المنظومة البوليسية تنقضّ على ذوي ضحايا 4 آب: إخافتهم لإسكاتهم!
غليان شعبي وادانة واسعة للترهيب.. بحثٌ عن مخرج قضائي لاطلاق نون ولكن
جنبلاط: لا اهتمام خارجيا بلبنان اليوم.. والمركزي يجتمع الاثنين للجم للدولار
المركزية- بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإيرانية حسين امير عبداللهيان لبيروت، قررت السلطة السياسية في البلاد، عبر ادواتها الامنية - القضائية، اختبارَ الوسائل القمعية "الإيرانية"، على الأراضي اللبنانية ضد مَن يزعجونها. فبعد ان ضاقت ذرعا بذوي ضحايا ٤ آب وبإصرارهم على كشف حقيقة انفجار المرفأ، قررت هذه السلطة، التي كانت تعلم بوجود النيترات في قلب العاصمة، إسكاتَ أًصواتهم، وبطريقة موجعة هذه المرة، عبر الانقضاض عليهم وعلى الاسم الأبرز بينهم وليام نون، وعينُها على ان يكون عبرة لمَن يمكن ان تسوّل له نفسه من جديد، التحركَ في الشارع للمطالبة بالحقيقة. فداهمت الاجهزة منزل الشاب الذي فقد شقيقه في "الانفجار – الزلزال"، وأوقفته - وقد اعتبره اهل الجسم الحقوقي ومعارضو المنظومة "معتقلا" - بينما تغاضت المنظومة ولا تزال، عن مذكّرات المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، الصادرة بحق سياسيين وامنيين معروفين بالاسماء والعناوين، لا يزالون في مناصبهم ويسرحون ويتحرّكون أحرارا ولا مَن يسأل.
البحث عن مخرج..؟: وفي وقت يتهدد هذا السلوك "البوليسي" الاستقرارَ الداخلي الهش اصلا، حيث أظهر الشارع منذ مساء امس غليانا كبيرا، وبينما يلوّح ذوو ضحايا المرفأ وداعموهم بالتصعيد اذا تمادى الظلم ولم يتم اخلاء سبيل نون اليوم، افيد ان ثمة بحثا عن مخرج قضائي ما، لاطلاق نون، تحت وطأة الضغط الشعبي وتفاديا للاسوأ.
..ولكن: ليس بعيدا، افيد عن انقسام داخل مجلس القضاء الاعلى بين غالبية القضاة الداعمين لصدور بيان داعم للقاضي زاهر حمادة ويمهّد لاطلاق وليام نون، وبين قاضيين يرفضان اصدار البيان... بالفعل، اصدر "القضاء الاعلى" بعد الظهر بيانا استنكر فيه التهجم على عمل القضاة ورفض التعرض والتطاول عليه... لكن رغم ذلك، تفاوتت المعلومات حول ما اذا كان حمادة سيطلق نون او انه سيبقيه موقوفا حتى الاثنين... الى ذلك، افيد ان "مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات تنحى عن ملف انفجار المرفأ بالاساس، ما يعني أنه لن يكون قادرا على كسر إشارة القاضي حمادة في موضوع توقيف وليام نون ما يعيد القرار لحمادة وحده"...
دولة بوليسية: وكان بدا صباحا ان المنظومة "مش ناوية عالخير". اذ دهمت دوريّة من أمن الدولة منزل بيتر بو صعب شقيق الشهيد في انفجار مرفأ بيروت جو بو صعب صباح اليوم، وطلبت منه الحضور إلى مركزها عند العاشرة صباحا (الا انه لم يفعل). اما في ملف نون، فقد عدل القاضي زاهر حمادة قبل الظهر عن قرار كان اتخذه صباحا بترك وليم، وأبقاه موقوفًا وربَط بين قضيته وقضية بو صعب. وفي حين افاد مصدر قضائي ان جهاز أمن الدولة أنهى تحقيقاته مع نون منذ التاسعة صباحا لكنّ القاضي حمادة طلب تأجيل إطلاق السراح ثم لم يعد يُجيب على هاتفه، رفع نقيب المحامين السابق النائب ملحم خلف الموجود مع نون في مديرية امن الدولة منذ الامس، الصوتَ، ضد الشواذ الحاصل. فقد قال "نحن أمام دولة بوليسيّة بلا مرجعيّة ونطالب بعقلنة الملف، وميزان العدالة معطّل في شكل غير مقبول". وأكد أن "تمّ الإبقاء على نون حتى الفجر لدى أمن الدولة من دون فتح محضر"، لافتًا إلى أنه "جرى نصب فخّ قضائي له وللمرة الاولى نشهد جهازين يحققان في الموضوع ذاته". وتابع "تبين ان جهازين متفقان على بلاغ البحث والتحري في حق وليام نون وهذه سابقة".
دعم وادانة: على الارض، تجمهر مناصرو نون وقضيةِ تحقيقات المرفأ مِن سياسيين ومدنيين ورجال دين، امام مديرية امن الدولة، وفي دارة نون في جبيل، دعما له، وكانت ادانات شعبية وسياسية وكنسيّة لقرار توقيفه ولكيفية تعاطي القوى العسكرية بعنف مع المحتجين حيث لم يسلم كاهن في جبيل، هو خال نون، من الضرب مساء امس. ومن الرملة البيضاء، لفت عضو تكتل الجمهورية القوية النائب غسان حاصباني إلى ان "ما نراه اليوم هو من افعال تلاميذ الأنظمة القمعية التي تلفظ أنفاسها، وهذا لا يُركّع الشعب اللبناني ومعركتنا هي في نظافة القضاء". وتابع "القضاء أمام فرصة اليوم إمّا يفقد مصداقيته وإمّا يُطهّر نفسه، وإذا استمرّ الوضع على هذه الحالة، فالشعب ما عاد يتحمّل القمع".
