Feb 21, 2023 6:46 AM
صحف

إسدال الستار على الجلسة التشريعية

«كل المنافذ مسدودة». هكذا يُمِكن وصف المأزق في ضوء المشهد السياسي الذي باتَ مفتوحاً على كل الخيارات بعدَ تمدّد الفراغ في رئاسة الجمهورية والتعثر في العمل الحكومي إلى شلل يصيب مجلس النواب الذي تلقّى أمس «ضربة» جديدة لآلية عمله. إذ أدى التشابُك بين ملفات الرئاسة والحكومة والبرلمان إلى «عدم اكتمال نصاب» الجلسة التشريعية، بعد فشل كل الجهود السياسية لعقدها. وللمرة الثانية على التوالي، لم تنجح جهود رئيس المجلس نبيه بري في إقناع التيار الوطني الحر بتوفير النصاب وتأمين «الغطاء الميثاقي»، في ظل مقاطعة نواب «القوات» و «الكتائب» والنواب المستقلين و«التغييريين»، الأمر الذي ربطه البعض بأنه «رد من التيار الوطني الحر على عقد جلسات الحكومة»، على قاعدة أن «الفراغ في الرئاسة يعادله فراغ في المجلس».

وفي ظل إصرار التيار الوطني الحر على موقفه وموقف الكتل المسيحية المقاطعة باستثناء «تيار المردة»، عقد اجتماع لهيئة مكتب المجلس أمس برئاسة بري وحضور النواب الياس بو صعب، هادي أبو الحسن، آلان عون، ميشال موسى، هاغوب بقرادونيان وكريم كبارة والأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر. لكن الاجتماع فشل في التوصل إلى اتفاق على الجلسة التشريعية أو على جدول أعمالها، بعدما نقل أمين سر هيئة المكتب النائب عون أن التيار الوطني الحر لم يغير موقفه بمعزل عن جدول أعمال الجلسة وحجمه، ولا يزال «رأي التيار هو المقاطعة»، مشيراً إلى أن «غياب مكون أساسي عن الجلسة يعني عدم جواز عقدها وإن كانَ يحق لرئيس المجلس الدعوة إليها».

وعلمت «الأخبار» أن كلام عون الذي أبلغه للرئيس بري في الاجتماع وأمام زملائه أتى بعدَ سلسلة مشاورات واتصالات كانت تهدف إلى إقناع باسيل بالمشاركة من خلال حصر جدول أعمال الجلسة ببندين هما: الكابيتال كونترول والتمديد لقادة الأجهزة، تحت عنوان «تشريع الضرورة والحالات الاستثنائية». وفي هذا الإطار، قالت مصادر المجتمعين إن «مضمون الجلسة طابق ما حصل في الجلسة الماضية لهيئة مكتب المجلس، إذ أعاد بري التأكيد على وجود أمور ملحة يجب البت بها، إلا أن عون كانَ واضحاً بأن الموقف غير مرتبط بجدول الأعمال ولا بحجمه».

وأشارت المصادر إلى أن «أجواء الجلسة كانت هادئة، بدأها بري بالتذكير بما قاله في الجلسة الماضية»، ثم توجه إلى عون قائلاً «لقد سمعت من الإعلام عن موقف التيار لكنني أريد أن أسمع منك». فأجاب عون «بأننا نرى أن هناك بنوداً ملحة على جدول الأعمال لكن هناك أموراً طارئة في البلد أكبر وأهم تستدعي جلسات أخرى». ثم أعطيَ الكلام لبقرادونيان الذي تمنى على الرئيس بري «التريث والبحث عن مخرج آخر للتمديد للواء إبراهيم من غير مجلس النواب»، كذلك تمنى بو صعب «التريث في الدعوة إلى جلسة». ثم توجه بري مرة أخرى إلى النائب عون قائلاً «سمعت عنك كلاماً سلبياً في ما يتعلق بقانون الكابيتال كونترول»، إلا أن عون نفى الأمر، مؤكداً العكس، لكن «هناك نقاشات كثيرة حصلت في اللجان المشتركة ونصر على أن تكون الصورة واضحة في ما يتعلق بكل مواده ويجب أن يكون هناك حل متكامل». ونفت المصادر نفياً قاطعاً ما تمّ تداوله حول أن بري قال «بأن من يريد أن يمدد لإبراهيم فليمدد له في مجلس الوزراء وأنا غير معني بهذا الملف».

