Jan 26, 2023 5:02 PM
خاص

مطرقة القضاء تهوي على رؤوس حكامها... كيف غادر العوف لبنان؟

جوانا فرحات

المركزية – عبثا نفتش عن القانون في كل ما جرى ويجري في ملف جريمة تفجير مرفأ بيروت منذ أول من أمس حتى اليوم، وتحديدا من لحظة عودة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لمزاولة عمله، على رغم كل دعاوى كف اليد وطلبات الرد المرفوعة ضده وإصداره مذكرات توقيف بحق قضاة من بينهم مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات وسواه وقادة أمنيين إضافة إلى إصدار قرار بإطلاق سراح 5 موقوفين.

قرارات البيطار شرّعت الباب على أكثر من سؤال وسؤال.  إلا أن صفة الجرأة والأحقية القانونية في كل ما قام به كانت ثابتة ولا جدل حولها، كونه استند الى دراسة قانونية وأدلة . إلا أن المواجهة بدأت باتخاذ خطوات تحدي  من قبل القاضي عويدات و...ولعت! وتحول مسار الحقيقة التي يفتش عنها أهالي اكثر من 230 ضحية وآلاف الجرحى والمعوقين والمتضررين من جراء الإنفجار الهائل ذاك الرابع من آب 2020  إلى سجال قضائي عنيف اللهجة بين عويدات والبيطار انتهى بادعاء كل منهما على الآخر.وآخر الإدعاءات  أن عويدات المتنحي عن الملف أساسا قرر إطلاق سراح كل الموقوفين في الملف، وشن حربا هوجاء على البيطار وصولا إلى إحالته الى التفتيش القضائي! وهنا لا بد من أن نذكّر بكمّ الدعاوى  التي سطّرها عويدات بحق مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون وإحالتها الى التفتيش القضائي والنتيجة صفر.

وبحجة الضغط الشعبي تراجع مجلس القضاء الأعلى عن عقد الجلسة التي كانت مقررة اليوم بعد رفض 6 أعضاء التئام المجلس. وبذلك يمكن التكهن بما ستؤول إليه الإتصالات ، خصوصا أن المعلومات رجحت أن يصدر عن مجلس القضاء الأعلى قرار بإقالة البيطار أو بتعيين قاض رديف. والخطوتان أساسا غير قانونيتين لأن مشاركة عويدات المتنحي عن الملف في الجلسة تؤكد أن ثمة قراراً ب"قبع"البيطار إما بالقانون أو بالقوة، على رغم تأكيد الأخير عدم تنحيه عن الملف. لكن عويدات فعلها و"قبعه" هذه المرة . أضف إلى أن حجة تعيين قاضٍ رديف كانت تهدف إلى إطلاق سراح الموقوفين في الملف. أما وقد أطلق عويدات سراحهم، فما هي الحجة التي ترتكز أساسا على علة غير قانونية هي القاضي الرديف.

شؤون اللاعدالة واللاقانون لم تقتصر على صراع الأجنحة القضائية بين عويدات والبيطار. فالصور والخبر الذي انتشر عبر مواقع التواصل الإجتماعي صباحا عن مغادرة رئيس مصلحة الأمن والسلامة في مرفأ بيروت محمد زياد العوف الذي يحمل الجنسية الأميركية إلى الولايات المتحدة على متن طائرة يرجح أن تكون خاصة إلى الولايات المتحدة حيث يقيم أفراد عائلته كانت صادمة، على الرغم من إقتران إطلاق سراحه بقرار منع السفر الذي أصدره مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات. فكيف يمكن تفسير الخطوة قضائيا؟

"أساسا لا شيء قانوني في كل ما حصل ويحصل منذ يومين في ملف تفجير مرفأ بيروت بدءا من عودة القاضي المتنحي غسان عويدات وإطلاق سراح الموقوفين، علما أن الملف في يد المحقق العدلي طارق البيطار، وصولاً إلى الإدعاءات المتبادلة بينهما. كل ذلك يدفعنا إلى عدم التوقف عند تفصيل سفر أحد الموقوفين المخلى سبيلهم" وكيفية انتقاله بطائرة اجنبية خاصة الى واشنطن. وتقول مصادر قضائية لـ "المركزية" ان الولايات المتحدة مارست ضغطا في مسألة إطلاق المواطن الأميركي محمد العوف لاطلاق سراحه فكان ما ارادته .

لكن هل يحق لدولة التدخل في ملف قضائي  وتعلو "تدخلاتها"  على القرارات والقوانين الداخلية؟ "إطلاقا، تجيب المصادر، لكن وبكل أسف بات من اللزوم الإعتراف بأن السلطة القضائية انهارت على رؤوس قضاتها بفعل تدخلات السياسيين .ويكشف بأن هذه التدخلات شكلت سابقة في تاريخ تدخل السياسيين في ملف قضائي. وعندما يخرج القضاة أنفسهم عن الأطر القانونية هل نسأل بعد عن خروقات ممن هم أدنى درجة في التمثيل والصفة؟".

مع خروج كل الموقوفين بقرار من مدعي عام التمييز المتنحي عن الملف غسان عويدات وسفر أحدهم وعودة المدير العام للجمارك بدري ضاهر الموضوع بالتصرف لمزاولة عمله في المرفأ بعدما كان زار صباحا مبنى الجمارك في مطار رفيق الحريري في بيروت لإلقاء التحية على الموظفين، وبعد إصدار عويدات قرارا بعدم مثول أي موقوف سابق أمام المحقق العدلي إنما أمام المجلس العدلي،  بات شبه المؤكد أن التحقيقات في ملف جريمة تفجير المرفأ ستدخل ثلاجة النسيان واللاحقيقة على غرار كل ملفات الإغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان.

وإذا صودف وتم كشف حقيقة أحدها فستكون مبتورة والقتلة يسرحون ويمرحون في كنف سلاطين الدويلة وقوى الأمر الواقع أو تم "محوهم" عن وجه الأرض! فهل يجرؤ البيطار على إصدار القرار الظني الذي كان وصل إلى خواتيمه ويعيد للقضاء هيبته ويحرر الحقيقة من المجرمين الذين يتخبطون بعدما باتت هويتهم مكشوفة في مسألة تخزين مواد نيترات الأومونيوم في العنبر رقم 12؟ أم يكون البيطارالموقوف الوحيد في زنزانة اللاعدالة فقط لأنه تجرأ وقرر أن يكشف حقيقة من فجر مرفأ بيروت؟

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o