May 02, 2023 6:25 AM
صحف

لبنان في المجهول السياسي والاقتصادي

طغت الأزمات المعيشية والاقتصادية والرئاسية التي يتخبط بها لبنان على ما عداها، فحلّ عيد العمال يتيماً على اللبنانيين الذين يأملون أن تحمل لهم السنة العمالية المقبلة الأمل بانهاء تلك الأزمات، وأوّلها انتخاب رئيس جمهورية يكون قادر على وقف الانهيار وانتشال لبنان من أزماته.

لكن التمنيات شيء وما يجري على أرض الواقع شيء اخر، فلا اتصالات ولا مبادرات قد تساعد على انجاز هذا الاستحقاق في ظل التعنت بالمواقف من قبل العديد من القوى السياسية، وعدم الاصغاء لصوت العقل والذهاب الى اختيار رئيس توافقي يعيد ثقة العالم بهذا البلد ويريح اللبنانيين من عذاباتهم. 

في هذا السياق، أشار عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب راجي السعد في حديث الى جريدة الانباء الالكترونية الى استمرار المواقف على حالها، ولم يلحظ أية تطورات ايجابية تساعد على كسر الجمود القائم بانتظار نتائج زيارة وزير الخارجية الايراني حسين عبد اللهيان التي لم يرشح عنها شيئ بعد، كما الاتصالات التي سيجريها السفير السعودي وليد البخاري. 

وتساءل السعد اذا ما كانت الأمور ذاهبة الى توافق على اسم الرئيس أم ما زالت الأمور تصطدم بالشروط والشروط المضادة.

بدوره، أكد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب نزيه متى في اتصال مع الأنباء الالكترونية أن لا شيء تغيّر لا قبل زيارة اللهيان ولا بعدها، ونحن كتكتل ما زلنا على ثوابتنا، فلا تهمنا أسماء المرشحين بقدر ما تهمنا الرؤية للشخص الذي قد يقع الخيار عليه وضرورة أن يعرف جوهر المشكلة في لبنان ويعمل على حلّها وأن يضع نصب عينيه خلاص لبنان من أزماته، نافياً علمه بامكانية تخلّي الثنائي الشيعي عن دعمه لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية. 

وعن امكانية تحالف القوات مع التيار الوطني الحر رئاسياً، قال متى: "لو سلّمنا جدلاً أن هذا الموضوع قابل للتنفيذ، وبعد ذلك قرّر الثنائي الشيعي التخلّي عن فرنجية والتنسيق مع باسيل، فهل يبقي باسيل على تحالفه معنا أم سينحاز الى حليفيه أمل وحزب الله؟"، مستطرداً "حتماً سيتركنا ويذهب الى حارة حريك لأنه يرى مكتسباته  ليست معنا بل مع حزب الله وفريق الممانعة، جازماً ان باسيل لن يكون مع لبنان الا اذا حل عليه الروح القدس.

وقال متى: "تعالوا نفكر برجل قادر على انتشال لبنان من جهنم الذي أوقعه بها العهد البائد عندها يكون قد بدأ يفكر بواقعية بعد ست سنوات ونصف السنة من التعطيل والانهيار"، مشدداً على عدم القبول الا برئيس فعلي لا رئيس بلا لون ولا رائحة ورفض تمديد الأزمة ست سنوات جديدة، مضيفاً "سنبقى نعطّل النصاب حتى يقتنع الفريق الاخر باان مصلحة لبنان اللبنانيين تتقدم على مصالحه الخاصة".

