Feb 24, 2023 6:13 AM
صحف

36 يوماً من "الحريّة القسريّة" في المجلس النيابي

في اليوم الـ36 على الإعتصام، يترقب النائبان المعتصمان في المجلس النيابي، نجاة عون صليبا وملحم خلف وقفة ضمير من زملائهما تحثهم على الإلتزام بتطبيق أحكام الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية، بعد انقضاء الشهر الأول من اعتصامهما المفتوح في ساحة النجمة.

ويضع النائبان صليبا وخلف إعتصامهما المفتوح في المجلس النيابي، في سياق المطالبة وبالإنابة عن الشعب اللبناني بإعادة توجيه البوصلة بما يخدم مصالح المواطنين، بعد تعمّد البعض من زملائهما الإستمرار في تقاسم الحصص والمناصب بعيداً عن هموم الناس، وإدخالهم في دوامة تشي بعجز المجلس النيابي عن القيام بدوره والتغيير... وهذا ما دفعهما إلى إتخاذ القرار بالخروج من تلك الدوامة قبل التسليم للكآبة، وإعلان الإعتصام المفتوح من أجل تطبيق الدستور، وقد تحولا من خلاله «أحراراً» في ذواتهما تجاه بلدهما وشعبهما وفق ما يوضح النائب ملحم خلف لـ»نداء الوطن».

الإعتصام الذي أُريد منه تسريع وتيرة الجلسات الرئاسيّة، إرتدّ تعليقاً لها مع رفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة الحادية عشرة في 19 كانون الثاني، وعدم تحديد أيّ موعد آخر لهذا الواجب الدستوري. وتتحول بذلك الأنظار إلى الزيارات التضامنية التي تشهدها القاعة العامة مع المعتصمَين، والتي لم تخلُ من الرسائل «المشفّرة» التي حملها المتضامنون من النواب المستقلين والمعارضين، الذين اكتفوا بالتقاط الصور «الشكليّة» أو «الترويجيّة» في أرجاء البرلمان المظلم مساءً، قبل أن تتقلص وتيرة الزيارات، ويتحوّل التضامن المعنوي، لإبداء النصائح في اعتماد مقاربات أخرى تتيح إتمام هذا الإستحقاق الدستوري وتعليق هذا الإعتصام الذي قد يطول، ويطول جداً.

مع العلم أنّ الاعتقاد كان سائداً أنّ حالة التضامن قد تتحوّل إلى ما يشبه «كرة ثلج» تكبر يوماً بعد آخر وصولاً إلى تأمين النصاب القانوني المطلوب لإنهاء الشغور في الرئاسة الأولى والشروع في إعادة إنتظام عمل المؤسسات الدستورية.

إستعاض النائبان خلف وصليبا، عن تقاعس زملائهما في الحضور إلى المجلس النيابي، بعد مرور 30 يوماً على الإعتصام، بإضاءة 128 شمعة أمام مقاعدهم التي تزيّنت بوشاح العلم البناني، في رسالةٍ أُريد من خلالها التذكير أنّ إضاءة البلد وخرق جدار العتمة والإنتصار على الظلم، تبدأ من البرلمان، آملين في الوقت نفسه، أن يضيء نور الشموع درب من ضلّ طريق الخلاص والإنقاذ، والذي يتطلب وقفة ضمير يقفها السادة النواب أمام التاريخ لإنقاذ الناس والوطن.

ويتساءل النائب ملحم خلف عبر "نداء الوطن"، ما إذا كانت الظروف والتحديات الجمّة التي يمر بها لبنان، توجب صحوة ضمير من النواب، تدفعهم إلى التواجد في المجلس النيابي والقيام بواجبهم الدستوري، تحديداً وسط إتساع الهوة بين المكونات المجتمعية، وفقدان المواطنين أبسط مقومات العيش الكريم، من غذاء وطبابة وتعليم...

