Feb 28, 2023 6:17 AM
صحف

مشهد عربي وإقليمي متغيّر يُفعّل حركة السفراء بالإتجاه الرئاسي

أشارت "اللواء" الى ان في الخلفية مشهد عربي متغير، باتجاه التقارب، وإعادة سوريا الى «البيت العربي» الجامع، ومشهد اقليمي مفتوح على مواجهات ومكاسرة، حيث يواجه الشعب الفلسطيني ببطولة محاولات الغطرسة والاعتداءات الاسرائيلية التي تضرب بعرض الحائط الاتفاقيات والاعراف الدولية والاممية، فضلاً عن اعادة خلط الاوراق، وبناء تفاهمات جديدة لا سيما بين العرب وتركيا على اساس المصالح المشتركة، وفي الداخل، تباعد بين الاطراف والكتل النيابية، وكأن انتخاب رئيس للجمهورية نهاية مرحلة وبداية مرحلة، حيث تبدو المكاسرة عنوان حركة الجمود والتباعد..

وإذا كان لا غرو في ان انتخاب رئيس للجمهورية هو حجر الزاوية للحفاظ على مؤسسات الدولة، وعودة الثقة الدولية للبلد (حسب ما نقل عن الرئيس نبيه بري) فإن سفيرة الولايات المتحدة الاميركية دورثي شيا بقيت وحدها، تستأثر بالمشهد الدبلوماسي على ساحة الاستحقاق الذي تأخر لتاريخه عن موعده 5 أشهر، وهو مفتوح على مزيد من التأخير، ما لم تحدث المفاجأة الكبرى.

فزارت لهذه الغاية كُلاًّ من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس حزب «القوات اللبنانية» للوقوف على التصوُّر المسيحي المعارض في معراب لانتخاب النائب السابق سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وحصيلة ما انتهت اليه جولة الموفد البطريركي على الاحزاب والكتل المسيحية، لجهة بلورة «صيغة ما» تطرح على الكتل الاسلامية في البرلمان حول التصوُّر الذي يفضي الى عملية الانتخاب.

وعليه، وبانتظار نضوج ما يطبخ للمنطقة، بدا ان الملف الرئاسي المرشح لحراك جديد، ما يزال الى اليوم في دائرة الجمود.

أما "الجمهورية" فأشارت الى ان فيما انشغلت بعض الاوساط في الآونة الاخيرة في تشريح تسريبات رُميت فجأة على المسرح الرئاسي، حول تسوية رئاسية منسوجة بتقاطعات داخلية واقليمية ودولية، تفضي إلى ما سمّي بـ»ربيع رئاسي»، وانتخاب رئيس للجمهورية في شهر آذار، اكّدت مصادر سياسية موثوقة لـ»الجمهورية»، انّ هذه التسوية نتمناها، ولكنّها خيالية، فلا الخارج بشقيه الاقليمي والدولي في وارد الشراكة المباشرة في أي تسوية، فأقصى التدخّل الخارجي في الملف الرئاسي، وكما اكّد لنا السفراء، رُسم في الاجتماع الخماسي في باريس بتشجيع اللبنانيين على انتخاب رئيس، ولا الداخل اللبناني متوفرة فيه الأرضية الملائمة لأيّ تسوية، او أي نية للتوافق».

وسألت المصادر: «كيف يمكن لأيّ تسوية رئاسية ان تعبر في لبنان، فيما واقعه تتنازعه تناقضات ورؤى متصادمة وتموضعات متواجهة وإرادات تعطيلية تجافي او بالأصح تعادي بعضها البعض، وقطعت جسور التلاقي والتوافق في بينها، وبعضها يراهن على متغيّرات من خارج الحدود؟».

وإذ لفتت المصادر إلى «انّ الافتراق القائم، لا يبشّر بانتخاب رئيس لا في آذار ولا في أي وقت لاحق»، اكّدت «انّ كل الاطراف مأزومة، وكارهة لبعضها البعض، وهدفها الاول والاخير إلغاء بعضها البعض، على ما هو الحال بين الأطراف المسيحية الأساسية المعنية بالملف الرئاسي، ولاسيما بين «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»، اللذين يشدّان اللحاف الرئاسي كلّ منهما في اتجاهه، فيما المشترك بينهما هو التصلّب المتبادل وعدم التنازل، حيث رفع كل منهما سقفه إلى ارتفاعات بات النزول عنها مكلفاً جداً سياسياً وجماهيرياً وحتى وجودياً، وبينهما وبين سائر الاطراف الأخرى وفي مقدّمهم «حزب الله»، التي تشدّ اللحاف في اتجاه معاكس. وبمعزل عن الحديث عن أي تسوية، فإنّ هذه الصورة المتورمة داخلياً في كلّ مفاصلها، من شأنها أن تحبط أي تسوية محتملة او أي مسعى للتوافق على رئيس سواء أكان داخلياً او خارجياً، وتبقي الملف الرئاسي عالقاً في دوامة التعطيل لمديات بعيدة».

واللافت في موازاة هذه الصّورة، هو انّ المقاربة الخارجيّة تدرّجت من الحثّ على انتخاب رئيس للجمهورية، إلى مغادرة التحفّظ، حيث انّها غلّفت هذا التحفّظ، بتحذيرات متتالية من مخاطر تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، وتجنبت من خلاله إحاطة الملف الرئاسي بأيّ توصيفات تفاؤلية او تشاؤمية، الاّ انّها خلعت قفازاتها، وبدأت الحديث صراحة عن تشاؤم كبير حيال مستقبل الوضع في لبنان.

ويعكس ذلك ما نقله احد سفراء «الاجتماع الخماسي» لمستويات مسؤولة، وحرفيته: «قمنا بأقصى الممكن، وبكل زخم واندفاع لحماية لبنان، ولكن المشكلة هنا في لبنان، الحسابات والحزبيات فوق مصلحة لبنان».

وقال: «منذ بداية الأزمة سعى المجتمع الدولي إلى أن يشعر القادة السياسيّون بمسؤوليتهم تجاه بلدهم. الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حضر بكل ثقله وإمكاناته، وكذلك الاتحاد الاوروبي وجّه عناية القادة السياسيين إلى اولوية انتظام عمل المؤسسات والاصلاحات، ومجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان، عبّرت عن استعداد كلّي لمساعدة لبنان في شتى المجالات، شرط انتخاب رئيس يكون بمقدوره توحيد الشعب اللبناني الذي يعاني وضعاً مأساوياً، والعمل مع كافة الفاعلين الإقليميين والدوليين على تجاوز الأزمة الاقتصادية والإنسانية بما يخدم المصلحة العامة، من خلال البدء الفوري في تمهيد الطريق لتطبيق إصلاحات شاملة والتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي. كل ذلك فتح أمام اللبنانيين مجالاً لفرص متعددة للإنقاذ، وآخرها اجتماع أصدقاء لبنان في باريس. ولكن مع الأسف كل الجهد الدولي أخفق، وكل الفرص فوّتت».

وانتهى السفير المذكور في كلامه إلى خلاصة توجب التعمّق فيها، وحرفيتها: «انّ المجتمع الدولي، سعى إلى إبقاء لبنان في دائرة الاولويات، فيما قابله القادة السياسيون بتجاهل يدفع إلى مقاربات مختلفة، تجعل لبنان خارج او على هامش أجندة الاهتمامات والاولويات الدولية».

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o