Feb 28, 2023 6:31 AM
صحف

الرئاسة في قعر الأنانيات!

يختتم اليوم الشهر الرابع للبنان من دون رئيس للجمهورية، والمسار المرير مكمّل على المنوال ذاته منذ اول تشرين الثاني من العام الماضي؛ جنون سياسي، وجفاء حاقد بين مكونات سياسيّة أعدم إمكانية التوافق على تحرير الملف الرئاسي من الأسر، وجنّدت كل إمكانياتها وقدراتها للنفخ في نار التصعيد والتوتير والانقسام، وتوسيع مساحة التصادم أكثر فأكثر وتقريبه من لحظة الاشتعال.

اربعة شهور عجاف عاشها اللبنانيون بكل مراراتها، يتناسل منها الشهر الخامس، الذي سيبدأ من حيث انتهى الرابع، فمعطّلو الحلول والمخارج مستمرون في النفخ في نار الفراغ الرئاسي، وفرض واقع مرير ولّاد للنكبات، وفي مضاعفة عناصر التوتر، والآلام في كل مفاصل حياة اللبنانيين الذين أضحوا عراة مكشوفين سياسياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً، ولم تبق لديهم حتى لحظة أمان.

في هذا الجوّ المحكم التعقيد، لا تلوح رئاسة الجمهوريّة في الأفق، فقوى التعطيل أسرتها في قعر الأنانيات، وأحبطت كل جهود الداخل، وضربت عرض الحائط تمنيات الأصدقاء والأشقاء باستعجال انتخاب الرئيس، وحققت مرادها في جعل الفراغ في سدّة الرئاسة امراً واقعاً لا سقف زمنياً له، وبات انتخاب رئيس للجمهورية حلماً بعيد المنال، ما يعني، والكلام لمصادر معنية بالملف الرئاسي، انّ الواقع الداخلي بات مؤهلاً لإقامة طويلة بين أنياب الأزمة، ومهدّداً بتطورات غير محسوبة، تفتح الباب واسعاً على سيناريوهات اصعب وويلات ومصائب أقسى وأكثر وجعاً ممّا مرّ على اللبنانيين.

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ المستويات السياسية المعنية بالاستحقاق الرئاسي وصلت إلى قناعة باتت راسخة بأنّ امكانية صياغة تسوية توافقية داخلية دخلت مدار الاستحالة. وقالت مصادر مسؤولة لـ»الجمهورية»، إنّّ الكلّ يعطلّ للكلّ، وثمة من هؤلاء المعطلين من بات يكيّف نفسه مع مرحلة طويلة جداً من الفراغ في رئاسة الجمهورية، وبالتالي من العبث الافتراض انّ في الإمكان بناء مساحة مشتركة بين التموضعات التعطيلية، وهو الأمر الذي خفّف، كما نلاحظ، من الاندفاعة الخارجية تجاه الملف الرئاسي، حتى لا نقول انّ الخارج سحب يده وبات في حلّ من أي مسعى لحمل اللبنانيّين على صياغة تسوية واقعية تفضي إلى انتخاب رئيس بالتوافق في ما بينهم.

وتبعاً لذلك، أضافت المصادر عينها، «فإنّ أقصى ما يمكن فعله مع هذا الإنسداد، هو التحسب لما قد يطرأ من مستجدات وتداعيات وربما مفاجآت وعواصف غير محسوبة، في واقع فاقد للحدّ الأدنى من التوازن والضوابط، ويتعرّض في ما يبدو لتدمير ذاتي ممنهج، تمهّد له الانهيارات المتتالية للبنية اللبنانية، وليس أقلّها دكّ أعمدة الدولة، وتداعي المؤسسات وشللها، وكذلك «حرب الدولار» التي تُشن على لقمة اللبنانيين، الذين عادوا بالأمس ليشهدوا فصلاً جديداً من هذه الحرب اللئيمة، بالدفع بالدولار فوق عتبة الـ 80 الف ليرة مع ما يرافق ذلك من جنون إضافي في الاسعار».

من جهتها، أشارت "الانباء الالكترونية" الى ان الجمود يسيطر على ملف الاستحقاق الرئاسي في ظل تراجع المساعي لدفع مسار المشاورات قدماً من اجل انتخاب رئيس للجمهورية وانتشال البلد من أزمته. في هذه الأثناء طغت الملفات الحياتية على طاولة البحث الحكومية أمس، والتي سقط عنها التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي سيغادر المديرية يوم الخميس الى التقاعد من دون حسم مصير خلفه حتى الساعة.

وفي ظل هذا المشهد وغياب المبادرات الحوارية، كشف عضو كتلة الاعتدال الوطني النائب أحمد رستم أنه وأثناء لقاء الكتلة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة الاسبوع الفائت سمعوا من بري كلاماً جاداً بعدم العودة الى الورقة البيضاء. وأنه لن يدعو الى جلسة انتخاب رئيس جمهورية ما لم يتم التوافق المسبق على اسم الرئيس، ما يعني أن الأمور المتعلقة بالشأن الرئاسي تراوح مكانها. 

وأمل رستم في حديث الى جريدة "الأنباء" الالكترونية أن تتبدل المواقف لدى كل الأطراف السياسية بما يساعد على انتخاب الرئيس دون أي إبطاء، لأن البلد برأيه على كف عفريت والناس كفرت بكل شيء خاصة مع التلويح بدولرة الأسعار ابتداء من يوم غد الاربعاء وغياب الأجهزة الرقابية الخاصة لحماية المستهلك، لافتاً الى الغرابة في تركيبة هذا البلد وغياب الانصهار الوطني الذي ساد في العقود الماضية.

وسأل رستم عن دور الكتلتين المارونيتين أي تكتل لبنان القوي وتكتل الجمهورية القوية في هذا الاستحقاق وما هي التنازلات التي تقدما بها لحل الازمة؟ وقال: "الغريب أن الجميع ينتظر الخارج وهذا الخارج يقول لنا ساعدوا أنفسكم لكي نساعدكم. ونحن مع الأسف لا نريد مساعدة أنفسنا"، مستبعداً حل الأزمة الرئاسية قبل التسوية في المنطقة فالعيون كلها اليوم مصوّبة نحو سوريا ولبنان أصبح في الدرجة الثانية، نافياً أن يكون لكتلة الاعتدال الوطني أي مرشح للرئاسة في ظل هذه الانقسامات، فأي مرشح لا يجمع حوله أكثر من 50 نائباً من الخطأ خوض معركته، فرئيس الجمهورية يجب أن يحظى بتأييد غالبية النواب كي يستطيع ان يحكم، مشيراً الى أن "الغريب أن الجميع متفق على المعايير التي على أساسها يجب اختيار الرئيس لكن لا أحد يريد تطبيقها".

https://anbaaonline.com/news/194747

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o