وإذ يعتبر أنّ دور ممثل الأمة (النائب) وبشكل أساسي، يكمن في استجابته السريعة للتخفيف عن أنين المواطنين ووجعهم، شدّد على أنّ وجودهما في المجلس النيابي ينطلق من موجب دستوري وقانوني وإنساني، للشروع في إعادة تكوين السلطة واتخاذ الإجراءات المطلوبة للتخفيف من الأعباء التي يمر بها اللبنانيون، الذين إقترعوا لهم للقيام بهذا الدور، خلافاً لآخرين يمتنعون عن الحضور إلى المجلس النيابي والشروع في انتخاب رئيس الجمهورية.

ومع امتناع الرئيس نبيه بري عن الدعوة إلى عقد جلسات لانتخاب رئيسٍ للجمهورية، منذ إعلانهما الإضراب في 19 كانون الثاني، أوضح خلف أن الدعوة في ظل المادة 74 من الدستور، «لزوم ما لا يلزم»، مشيراً إلى أنّ تجاهل النواب للدستور يتماهى وتجاهلهم أيضاً لأوجاع المواطنين وأنينهم...

مؤكداً أنّ الوكالة الشعبية لتمثيل الناس تقتضي تلطيف الظروف الصعبة التي يمرون بها، وأعرب عن رفضه وزميلته نجاة عون صليبا البحث عن مخارج لإنهاء إعتصامهما في المجلس قبل إنتخاب رئيسٍ للجمهورية، مشدداً على أنّ قرارهما الحرّ النابع من إيمانهما بالوكالة الشعبية والقضيّة التي يناضلان من أجلها، يبعد عنهما التفكير في الظروف الحياتية الصعبة لإعتصامهما في المجلس.

وعن عدم انضمام المزيد من النواب إلى اعتصامهما، تحديداً الموقعين إلى جانبهما على نداءين، (يحمل النداء الأول 42 توقيعاً والثاني 46 توقيعاً) ما من شأنه أن يشكل مزيداً من الضغط على الآخرين، أوضح أن الظروف التي يمر بها البلد، تحتّم على النواب القيام بالخطوات المطلوبة للخروج من الأزمة والتي تبدأ حصراً من المجلس النيابي ما يضع النواب أمام وقفة ضمير تحتّم عليهم المواظبة على القيام بالموجب الدستوري الملقى عليهم وانتخاب رئيسٍ للجمهورية، من دون الحاجة إلى الطلب من أيٍّ منهم مشاركتهما في الإعتصام.

وإذ يرفض خلف التقليل من حجم الإحتضان الشعبي لمبادرتهما، يلفت إلى قيام المواطنين عبر الإنتخابات النيابية بإعطائهما الثقة لتمثيلهم في المجلس وحمل مطالبهم كما وجعهم، مؤكداً أنّه والنائبة صليبا يقومان بما يقتضيه الواجب الدستوري والوكالة الشعبية، بعيداً عن إستغلال وجع الناس ودعوتهم إلى مواكبتهما في الشارع ومفاقمة التحديات التي تعتريهم.

من جهتها، أشارت "الشرق الاوسط" الى ان النائبين يرزحان تحت ظروف صعبة جدا باعتبار أن المجلس غير مهيأ لإقامة ونوم النواب فيه، أضف إلى ذلك أنه وبسبب أزمة الكهرباء التي يعيشها لبنان، ينقطع التيار يوميا عن القاعات والغرف عند حوالي الساعة الثانية بعد الظهر حيث تعم العتمة والبرد. ويبيت النائبان يوميا في المجلس ويقضيان كل الوقت فيه وفي الباحات الخارجية. وتغادر صليبا وحدها حوالي الساعة السادسة صباحا من كل يوم لمدة ساعة أو ساعة ونصف للاستحمام وتبديل ملابسها وإحضار احتياجاتهما، أما خلف فلا يغادر المبنى بتاتا.

ويستهجن النائبان في حديث مع «الشرق الأوسط» بشدة ما يحكى عن أنهما لم يحققا شيئا باعتصامهما ويؤكدان العكس تماما.

