Jan 10, 2023 12:12 PM
خاص

السعي الروسي للتقارب السوري - التركي... يغضب ايران ولكن!

يولا هاشم

المركزية - جهارا او مواربة، ينتقد الاعلام الايراني السعي الروسي لتحقيق مصالحة تركية- سورية في وقت قريب في ظل تجاهل ايران وإبعادها وتحجيم دورها وموقعها عن هذا الحدث، رغم ان ايران منضوية مع تركيا وروسيا في منصة استانا لحل الازمة السورية.

في المقابل، أعلنت طهران، أمس أنها تخطط لزيارة مرتقبة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا وتركيا، بحسب وكالة "إرنا". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، بأن هناك "محادثات تجري بين كبار المسؤولين الإيرانيين والسوريين"، واصفا العلاقات بين طهران ودمشق بأنها "ممتازة".

وتشير معلومات صحافية الى ان زيارة الرئيس الإيراني الى سوريا كانت مقررة منذ نحو أسبوع، لكنها تأجلت بسبب مرض الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، إذ تكشف ان نصرالله الذي أصبحت لديه مونة كبيرة في سوريا، من المفترض أن يلعب دورا في تقريب وجهات النظر، بعد خلافات بين سوريا وإيران حول بعض الملفات السورية، خاصة وان أكثر من علامة إستفهام تُطرح حول عودة العلاقات التركية ـ السورية، وارتباطها بموقف عربي مَرِن من النظام السوري، وفي ما إذا كان سيُتَرجم من خلال دور سوري مُستجدّ في لبنان.

فهل فعلاً تمّ تجاهل دور طهران؟ وهل العلاقة بين ايران من جهة وروسيا وتركيا من جهة ثانية ليست على ما يرام؟ وهل ان عودة الغارات الاسرائيلية بوتيرة سريعة لاستهداف مواقع ايران وحزب الله تعكس خطة وتفاهما يهدف الى منع نفوذ ايران في لبنان وسوريا وعلى المتوسط؟

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية" ان "التقارب التركي - السوري له علاقة بالتغيرات الجيوسياسية والمصالح الميدانية. فتركيا المنزعجة من حزب العمال الكردستاني تودّ القيام بعملية برية كبرى "مخلب النسر" لتشكيل ممر أمني بطول 30 كيلومترا، إلا أنها تخشى ان يجرها ذلك الى معركة تكون فيها خاسرة. وهذه المعركة في حال حصلت ستؤدي الى توتير الجو في هذه المنطقة ما سينعكس سلبا على مصالح روسيا، خاصة وان إمكانات موسكو اللوجستية والعسكرية بدأت تضعف منذ خروجها التدريجي من سوريا وانتقالها الى اوكرانيا وبالتالي لن تتمكن من خوض معارك جانبية في سوريا".

ويؤكد العزي ان "روسيا أصبحت مرتمية في الاحضان الايرانية التي تدعمها بالطائرات والصواريخ والمسيّرات لضرب الامن القومي الاوروبي وتساعدها على الالتفاف على العقوبات، لذلك تحاول موسكو القيام بنوع من التوازن بين الاحتضان الايراني لها من جهة والتمدد نحو تركيا من جهة أخرى"، مشيراً الى ان "النظام السوري المرتمي هو الآخر في أحضان ايران يحمي، الى جانب روسيا، مصالح طهران ويحافظ عليها لأنها ساعدته على تفعيل دوره من خلال نشر القوة العسكرية للحرس الثوري في سوريا والحشد الولائي المنتشر من دير الزور حتى القلمون".

ويعتبر العزي ان "الرئيس السوري يريد عودة العرب الى سوريا من البوابة الايرانية وليس ان يأتي هو من البوابة العربية، ولهذا السبب لم يعوَّم دوره في القمة العربية التي استضافتها الجزائر رغم محاولات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وجولاته المكوكية على الخليج لتجميل صورة بشار الأسد وإعادته الى القمة العربية، لكن قطر والسعودية حسمتا الأمر مؤكدتين أن الظروف لم تتتهيأ بعد لأن الاسباب التي من أجلها فُصِلت سوريا لم تنتفِ".

