان يأخذ من الحزب كما من النظام ما لا يمكن لسواه ان يأخذه . وهو امر لم يقدره كثر على قاعدة انه يحظى بثقة كل منهما ولكن على قاعدة مختلفة تبدأ من ضيق الهامش امامه الى تحقيق انتصار للمحور الاقليمي الذي يضم هذين الطرفين وتاليا امكان التأثير السوري في لبنان اكثر بكثير مما يمكن ان يقدمه النظام لصديقه الرئيس اللبناني في حال وصول فرنجيه لا سيما مع قدرته على تحريك اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان والذين يمكن ان يستخدمهم للتأثير في القرار السياسي اللبناني كذلك . ولبنان الذي يعيش جحيمه الخاص منذ ما قبل انطلاق الثورة السورية ضد النظام على رغم انه نجا من حريقها حتى توقف المعارك العسكرية في سوريا، فان زمن التسويات والمصالحات في المنطقة يخشى ان يدفع ثمنها بعيدا من مكابرة بعض الافرقاء او رفضهم لهذا الاحتمال فيما البلد في حال من السقوط الحر بارادة متعمدة وليس بمحض مصادفة .

هناك محاولة اعادة قسرية لاعادة الاعتبار لدور النظام السوري في لبنان . والتجربة اللبنانية حافلة بالمخاوف من امكان التسليم للنظام بهذا الطموح اذا كانت ثمة وعود بضوابط معينة او بفك استرهان الاستحقاقات الدستورية . وهذه المخاوف تسير على قاعدة متساوية بين الولايات المتحدة وحتى اسرائيل كذلك وكل لاعتباراتها من جهة وبين الدول العربية كذلك لاعتباراتها المصلحية الخاصة كذلك . وكانت مفاجأة كبيرة وغير محسوبة من كثر اعادة تأهيل النظام لا سيما من المملكة السعودية فيما رأوا في ذلك احتمالا كبيرا مشجعا لتعزيز موقعه واوراقه ليس في مواجهة معارضيه في سوريا بل في وجه معارضيه كذلك في لبنان ولو ان كثرا يعتقدون ان ايران هي صاحبة النفوذ الاساسي في لبنان كما في سوريا ولن تسمح لاحد بمشاركتها فيه الا وفق نسبة معينة تحددها هي ويصعب ان يمون النظام على الحزب الذي يعود له الفضل في تأمين بقاء الاسد في موقعه الرئاسي لا سيما قبل 2015 . وهو امر يجعله في موقع سلبي اكثر منه ايجابي لجهة التأثير على الحزب او تقديم الضمانات بانضباطه كما كان يفعل سابقا قبل خروج قواته العسكرية من لبنان. ولكن الخطوط المتداخلة راهنا بين المصالحات الاقليمية تترك الهامش كبيرا امام حال من عدم اليقين في لبنان والمخاوف من تكرار تجارب سابقة مؤلمة ايا تكن طبيعتها .

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o