وتقول نجاة صليبا: «من بين ما حققناه إيقاف مهزلة جلسات البروفا التي كانت تحصل وتوسيع مساحة الاعتراض. فليس سهلا على الإطلاق نجاحنا بإعداد عريضة وقعها 46 نائبا مؤخراً أكدوا فيها رفض المشاركة في أي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس. أضف أننا فرضنا العودة إلى منطق احترام الدستور والعمل المؤسساتي - البرلماني بعدما ظلوا لسنوات ينتهجون منطق المحاصصة». وتضيف: «ما نسعى إليه لا يحصل بمعجزة إنما هو عمل تراكمي».

من جهته، يعتبر النائب ملحم خلف أنه يكفي أنهما أعادا «تصويب البوصلة في الاتجاه الصحيح من خلال فرض تطبيق القوانين والدستور ووضع حد للنهج المستمر منذ فترة، أقله منذ العام 1992 والمسمى توافق وتقاسم السلطة والمصالح»، لافتا إلى أن تواجدهما الدائم في المجلس النيابي «يفترض أن يذكر النواب بواجباتهم الدستورية والحقوقية والأخلاقية». ويضيف: «أنا وزميلتي نجاة خرجنا من الدوامة التي يدور فيها باقي النواب وأثبتنا أننا أحرار وبالتالي هم العاجزون وليس نحن».
ويؤكد خلف أنهما لن يغادرا المجلس إلا مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشير صليبا إلى أنهما باقيان حتى انتهاء ولايتهما النيابية في حال لم يتم انتخاب رئيس قبل ذلك.

ويلفت خلف إلى «أننا أمام فرصة حقيقية لانتخاب رئيس صنع في لبنان في ظل الانشغالات والصراعات الإقليمية والدولية». ويشدد على أن «النواب يتحملون اليوم مسؤولية ما يحصل في البلد لأن استقامة الحياة العامة تكون من خلال انتظام عمل المؤسسات الذي يبدأ بانتخاب رئيس». وتقول صليبا: «هم حولوا النيابة لشحادة أموال وخدمات للناس الذين انتخبوهم ليضمنوا انتخابهم من جديد أما نحن فنمارس العمل البرلماني كما ينص عليه الدستور».

ويرفض النائبان الحديث عن خيبة من باقي نواب «التغيير» ونواب المعارضة الذين لم ينضموا إلى اعتصامهم. وتقول صليبا: «منذ البدء وصف عدد من زملائنا التغييريين الخطوة بالجريئة التي تتطلب الكثير من التضحية لكنهم أكدوا دعمهم لنا وكثير منهم يتواجدون دائما هنا وبخاصة فراس حمدان وبولا يعقوبيان وحليمة قعقور»، فيما يشدد خلف على أن «المسألة ليست مسألة عدد إنما هي قضية إعطاء الناس بعض الأمل والرجاء».

ولا يبدو النائبان بصدد مجاراة بعض قوى المعارضة التي كانت قد أعلنت جهوزيتها لتعطيل نصاب جلسة انتخاب رئيس محسوب على «حزب الله»، إذ يرون بذلك انقلاباً على المعايير والمفاهيم التي يدعون لتطبيقها. وتقول صليبا: «الديمقراطية لا يمكن أن تكون انتقائية والعمل البرلماني الديمقراطي يجب أن يعلو على كل شيء».

وكان النائبان خلف وصليبا انتقدا في بيان ما تعرض له المحامي شكري الحداد من قبل شرطة مجلس النواب بعد زيارته لهما معتبرين أن «العنف والتعدي السافر على كرامته، هو استهداف مباشر لنا، وقد سبق هذا الاعتداء إساءة للوزير السابق يوسف سلامة وللسيد قصي شرف الدين، خلال زيارتهما لنا، هذا التوتر الشائن والاستفزاز المتعمد، لن يثنيانا عن جوهر قضيتنا».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o