Mar 25, 2023 11:00 AM
خاص

7 مليار دولار سنويا يضخونها في لبنان وتمنع سقوطه...المغتربون يناشدون النواب:
انتخبوا وجها اغترابيا يعيد الوطن الى العالم ومي ريحاني خير من يفعل

خاص- المركزية

سبعة مليارات دولار ونيّف هي قيمة تحويلات المغتربين اللبنانيين الى بيروت سنوياً. عمليا، هو رقم يجيب على تساؤلات كُثرٍ يستغربون كيف يستمر لبنان حتى الساعة وبأي مقومات، في ظل ازمة عاتية اصابته في مقتل، نتيجة اداء منظومة سياسية فاسدة تدير البلاد بما يتناسب ومصالحها الخاصة ليس الا. منظومة دكّت كل مقومات الدولة وما زالت تمعن في نحر اللبنانيين ، معلّقة على حبال انانياتها مصير أمّة برمتها، ترفض اخراجها من شرنقة نفوذها بإحكام القبضة على الاستحقاق الرئاسي، حاجبة عن الشعب، جرعات اوكسيجين وأمل من شأن انتخاب رئيس بعيد من كل لوثاتها واقترافاتها، مدّ البلاد بها، تمهيدا لوضعها على سكة الانقاذ. سبعة مليارات دولار، هي أموال حب وعشق لوطن  يأبى المغتربون ان يموت ، ويصرون على انقاذه من براثن الفاسدين، افلا تستحق ان تكون لهؤلاء الكلمة في الاستحقاق المصيري؟ 

في قراءة للواقع هذا، ومدى تأثيره على لبنان ومغتربيه، يقول الرئيس العالمي الأسبق للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم الياس كسّاب العائد للتو من المكسيك، بعد مشاركته في المؤتمر العالمي الاستثنائي للجامعة حيث كان على جدول أعماله مبادرة "الصندوق الاغترابي" الذي أقرته الجامعة لمساعدة لبنان واللبنانيين، لـ"المركزية" إنَّ الفراغ الرئاسي في لبنان أرخى على المؤتمرين بظلاله، وكان المحور الأساس في المناقشات، والتحاليل، وحتى التوصيات. ومن خلال سماعي للمحاضرين من أعضاء وضيوف، هذا الشغور، يُضاعف انعدام الثقة لدى المغتربين، لأنَّ رئيس الجمهورية  رمز وحدة السلطات، ونرى بدونه  كيف أنّ السلطات تشظّت، وتداخلت، وتضاربت، وتعطّلت، وأمعنت في ترسيخ سلطة الفساد عليها، فكأنَّ لبنان في حالة انعدام وزن سياسي، تتقاذفه المنظومة المُتحكمة ككرة النار تلتهم ركائز الدولة، بعد أن قضت على كل المقومات المالية والاقتصادية، والصحية، والتربوية، والحياتيّة، والبيئية.. وعلى البنى التحتية والطاقة.

المنظومة هذه، المختلفة فيما بينها فوق الطاولة، والمتفقة حتى العظم تحتها، والمُتبجّحة بتأييدها لاتفاق الطائف، لم تغادر، أي انها  ما زالت تحكم البلاد من خلال قواعد الاشتباك السياسي التي رسمها الاحتلال السوري خلال حكم الوصاية، أي عمليّاً، روح الطائف لم تُطبّق، وبنوده لم تُستمكل، والمنظومة، المستفيدة، لن تسمح بهذين: التطبيق والاستكمال، وما الفراغ الرئاسي إلا قمة جبل الجليد الظاهر في لُجة الأزمة التي تعصف بلبنان. المشكلة إذاً هنا ليست بالنظام، (وهنا أتميّز عن التغييريين)، وليست بالدستور، بل بمُطبقيه الذين يفسرونه بما يحفظ نفوذهم، ورؤوسهم التي يتحسسون، ويعرفون أنها أينعت، وربما حان قطافها، من هنا يأتي التسويف من قبل المنظومة لإيجاد رئيس، منغمس، بشكلٍ أو بآخر، معهم، مما يتيح لهم، إذا لم يكن كامل النفوذ، على الأقل الإفلات من العقاب.

