May 19, 2023 4:25 PM
خاص

تشابك صلاحيات في ملف الحاكم يزيد الأزمة النقدية تعقيدا..."العين الحمراء" على القضاء والحكومة!

جوانا فرحات

المركزية – نحو منعطف جديد تسلك قضية ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فبعد مرور 48 ساعة على إصدار القاضية الفرنسية أودي بوريسي المكلفة بالتحقيق في قضية أموال وممتلكات سلامة مذكرةَ توقيف دولية بحقه، تلقى لبنان، عبر الإنتربول الدولي، نسخة عن "النشرة الحمراء" التي تطلب من جميع الدول الأعضاء في هذه المنظمة توقيف سلامة لمصلحة القضاء الفرنسي.

النشرة وصلت إلى وزارة الداخلية وتسلمها وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي وإلى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي يفترض به، بحسب الأصول، أن يطلب الاستماع إلى سلامة والتحقيق معه واتخاذ الإجراء المناسب. وسيكون عويدات ملزما بحسب الأصول طلب الحاكم إلى التحقيق الأسبوع المقبل.

فور تلقي المذكرة من منظمة الشرطة الدولية، أكد مولوي إنه سينفِّذ الإشعار إذا أمر القضاء بذلك ،معتبراً أن "من الضروري" أن يستقيل سلامة. وقد سبقه في "الطلب" نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي أمس بحيث دعا " الحاكم إلى التنحي". 

على خط مناقض، لفتت تغريدة القاضي جان طنوس الذي اجرى بصفته محاميا عاما تمييزيا بالتكليف التحقيقات الاولية في ملف سلامة حيث كتب على صفحته "لبنان لا يسلِّم أي لبناني لأي دولة أجنبية، ولو كان يحمل جنسية أخرى، وبالتالي فإن أي مذكرة توقيف أجنبية صادرة ضد لبناني هي غير قابلة للتنفيذ قانوناً. مقابل ذلك ، يتوجب على لبنان محاكمة اللبناني بالأفعال الجرمية أساس إصدار مذكرة التوقيف بحقه". ورجح البعض أن التغريدة جاءت رداً على العريضة التي تقدم بها عدد من النواب امس وتطالب بعزل الحاكم إضافة إلى بيانات صدرت عن كتل نيابية معارضة تطالب بتنحيته وتعيين حاكم جديد.

بالتوازي يرى فريق الدفاع عن سلامة أن قرار القاضية الفرنسية خالف الأصول القانونية لجهة عدم تبليغ سلامة حضور الجلسة الثانية رسميا في لبنان قبل اتخاذ الإجراءات بحقه. ويتوقع أن يأخذ مسار الطعن بالمذكرة والدفوع الشكلية أو تنفيذها أشهرا عديدة، وعليه فإن القضاء اللبناني لن يعمد إلى توقيف سلامة، لكنه سيمنعه من السفر بعد مصادرة جوازه.

أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي الدكتورأنطوان سعد ينطلق في شرحه القانوني لـ"المركزية" من ملفات مماثلة آخرها النزاع الذي حصل في قضية رجل الأعمال كارلوس غصن بين دولتي اليابان وفرنسا. وفي ما خص مسألة ملاحقة رياض سلامة يقول "أن مذكرة التوقيف الفرنسية مبنية على أساس دعاوى عالقة بحقه في فرنسا ودول أوروبية أخرى من قبل مودعين لبنانيين ويحملون الجنسية الفرنسية خسروا أموالهم بسبب أداء الحاكم، إضافة إلى مجموعات فرنسية وأوروبية".

ويضيف "على المستوى الدولي المذكرة قانونية، أضف أنها صادرة بحق لبناني يحمل الجنسية الفرنسية تتعذر ملاحقته في لبنان، كذلك لا تعارض في المواقف القضائية إنما هناك تشابك في الصلاحيات، وطالما أن القضاء الفرنسي بادر إلى إصدار مذكرة توقيف بحق سلامة لأن هناك جريمة تبييض أموال يجب على القضاء اللبناني ان يبادر إلى تسليمه لأن المذكرة دولية وملزمة للدول المتعاونة مع فرنسا لناحية تسليم وتبادل المتهمين. وإلا يتوجب على المدعي العام التمييزي رفع تقرير إلى وزير العدل يطلب فيه عدم تسليم رياض سلامة لأنه يستشف منه غايات سياسية قد تشكل خطراً على حياته. هذا هو المبدأ الذي يعفي دولة وقعت على تسليم وتبادل متهمين أما اعتراض محامي الدفاع عن سلامة على مذكرة التوقيف فلا يبطل مفعولها.

بعد تسلّم لبنان النشرة الحمراء بات على الحكومة اتخاذ قرار إما بملاحقة سلامة أو الامتناع عن ذلك، كما يتوجب على القضاء دراسة مضمون المذكرة، والتدقيق في التهمة المسندة إليه. ويشير سعد إلى أن المسار القانوني يفترض تسليم الشخص المطلوب من خلال الضابطة العدلية التي تخضع لأوامر المدعي العام التمييزي، وعلى الأخير إعداد تقرير وفقا لاتفاقيات التسليم وتبادل المتهمين".

أبعد من المسار القانوني هناك مصير الحاكم. هل يستمر في مزاولة مهامه أم يصار إلى تنحيته؟ وهل يمكن لحكومة تصريف الأعمال تعيين حاكم جديد في ظل الفراغ الرئاسي؟ هنا المسألة أكثر من شائكة. 
"إذا قررت الحكومة تسليم الحاكم ليصار إلى محاكمته أمام القضاء الفرنسي بتهمة تبييض وغسل الأموال يتولى النائب الأول لحاكم مصرف لبنان مهام الأصيل لكن الدستور نص على عدم ترفيع موظف من الدرجة الثالثة إلى الثانية كون الأمر يصنف بالأعمال التصرفية إلا بتوقيع رئيس الجمهورية فكيف بالنسبة إلى تعيين حاكم مصرف لبنان؟ أما إذا ثبُتَ أن نائب الحاكم عاجز عن ممارسة صلاحياته كأصيل ،وأن غياب الأخير سيؤدي إلى نوع من الفلتان النقدي عندها لا بد من  اتخاذ قرار بتعيين حاكم جديد".

في النوايا لا يزال الرئيس نبيه بري على موقفه من عدم الرغبة بتسلُّم النائب الأول لحاكم مصرف لبنان، وهو من الطائفة الشيعية، منصب الأصيل. لكن التمني شيء والقانون  شيء آخر وملزمٌ في نصوصه. إلا إذا كان السيناريو المعد يستوجب "اشتداد الأزمة " بهدف الوصول إلى تفاقم الوضع نقديا وقضائيا وسياسيا وبالأخص مع القضاء في الخارج...آنذاك لا تعود تنفع "إشتدي أزمة تنفرج" لأن العقدة ستكون في مكان أكثر تعقيدا.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o