من جهتها، أشارت "النهار" الى ان صورة الازمة في لبنان تزداد غموضا وقتامة على رغم كل ما تثيره معالم المتغيرات الإقليمية من امال في لبنان بانعكاسات إيجابية لهذه المتغيرات على لبنان بما يدفع نحو استعجال انتخاب رئيس للجمهورية يأتي انعكاسا لتسويات وليس تعميقا لازمات. وبدا لافتا في الأيام الأخيرة ان منسوب الرهانات على الانعكاسات الإيجابية المفترضة للاتفاق السعودي الإيراني الذي كان مرتفعا في الفترة السابقة قد بدأ بالانخفاض والتراجع بعدما استشعرت القوى اللبنانية بمعظمها، ان رياح هذا الاتفاق لم تلفح لبنان بعد في ما يؤشر الى احد احتمالين: اما عدم طرح الملف اللبناني على طاولة المفاوضات والاتصالات الجارية بين الدولتين راهنا والتي يرجح ان تستنفد الخطوات الجارية في اليمن أولا قبل الانتقال الى ملفات إقليمية أخرى في مقدمها او من بينها لبنان. واما ان الفريقين اجريا مقاربة أولية للملف اللبناني بدءا من الازمة الرئاسية ولم تستكمل بعد خشية الاصطدام بخلاف بينهما لا يريد أي منهما تعريض الاتفاق بينهما لاهتزاز سريع ومبكر بسببه. وهو ما يرجح المراقبون انه كان السبب في التحفظ الشديد الذي ابداه وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبد اللهيان حيال الازمة الرئاسية واكتفائه بالتشديد على تكرار الدعوة الى "الاتفاق والتوافق" خلال زيارته الأخيرة للبنان. كما ان طرح ازمة النازحين السوريين امس في اجتماع عمان الخماسي في غياب لبنان البلد المعني اكثر من سواه بهذه الازمة الخطيرة التي تهدده في العمق ترك الكثير من التساؤلات الى متى يستمر هذا الغياب القاتل للبنان عن مطابخ الإقليم التي ترسم المصائر؟

معادلة الانتظار التي تحكم وحدها المأزق الرئاسي والسياسي عموما في لبنان بدأت ترخي ذيول اخطار كثيفة إضافية على مجمل الوضع الداخلي، سياسيا وماليا واقتصاديا، بما بات معلوما معه ان الفترة الفاصلة عن تموز المقبل موعد نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تشكل مرحلة مفصلية حقيقية ولن يوقف اخطارها المحتمة ماليا واجتماعيا واقتصاديا سوى انتخاب رئيس الجمهورية العتيد لانه بات يبدو انه شبه مستحيل التوصل الى حل استباقي لنهاية ولاية سلامة بتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان رغم كل محاولات رئيس الحكومة الاستحصال على دراسات قانونية ودستورية تسوغ هذا التعيين. وعلى افتراض مرور مبدأ قانونية التعيين فان الصعوبة القصوى ستكمن في الاتفاق على الشخصية التي ستملأ هذا المنصب. تبعا لذلك ستتسم الأسابيع المقبلة بحماوة استثنائية في مقاربة الازمة من كل وجوهها اذ بدأ عامل الوقت يضغط بشدة على الجميع وسط تصاعد هاجس الانهيارات الكبرى الإضافية التي تتهدد اللبنانيين.

أما "الراي" الكويتيّة، فلفتت الى ان مع انطلاق أيار المفصلي الذي يُفترض أن تتحدّد معه اتجاهاتُ الريح النهائية في عددٍ من الملفات الإقليمية البارزة، يبدو لبنان مرشّحاً لتمديد «إقامته» على «مَقاعد المتفرّجين» وفي صف الانتظار الثقيل، وسط مخاوف تتعاظم من أن يَبقى على رصيف التحولات الكبرى في ضوء استمرار الاصطفافات الحادة على تخوم الأزمة الرئاسية المتشابكة مع الانهيار المالي.

فمن محاولة إعادة النظام السوري إلى «الجادة العربية» وفق خريطة طريق متكاملة تشتمل على بند النازحين الذي يتحوّل في لبنان «قنبلة موقوتة» والذي كان أمس محورَ اجتماع خماسي لوزراء خارجية الأردن، السعودية، العراق، مصر وسوريا استكمالاً للمسار الذي أطلقه اللقاء التشاوري الخليجي - العربي في جدة الشهر الماضي، مروراً بالقمة العربية التي تستضيفها الرياض في 10 الجاري، وصولاً إلى انتهاء مهلة الشهرين الاختبارية لمرتكزات تفاهم بكين بين المملكة العربية السعودية وإيران، 3 محطات رئيسية يُرتقب أن تطبع المنطقةَ وترتسم معها الآفاق الفعلية للنظام الإقليمي الجديد الآخِذ في التشكّل على قاعدة المصالح الاقتصادية وحمايتها.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o