Jan 31, 2023 6:15 AM
صحف

القضاء ينتظر إنقاذه.. حاتم ماضي: التطورات في انفجار المرفأ أنهت الملف عملياً

في اجواء العدلية علامات استفهام حول المسار الذي سيسلكه الاشتباك القضائي، ربطاً بالهزّة العنيفة التي ضربت القضاء واسقطته بالضربة القاضية على حلبة المرفأ، وسط حديث عن ارتدادات لهذه الهزّة لا تقلّ عنها عنفاً، تُسقط الجسم القضائي في جولات اشتباكية جديدة، تذخّرها وتمهّد لها خطوات تسخينية اكثر لهذا الملف، أكان في ما خصّ سير المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار بادعاءاته واستدعاءاته القديمة الجديدة، او في ما خصّ القرار الاتهامي الذي تروّج الأوساط المحيطة بالبيطار «مكمّل» في إنجاز قراره الإتهامي، وبالتالي إصداره بات مسألة وقت قصير جداً.

على الجبهة العدلية، لا يختلف اثنان على انّ ملف التحقيق في انفجار المرفأ هو أول ضحايا الاشتباك القضائي، وبات مسجّى إلى جانب الضحية الأكبر لهذا الإشتباك المتمثّلة بالقضاء ككلّ؛ قضاء ظهّرته الوقائع التي تدحرجت الاسبوع الماضي من المرفأ إلى العدلية، منقسماً على ذاته، مصاباً في صميمه، منتكساً بهيبته، وكامناً لبعضه البعض، وبعض قضاته مشكوك بحياديتهم، ومتّهمون بالتمرّد والعصيان وتجاوز الأصول والقانون وبتغليب الإنتقائيّة والخضوع للتسييس.

القضاء، باعتراف القضاة انفسهم، «بات في وضع صعب لا يُحسد عليه أبداً». وعلى ما يقول مرجع قضائي سابق لـ»الجمهورية»، فإنّه «لم يسبق للقضاء أن واجه وضعاً صعباً مثيراً للقلق والخوف عليه كما هو حاله اليوم، وبالتالي لم تعد ثمّة أولوية تتقدّم على أولوية ترميم صورة القضاء، لا بل سمعة القضاء واستعادة مكانته وإعادة الاعتبار لقوس العدالة. الّا انّ هذا الأمر في ظلّ وضع يعتريه الانقسام والتباين، وأكاد اقول الفرز العمودي والأفقي، يتطلب جهداً ومسؤولية وإرادة ما فوق الخارقة، والأهم من كل ذلك النأي بالقضاء عن المداخلات، وكل تأخير في ذلك، نتيجته الحتمية تعميق مأزق القضاء اكثر، والمبادرة بالتأكيد هي في يد مجلس القضاء الأعلى».

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ نقاشات جارية على مستويات قضائية مختلفة، لتلمّس كيفية الخروج من المأزق الذي أُسقِط القضاء فيه، والتوجّه الغالب في هذه النقاشات يرى ضرورة ان يسارع مجلس القضاء الاعلى إلى التقاط المبادرة.

وإذا كانت السلطة السياسية التي يمكن لها ان تقارب المأزق القضائي بأية حلول او مخارج، غير موجود، وبالتالي دورها منعدم، وحكومة تصريف الاعمال لا تملك أدنى صلاحية للتدخّل المباشر او غير المباشر واتخاذ اي قرار، الّا انّ العقدة الأساس، كما تقول مصادر مطلعة على خلفيات ومستجدات الصدام القضائي لـ»الجمهورية»، تتمثل بمطبّات وصعوبات لا يستهان بها، تعترض مسار أي محاولة للخروج من هذا المأزق، وتتجلّى بشكل خاص في ما سمّته «الإرباك» الحاصل في مجلس القضاء الاعلى، الذي يبدو أنّه حتى الآن مقيّداً بالاعتبارات والتباينات والحسابات، التي تحول دون قدرته حتى على الاجتماع واتخاذ القرارات والاجراءات والخطوات التي تتوفّر من خلالها قوة الرّفع اللازمة للقضاء من هذا المأزق.

