Mar 02, 2023 5:03 PM
خاص

المأزق وطني وليس مارونيا-مارونيا وتقزيمه عبثي...

خاص- المركزية

من الخطأ اعتبار تعليق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على تقرير، قيل إن البطريركية المارونية قد تلقته عن أعداد المسيحيين في لبنان ذهب مع الريح، أو بعبارة شعبية أوضح "موجة صيف عابرة". وعلى رغم  شيوع موجة من ردود الفعل، في ظل خشية من تداعيات الفراغ في الموقع المسيحي الأول في البلاد، والمسيحي الوحيد في الشرق الأوسط،  إلا أن عدّة مفاعيل التقرير بدأت تنضج  داخل غرف سوداء، تقابلها خطوات تُطبخ على نار هادئة من قبل معنيين روحيين وعلمانيين. وليس هذا المطلوب وحسب، لأنه واضح تعثُّر مخططات منظومة التعطيل  ولمسها مدى فشل كل ما رسمته على مستوى إفراغ البلد بدءا من رئاسة الجمهورية وتعطيل المؤسسات القضائية والمصرفية وشل البلد . فبدأت بالمباشر عبر تنفيذ الخطة "ب" .والبداية كانت من رئاسة الجمهورية وتحديدا  في البيئة المسيحية.

 وعلى رغم أن اتفاق الطائف أو ما يُعرف أيضاً بوثيقة الوفاق الوطني اللبناني، الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان عام 1989، نصّ بوضوح على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في مجلس النواب ووظائف الفئة الأولى، من دون عدّ ،فإن المسيحيين يخشون باستمرار على دورهم ومصيرهم في البلد، مع تراجع أعدادهم نتيجة هجرة قسم كبير منهم، كما أبناء الطوائف الأخرى، مع اندلاع الأزمة المالية عام 2019، وبعدها انفجار مرفأ بيروت، الذي أدى إلى دمار العاصمة، صيف العام 2020.

بعد تصريح ميقاتي حول وجود تقرير لدى البطريركية المارونية يفيد بأن إحصاءً موثوقاً كشف أن المسحيين الذين كانوا يشكلون 23 في المئة من سكان لبنان قبل انفجار المرفأ باتوا يشكلون حالياً ما نسبته 19.4 في المئة وتلقف البطريركية المارونية، في بيان "إثارة الموضوع المتعلق بالعدد في لبنان، طالما أنه قد تم تجاوزه في متن الدستور، وبإجماع اللبنانيين على قاعدة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين»، معتبرة أن "ما يثير الاستغراب أكثر وأكثر هو توقيت هذا الكلام وطرح هذه المسألة الوطنية في هذه المرحلة التي تقتضي مزيداً من الالتزام بموجبات الدستور والميثاق الوطني، على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اللبنانيين" والتأكيد أنها تلتقي مع الرئيس ميقاتي حول التشكيك بصحة هذا التقرير، وأن أعداد المسيحيين في لبنان هي أكبر من النسبة المغلوطة التي نسبت إلى التقرير المزعوم". جاء كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن المشكلة في لبنان ليست مسيحية إسلامية، ولا مسيحية مسيحية، إنما مارونية – مارونية! . فهل وصلنا إلى نقطة اللاعودة من التوافق على اتفاق الطائف؟ وهل التمادي والتجريح بشخصيات نيابية مسيحية مسموح على قاعدة صيف وشتاء تحت سقف البرلمان؟

مصادر  فاعلة ومطلعة على الموقف الكنسي، أشارت إلى "المركزية" أن الأزمة التي يواجهها ثنائي حركة أمل –حزب الله على المستوى الوطني كما الإقليمي والدولي، مع راعيهما ما وراء الحدود يضعهما في حالة انعدام وزن، ما يدفعهما إلى خياراتٍ ثلاث، أولها التهويل بالمثالثة بعد تسويق تراجع أعداد المسيحيين ، وقد كلفوا بذلك رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وثانيها تصويب أنظار الرأي العام اللبناني والعربي والدولي على أن الأزمة مسيحية، وبعد فشلهم في ذلك تصنيفها على أنها مارونية-مارونية ، وثالثها التهديد بحربٍ مدمرة سبقها إفتعال إشكالات لاستعراض فائض قوة إضافي.

الهدف من هذه الخيارات التعمية على ما اصطُلحَ على تسميته في مثل إنكليزي شائع وهو" الفيل في الغرفة" أي انقضاض قوى الأمر الواقع على الدستور والقرارات الدولية وحقوق الشعب اللبناني والسيادة وزج لبنان بخيارات محاور لا علاقة له بها، وهي تُدمِّر أمنه القومي . وعليه آن أوان الإعتراف بموجب الإتجاه نحو حلول راديكالية بمنأى عن الترقيع . فأي رئيس لا يلتزم تطبيق اتفاق الطائف والقرارات الدولية وحياد لبنان والإصلاحات البنيوية وتحقيق السيادة ،مع تصحيح استراتيجي للتشويه الذي تعرضت له سياسة لبنان الخارجية في علاقته مع العالم العربي والمجتمع الدولي، إنما هو رئيس إنقلابي ولن يمرّ، والفراغ يبقى أقل سوءاً منه".

واستطرادا يوضح المصدر" هذا لا يعني أبدا الإرتياح إلى الشغور وإطالة أمده، بل الإصرار على وصول مرشح وسطي يلتزم بخارطة الطريق الإنقاذية السيادية مع انفتاحه على الحوار مع الجميع في لبنان، كما الخارج، لكن تحت سقف دولة المواطنة السيدة الحرة المستقلة ،وروحية العيش معاً".

إثارة العدد من باب الديمغرافيا المسيحية يعلق عليه المصدر ويقول" للأسف لم نعد في دولة، وليس عندنا رجالات دولة. لبنان معنى وقضية ورسالة حضارية. الأعداد مهمة لبناء سياسة عامة وليس لمناقشة صيغة الحكم، ولو من باب التلويح الخبيث الذي بات معروف المصدر والخلفية والهدف". ويسأل:" أين تطبيق المادة 95 من الدستور، واللامركزية الإدارية الموسعة وإنشاء مجلس شيوخ ونزع سلاح الميليشيات وإنفاذ حياد لبنان الذي هو في أساس نشوئه منذ العام 1920 ؟".

ويتابع "المأزق هو الولاء للخارج ومعروفٌ اليوم من يوالي الخارج وينفذ أجندته ويسعى إلى الإستيلاء على مشاعات ويستقطب ولاءات من الداخل بإسم حلف الأقليات وتأمين حمايات بديكتاتوريات وأوتوقراطيات ،والمؤسف أن مسيحيين وسنة ودروز تورطوا في ذلك، لكن نهايات هذا الخيار آتية".

وإذ يأسف المصدر لمقاربة عوارض الأزمة، إلا أنه "يدعو القوى السيادية الإصلاحية مع فاعليات المجتمع المدني من كل المكونات إلى وقفةِ حقٍ في مواجهة خيار استشراء الفساد وتدمير السيادة، وهي مواجهة أخلاقية بالدرجة الأولى" يختم المصدر.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o