Dec 15, 2022 5:58 AM
صحف

الجلسة العاشرة خاطفة ولا جلسات للحكومة

من باب تمضية الوقت والترفيه، ليس الا أن يتابع اللبنانيون المشاهد المعادة في مجلس النواب، بدءاً من الساعة الحادية عشرة، حيث تعقد الجلسة رقم 10، وهي الاخيرة لهذا العام، على نية انتخاب رئيس جديد للجمهورية..

وحسب المعطيات المتوافرة فإن عدد الحضور من النواب مرشح للتراجع لاسباب بعضها عدمي (لا جدوى من الحضور) وبعضها مالي (تجنب النفقات المالية) وبعضها (بداعي السفر) او هناك من ينوب عن الغائب.. الذي بإمكانه المتابعة عبر شاشات التلفزة او مواقع التواصل او المواقع الالكترونية..

ليس الامر المهم هنا، بل ما لاحظته مصادر سياسية متابعة من ان الطبقة الحاكمة، بأشخاصها وكتلها ووزراء تصريف الاعمال باتت مختلفة حتى على ادارة الوقت او استثماره، او تحضير الارضية لملاقاة حواصل «الاتصالات الدولية والعربية الجارية في الشأن الرئاسي اللبناني»، علها «تعطي مزيداً من الامل بوصول المجلس النيابي الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، وفقاً لما ورد في بيان المطارنة الموارنة، بعد الاجتماع الشهري الذي عقد في بكركي امس.

وإذا كان الرئيس نبيه بري يتحفز لدور ما في السنة الجديدة، حسبما نقل عنه زوار عين التينة، على خلفية انه لن يترك الامر على غاربه الى ما لا نهاية، فإن الرئيس نجيب ميقاتي حسم امره بعدم الدعوة الى جلسة جديدة لمجلس الوزراء، لا خلال ما تبقى من هذا العام او في الاسابيع المبكرة من العام المقبل، تطميناً للاطراف المسيحية المعارضة لجلسات من دون ان يكون هناك رئيس جديد للجمهورية، وهو الامر الذي اكدته بكركي امس أيضاً، عبر القول بأن «أمور المواطنين الاساسية يمكن معالجتها بأساليب دستورية شتى من دون انعقاد الحكومة المستقيلة، والبلاد في حال الشغور الرئاسي»، وهو الموقف الذي كان موضع ترحيب من التيار الوطني الحر.

من الوجهة هذه، تحدثت معلومات عن لقاء ينتظر انعقاده في عمان بين ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والرئيس الايراني ابراهيم رئيسي على هامش قمة جوار بغداد التي تعقد في العاصمة الاردنية، ويشارك فيها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وسيحضر الوضع اللبناني، من ضمن ملفات اقليمية على طاولة القمة.

وفي السياق توقفت الاوساط السياسية عند زيارة قائد الجيش العماد عون الى السراي الكبير، واجتماعه بعد ظهر امس مع الرئيس ميقاتي، وحسب ما وزّع من معلومات فإن عون اكد ان «الوضع الامني ممسوك، وليس هناك مخاوف من حوادث فردية قد تؤدي الى تفلت أمني»..

واعلن عون انه خلال الاعياد سيكثف الجيش اجراءاته ضمن خطة امنية شاملة.

لكن مصدراً سياسياً بارزاً ربط زيارة عون للسراي، بعد عودة ميقاتي من الرياض، حيث استقبله الامير محمد بن سلمان ومثل لبنان في القمة العربية - الصينية، بأنها تدخل ضمن الحراك الذي يهدف الى ازالة الصعوبات التي تعترض آلية انتخاب العماد عون لرئاسة الجمهورية، وتأمين تأييد ودعم الكتل النيابية البارزة ولاسيما منها المسيحية، بعد رفض رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لهذا الخيار، وكشف إلى ان الاتصالات والمشاورات بهذا الخصوص قطعت شوطا كبيرا، ولكنها لم تصل إلى نهاياتها بعد.

وتوقع المصدر ان تتبلور نتائج الاتصالات لتخريج آلية انتخاب العماد جوزيف عون لاحقا بعد استكمال كل الخطوات المطلوبة لذلك، لافتا إلى ان جانبا من الزيارات المتتالية لباسيل إلى قطر، تتناول هذا الموضوع.
وتجدر الاشارة الى ان عون زار الدوحة الاسبوع الماضي.

