Dec 17, 2022 1:34 PM
خاص

الأزمة الاوكرانية: دعم عسكري ومالي.. الى متى؟

يولا هاشم

المركزية – بعد شهرين تبلغ الأزمة الاوكرانية الروسية، وتحديدا في شباط المقبل، عامها الأول من دون وجود اي بوادر حلّ، بل مجرد مساعدات عسكرية ومالية من قبل الولايات المتحدة الاميركية والدول الاوروبية، وآخرها المؤتمر الذي عقدته المجموعة الدولية في العاصمة الفرنسية باريس، الثلاثاء الماضي، بمشاركة نحو 70 دولة ومنظمة دولية، وحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال، لحشد الدعم لأوكرانيا وتنظيم تسليم إعانات فورية للأوكرانيين الذين يتعرضون لهجمات روسية، ومساعدتهم على تحمل الشتاء القارس والمساعدة في التحضير لإعادة الإعمار. لكن أين الحلّ السياسي الدائم والنهائي للأزمة؟

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية" ان لا يمكن التوصّل الى حلّ سياسي مع روسيا، ما لم تكن اوكرانيا تريد ان تذهب الى هذا الحل، لأن روسيا تُعتَبر بنظر الاوروبيين  خرقت القانون الدولي، وما تمارسه اليوم ضد اوكرانيا من قصف للبنية التحتية، هي أعمال ارهابية تقام ضد الدولة والشعب. فروسيا تحاول من خلال ضرب المياه والكهرباء وتعطيل كل الوسائل الحياتية، ان تجبر الشعب الاوكراني للوقوف في وجه حكومتهم، لأن كل الوسائل التي استخدمتها روسيا لم تستطع ان تجبر الشعب على الانصياع لمطالبها وتحاول استخدام كل الاوراق لإجبار الشعب على الوقوف ضد حكومته، وبالتالي الخضوع للتفاوض وهنا بيت القصيد، لأن ذلك يعني بالنسبة للروس التفاوض على القبول بشروط روسيا والابقاء على الوضع على ما هو عليه خاصة بالنسبة للمناطق المحتلة من قبل روسيا، وبالتالي صياغة وانتاج موقف سياسي يفاوض عليه الغرب، وأولها قطع اوروبا الدعم عن اوكرانيا وتخفيف السلاح وبالتالي إبقاء اوكرانيا تحت رحمة موسكو. المعركة التي تخاض اليوم في اوكرانيا هي لرسم خارطة العالم والتحكم بعملية امداد الطاقة والغذاء الى اوروبا، اي ان حجر الشطرنج او ميدان القتال اوكرانيا دون ان تكون المعركة موجهة ضدها".

ويضيف: "روسيا تحاول ان تمارس كل الوسائل التخريبية التي من الممكن ان تؤذي فيها العالم على قاعدة أنها دولة قطبية وتريد التفاوض نديا مع الولايات المتحدة وتتذرع بواسطة مفاهيم وذرائع واهية: بانهم نازيين جدد وانها تريد المحافظة على الامن القومي الروسي، وانها تتصدى لمحاولة تطويق روسيا.. هذا كله يعيدنا الى مربع الحرب الباردة لأن روسيا ما زالت تعتبر نفسها قوة عالمية وتستطيع ان تحارب العالم، لذلك حاول الاوروبيون والاميركيون وكل العالم التواصل مع الروس وإعلامهم بأن شروطهم غير مقبولة، وبأن عليهم الجلوس على طاولة التفاوض، لأن لا حلّ في الحسم العسكري، واوكرانيا لم تنته بل سجلت انتصارات لها وانتكاسات لروسيا، وبالتالي طموحكم لن يتحقق. الحل العسكري مرفوض ونحن مضطرون ان ندعم طالما اوكرانيا بحاجة،  لأن أي حلول بشكل عام لن تُفرَض بواسطة الآليات العسكرية بل بواسطة التوازن على طاولة الحوار".

ويتابع: "اوكرانيا تعي ان اي هدنة تقام بينهم وبين روسيا تعني خسارتهم الفعلية وتثبيت روسيا في أماكنها، وبالتالي الغرب لن يستطيع مدّهم ووهج القضية الاوكرانية سيسقط، من هنا يقول الاوكران بأن لا جلوس على الطاولة قبل الانسحابات من اوكرانيا. من يضمن ألا تكون الهدنة سببا لإعادة تكتل الروس وتضامنهم من جديد للقيام بهجمة جديدة كما فعلوها عام 2014. وبالتالي على الجميع ان يعلم ان اوكرانيا تقاتل عن كل اوروبا وليس لديها ما تخسره بعد اليوم لأن ما ربحوه هو انهم وحّدوا قضيتهم وشعبهم باتجاه محتل اعتدى على أرضهم، ولا حل إلا بالتوازان العسكري الذي من الممكن ان يحدثوه مع روسيا. اوكرانيا احبطت استراتيجية روسيا التي كانت تقوم على الاستيلاء على اوكرانيا خلال عشرة ايام وإحداث انقسامات داخل الكتل السياسية واسقاط الحكومة وعندها تقوم بتعيين شخصيات ورقية موالية لها".

ويتابع العزي: "الحل السلمي الذي تقترحه اوكرانيا يقضي بأن تبادر روسيا، كحسن نية، الى الانسحاب قبل نهاية العام من اوكرانيا ويتم بعدها التفاوض على ضمانات يريدها الطرفان، وإلا فلا بديل عن الحلّ العسكري. لا يمكن التحدث عن اي حل سلمي طالما ان روسيا مقتنعة بأنها لن تحقق هذه الأهداف إلا بواسطة الحل العسكري، خاصة وأنها تحاول ان تكذب على العالم كله من أجل الوصول الى هدنة تساعدها على إعادة استنهاض قوتها العسكرية وفتح جبهة جديدة من خلال بيلاروسيا والتهديد باجتياح كييف، بهدف خربطة الاوراق من جهة ومن جهة أخرى إبعاد قسم كبير من الجيش الاوكراني والهائه بجبهة جديدة كي لا يذهب الى مناطق القتال وفرض انتكاسات جديدة على هذا الجيش الغازي الذي دمر حضارة بلد".

ويختم: "مفهوم حل الازمة وارد لدى الطرفان، إنما كل طرف على طريقته ويحاول كل منهما تحسين أوراقه على طاولة التفاوض. لا توازن في الرعب بينهما، لأن اوكرانيا تحقق انتصارات وصمود، خاصة منذ 10 تشرين الاول حيث تسقط الصواريخ بالآلاف على المدن الاوكرانية، لكنها لم تؤثر لا على الشعب الذي بقي رغم البرد والجوع يدعم جيشه، ولا على الجبهة وطرق الامداد، بل بالعكس أظهرت ضعف روسيا الفعلي التي تقصف البنى التحتية دون انذارات وتتذرع بأنها مناطق عسكرية، الامر الذي يزيد من عمق الغضب الغربي ويحثه على الاستمرار في عملية دعم وتسليح أوكرانيا".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o