كل لبناني حر: بدوره، لفت رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض إلى أن "قضية وليم نون هي قضية شخص ظُلم يوم فُجّر شقيقه وعندما عُطّلت العدالة واليوم حين توقّف أيضًا يُظلم، وقضية نون تخص كل لبناني حر". وقال معوض: نحن ندافع عن الجمهورية والقضاء من قضاة مثل زاهر حمادة ولن نسمح بتحويل القضاء من سلطة لحماية العدالة إلى أداة بيد المنظومة لإخضاع اللبنانيين". وأضاف "يستخدمون القضاء اللبناني لإركاع اللبنانيين والتهرب من العدالة والمحاسبة ومعركتنا هي للإصلاح وهم يريدون إخضاع أهالي الضحايا"، مكررًا ما قاله وليم نون "روحوا بلطوا البحر".
باسيل والموقوفون ظلما: على الضفة المقابلة، برز موقف لرئيس "التيار الوطنيّ الحرّ" النائب حبران باسيل عبر "تويتر"، لم يأت فيه على ذكر نون، بل دعم فيه مطلبَ اطلاق سراح الموقوفين في ملف المرفأ. وقال باسيل "مهما تعسفتم، لن تستطيعوا إيقاف العدالة؛ وسنبقى نناضل لكشف حقيقة المرفأ، ولتحرير الموقوفين ظلماً، ولكشف سرقة العصر وأموال المودعين؛ تستطيعون أن تتلاعبوا ببعض القضاة الدمى ولكن سيبقى للبنان قضاة وطنيون عصيون؛ ولن تستطيعوا حكماً أن توقفوا القضاء الخارجي؛ سنبقى نلاحقكم، لتلتحقوا بمصيركم"...
وفد فرنسي: وتأتي هذه التطورات القضائية في ملف ٤ آب، عشية وصول وفد فرنسي الى بيروت، في 24 الجاري للقاء المحامي العام التمييزي صبوح سليمان المكلف من النيابة العامة الإشراف على ملف التحقيقات في المرفأ، للاطلاع على وثائق التحقيق اللبناني.
تحقيقات الفساد: قضائيا ايضا، يبدأ الوفد الاوروبي الآتي من المانيا وفرنسا ولوكسمبورغ، الاثنين، وتحت إشراف قضاة لبنانيين، استجوابه شخصيات لبنانية مالية ومصرفية (...) في قضايا فساد مرتبطة بتهريب وتبييض أموال عبر المصارف والإثراء غير المشروع.
مجلس الوزراء: ووسط هذه الاجواء المشحونة كلّها، يستعد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء ستعقد الاسبوع المقبل بعد ان ضمن نصابَها بمشاركة وزراء حزب الله الذي يعمل لحصر جدول اعمالها ببند الكهرباء.
نصرالله: واذ يتهدد موقف الحزب "الوزاري" هذا، تفاهمَ مار مخايل (وقد اوضح مكتب الرئيس ميشال عون اليوم ان التفاهم بين التيار والحزب منوط بقيادة الحزبين، وهو ليس إطارا جامدا، ويوم يشعر أحد الطرفين بالحاجة الى إعادة النظر ببعض بنوده فلا شك أنه سيفعل)، تتجه الانظار الى كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الثلثاء. ويُفترض ان تتضمن اطلالته مواقف من التطورات المحلية كلّها لا الحكومية فقط بل الرئاسية ايضا، سيما غداة لقاء نصر الله بعبداللهيان.
الجلسة 11: على الخط الرئاسي دائما، رصدٌ لموقف "الوطني الحر" ولكيفية تصويته في جلسة الانتخاب الرقم 11 التي تُعقد الخميس المقبل، فيما يبدو ان الكتل المعارِضة المقترِعة للنائب ميشال معوض، ستُبقي على دعمها له في ظل تعذر الاتفاق في ما بينها، على اسم بديل.
اليوم لا شيء: وفي ظل المراوحة المحلية، لا معطيات بعد في شأن اللقاء الذي كان تردد انه سيعقد في باريس ويجمع ممثلين عن فرنسا والولايات المتحدة والسعودية، منتضف الجاري، بينما تكثر التساؤلات حول ما اذا كانت زيارة عبداللهيان لبيروت أتت لأن طهران تلمس تبدّلا في الموقف الدولي من الملف اللبناني عموما والرئاسي خصوصا، أم ان هذه الزيارة ذات ابعاد اقليمية فقط. ليس بعيدا، شدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حديث صحافي. على أنه "لا بد من جهد عربي دولي مشترك من أجل الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، ولكن علينا ان لا ننتظر كلبنانيين فقط الخارج". وقال اليوم من المتن "المنظمات الدولية جاءت بعد انفجار مرفأ بيروت وصرفت أموالا، وبعضها تبخر كالعادة، أما اليوم فلا شيء. باستثناء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي يهتم بلبنان ولديه عطف خاص على البلد".
المركزي والدولار: معيشيا، الدولار يحلّق بلا سقوف واسعار السلع الاساسية كلّها، من الدواء الى المحروقات تحلّق ايضا، فيما اللبنانيون قابعون في البرد والعتمة. وعلى هذا الصعيد، افيد عن إجتماع إستثنائي للمجلس المركزي في مصرف لبنان الاثنين، للبحث بالارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار في السوق السوداء والإجراءات العاجلة الممكن اتخاذها للسيطرة على الوضع.
***