May 02, 2023 9:29 AM
مقالات

اللاجئون السوريون في لبنان وفخ حزب الله!

كتب الدكتور وليد فارس من واشنطن:

ان التوجه الى المجتمع الدولي والجامعة العربية للمطالبة بنقل اللاجئين السوريين الى الداخل السوري من دون المطالبة بتفيذ القرار١٥٥٩ اولا، هو علامة ضعف وليس علامة قوة.

فعدم تنفيذ الـ١٥٥٩، ولو جزئيا، وبالتالي الابقاء على سيطرة الميليشيا كما هي في كل المناطق اللبنانية، سيضع حزب الله في موقع القرار بالتصرف بالمساعدات المالية المخصصة لنقل اللاجئين، اي لمناطقه اولا، ومن اية مناطق يُنقلون، اي من مناطقه اولا، وبتوقيت النقل، اي على توقيته هو، يعني باقي المناطق فيما بعد... ام ابدا.

هذا اذا كان هنالك قرار عربي و دولي في هذا الاتجاه، ولا اعتقد ان هكذا قرار متوفر الآن. 

من هنا فالهروب من المطالبة بتنفيذ القرار١٥٥٩، وهي المعركة الاولى، عبر خوض التحدي الثاني قبل قيام المنطقة الحرة، هو خطاء استراتيجي سيجر اللبنانيين عامة والسياديين خاصة، وعلى الاخص المسيحيين، الى رمال متحركة لا خروج منها، وهو ثانيا وقوع في فخ نصبه حزب الله.

اذ انه من دون قيام "مجلس وطني" تحت ظل مشروعية القرار ١٥٥٩، وهو امر لا يحتاج الا الى قرار موحد من ممثلي القوى السيادية، لا مجال للوصول الى اي هدف سيادي، لا منطقة حرة، لا تدويل، لا حياد، لا مطارات حرة، ولا ارجاع مهجرين، اذا لم يتشكل "مجلس وطني تمثيلي" ويعلن مسؤوليته المعنوية وحتى القانونية عن المطالبة بتنفذ القرار الدولي.

"فالمطالبة" بحل مسألة اللاجئين السوريين، وكافة الملفات الثقيلة، وكل العرائض الاخرى لا طريق لها الا طريق واحد، كي لا تبقى في الفضاء الافتراضي: جبهة سيادية واسعة، مجلس وطني صلب، اعلان منطقة حرة (ولو لم تتحقق بين ليلة وضحاها)، وباسم هذه المنطقة الحرة التوجه الى المجتمع الدولي للمطالبة بتنفيذ القانون الدولي، والمبادرة على الارض بتنفيذ مراحل من القرار ١٥٥٩، مرورا اولا بنزع سلاح الميليشيات حيث ممكن وبعدها العمل تحت القرار الدولي لتنظيم المنطقة الحرة بما فيه تنظيم اللاجئين السوريين و"مساعدتهم" على عودتهم الى بلادهم.

ان إعادة اللاجئين الى وطنهم يمرعبر منطقة حرة تديرالعودة، وليس من خلال ميليشيا تهدف الى احكام سيطرتها على سائر لبنان عبر فوضى الاصطدام المدني بين المقهورين اللبنانيين واللاجئين السوريين، والمستفيد الاوحد سيكون الميليشيا الايرانية. 

فاذا وُقعت عرائض دون تحرك اوسع، ماذا سيحصل دوليا؟ لا شيء. لا احد يريد المس بمواضيع التوطين الديموغرافي، اما البيروقراطيات الدولية فلا تننتظروا منها حلولا عملية خارج قرار دولي حاسم، وهكذا قرار غير موجود خارج الـ١٥٥٩ . 

فلقد "تفرج" اللبنانيون مطولا على ملف اللاجئين السوريين منذ ١٢ سنة دون ان يتحرك سياسييهم نحو برنامج حل. واستفاد منه الكثيرون ماليا، ورفض السياسيون اللجوء الى القرار ١٥٥٩ ليصلوا الى ملف "التوطين". فاستفاد حزب الله من جمود "المعسكر السيادي" دوليا، والتهائه لسنة كاملة "بانتخابات" رئاسة في جمهورية رهينة، بدلا من تحرير الرهائن على الارض، اي اهالي المنطقة الحرة، تدريجيا. وبعد ذلك دفع الحزب بملف اللاجئين، ليلهي "السياديين" عن الاساس، وهو المنطقة الحرة، و"يشعلهم" امام قاعدتهم "ليفعلوا شيئا"، فيهبوا دون تخطيط، ولا برنامج، ليقاتلوا كدون كيشوتي، طواحين الهواء، فيهتفوا شعارات التعبئة ضد "الاجتياح الديموغرافي" السوري بعد ان ناموا لاكثر من عقد، كما قاموا من نوم طويل في ٢٠٠٥ تحت الاحتلال السوري العسكري منذ ١٩٩١. وامخرت الوفود الى عواصم الغرب طالبة النجدة "ضد اللاجئين"، ناسية انه ليس لديها الا قرار دولي واحد ينقذهم. فرفعوا كل الشعارات في عواصم القرار الا شعار القرار الوحيد الذي حذفوه من قاموسهم. فكأنهم يهرولون الى مراكز القرار وليس في جيوبهم اي مفتاح.

على هكذا هرولة ان تنتهي، وعلى القيادات السيادية ان تحزم بامرها وتشد عزمها وتقود شعبها بالاتجاه الصحيح، لان الوقت يهدر والفرص تتقلص، فمسألة اعادة اللاجئين السوريين الى بلادهم مسألة اساسية ولكن عن طريق الاستراتيجية الاوسع، وهي تحرير لبنان، او معظمه، من الميليشيات الايرانية اولا، ومن ثم تعبئة المنطقة الحرة لوضع خطط جدية وليس فقط شعارات شعبوية، وتعبئة القدرات الذاتية القانونية والادارية والديبلوماسية، لتنظيم ومواكبة العودة السليمة للاجئين السوريين.

لذا على السياسيين اللبنانيين، والسياديين خاصة، ان لا يرتكبوا خطأ الوقوع في فخ حزب الله، اذي يهدف الى دفع القوى الحرة في لبنان ان تهرب من خنادق مقاومة الاحتلال الايراني ويتم اقحامها في معركة انتحارية بغير وقتها ومن القدرات المطلوبة، فتخسر المنطقة الحرة وتفشل في اعادة اللاجئين معا. فتوصياتنا من واشنطن هي

- اطلاق مجلس وطني للبنان الحر  
- العمل على اقامة منطقة حرة من بيروت وجبل لبنان الى اقصى الشمال
- التوجه "كلبنان حر" الى المجتمع الدولي
- تنفيذ اعادة اللاجئين السوريين الى بلادهم، انطلاقا من لبنان حر.

هذا هو الخط المستقيم للجهود، وليس الهبّات الضعيفة التخطيط، والاخطاء القاتلة، التي يسعى الحزب ان يدب اللبنانيين فيها فيحرقوا ما تبقى لهم من قدرات ورصيد، ويسقطوا نضالهم للتحرير في مغاور لا خروج منها.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o