Jan 31, 2023 6:44 AM
صحف

الرئاسة تنتظر معجزة.. و"التقدمي" يواصل مساعيه

يستمر الحزب التقدمي الاشتراكي في مساعيه الهادفة الى تدوير الزوايا وإيجاد المخارج المطلوبة لتحريك الملف الرئاسي، حيث يتحرّك رئيسه وليد جنبلاط على أكثر من خط في محاولة لتقريب وجهات النظر وبناء جسور قد توصل الى مرشح توافقي ينهي الشغور القائم في رئاسة الجمهورية ويعرقل كل مسيرة اعادة انتظام عمل المؤسسات وانتخاب حكومة جديدة والشروع بالنهوض الاقتصادي المطلوب. 

جنبلاط سيكون له محطة طبيعية في عين التينة، حيث تجمعه مسيرة تاريخية بالرئيس نبيه بري، لا سيما في المحطات المصيرية التي تحتاج الى دعاة حوار وإلى مسؤولين قادرين على تلقف كرة النار وتجنيب البلد ما هو أسوأ. ومن هذا المنطلق كانت لقاءاته مع معظم القوى السياسية، إضافة الى الحراك الذي يقوم به رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط الذي سيزور البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في بكركي اليوم، مستكملاً المشاورات والمباحثات المكثفة مع الجميع وفي الطليعة بكركي صاحبة الكلمة المفصل في كل الاستحقاقات الوطنية.

وفيما ينشغل الوسط السياسي بلعبة الأسماء وقراءة المشهد في الطريق الى بعبدا، قفز الوضع المالي والاقتصادي والمعيشي الى الواجهة في ظل الاجتماع الذي عقده المجلس المركزي لمصرف لبنان، وذلك بالتزامن مع إعلان الاتحاد العمالي العام واتحادات النقل في لبنان الاضراب العام في 8 شباط.

وفي هذا السياق، أكدت مصادر عمالية لجريدة "الأنباء" الالكترونية عدم الرجوع عن الإضراب حتى تحقيق المطالب العمالية، وفي مقدمها تصحيح الأجور بما يتماشى مع الأزمة وزيادة بدلات النقل وإعادة النظر بالضمانات الاجتماعية والصحية وضمان معالجة المرضى المسجّلين في الضمان الاجتماعي.

وفي سياق متصل، أشارت "الجمهورية" الى ان سياسياً، يمكن القول لا بل الجزم، بأنّ أطراف الإنقسام الداخلي ثبّتت تموضعاتها نهائيّاً على ضفاف الملف الرئاسي، دون قدرة أي منها على إمالة الدفّة الانتخابية لمصلحتها وتمرير رئيس للجمهورية مطابق لمواصفاتها. وتبعاً لذلك، يبقى التعطيل سيّد الموقف إلى أجل غير مسمّى، ومعه يسقط التعويل على أي مساعٍ او مبادرات داخلية لإخراج وشيك للملف الرئاسي من قمقم الخلافات والإصطفافات.

واللافت في هذا السياق، انّ المعنيين بحركة الاتصالات حول هذا الملف، باتوا مسلّمين بالفشل، وبأن لا إمكانية داخلية على الإطلاق لبناء ارضية مشتركة لحسم الملف الرئاسي بالتوافق. وربطاً بذلك، اكّدت مصادر مسؤولة لـ»الجمهورية»، انّ رئاسة الجمهوريّة في لبنان في هذا الجو المعطّل، دخلت فعلياً في مرحلة الموت السريري، بعدما فشلت كلّ محاولات إنعاشها، وتبعاً لذلك يمكن القول بكل ثقة بأنّ فترة الفراغ في رئاسة الجمهوريّة باتت مفتوحة على شهور طويلة.

وذهبت المصادر إلى أبعد من ذلك بقولها: «لا شكّ انّ المعطلين حققوا هدفهم، وانتصروا على لبنان وشرّعوه بكل مفاصله امام صعوبات ومنزلقات واحتمالات وسيناريوهات سوداء، توجب علينا ان نستعد لدفع أثمان باهظة على كلّ المستويات، وخصوصاً على المستويين الاقتصادي والمالي».

بدورها، قالت مصادر وسطية لـ»الجمهورية»: «رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي رسم منذ ما قبل الشغور الرئاسي طريق انتخاب رئيس الجمهورية عبر معبر وحيد هو التوافق، ومع الأسف قُطع هذا الطريق من قِبل سمير جعجع وجبران باسيل، ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط دخل في محاولة شخصية في اتجاهات مختلفة لبناء مساحات مشتركة وخلق مناخات حوارية تتوسع من خلالها الخيارات، وتفضي بدورها إلى توافق على رئيس، ومع الأسف لم يوفّروا لها إمكانات النجاح. وبالتالي بقي الملف الرئاسي عالقاً وضائعاً في الصراع القائم بأبعاده وغاياته السياسية والحزبية والشعبوية، بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، وكذلك في تشبّث البعض بمرشح معيّن، في اشارة غير مباشرة إلى «حزب الله». عند هذا المثلث تكمن العقدة الأساس، وطالما انّ هذه العقدة موجودة وباقية على ما هي عليه، لن يكون هناك رئيس للجمهورية».

في السياق ذاته، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية»، أن «لا حراك على أي مستوى، في ما خصّ الملف الرئاسي، ولا جديد نهائياً لدى الرئيس بري سوى انتظار استفاقة من رافضي التوافق. كما لا جديد من شأنه ان يدفع مسعى جنبلاط إلى الامام، بعدما اصطدم بتناقضات عصيّة على التفاهم، ولا توجد أي قناة تواصل داخلية مفتوحة، من أي كان مع اي كان، ما يعني انّ الملف الرئاسي بات في جمود تام في المربّع صفر».

