Feb 23, 2023 5:56 AM
صحف

انفصال الوطني الحر وحزب الله بات أمراً واقعاً

بات الانفصال بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» أمراً واقعاً، بعد 17 عاماً على توقيع «اتفاق مارمخايل» الذي كرّس تحالفاً «سياسياً استراتيجياً» بينهما. سنوات مرّ فيها التحالف بكثير من المحطات السياسية التي شهدت خلافات بين الطرفين حول قضايا عدة؛ لكنها لم تصل إلى المرحلة التي وصلت إليها اليوم من التصعيد؛ لا سيما من قبل مسؤولي «التيار»، على خلفية الانتخابات الرئاسية والجلسات الحكومية التي يدعو لعقدها الرئيس نجيب ميقاتي، على الرغم من كون حكومته لـ«تصريف الأعمال».

وآخر المواقف كان ما صدر عن رئيس «التيار» النائب جبران باسيل الذي هاجم الحزب قبل أيام من دون أن يسميه، بسبب الخلاف على دعم الحزب للنائب السابق سليمان فرنجية، وقال باسيل: «يريدون تنفيذ إصلاحات؛ لكنهم في الوقت نفسه يريدون الإتيان برئيس فاسد».

وعلى الرغم من محاولة بعض المسؤولين في «التيار» القول إن باسيل لم يكن يستهدف الحزب، قال أمس النائب عن «التيار» جيمي جبور، في حديث تلفزيوني، إن «التباعد بين التيار والحزب حاصل، والانفصال واقع، ولم يبقَ من الاتفاق سوى حفظ ظهر المقاومة»، وحمّل جبور «حزب الله» مسؤولية إنهاء الاتفاق، معلناً أن «(حزب الله) فضل فك التفاهم مع (التيار)، واعتبر أنه لم يعد هناك لزوم للعلاقة التحالفية».

وردَّت مصادر مقربة من «حزب الله» على هذا الموقف، بالقول إن «التيار» هو الذي بدأ حملته على الحزب، واعتبرت أن من الواضح أن «التيار» يريد فك التحالف؛ لكنه يرمي الكرة في ملعب الحزب. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «موقف الحزب واضح منذ البداية، وقد عبّر عنه الأمين العام حسن نصر الله. هو متمسك بالتحالف وحريص عليه، ولن يخرج من التفاهم إلا إذا أراد شريكه ذلك. وكان قياديوه قد قالوا لهم مراراً: إذا كنتم محرجين بهذا التحالف، فلكم الحرية الكاملة في الانسحاب».

ومع اعتبار المصادر أن العلاقة بين الحليفين تمر في ظرف حرج للغاية، تقول: «بما أن قادة التيار يريدون الانسحاب فلينسحبوا بعيداً عن السقوف العالية والشتائم، علماً بأن التعليمات كانت في (حزب الله) حتى اللحظة الأخيرة، بعدم التعرض للتيار ومسؤوليه بأي كلمة سلبية، فالحزب لم يرد إلا عندما جرى المس بمصداقية أمينه العام».

وترفض المصادر القول إن «التيار يحفظ ظهر المقاومة»، كما قال جبور، مجددة التأكيد على ما سبق أن قاله نصر الله بأن «المقاومة ليست بحاجة إلى غطاء، أو لمن يحمي ظهرها»، وذلك في حديثه مرات عدة عن مواصفات رئيس الجمهورية المقبل. وتعبِّر المصادر عن عتب الحزب وقيادييه على سلوك «التيار» ومسؤوليه، مذكرة بما جرى في الانتخابات الرئاسية عام 2016، وتوضح: «وقع خلاف بين الحزب ورئيس البرلمان نبيه بري الذي رفض انتخاب ميشال عون للرئاسة؛ لكن ذلك لم ينهِ العلاقة بينهما، ومبدأ الحزب الدائم هو أنه عندما يختلف مع حلفائه يبحث الخلاف في الغرف المغلقة». وتسأل: «لماذا اليوم عندما طرح الحزب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، اتخذ التيار قرار الخروج من التحالف؟ ولماذا لا تستمر العلاقة التي قد يتم العمل على إنعاشها؟».

