Mar 09, 2023 3:37 PM
خاص

ملف المظليين يُفتح بعد 40 عاما ولبنان ملزم بالتعاون ...الزمن لا يمر على العدالة في فرنسا

المركزية - خاص

23 تشرين الأول 1983. سيارة محملة بأكثر من 900 كيلو غرام من المتفجرات تقتحم ، مقر مشاة البحرية في مطار بيروت حيث الثكنة الأولى للكتيبة الثامنة - فريق الهبوط مما أدى إلى استشهاد 241 عنصرا من قوات المارينز من بينهم 21 من موظفي الخدمة.

دقائق معدودة دوى انفجار ثانٍ .إنتحاري اقتحم بشاحنة محملة بالمتفجرات مبنى "دراكار" المكون من 9 طوابق في منطقة الرملة البيضاء، وهو المقر الذي كانت تتمركز فيه الوحدة الفرنسية مما أدى إلى استشهاد حوالى 58 مظلياً فرنسياً وجرح حوالى 15 آخرين. يومها وجهت أصابع الاتهام إلى حزب الله بالمسؤولية عن الهجوم، واحتمالات بتورط إيراني وسوري. إلا أن الإستنابة القضائية التي وصلت أمس إلى النيابة العامة التمييزية ولم يطلع عليها بعد المدعي العام القاضي غسان عويدات تطالب القضاء اللبناني بالإستماع لإسمين فقط هما يوسف الخليل وسناء الخليل من دون ذكر أي معلومات شخصية لتحديد هويتهما. وبانتفاء أية معلومات شخصية عن الإسمين المذكورين يبقى الغموض سيد الموقف في مسألة اختيار السلطات الفرنسية هذا التوقيت لإرسال استنابة قضائية في ملف مضى عليه 40 عاما أضف إلى أن المعلومات الأمنية ذكرت في حينه أن عماد مغنية  الذي اغتيل في سوريا إثر غارة إسرائيلية على موكب كان يضمه في القنيطرة في كانون الثاني 2015 يقف خلف الحادثة، فمن يكون يوسف وسناء الخليل وهل تجوز إعادة فتح الملف بعد مرور 40 عاما على وقوع جريمة التفجير وإن كان الغرض من ذلك الاستماع لهما بغرض التحقيق معهما للاشتباه بتورطهما في تنفيذ العملية الانتحارية التي استهدفت مقر كتيبة المظليين الفرنسيي؟. وهل سيتمكن القضاء اللبناني من توقيف المشتبه بهما بحسب الإستنابة القضائية الفرنسية واستجوابهما وإفادة القضاء الفرنسي بالنتيجة لاتخاذ الإجراءات المناسبة، في وقت يعجز قاضي التحقيق العدلي في جريمة تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار من استدعاء وزيرين من محور حزب الله لاستجوابهما؟

وزير العدل الأسبق البروفسور ابراهيم نجار الذي شارك في توقيع اتفاقية التعاون الجنائي بين لبنان وفرنسا عام 2009 وصادق عليها كل من الحكومة والبرلمان الفرنسيين يشير عبر "المركزية" الى أن لبنان ملزم من حيث المبدأ وبموجب هذه الإتفاقية بالتعاون مع السلطات القضائية الفرنسية وفقاً لشروط وإجراءات شكلية معينة تنص عليها الإتفاقية".

وعن إسقاط القضية بموجب مرور الزمن يوضح البروفسور نجار أنه "لا يحق للبنان التدخل في عامل الزمن إذا كانت السلطات الفرنسية تريد إعادة تحريك الملف. فهذا شأن فرنسي بحت ويتعلق بالقانون الفرنسي الداخلي. وبالتالي فإن القضاء اللبناني ملزم بالتعاون في حدود ما يستطيع القيام به .وإذا وجد نفسه أمام طريق مسدود ولم يتمكن من الوصول إلى المشتبه بهما عليه تبليغ السلطات الفرنسية بأن الأمر مستحيل".

إذا عامل مرور الزمن لا يسري مفعوله في فرنسا، ولبنان ملزم بالتعاون بموجب الإتفاقية يقول نجار مع التأكيد على أن هناك جرائم وقضايا وجنايات تحول دون مرور الزمن عليها حتى لو كانت تخضع لذلك بحسب القانون الفرنسي وبموجب ذلك فإن لبنان مدعو لإجراء التحقيقات والتعاون في مسالة الملفات. لكن العائق يبقى في استدعاء المشتبه بهما، إذ لا شيء يؤكد أنهما موجودان على الأراضي اللبنانية ولا معلومات شخصية من قبل السلطات الفرنسية حولهما بحسب الإستنابة القضائية المرسلة إلى القضاء اللبناني. ويختم البروفسور نجار بالتأكيد "على وجوب تعاون لبنان مع السلطات الفرنسية بغض النظر عن واقع السلطة القضائية اليوم سيما وأن القضاء الفرنسي يطلب التعاون وجمع المعلومات وليس الملاحقة وقانون العفو العام يطبق في لبنان فقط، ولبنان ليش ملزما بالملاحقة".

أبعد من الهامش القضائي، يبقى التأثير السياسي وخلفيات توقيت الإستنابة القضائية والأهم نوايا القضاء الفرنسي بفتح تحقيق واسع حول حادثة أمنية مرّ عليها 40 عاماً. فهل ثمة رابط بالظروف السياسية التي يعانيها لبنان أو أنها محاولة للضغط على أطراف داخلية، بالتزامن مع تعقيدات في الملف الرئاسي اللبناني خصوصاً أن الإدارة الأميركية كانت قد اتهمت سابقاً حزب الله وتحديداً قائدها العسكري السابق عماد مغنية بالوقوف وراء تدبير حادثة المارينز وتنفيذها.

مصادر مواكبة للديبلوماسية الفرنسية توضح لـ"المركزية" أن اشتباكاً حقيقياً بات يتظهر بين فريق ماكرون الرئاسي الذي ما زال يصر على بعض التطبيع مع إيران و"حزب الله" وبين ضغط من الجمعية الوطنية الفرنسية ومجلس الشيوخ لوقف هذا التطبيع مع قناعةٍ باتت تترسّخ في وزارة الخارجية الفرنسية، أن من غير المقبول الإستمرار بهذا النهج التمييعي تجاه منظمة وراع لها اعتديا على فرنسيين، بل على أصدقاء فرنسا ومنهم الشعب اللبناني، وبالتالي يجب فهم توقيت بثّ الوثائقي عن "حزب الله على قناة فرنسا الخامسة، وإعادة الإعتبار لجريمة الإعتداء على المظليين الفرنسيين.

وتختم المصادر"في فرنسا دولة عميقة قائمة على العدالة، ولا يمكن  اختصارها بالمصالح. وفي فرنسا رأي عام يُحاسب ولو بعد حين وهنا تكمُن مسارات رفض التسويات الرمادية".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o