ويضيف كسّاب: المغتربون، الذين دفعوا الثمن من جنى العمر، وتبخرت ودائعهم أسوةً بالمقيمين، والمتمرسون بالديمقراطية وبالمساءلة في بلدان الإقامة، يهالهم أن يروا اللبنانيين جحافل على أبواب السفارات من أجل الهجرة، وهم كانوا، ولما يزالون تواقين للعودة، وقد خذلتهم هذه المنظومة، لكن هذا الخذلان سيكون الحافز لاسترجاع لبنان من سارقيه، فالاغتراب اللبناني هو خط الدفاع العالمي عن لبنان، وعامل الصمود الأساس لأهله والرافعة لاقتصاده. وبالأرقام، فإن المغتربين أودعوا في لبنان ما يزيد عن ٧ مليار دولار سنوياً، أي أضعاف ما نطلب من أموال من صندوق النقد والبنك الدولي، أو مؤتمر سيدر، ومجمل هذه الأموال ما هي إلا ديون. وحده مال المغتربين مُنزّه، صافٍ شريف، يخدُمُ المُكلّف اللبناني دون أن يُكلِّفَهُ، فلا قيامةَ للبنان بدون مغتربيه، ولا استثمار للمغتربين بدون استعادة الثقة، ولا تبدأ استعادة الثقة إلا بانتظام السلطات، بدءاً بانتخاب رئيس بعيدٍ عن المنظومة، لديه علاقات دولية دون أن يكون مرتهناً، يفهم بالاقتصاد وليس تاجراً، مثقفٍ لا مُتعلمٍ فقط، سياسيٍّ قائد Leader وليس زعيماً، فلقد كثر الزعماء وقلَّ القادة، مُعولم يستطيع أن يكتنه التحولات العالمية، فلا ينجرف إلى حيث ارتطام، ولا ينعزل إلى تقوقعٍ قاتل، يدرك محيطه العربي، ويعرف كيف يُرسّم حدود الوطن بقوة القانون الدولي، لا باتفاقات تحت الطاولة مع القوى الإقليمية أو العظمى، رئيس بخبرات تطال البشر قبل الحجر، رئيس نقيٍّ ونظيفٍ لا يكون ملفه الشخصيُّ عُرضةً للابتزاز داخليّاً أو خارجيّاً.. من هذا المنطلق نحن نؤيد رئيساً أو رئيسةً من الاغتراب، يصنع (أو تصنع) الحدث، لا نتيجة له.

عن "بروفايل" الرئيس الذي ينشده المغتربون يتابع كسّاب:لم يعد المغترب اللبناني مغترباً بالمعنى المادي التاريخي والتقليدي للكلمة، ذلك ان وسائل التواصل الاجتماعي، والتقنيات الحديثة، جعلته أقرب لأن يقال عنه أنه "لبنانيٌّ عاملٌ في الخارج" أكثر منه كمهاجر، لأنّه يعيش في قلب الحدث، يتفاعل معه، ويفعل فيه، لا بل يصنعه أحياناً. وما شهدناه خلال انتفاضة ١٧ تشرين وما تلاها، لخير دليل على هذا "التفاعل الجدلي" بين اللبنانيين، مقيمين ومغتربين. من هذا المنطلق، إنني إذ تحدثت عن مواصفات الرئيس المنشود، ولأنَّ الفساد في لبنان أصبحَ اللون الطاغي، بحيث أصاب التعميم (وللأسف) الجميع، ولأنَّ الجميع، عن حق أو بدون حق، في قفص الاتهام، ولكي نعطي فرصة للبنان كي يستعيد الثقة، ثقة المواطن الذي تتعثر "مواطنيّتُه" أمام الترغيب والترهيب، بعكس المغترب المتحرر منهما، وثقة العالم العربي، وثقة المجتمع الدولي التي دمرنا في السنوات الأخيرة أواصرها، نحن نطرح "رئيسةً" للبنان من الاغتراب، وسبق أن أعلنا، شخصيّاً، وعبر المنظمات الاغترابية المختلفة، ترشيحنا للسيدة مي الريحاني.  نريد سيّدة تتعاطى مع اللبنانيين كأمٍّ تُربي بمحبّة، وليس كأبٍ يؤدّب بسلوكٍ ذكوريٍّ لم ينجح، منذ الاستقلال وحتى اليوم. نريد سيّدة تلتقط أولادها من الشارع، وتعرف التمييز بين الشهيد والضحية، نريد سيّدة تُلملمُ أشلاء البيت، وترتّبهُ، وتُنظفهُ، مهما كان فقيراً، لكي ينجب الأجيال الجديدة التي تنهض بالوطن.عرفنا مي ريحاني المثقفة والأديبة والشاعرة، إبنة الفريكة والتراث الريحاني الذي أرسى علاقات لبنان العربية، ليس على التاريخ والجغرافيا فحسب، بل على الفكر الحر، وهي المؤهلة، بخبرتها العالمية، وبما يحدث في العالم العربي اليوم، وفي دول الخليج عامةً، والمملكة العربية السعودية خاصةً، أن تتلقف ثورة العولمة هذه، فلا يتأخر لبنان عن اللحاق بركب التطور.عرفنا مي ريحاني في واشنطن تضغط على صانعي القرار فيها للحفاظ على لبنان، ضغطاً مُحرّراً إلا من مصلحة لبنان.عرفنا مي الريحاني العاملة مع الأمم المتحدة والمنظمات العالمية في خدمة العشرات من البلدان الفقيرة، أو على عتبة النمو، تنفذ فيها مشاريع مرتبطة مباشرةً بالطفل وبالإنسان، هي لم تأخذ أموالاً وديوناً من البنك الدولي لتنفذ مشاريع بنى تحتية، يتقاسمها متنفذون من البنك مع الفاسدين في هذه البلدان، (والأمثلة عديدة في هذا المجال، ولقد اشتركت بحلقات عمل حول ذلك في جامعات تورونتو)، بل نفذت مشاريع لتنمية التربية، وربطها بسوق العمل. وإذا كانت ثروة لبنان هي الثروة البشريّة، فالتربية هي الأساس، فهذه الثروة دمرتها المنظومة، وفي استعادتها فقط استعادة لدور لبنان ومستقبله.

