Feb 17, 2023 6:02 AM
صحف

فوضى الانهيار إلى اتساع!

بين شوارع العاصمة اللبنانية بيروت وجرود منطقة البقاع قرب الحدود السورية، كشفت الأزمة في لبنان أمس، عن وجهين من المعاناة التي يكتوي بها المواطنون؛ فمن جهة يواجهون «نار» الارتفاع المتمادي، والذي أصبح من دون ضوابط في سعر الدولار، ومن جهة أخرى يستمر تجار المخدرات في إلحاق الضرر بسمعة البلد وعلاقاته الخارجية، فيما اتخذ الجيش اللبناني قراراً بملاحقتهم بعدما أصبحوا يشكّلون ما يشبه «المافيا»، بعيداً عن أعين القوى الأمنية. وسقط أمس نتيجة هذه الملاحقات ثلاثة عناصر من الجيش اللبناني اشتبكوا مع مطلوبين في إحدى قرى منطقة البقاع، وقُتل ثلاثة منهم وتم توقيف ثلاثة آخرين، فيما هرب بعضهم باتجاه الجرود الحدودية مع سوريا.

على صعيد ملاحقة تجار المخدرات، قالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إنَّ القرار «متخَذ بملاحقتهم وتفكيك نشاطهم وتسليم المطلوبين للقضاء»، مشيرةً إلى أنَّ المداهمات «تُنفذ بشكل شبه يومي، وسط معلومات عن أنَّ قسماً منهم لجأ إلى القرى السورية الحدودية التي يقطنها لبنانيون في القصير بريف حمص الجنوبي».

من جهتها، أشارت "النهار" الى ان “على مقياس” الدولار بـ 80 الف ليرة وصفيحة البنزين بمليون ونصف المليون ليرة، مضى المشهد اللبناني امس بمجمله نحو ذروة بلوغ متاهات الانهيار المالي والمصرفي والاجتماعي مهددا بفوضى امنية باتت وشيكة جدا. اذ ان “يوم حرائق” المصارف في ظل “غارات” على فروع مصرفية عدة واضرام النيران امامها ومحاولات احراقها، ناهيك عن ان اتساع قطع الطرق في مختلف المناطق ومنها بيروت، ما كانت الا طلائع متقدمة لاحتمالات اتساع الفوضى في ظل تفلت سعر الدولار وأسعار المحروقات وكل أسعار المواد الاستهلاكية. كما ان الانكى من ذلك انه وسط تصاعد المخاوف من الفوضى العشوائية التي تمثلت في الهجمات على المصارف والرهان على الجيش والقوى الأمنية لمنع انفلات زمام الأمور الى ما هو أسوأ واخطر، برز تطور مريب ومشبوه تمثل في الغدر بالجيش في حورتعلا حيث دفع ثلاثة عسكريين ضريبة الدم والشهادة في عملية امنية متصلة بالمخدرات.

المخاوف من اتساع الفوضى لم تعد مجرد هواجس في ظل العجز الواضح عن وضع حد لازمة اضراب المصارف من جهة، ولجم الارتفاعات الهستيرية في سعر دولار السوق السوداء من جهة أخرى. كما ان الخشية تتعاظم من تفاقم الازمة في حال اتخاذ النائبة العامة الاستئنافية القاضية غادة عون اليوم إجراءات جديدة للادعاء على عدد من المصارف الإضافية بما سيفاقم التعقيدات ويقودها الى منحى اشد خطورة.

من جهة أخرى، لفتت "الاخبار" الى ان مداولات بعيدة عن الأضواء جرت في لبنان أخيراً كشفت أن أبرز القيادات في البلاد تستشعر مخاطر الانفجار الداخلي. سعد الحريري الذي تجاهل السياسة في مناقشاته الموسعة، أبدى تخوفه من انسداد الأفق في جلساته الضيقة. ووليد جنبلاط قال لمحازبيه إن المؤشرات تقود إلى مخاوف من انفجار وربيع أو صيف ساخنين في لبنان، داعياً أنصاره إلى الحذر والابتعاد عن الاحتكاك بالآخرين، وقال لهم: «سيكون لنا موقف، لكن لا نريد الاصطدام مع أحد». ونبيه بري فعل الأمر نفسه بتنبيه من حوله إلى أنه يجب الحذر من أفخاخ تنصب هنا وهناك، وحذرهم من أي تورط في إشكالات تجعل حركة أمل متورطة في إشكالات أهلية دموية. حتى سمير جعجع، قال لكوادر في القوات اللبنانية إن «المؤشرات تقود إلى احتمال حصول انفجار اجتماعي كبير، وربما يتطور الأمر أكثر، وعلينا التنبه إلى أننا لن نكون هذه المرة ضحايا من يريد تحميلنا المسؤولية عما يجري إلى جانب قوى السلطة». كما حذّر جعجع من مغبة التورط في أي إشكالات تهدف إلى جر القوات إلى مواجهات يكون الهدف منها ضربها أو حشرها.

وإذا كان بين اللبنانيين من يريد الاستمرار في سياسة الإنكار، ورفض فكرة الدورين التخريبيين لأميركا وإسرائيل، سواء من خلال أعمال أمنية أو من خلال مجموعات أو شخصيات سياسية أو إعلامية لتحريك الاضطرابات، فإن المقاومة ليست على استعداد لمجاراة هؤلاء السذّج إن لم يكن أكثر، ورغم أن المقاومة مطالبة بدور أكبر في مواجهة الفاسدين في السلطات كافة وهم من يسهل للعدو هذه الاختراقات. إلا أن المقاومة قالت أمس، بشكل صريح، على لسان قائدها: إذا كنتم تفكرون بفوضى وجرنا إلى الجوع وإلى الحروب الأهلية، لن ننتظركم حتى تنجزوا أفعالكم، بل سنبادر إلى الدفاع عن شعبنا وناسنا بأن نقاتلكم سواء في لبنان حيث سنجعلكم تخسرون كل ما لديكم، أو بمواجهة إسرائيل التي ستدفع ثمن ما تقوم به في لبنان وغيره…

لمن لا يفهم، لم يرفع السيد نصرالله أمس سبابته، بل أشار إلى العصا الغليظة التي ربما آن الأوان لاستخدامها في وجه أميركا وكل العاملين معها!

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o