Dec 21, 2022 6:22 AM
صحف

دمج النازحين من النظرية إلى التطبيق: لا رغبة خارجية في إعادتهم إلى بلادهم

لم يعد الحديث عن دمج النازحين السوريين في لبنان ضمن الغرف المغلقة، وما كان يُهمس به بات اليوم اكثر انتشاراً وبصوت عال بعد كلام متجدد لوزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار عن عدم الرغبة الخارجية في إعادة النازحين الى بلادهم، بحسب صحيفة "النهار"

لم يكن لبنان مطمئناً الى موقف الدول الغربية ومعها دول عربية لإعانته على تخطي أزمة النزوح السوري، على رغم تكرار المعنيين بملف النزوح المخاطر الضخمة لأعباء ذلك الملف على الواقع اللبناني.

منذ بدء وصول قوافل النازحين السوريين الى لبنان برزت الخلافات في المواقف اللبنانية بشأن طريقة التعامل مع هذا الملف الشائك، واذا كان من البديهي ان تصل أعداد كبيرة من هؤلاء النازحين الى لبنان بحكم الجغرافيا، والتاريخ ايضاً، فإن مزايدات داخلية رافقت تلك القضية الانسانية وعكست التباين الكبير بين القوى المتخاصمة ربطاً بمواقفها وتوصيفها لما يجري في دول عربية ومنها سوريا.

اللافت في هذه المسألة كان موقف "التيار الوطني الحر" الذي دعا الى اقامة مخيمات للنازحين على الحدود لضمان اعادتهم الى بلادهم لاحقاً، فيما برزت مواقف مناقضة صوّبت على "التيار البرتقالي" وحلفائه متهمة اياهم بما يشبه "معاداة الانسانية".

دارت السنون وتضخم عدد النازحين وإن كانت اصوات ارتفعت بعد الانتخابات الرئاسية السورية في حزيران 2014 ومشاركة النازحين بكثافة فيها والتصويت للرئيس بشار الاسد، وتبين لبعض الاطراف ان معظم النازحين موالون لدمشق ويجب اعادتهم.

لم تُعر الدول المؤثرة في الملف السوري تلك الاصوات اهتماماً وظلت على مواقفها بعدم تسهيل عودة النازحين وإن كانت السلطات اللبنانية، من خلال الامن العام، واظبت على تنظيم العودة الطوعية إذ نجح الامن العام في إعادة نحو نصف مليون نازح الى سوريا، وواكب عودتهم من خلال التأكد من عدم تعرّضهم لأية مضايقات، وهذا ما عادت واكدته مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة غير المتحمسة اصلاً لإعادتهم.

في سياق متصل، برز تريث وتهيّب لبناني حكومي رسمي من التواصل مع دمشق لحل ازمة النازحين، واستمر هذا السيناريو مع حكومة الرئيس سعد الحريري الاولى في عهد الرئيس السابق ميشال عون. وفي اختصار لبعض المداولات داخل مجلس الوزراء يتبين ان المواقف كانت على حالها بين طرف يدعو الى فتح حوار مباشر مع الحكومة السورية، او على الاقل تشكيل لجنة وزارية لمباشرة الحوار معها لترتيب برنامج العودة الآمنة للنازحين، وكذلك كانت هناك اعتراضات وتحذيرات من الركون الى الرغبات الخارجية في حصر الأمر فقط بالعودة الطوعية. هذا الكلام يتكرر منذ نحو 6 سنوات ولا تزال معظم المواقف على حالها.

حجار يحذر وسفراء يحسمون الامر

دفعت المخاطر الجدية لأزمة النزوح الى ما يشبه توحيد الصوت اللبناني، او على الاقل تغير الموقف الرسمي الحكومي بشأن المطالبة بحل ازمة النزوح. وفي السياق كان تحذير رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من تلك التداعيات واعلانه عن امكان سلوك الطرق القانونية لاعادة النازحين، والموقف عينه كررته اللجنة الوزارية المكلفة معالجة ازمة النزوح.

تلك اللجنة وضعت خطة للبدء بإعادة النازحين، وبالفعل عاود الامن العام تنظيم رحلات العودة الطوعية على ان يستكملها لاحقاً.

بدوره، اعرب حجار عن خشيته من "رغبات غربية في دمج النازحين، والتي باتت اكثر جدية وستصل في نهاية المطاف الى توطينهم"، مع الاشارة الى ان أعدادهم باتت تفوق المليوني نازح، أي ما يوازي ثلث أعداد المقيمين على الاراضي اللبنانية. كل ذلك يشي بأن الرغبة الغربية باتت واضحة في عدم اعادة النازحين الى ديارهم، او على الاقل عدم الاكتراث لتداعيات بقائهم في لبنان، ويدعمون مواقفهم بحجج وان كان بعضها لا يتطابق مع الواقع.

بيد ان تطورات ضخمة اجتاحت لبنان، وبالتالي لم يعد في الامكان مقاربة قضية النازحين بالطريقة عينها التي سبقت الانهيار المتدحرج، وليس تراجع الخدمات وانهاك البنية التحتية وزيادة الاعباء على المؤسسات، فضلاً عن تفلت امني ولو متقطعاً، سوى بعض اوجه التداعيات السلبية للنزوح في وقت باتت مناطق كثيرة آمنة في سوريا، وان الحكومة السورية اعلنت في اكثر من مناسبة ترحيبها بعودة ابنائها وجهزت اماكن لايواء من فقد مسكنه.
استعانة لبنانية بروسيا... واجهاض المبادرة

في العام 2018 اطلقت موسكو مبادرة لاعادة النازحين السوريين من دول عدة بينها لبنان، ورحبت بيروت بتلك المبادرة، لكن مصيرها كان معروفاً سلفاً وبالتالي تم طيّ صفحتها في موازاة تكرار المطالبة اللبنانية في المحافل الدولية بالمساعدة.

كل تلك المحاولات ارتطمت بمعارضة خارجية الى ان بات النزوح السوري عبئاً لا يمكن تحمّله، بحسب متابعي هذا الملف الشائك، ولكن ما قاله الوزير حجار يبدو انه مقدمة لإجبار لبنان على التعايش مع النازحين على غرار تعايشه مع اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي اطالة أمد اقامتهم مع كل ما يترك ذلك من تداعيات اجتماعية واقتصادية وديموغرافية وحتى سياسية وامنية على لبنان المنهك والمرشح اكثر لانهيار تلو انهيار.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o