بعد الاجتماع برر بو صعب إرجاء الاجتماع بـ «عدم اقتران صيغة مشروع الكابيتال كونترول بخطة التعافي الحكومية»، مشيراً في تصريح له بعد التأكيد على حق المجلس في التشريع كما حصل سابقاً، إلى أن «صيغة الكابيتال كونترول وفق ما صدر عن اللجان المشتركة يجب أن تُقرن بخطة شاملة وبالتالي تقرر إرجاء اجتماع مكتب المجلس إلى موعد يحدد في ما بعد».
وعلى رغم تأكيد بري على حقه في توجيه الدعوة ولو لم يكتمل نصابها، لم يتضمن أي من البيانات التي تلت الاجتماع إشارة إلى انعقاد جلسة قريباً.

من جهتها، أشارت "الجمهورية" الى ان حق التشريع ارادة التعطيل تمددت في اتجاه المجلس النيابي، وحالت دون تمكّن المجلس من عقد جلسة تشريعية، نظراً لعدم توفر النصاب القانوني لانعقادها.

واذا كانت بعض الكتل النيابية، ولا سيما الكتل المسيحية التي يتصدرها "تكتل لبنان القوي" وكتلة "الجمهورية القوية"، قد حسمت مقاطعتها للجلسة على اعتبار ان الاولوية هي لانتخاب رئيس الجمهورية، فإنّ الصورة في المقابل تعكس رفضا للتعطيل السياسي للمجلس، وإخضاعه لمزاجيات سياسية توظّف تعطيل المجلس في بازار السياسات الضيقة.

واكدت مصادر مجلسية لـ"الجمهورية" انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي لم يوجّه الدعوة الى عقد جلسة تشريعية لأسباب تقنية، لن يتخلّى عن حقه في الدعوة الى جلسة تشريعية في القريب العاجل، والتي سيدعو اليها حتماً.

ولفتت المصادر الى انّ التعطيل السياسي للمجلس بالصخب والمزايدات والتفسيرات الهمايونية للدستور، لا يغيّر في حقيقة انّ المجلس سلطة مستقلة، وليست مقيدة بأية موانع تحظر عليها دورها وحقها في التشريع، الّا لحظة انعقاد المجلس في جلسة انتخابية، ومن هنا كانت اشارة المُشترع حصراً الى "المجلس الملتئم" في المادة 75 من الدستور. التي تنص على ما حرفيته "إن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورة يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، وترتب عليه الشروع حالا في انتخاب رئيس الدولة من دون مناقشة أو أي عمل آخر". النص واضح، ولا يحتاج الى تأويل او تفسير.

وفي سياق متصل، أشار عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب الياس الخوري في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونيّة، إلى أن "الأولوية بالنسبة للقوات اللبنانية هي انتخاب رئيس للجمهورية، أما تفسير الدستور حول تشريع الضرورة فقد أصبح خاضعاُ لاجتهادات من كل الأطراف"، وفق تعبيره، لافتا إلى أن "المشرّع وضع هذه المادة في الدستور للضرورة فقط، لأن الأولوية هي لانتخاب الرئيس وتشكيل حكومة للنهوض في البلد وتنفيذ الإصلاحات، ولا يجوز التحايل على الدستور وتمرير بعض الأمور من بوابة تشريع الضرورة على حساب التأخير في الأولويات".

وأكد الخوري أن "تكتل الجمهورية القوية لم يرفض الحوار، لكنه يرى وجوب أن ينطلق من مجلس النواب وبين الكتل النيابية، وأن يستمر الحوار بينها إلى حين الاتفاق على الرئيس. فالحوار بالنسبة للتكتل يجب ان يكون ضمن آلية معينة تنطلق من الاتفاق على النقاط الأساسية".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o