Jul 11, 2018 6:22 AM
صحف

مشاورات حكومية بلا جدوى واليكم خريطة العُقد

الأسطوانة نفسها تتكرر مع كل نشاط يهبّ على خط التأليف، يُعاد فيها تغليف حركة المشاورات بإيجابيات شكلية والحديث عن نيّات تعجيلية بولادتها، فيما واقع الحال السياسي يَشي خلاف ذلك، وانّ مفتاح السجن الحابس للحكومة ما زال مفقوداً.

وتبقى المشاورات التي بدأها الحريري أمس، بلا أي جدوى إذا بقيت تدور في الحلقة ذاتها التي علقت فيها منذ تكليفه آخر أيار الماضي.

وهو تلقّى امس دعماً متجدداً من رئيس مجلس النواب نبيه بري، لا سيما لناحية التعجيل بتوليد الحكومة.

وافادت المعلومات "ان اللقاء بين بري والحريري كان شاملاً، إستعرضا فيه الوضع من كافة جوانبه، وأكد بري على ضرورة السير السريع والحثيث نحو تشكيل حكومة، خصوصاً انّ وضع البلد لا يُحتمل، والوضع الاقتصادي يُنذر بمخاطر كبرى اذا لم يتمّ العمل وبسرعة على تَدارك سلبياته، خصوصاً في المجال الاقتصادي.

ووضع بري الحريري في صورة الإجراءات التي قد يلجأ إليها، في حال ظلّ الحال على ما هو عليه من مراوحة على خط التأليف، ولا سيما منها المبادرة الى دعوة المجلس النيابي لعقد جلسة لانتخاب أعضاء اللجان النيابية، حيث يمكن أن يتخذ بري قراره في هذا الشأن في الساعات المقبلة، إضافة الى عقد جلسة مناقشة عامّة للوضع الحالي، والاسباب التي تحول دون تأليف الحكومة.

ولم يحمل الحريري الى رئيس المجلس أيّ جديد يوحي بأنّ الملف الحكومي دخل مدار الايجابية، ولم يناقشه في أي مسودة للحكومة، بل حمل أفكاراً عامة، حيث أبلغه أنه ما زال يعمل بوتيرة سريعة وجدية لتوليد حكومته في اسرع وقت، وقرّر القيام بجولة مشاورات كثيفة على 3 محاور رئيسية، سيركّز فيها على تذليل العقدة المُستعصية حتى الآن بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، إضافة الى مسألة التمثيل الدرزي.

لذلك، سيتواصل مجدداً مع رئيس "التيار" الوزير جبران باسيل، كذلك مع "القوات"، مع احتمال عقد لقاء آخر مع رئيس "القوات" سمير جعجع، وايضاً مع الحزب التقدمي الاشتراكي، مع احتمال لقاء جديد مع النائب السابق وليد جنبلاط الذي أوفَد مساء أمس النائب وائل ابو فاعور الى «بيت الوسط»، على أن يحمل بعد ذلك نتائج مشاوراته هذه الى رئيس الجمهورية.

وذكرت مصادر "بيت الوسط" "ان الحريري مُتفاهم وبري على مختلف العناوين المطروحة، ولا سيما على مستوى السعي الى تشكيل الحكومة المطلوبة في هذه المرحلة بالذات، وعدم تجاهل أيّ فريق من المشاركة فيها، واتفقا على تشكيلها بأسرع وقت.

خريطة العقد: وتتزامن حركة الحريري الحالية، مع خريطة تعقيدات بلا نوافذ على حلول حتى الآن، جرّاء تَصلّب بعض الاطراف السياسية. واذا كان الحريري قد أبلغ بري انّ العقدة الأساس هي بين «التيار» و«القوات» وخلافهما حول حجم التمثيل، إضافة الى ماهية الحقائب الوزارية التي ستسند لهذا الطرف او ذاك، فإنّ المطبخ الرئيسي للتأليف حَدّد مجموعة العقد على الوجه الآتي:

-العقدة الكبرى، تكمن في الصراع المُحتدم على مَن يُمسك القرار في مجلس الوزراء، وهو ما تَبدّى في سَعي بعض الاطراف الى الحصول على الثلث المعطّل في الحكومة. وتبرز في هذا الإطار مطالبة «التيار» بـ11 وزيراً، موزّعين 6 من حصته و5 وزراء حصّة رئيس الجمهورية.