وتجدد المصادر التأكيد على تمسك «حزب الله» بفرنجية مرشحاً للرئاسة، وإن لم يعلن ذلك رسمياً حتى الآن، معتبرة أن تركيبة البلد السياسية، وما أنتجته الانتخابات النيابية الأخيرة، بحيث لم يعد أي طرف يملك الأكثرية في البرلمان، تتطلب كثيراً من الصبر والجهد.

وفي رد على سؤال عما إذا كان ترشيح فرنجية للانتخابات الرئاسية كان قد طُرح أو أُعطي وعداً بذلك، عند الاتفاق على انتخاب عون رئيساً عام 2016، تؤكد المصادر أن هذا الأمر لم يحصل، وتقول: «لم يتم البحث في الرئاسة إلا عند اقتراب انتهاء ولاية عون».

وما بات يبدو واضحاً من خلال هذه المواقف، أن صفحة «اتفاق مارمخايل» طُويت ما لم يحدث أي مستجد، وهذا الأمر لا بد من أن ينعكس مزيداً من التعقيد على انتخابات رئاسة الجمهورية، مع تشرذم المعارضة وعدم اتفاقها على مرشح، وانفراط عقد فريق «حزب الله»، في موازاة الإرباك الحاصل في عمل البرلمان وحكومة تصريف الأعمال، نتيجة الخلافات في مقاربة هذا الأمر بين الأفرقاء، بحيث تعتبر معظم الكتل أن التشريع في البرلمان وانعقاد جلسات الحكومة غير دستوريين، في ظل الفراغ الرئاسي.

من يُعلن الطلاق؟ من جهتها، أشارت "اللواء" الى ان مصير العلاقة المتوترة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، من شأنه أن يحدد إتجاهات موازين القوى على الساحة السياسية، ويُعيد خلق الأوراق من جديد في هذه المرحلة المتأزمة، سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً، وتداعياتها السلبية على تمديد الشغور الرئاسي.

يمكن القول إن تفاهم مار مخايل إستنفد أهدافه، بالنسبة للنائب جبران باسيل، بعد تخلّي الحزب عن دعم ترشيحه في السباق الرئاسي، والتمسك بتأييد خصمه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، من دون الأخذ بالإعتبار الشروط «الوصاية» التي حاول فرضها على الأخير مقابل الموافقة على إعطائه أصوات كتلته النيابية.

في حين تعتبر أوساط الحزب أن باسيل تجاوز لغة التحالف في خطاباته الأخيرة، وإنقلب إلى أساليب أكثر الأطراف عداوة للحزب في إنتقاداته الشعبوية، التي لم تخلُ من طابع الإستفزاز والإبتزاز لفرض بعض المواقف المؤذية للبلد، وفي مقدمتها مسألة مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، ورفض حضور جلسة تشريع الضرورة النيابية، والتي تم تأجيلها مرتين، بعد فشل المساعي التي بُذلت على أكثر من صعيد، لإقناع رئيس التيار بالنزول ونوابه إلى الجلسة التشريعية.

محاولات إستيعاب هذه التباينات عبر اللقاءات والزيارات التي قام بها أكثر من وفد حزبي إلى ميرنا الشالوحي والرابية لم تحقق الهدف المرجو منها، وبقي كل طرف على مواقفه، بإنتظار أن يُعيد الطرف الآخر مراجعة الخلافات المتراكمة بينهما.

«الطلاق وقع مع التيار الوطني الحر» هذا ما أعلنه رجل دين مقرّب من الحزب، ولكن بقي السؤال من سيعلن أولاً الطلاق رسمياً بين الطرفين؟

في الحسابات السياسية، لا مصلحة للطرفين في إستعجال إعلان الطلاق بينهما، قبل حسم السباق الرئاسي، نظراً لحاجة كل طرف للآخر في إستخدام ما بقي من ورقة التفاهم لتعزيز أوراقه في التسوية المنتظرة، فضلاً عن أن إبتعاد التيار عن الحزب يكون الأول قد فقد حليفه السياسي القوي والوحيد، في حين يفقد الأخير الحليف المسيحي القوي، وما كان يشكله من تغطية لسلاحه ومواقفه.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o