الى ذلك، أشارت "الاخبار" الى ان قائد الجيش العماد جوزيف عون طلب من المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار ملازمة منزله وعدم الحضور إلى قصر العدل لا في بيروت ولا الجديدة، خشية تعرضه للاعتقال من قبل جهاز أمن الدولة بدعوى إحضاره إلى التحقيق أمام النائب العام التمييزي.

كما أفادت معلومات "الاخبار" أن الفرنسيين تحدثوا إلى البيطار حول هذا الأمر، وأكدوا أمامه أن فرنسا هي بلده الثاني وأن عائلته تستطيع السفر متى أرادت وسيكون كل شيء مؤمّناً لها من السكن والتعليم وغيره، علماً أن البيطار تواصل أمس مع زملاء له ومع مرجعيات للتثبت من حقيقة الأمر، وما إذا كانت هناك مخاوف على حياته أو حياة أفراد عائلته.

ماضي: من جهة أخرى، رأى النائب العام التمييزي السابق حاتم ماضي، أن «التطورات التي حصلت بملف انفجار مرفأ بيروت أنهت الملف عمليا»، مؤكدا أن «القرارات التي اتخذها المحقق العدلي طارق البيطار باستئناف التحقيقات والادعاء على شخصيات جديدة، والتي استتبعت بقرارات النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بإطلاق سراح جميع الموقوفين، والادعاء على المحقق العدلي ومنعه من السفر، هي قرارات خاطئة لا ترتكز إلى سند قانوني، لأن الأول مكفوفة يده عن التحقيق بدعاوى الرد المقامة ضده، والثاني متنح عن الملف منذ بدايات التحقيق». وشدد على أن «استحالة استكمال التحقيق في ظل الكباش الذي بلغ ذروته».

ولفت ماضي في تصريح لـ «الأنباء» الكويتية، إلى أن «عملية إطلاق سراح الموقوفين جاءت نتيجة ضغوط سياسية داخلية وخارجية مورست على المراجع القضائية»، مشددا على أن «الافراج عن الموقوفين أفقد الملف زخمه ما قد يستدعي تجميد الإجراءات»، لافتا إلى أن «إفقاد الملف ورقة الموقوفين، يعني أن التحقيقات ستسير بوتيرة بطيئة جدا».

وردا على سؤال عن الحل الذي يمكن أن يخرج القضاء من المأزق الذي وقع فيه نتيجة الصراع بين البيطار وعويدات، استبعد القاضي ماضي «إيجاد حل في المدى المنظور، بل سنبقى أمام مرحلة ترقب تنتظر الحل السياسي الذي ينسحب لاحقا على السلطة القضائية»، مشيرا إلى «الحل يفترض أن يفضي إما إلى تغيير الأشخاص الذين اتخذوا القرارات الخاطئة (البيطار وعويدات)، وإما إلى تغيير النصوص القانونية التي تشرع إجراءاتهما، وهذا غير متاح حاليا لا بل مستحيل».

وشدد النائب العام التمييزي السابق على أن «القضاة أول من سيدفع ثمن التسويات التي يجريها السياسيون في لبنان مع الأميركيين والغرب، كما أن ضحايا انفجار المرفأ هم أكثر من يدفع ثمن هذه التسوية».

وقال «لا يحلمن أحد بأن تحقيقات المرفأ ستصل إلى النتائج التي كان ينتظرها اللبنانيون وأهالي الضحايا، وستقتصر نتائجها على تحميل المسؤوليات للصغار وتنتهي بدفع تعويضات للمتضررين وتقف الأمور عند هذا الحد».

وحذر القاضي ماضي من أن «الاجتهادات التي استند إليها البيطار لاستئناف التحقيق والذريعة التي لجأ إليها عويدات لإطلاق الموقوفين لها تداعيات خطيرة على واقع السلطة القضائية، لأنها تؤسس لأعراف جديدة، وهي ستدفع بقضاة إلى الاستئناس برأي البيطار للمضي بتحقيقاتهم حتى لو قدمت دعاوى رد ضدهم، كما أن النيابات العامة ستبني على قرار عويدات لتتخذ إجراءات مخالفة لآراء المحاكم وقضاة التحقيق بما خص التوقيفات وغيرها».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o