أما عن أسباب استدارة روسيا نحو تركيا، فيقول العزي: "بما ان روسيا ضعفت في سوريا فإن اي عملية عسكرية يشنها النظام التركي في مناطق الاكراد ستؤدي الى توسيع نفوذه الكبير ما بين اللاذقية وحلب وشرق الجزيرة. وبالتالي ليس باستطاعة روسيا في حال حصول تصادم ان تقف في وجه الاتراك، كما ان الايرانيين، ومنذ بدء الانتفاضة، موقفهم ضعيف جدا وليس باستطاعتهم التحرك ويعطون الاولوية اليوم للداخل الايراني، بالرغم من الرسائل الدموية التي يرسلونها اكان في العراق او لبنان او سوريا الى المجتمع الغربي من اجل فتح باب التفاوض مجددا معهم".

ويعتبر العزي ان اردوغان يحقق أهدافا عديدة من خلال التقارب السوري التركي، فيكون أولا ضرب طموح وآمال الاكراد في عودتهم الى احضان النظام، وثانيا حمى امنه القومي، وثالثا أصبح عاملاً اساسياً ومتغلغلاً في سوريا وله الكلمة الفصل بموافقة الروسي والايراني، ورابعا سحب ورقة المهجرين واللاجئين من يد المعارضة التركية التي تبتزه دائما بها وتطالبه بوجوب فتح قنوات الاتصال مع النظام السوري. واكثر من ذلك، اردوغان لن يفاوض ولن يعطي النظام السوري لأنه يعرف ان هذا النظام هو هيكل موجود ومدعم بواسطة الايرانيين والروس واذا تركوه سينهار وهو يعلم جيدا ان مستقبل بشار الاسد مهما تم تعويمه لن يكون على الطريقة التي ارادتها ايران".

ويؤكد العزي ان "تركيا ستكون لها الكلمة الفصل في عملية التغييرات القادمة في السياسة لأنها اصبحت تشكل صفر مشاكل للواقع العربي. من هنا فإن زيارة عبدالله بن زايد وزير الخارجية الاماراتي الى سوريا بحضور الاجتماع التركي - السوري تشكّل رسالة واضحة للروس والايرانيين اننا نحن نفوّض تركيا في عملية استعادة النظام السوري وليس العرب تحت حجة الامن القومي واعادة هيكلة الدور التركي في سوريا وقطع ايدي القوى المتطرفة اكانت كردية ام ايرانية ام اسلامية، وان هذه الزيارة تمت بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية وهو ما يسمى عودة سوريا الى الحاضنة العربية بغض النظر عن بشار الاسد، لأن تطويق سوريا يحجِّم بشار الاسد في النهاية، وبالتالي سنذهب الى حل يفرضه العرب لاحقا في ظل التغيرات الجيوسياسية التي حصلت في المنطقة والدور النامي للعرب ان كان على صعيد العلاقة مع الاميركيين او الروس او الصينيين".

ويختم : "من هنا فإن هدف الروس الاساسي عدم إضاعة الاكراد وعدم التوتر مع الاتراك لأنهم يشكلون متنفسهم الاخير في ظل هذا الحصار، وعدم تسخين هذه المنطقة التي ستبدو فيها روسيا ضعيفة بعد سحب كل قواها وقدراتها من قاعدة حميميم واصبح وجودها صعبا، حتى الدعم الذي قد تتلقاه حميميم اصبح بعيداً وصعباً جدا لأنه يأتي من تركمانستان الى ايران فالعراق وسوريا، وهي مسافة طويلة، والاموال بدأت تشح وهذا ما شهدناه في الفيلق الخامس والانهيارات التي حصلت. لذلك فإن الروس معنيون اليوم بترتيب العلاقات مع النظام التركي كي يرتّب هو الوضع مع النظام العربي لاحقا، لأن الروسي يحاول من خلال هذا التطبيع التركي ان يقدم تنازلات للاميركيين عبر تركيا بعدم خلط الاوراق واعطاء دور للتركي كي يقوم الاميركي بإعطاء تنازلات للروسي في اوكرانيا مقابل الدور المميز الذي من الممكن ان تلعبه تركيا. وهذا حافز يعطيه الروس للاتراك في سوريا كي يمارسوا اكثر عملية الوساطة خاصة بعد نجاحهم في عملية نقل الحبوب وتبادل الاسرى".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o