Mar 30, 2023 10:58 AM
مقالات

لبنان معلق بين عقارب الساعة بانتظار مصير سوريا

الصراع السخيف بين ساعة شتاء وساعة صيف العام 2023 وما رافقها من لغة سوقية أحدثت تشققات أدبية خجلاً في قبة المجلس النيابي ستبقى مسجّلة في ذاكرة العالم ولن تمحى بسهولة كما أمر رئيس البرلمان بمسحها من سجلات جلسة لم يعرف التاريخ النيابي مثيلاً لها على الرغم من كل الحروب والمآسي التي مرت على لبنان.
في يوم 28 آذار 2023 أدرك المتابعون العرب، وفق أحد كبار دبلوماسييهم الذي عرف لبنان سابقاً، كما أدرك الأجانب أنّ لبنان، الذي كان برلمانه منصة تنافس في بلاغة الخطاب وأدبيّاته، صار يعيش عصر انحطاط لم يعرف مثله، ليس فقط منذ الاستقلال في العام 1943 ولا منذ إعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920، بل لم يشهد وضاعة بمستواه لا في حقبة الحكم العثماني على مدى 400 سنة خلال حرب السفر برلك ومجاعتها ولا في مرحلة الانتداب الفرنسي ولا خلال الحرب الأهلية وقذاراتها.
وتساءل الدبلوماسي في اتّصال من دولته: “أين بلاغة بطرس حرب وفؤاد بطرس وإدمون رزق ورشيد كرامي وصائب سلام وكمال جنبلاط والرئيس حسين الحسيني وناظم القادري وزاهر الخطيب وجبران تويني على سبيل المثال لا الحصر مع حفظ الألقاب للجميع؟”
وأضاف: “كنا نطرب لسماع كلمات النواب في البرلمان، ومن دون مبالغة كان كثر من العرب المهتمين بعلم الخطابة يتابعون بدقة خطب البرلمانيين اللبنانيين لإغناء ثقافاتهم وتغذية قواميسهم بمصطلحات جديدة، لكن ما قرأناه عن أدبيات جلسة هذا الأسبوع لا علاقة له بالأدبيات.”

ولكن ما سبب هذا التوتر غير المبرر الذي غلّف الخطاب السياسي اللبناني تحت عنوان سخيف هو الخلاف على التوقيت الصيفي الذي خرج مصوّراً وبالصوت من مكتب رئيس مجلس النواب نبيه بري في حوار مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي؟ سأل الدبلوماسي العربي وأضاف: “رجاءً لا تقل لي أنّ المسلمين صفقوا لعدم تطبيق التقويم الصيفي خلال شهر رمضان والمسيحيين رفضوا. هذي ما يقبلها عقلي”.
في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية، ومعادلة الرئيس فلاديمير بوتين القائلة إنّ الروس والأوكرانيين “شعب واحد” – ولحسن الحظ لم يقل في دولتين كما الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد – وبعد اتفاق التطبيع السعودي الإيراني بوساطة صينية والحديث عن استعادة سوريا إلى حضن العرب بعد عطلة عيد الفطر، لم يعد مقنعاً تبرير الصراع الذي دار على مسرح المجلس النيابي اللبناني بأنه مجرد محاولة “لتحويل اهتمام الرأي العام عن صفقة محلية” يجري إعدادها، بغض النظر عن حجم الصفقة المزعومة وحجم المنتفع منها.
المسألة لها علاقة بجدية إيران في الالتزام بتعهداتها للضامن الصيني كما بالتزام سوريا بتعهداتها للضامن العربي الذي يسعى لإعادتها إلى حضنه.

تعهدات إيران للضامن الصيني في ما خص لبنان مرتبطة بالمهمة التي ستكلف حوزة قم حزب السلاح الفارسي بها، وهو أحد فروع فيلق القدس التابع مباشرة للحرس الثوري أي الأداة العسكرية التي تنفذ سياسة تصدير الثورة بموجب تعليمات حوزة قم.
هل ستكلف حوزة قم حزب السلاح الفارسي في لبنان بحظر الإذاعات الحوثية اليمنية التي تبث من ضاحيته ذات السيادة جنوبي بيروت، كما بالانسحاب من أراضي الدول العربية التزاماً ببيان التطبيع السعودي-الإيراني؟؟

وهل ستكلف حوزة قم حزب السلاح الفارسي، كونه بمثابة القيادة الوسطى للميليشيات التابعة لإيران في الشرق الأوسط، بسحب جميع قواته من سوريا التزاماً بالتعهد المعطى لجامعة الدول العربية لقاء تسهيل مهمة استعادة سوريا إلى الحضن العربي في القمة العربية التي ستعقد في السعودية في 19 أيار المقبل؟

وماذا عن قوات الحرس الثوري وبقية الميليشيات التابعة لإيران في سوريا من سورية وعراقية وأفغانية وغيره، هل سيطلب الرئيس بشار الأسد من إيران سحبها كي تقبل الدول العربية باستعادته إلى حضنها واستثمارها في إعادة بناء سوريا وإنهاض اقتصادها؟
وماذا عن الاستملاكات العقارية الإيرانية في سوريا؟ هل ستبقى ملكاً للحرس الثوري الذي استملك مناطق بأكملها في العاصمة دمشق ومحيطها؟

يعتبر الدبلوماسي العربي أن “جوهر عملية التطبيع والصلح يُختبر في سوريا، فإذا تحررت سوريا من السيطرة الإيرانية، ونفذت وعدها بعدم التدخل في الشؤون السياسية-السيادية للدول العربية الشقيقة، وأنهت صناعة المخدرات الناشطة على أراضها عندها يقبلها الحضن العربي وينفذ تعهده لها بالاستثمار السخي في إعادة إعمارها واستنهاض اقتصادها”.

وأضاف: “سوريا هي بيضة قبان بيئة التطبيع والصلح، أما لبنان فيكفيه أن ينتخب رئيساً للجمهورية بعيداً عن هلوسات البعض حيال عودة سوريا إلى لبنان لإدارته”.

محمد سلام - هنا لبنان

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o