Apr 05, 2023 4:26 PM
خاص

النفقات التشغيلية للحسابات تضع المصارف في قفص الاتهام!

 

خاص- "المركزية"

أُطلقت في الساعات الأخيرة مواقف ندّدت بمعلومات أثارها أصحابها حول اقتطاع عدد من المصارف عمولة على الودائع بالدولار، وعلى الحسابات المجمّدة، والتحاويل...إلخ. من دون أن تتردّد باتهام القطاع المصرفي بسرقة المودِعين والتسبّب بانهيار البلاد!
هذا التوصيف حرّك الشكوك حول السعي إلى إلهاء اللبنانيين عن السيف الأمضى الذي يقطع دابر الأمل في أي انفراج مستقبلاً، إن كان مالياً أم اقتصادياً، أم اجتماعياً... وهذا السيف سياسي بامتياز للدفاع عن تشبّث الأفرقاء السياسيين بعدم ملء كرسي بعبدا برئيس جمهورية يُنقذ لبنان من أتون أزمته المستفحلة.

إن توجيه إصبع الاتهام إلى المصارف باقتطاع العمولات، برّره مصدر مالي لـ"المركزية" بوجوب تأمين الكلفة التشغيلية لحساب المودِع، وهذه الكلفة باتت عبئاً على المصارف التي تفتقر إلى أدنى نسبة من الإيرادات.

ويوضح المصدر أن "المصارف لم تعد قادرة اليوم على تغطية كلفتها التشغيلية، إذ على سبيل المثال لا الحصر إن كلفة تصليح آلة السحب الآلي ATM بالدولار النقدي، كما أن سعرها عند الشراء لا يقل عن 50 ألف دولار نقداً، وكذلك كلفة شراء المازوت لزوم تشغيل تلك الماكينات وإضاءة الفروع وغيرها من المصاريف كلها بالدولار النقدي أيضاً... أما كامل مداخيل المصارف فليست كذلك بل بالـ"لولار".

ويُضيف: إذا أرادت إدارات المصارف تغطية النفقات الضرورية للمحافظة على الودائع وتأمين السحوبات، فهي ملزَمة باقتطاع نسبة محددة. إما تتمكّن المصارف من تغطية نفقاتها أو تُقفل. فالفروع المصرفية مُكلفة، وإن عمدت إلى إقفالها يطالبونها بإعادة فتحها لتسيير أمور أهل المنطقة التي تتواجد فيها. ويشير إلى أن "الحساب المودَع لدى المصارف يتطلب كلفة تشغيلية، وإن وَجَدَ أحد المودِعين أن هذه الكلفة مرتفعة يستطيع نقل حسابه إلى مصرف آخر، أما إذا كانت كل المصارف تعتمد الآلية ذاتها، ما يعني إذاً أن كلفة التشغيل أصبحت باهظة بالدولار النقدي، وترخي بثقلها على المصارف كافة كونها القطاع الوحيد اليوم من بين كل القطاعات العاملة في لبنان، الذي لا يقبض بالدولار الـFresh بل يحصّل عمولته بالـ"لولار". 

من هنا، يرى المصدر المالي أن "هذا الاقتطاع ليس عشوائياً... فهل تشغّل ماكينات السحب الآلي على توقيت كهرباء لبنان، لتعمل أربع ساعات كحدّ أقصى في اليوم؟! هناك ضغط مالي كبير على المصارف كما على المواطن... فهل تقفل أبوابها كحل نهائي للأزمة؟ في حين يجب الاعتراف بقدرات المصارف التي لا تزال صامدة على رغم قساوة الظروف وخطورة المطبّات التي تواجهها ولا تزال تغطي كلفة الدعم عبر أموال أودَعتها لدى مصرف لبنان وهي خاصة بالمودِعين... فيما مصارف عالمية تتهاوى بين ليلة وضحاها". 

ويذكّر بأنه "حتى المصارف العاملة في الخارج تتقاضى عمولة لتأمين الكلفة التشغيلية للحساب المصرفي، وكانت المصارف العاملة في لبنان تخفّض في السابق من معدل العمولة المقتطعة من باب المنافسة في ما بينها لجذب المودِعين. أما اليوم فالمنافسة معكوسة... لذلك الظروف قد تبدّلت وعلى اللبنانيين الاعتياد على هذه التغيّرات".