وسألت «الجمهورية» مسؤولاً كبيراً عن مآل الامور، وعمّا إذا كان فتح هذا الانسداد لا يزال ممكناً، فقال: «شو بدّك اكتر من هالبهدلة»، بازار البهدلة مفتوح، وصار الوضع مخجلاً، صرنا نستحي ان ننظر في وجوه الناس، هل يُعقل اننا ما عدنا نعرف ماذا نقول؟ يأتي الينا زوار اجانب وسفراء، ويسألوننا عن رئاسة الجمهورية ولماذا لا تتوافقون على رئيس، فنحتار بماذا نجيب؟».

وخلص المسؤول عينه إلى القول: «بتّ مقتنعاً انّ إرادة التعطيل تستجدي التدخّل الخارجي، وإن دلّ ذلك على شيء، فعلى انّ جماعة التعطيل رافضة ان تبلغ سن النضوج السياسي، والانخراط في المسار الذي يجعل القرار واختيار رئيس الجمهورية صناعة لبنانية، وبالتالي هي ماضية في المنحى الذي يبدو مع الأسف انّها اعتادت عليه بأنّها لا تسير في اتجاه التوافق سوى تحت الضغط، وبعصا الوصاية، على غرار ما كان يحصل في السنوات الماضية».

إلى ذلك، قرأت مصادر سياسية في اعلان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بأنّه يفكر في ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، إشارة سلبية للتيار، عنوانها «انا او لا أحد»، بحيث حصر الترشيح بشخصه، وحظّر على اي عضو ماروني في «تكتل لبنان القوي» ان تراوده فكرة الترشيح. وكذلك اشارة اكثر من سلبية في اتجاه حليفه «حزب الله»، قطع من خلالها الطريق نهائياً على اي استجابة من قبله لأي مسعى يمكن ان يبادر اليه الحزب، لتليين موقفه.

وفيما رفضت مصادر في التيار التعليق على ما اورده باسيل، كما رفضت تأكيد او نفي ما يتردّد عن تململ في داخل التيار ربطاً بأداء رئيسه، واكتفت بالقول لـ»الجمهورية»: «لا تعليق». قالت مصادر معارضة لـ»الجمهورية»، بانّ «ما اورده لم يكن مفاجئاً، وكنا نتوقع ذلك، لأننا مدركون انّ هذا هو توجّهه من الأساس، وبالتالي اعلن باسيل ترشيحاً مقنّعاً، معتبرة انّه يقدّم بذلك خدمة كبرى إلى جبهة الخصوم العريضة التي بناها، نحن مع اقتناعنا من الأساس بأن لا مرشح للتيار غير باسيل، نقول انّ من حقه ان يترشح ولا احد يملك ان ينتزع منه هذا الحق، ونحن نشجعه على ان يترشح رسمياً، وما نتمناه فقط هو ان تتبع هذا الترشيح جلسة انتخابية ويُصار الى التصويت، وساعتئذ سيذوب الثلج حتماً».

وفيما اعتبرت مصادر سياسية لـ»الجمهورية» «انّ جوهر مؤتمر باسيل هو استجرار السجال مع مختلف الاطراف، وكلامه يبدأ بشيء وينتهي بشيء آخر، حيث انّه يقدّم مطالعة مطولة عن التوافق وضرورته، ثم يقفز من مركب التوافق إلى خندق التحدّي». رفضت مصادر حركة «أمل» الردّ على ما سمّتها «الإشارات الاستفزازية التي اطلقها باسيل في اتجاه الرئيس نبيه بري». وقالت لـ»الجمهورية»: «بالتأكيد لن ننجرّ إلى اي سجال، والرئيس بري ليس في حاجة إلى شهادة من احد، وفي اي حال الطريق إلى رئاسة الجمهورية هو التوافق الذي لا مفرّ منه في نهاية المطاف ومهما طال الزمن».

وفيما لم يصدر أي موقف او إيحاء من «حزب الله» تعليقاً على كلام باسيل، كشفت مصادر مطلعة على اجواء الحزب لـ»الجمهورية»، بأنّ وقع هذا الكلام كان له صدى بالغ السلبية في اوساط الحزب، التي عكست امتعاضاً من المنحى الذي يسلكه باسيل، والذي بدا انّه يقطع شعرة التواصل نهائياً بين الطرفين في ما خص الملف الرئاسي.

في هذه الأجواء، تبقى العين على باريس، ربطاً بالاجتماع الخماسي الاميركي- الفرنسي- السعودي- القطري- المصري في العاصمة الفرنسية، المفترض انعقاده الاسبوع المقبل. واللافت في هذا السياق، انّ مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية، ورداً على سؤال لـ»الجمهورية»، تجنّبت تأكيد او نفي انعقاد الاجتماع في الموعد الذي تردّد في 6 شباط المقبل، وقالت انّها لن تخوض في أي مواعيد مرتبطة بهذا الاجتماع.

ولفتت المصادر، الى انّ هذا الاجتماع، فيما لو عُقد، ليس اجتماعاً تقريرياً او ينوب عن اللبنانيين في مسؤوليتهم في اختيار رئيس للبنان او تحديد مواصفاته، او تبنّي بعض المرشحين، وإلزام اللبنانيين بهذا الاسم او ذاك من المرشحين، خلافاً لما نسمعه من روايات تُنسج في لبنان، وتحمّل الاجتماع اكثر مما يحتمل، بل هو في جوهره يشكّل عاملاً مساعداً للبنانيين لا اكثر، لحثهم على تحمّل مسؤولياتهم وانتخاب رئيسهم وتشكيل حكومة إنقاذ واصلاحات قبل فوات الاوان».

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o