ويردف: المطلوب، بعد الإصلاحات بالطبع، ليس من يأتي بالأموال من صندوق النقد ومن البنك الدولي، بل من يعرف كيف يوظف الأموال في خدمة المستقبل، لا في خدمة طبقة دمرت الحاضر والماضي.مي الريحاني تريد تطبيق الدستور نصاً وروحاً، لإخراجه من الاستنسابية.مي الريحاني تريد تطبيق واستكمال اتفاق الطائف كما أراده واضعوه، وقد مات الرئيس حسين الحسيني بحسرة عدم تطبيقه كاملاً.مي الريحاني لا تساوم على حرية وسيادة لبنان، وتحترم المواثيق والقرارات الدولية المثبتة لاستقلاله.

مي الريحاني رائدة قائدة مُدرّبة، وليست زعيمة، لأنّ الزعيم يجلس على رأس الهرم، بينما مي الريحاني تجلس في قاعدة الهرم، مُحاطة بالمستشارين، وبأصحاب الاختصاص، وفي مجلس شورى، كما في الدول المتقدمة، لأنَّ الجلوس على قمة الهرم دكتاتورية. يكفي أنّ مي الريحاني تستطيع أن تُحفِّزَ الاغتراب على المغامرة مُجدّداً للاستثمار في لبنان، وهذا أساس النهضة الاقتصادية، لا صندوق النقد، ولا البنك الدولي.

ويتابع كسّاب: إنَّ تحفيز المغتربين هو الأساس في النهضةِ المرجوّة. لهذا التحفيز مفتاح، هو انتخاب رئيس يحظى بالثقة على المستوى الشخصي، أي نظيف بالدرجة الأولى، فيعطيه المغتربون، ليس هذا المفتاح فقط، بل مفاتيح قلوبهم. من هذا الباب ستدخل مي الريحاني إذا انتُخبت، وهي القادرةُ على طمأنتهم على ودائعهم، فلا يدفعون من أموالهم ثمن السرقات، وهي مؤهلةٌ لتكوكبَ حولها فريق عملٍ مؤهلٍ وذي خبرات دولية من أجل الإصلاح.الأهم من كل ذلك، أن مي الريحاني تعرف أن المستثمر المغترب الجديد ذكي، متعولم، بالرغم مما يحتفظ من عاطفة تجاه وطنه الأم، وهو يختلف عن المستثمر المغترب في الخمسينات والستينات، والذي استثمر عاطفياً في بناء بيروت الكبرى وخسر ما جناه في الحرب.مي الريحاني تدرك ذلك، ومن خلال أحاديثنا ونقاشاتنا أعرف أنها تمتلك استراتيجية خاصة لبرامج خاصة توطد الثقة مع الاغتراب للاستثمار مجدداً، ونحن تواقون، إذا ما حالفها النجاح، أن نكون بجانبها العضد والسند، فنجوب القارات الخمس، لا لحشد التأييد لها لدى دول الإقامة فحسب، بل لجعل القوة المالية الاغترابية الوسيلة العالمية لتحرير واستعادة لبنان، وبهذا، فإنَّ المغتربين ليسوا "جيب" الوطن، بل حُماته.

ويختم: نوجه نداءً للنواب الكرام، كي يعطوا للبنان فرصة النهوض، بوجهٍ إغترابيٍّ ليس بطرف، يستطيع أن يتحدث إلى الجميع بحريّة، لا ديون عليه أن يسددها لأحد، ويستطيع أن يعيد لبنان إلى العالم، والعالم إلى لبنان.   
 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o