وهذه المطالبة قوبِلت باعتراض الحريري عليها، إذ وافق على 10 وزراء موزّعين 6 وزراء لـ«التيار»، و4 لرئيس الجمهورية؛ إضافة الى وزيرين مسيحيين، ووزير سني ووزير درزي (في حال تمّ التوافق مع جنبلاط على مقايضة الوزير الدرزي بوزير مسيحي)، وهذه المسألة برمّتها ما زالت عالقة حتى الآن.

-عقدة «القوات»، وهي عقدة مزدوجة، لجهة حجم تمثيلها أولاً، ولجهة ماهية الحقائب التي ستسند اليها ثانياً، حيث طالبت بـ5 وزراء بينهم وزير الدفاع ونائب رئيس الحكومة، وهو الأمر الذي قوبل باعتراض أطراف عدة، فانتقل الحديث معها الى محاولة استرضائها بـ 4 حقائب لا تتضمّن وزارة سيادية ولا موقع نائب رئيس الحكومة، وعرضت عليها وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة الاعلام، وزارة العمل ووزارة المهجرين.

وتمّ عرض هذه الحقائب في المسودة الاخيرة التي عرضها الحريري على رئيس الجمهورية. وما زالت هذه العقدة من دون حسم، فضلاً عن انها زادت تعقيداً مع اشتداد وطأة الاشتباك بين «القوات» و«التيار» على حلبة تفاهم معراب.

-العقدة الدرزية، وهي عقدة مزدوجة ايضاً، لناحية إصرار الحزب التقدمي الاشتراكي على حصر التمثيل الدرزي في الحكومة به، مدعوماً من الحريري وبعدم مُمانعة الثنائي الشيعي، مقابل إصرار النائب طلال ارسلان على التمثّل شخصياً في الحكومة، مدعوماً من "التيار".

ومن جهة ثانية لناحية الحقائب الوزارية، حيث عرض على «الاشتراكي» 3 حقائب: البيئة والزراعة ووزارة دولة. وحاول الحريري رَفع مستوى حصة جنبلاط باستبدال البيئة بالتربية. وهذه العقدة لم تُحسم بعد، كما لم تُسحب من التداول فكرة مقايضة جنبلاط بوزير مسيحي، وكذلك فكرة محاولة إقناع ارسلان بالتخَلّي عن توزيره الشخصي لمصلحة توزير شخصية مسيحية من حزبه.

-عقدة تمثيل «سنّة المعارضة»، التي خَلت المسودات التي وضعها الحريري من أي توزير لهم، من خلفية رفضه القاطع تمثيلهم، في مواجهة إصرار «حزب الله» بالدرجة الاولى على تمثيلهم بأيّ شكل من الاشكال. وثمّة طرح فكرة حل وسط، يقول إنه في حال إصرار الحريري على رفض تمثيل هؤلاء على حساب تيار «المستقبل»، يمكن عندها لرئيس الجمهورية أن يُبادر الى تضمين حصته الوزارية واحداً من سنّة المعارضة، وهذه العقدة ايضاً ما زالت مستعصية.

-عقدة وزارة الاشغال، حيث انها خاضعة لتجاذب حاد حولها، خصوصاً انّ «التيار» يطالب بها. واللافت هنا ليونة رئيس الجمهورية حيال إبقائها مع «المردة» في مقابل إصرار باسيل عليها، وإصرار «المردة» على التمسّك بها، مدعوماً من حلفائه. ولم تصل الامور الى حسم نهائي لها حتى الآن.

"اللواء": وفي السياق، لفتت مصادر المعلومات، إلى ان الحريري لن يزور قصر بعبدا، قبل الانتهاء من حركة المشاورات التي سيعقدها اليوم وغداً، وربما الجمعة، مشيرة إلى ان زيارة بعبدا التي قد تتم السبت على الارجح، ستكون حاسمة على صعيد الاتفاق مع الرئيس عون على تشكيل الحكومة وفق الصيغة التي قد يحملها معه. 
غير ان مصادر بعبدا، لفتت نظر "اللواء" إلى ان لا يُمكن التكهن منذ الآن بما سيحمله الحريري إلى قصر بعبدا، وما إذا كانت الأمر يتعلق بنتيجة المشاورات التي سبق ان أبلغ الرئيس عون في الاتصال الهاتفي الذي اجراه به مساء الاثنين انه بصدد اجرائها بين اليوم وغداً، أو ان هناك تشكيلة حكومية جاهزة، الا انها قالت ان هناك هاجساً مشتركا لدى الرئيسين وهو إصدار التشكيلة سريعاً، خصوصا وان هناك حاجة لحكومة، تأخذ قرارات وتصرف شؤون المواطنين". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o