مصادر مصرفية تخاطب الاتحاد العمالي

وليس بعيداً، تستغرب مصادر مصرفية استشرفت "المركزية" رأيها في البيان الصادر اليوم عن الاتحاد العمالي العام "الذي يُفترض أن يكون مُلمّاً بالوضع المالي والاقتصادي، ويدرك تماماً الاسباب والمسببّين الذين أوصلوا البلد إلى حالة الانهيار القائمة. وهم بطبيعة الحال ليسوا المصارف الذين تحوّلوا مثل سواهم الى ضحايا هذه الكارثة" بحسب المصادر. 
وتشير إلى أن "اتهام المصارف مباشرة بالانهيار، فيه ظلمٌ يعرفه العمال قبل سواهم، ويعرفون أن هذه المصارف التي عانت ما عانته حتى اليوم جراء تداعيات الأزمة، لا تزال تحافظ بكل قواها على موظفيها، وهي إذ تخوض المواجهة للبقاء، تأخذ دائماً في الاعتبار أن واحداً من أهم أهداف الاستمرارية والبقاء، هو الحفاظ على هؤلاء الموظفين الذين يصل عددهم إلى حوالي 18 ألفاً". 

وتضيف: من خلال مضمون البيان، من الواضح أن الاتحاد العمالي  أضلّ العنوان، وبدل أن يتوجّه إلى الجهات التي في يدها الحل والربط، فضّل مخاطبة الطرف الذي يتحمّل كما الاتحاد العمالي، وَزر الأزمة. ويظهر هذا الانحراف عن العنوان، والذي نأمل أن يكون غير متعمَّد، من خلال الإشارة في البيان إلى فجوة الـ72 مليار دولار. والاتحاد العمالي يعلم جيداً، أن هذه الفجوة موجودة تحديداً في مصرف لبنان المركزي، وليس لدى المصارف التي تنتظر أي تحرّك من الدولة لتعرف كيف ستسدّ هذه الفجوة، لأن للمصارف ما يقارب الـ85 مليار دولار مجمّدة في مصرف لبنان، وهي أموال المودِعين التي يتحدث عنها بيان الاتحاد العمالي العام. 

وتتوجّه المصادر إلى الاتحاد العمالي العام بالقول: إننا معاً في خندق واحد، ونريد توحيد الجهود لحفظ حقوق المودِعين لأنهم رأسمال المصارف التي ضاعت رساميلها في تداعيات هذا الانهيار غير المسبوق. ولعلّ من المفيد التذكير بأنه منذ تشرين الأول 2019 لم تعد القرارات تصدر عن المصارف، بل أصبحت الأخيرة تنفّذ تعاميم مصرف لبنان بحذافيرها. 

وتتابع: لعلّ من المفيد أكثر أن نوحّد جهودنا مع الاتحاد العمالي العام لنعرف مَن المسؤول عن تبديد حوالي 20 مليار دولار من أموال المودِعين بعد الانهيار، بسبب اعتماد ما سُمّي ظلماً بـ"الدعم"، وتبيّن أنه عبارة عن تبديد للأموال التي استفاد منها مقتنصو الثروات. أو قد يكون مفيداً أن نعرف مَن المسؤول عن تبديد حوالي 28 مليار دولار كانت موجودة في محفظة قروض المصارف، ومعظمها مغطاة بضمانات، وقد تم السماح بتسديدها إما بالليرة على سعر 1500 ليرة، وإما عبر شيكات مصرفية مسحوبة على مصرف لبنان، وتحوّلت بدورها إلى دولارات مستندية على الورق. 

وتختم المصادر المصرفية: الظلم الذي يلحق بالمواطن جراء هذه الأزمة لم تسلم منه المصارف، ومَن يريد فعلاً إنقاذ حقوق المودِعين، ينبغي أن يصوّب في الاتجاه الصحيح كي نصل جميعاً إلى النتيجة التي تخدم قضية المودِعين، وتنعكس إيجاباً على الاقتصاد والمصارف وكل المواطنين.   


 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o