وكشف مصدر سياسي بارز أن الحراك الداخلي والخارجي متواصل بعيدا من الاضواء، لتسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بالرغم من التعثر الظاهري والعلني بمجلس النواب والمواقف العلنية لبعض الزعامات والمسؤولين اللبنانيين وقال: ان هناك رغبة بالمساعدة في الوصول إلى الاتفاق على مرشح توافقي مقبول، يمكنه ان يشكل قاسما مشتركا، بين جميع الاطراف، في ضوء فشل اي طرف سياسي في ترشيح شخصية مدعومة منه، يمكنها الفوز بالرئاسة.

واشار إلى ان جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، على كثرتها، لم تحقق اي اختراق، لتشبث كل فريق سياسي بمواقفه، واصبحت الجلسات بمثابة الدوران بالحلقه المفرغة المملة، ومن دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولذلك لم يعد ممكنا التسليم بهذا الجمود مع استمرار تدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية على النحو الكارثي.

وفي اعتقاد المصدر السياسي، فإن سلسلة المشاروات الخارجية مع الداخل اللبناني والتي، تستنسخ اسلوب التفاوض الذي اعتمد لانجاز ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ولو بشكل مختلف، قطع شوطا بعيدا في تحديد اسم الشخصية التي ستنتخب للرئاسة الاولى، معربا عن اعتقاده بأن هناك تفاهما قد حصل بين واشنطن وباريس التي تتواصل مع طهران والمملكة العربية السعودية على اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون، ليكون مرشحا توافقيا، بدعم من مجموعة الدعم الدولية للبنان، على أن تتولى الدوحة بغطاء من الدول المذكورة، تخريجة انتخاب عون للرئاسة، وتوظف علاقاتها الجيدة مع كل الاطراف لانجاز آلية الانتخاب خلال الاسابيع الاولى من السنة المقبلة.

وفي المقلب الرئاسي ايضاً، تتوسع دائرة المشاورات حول محاور عدة:

1- الرئيس التوافقي، حيث يحصر البحث بشخصيتين: النائب السابق سليمان فرنجية، المدعوم من حزب الله، وقائد الجيش العماد جوزاف عون، المدعوم من دول الاعتدال العربي، ويحظى بتغطية مسيحية، في صلبها «القوات اللبنانية» وليس بعيدة عنها بكركي، على رغم المعارضة الشرسة للتيار الوطني الحر.

2- الترابط بين رئيس الجمهورية الجديدة ورئيس الحكومة الذي سترسو عليه الاستشارات النيابية الملزمة بعد انتخاب الرئيس، فإذا كان الرئيس اقرب الى محور 8 آذار، فيمكن ان يأتي رئيس الحكومة من فريق 14 آذار، مدعوماً بموقف عربي يعيد احتضان لبنان، وإلا فبعد انتخاب الرئيس، قد تتجه الامور الى ثلث معطل في الحكومة، ما لم يكن رئيس الحكومة متوافق عليه، على نحو يشبه شخصية رئيس حكومة تصريف الاعمال.

3- اعطاء ضمانات للفريق المسيحي بعدم التعرض للطائف او احداث ما من شأنه اضعاف الدور المسيحي.
وفي هذا الاطار، تحدثت مصادر دبلوماسية عن ان الفاتيكان يدرس ارسال وفد الى لبنان وبعض العواصم العربية ذات التأثير، لإبلاغها موقف ان الفاتيكان يدعم اي مبادرة او تسوية تلحظ حق المسيحيين كاملاً، كما اتفق عليه في الطائف.

4- الشق المتعلق بالاصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والمسار النقدي والمصرفي، بما في ذلك اتجاهات الموازنة في السنة المقبلة ومع العهد الجديد.

في مجال آخر، تلقّى وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجّار اتصالاً هاتفياً من الرئيس ميقاتي يبلغه نيّته عقد لقاءٍ تشاوري يوم غد الجمعة في تمام الساعة الرابعة من بعد الظهر، في القصر الحكومي، على أن يبلّغ باقي الوزراء اليوم عبر أمانة سرّ رئاسة مجلس الوزراء.

وأشارت معلومات «اللواء» الى ان الوزراء الذين اعترضوا على عقد جلسة مجلس الوزراء الماضية وتغيبوا عنها، كلفوا الوزير حجار التفاوض بإسمهم مع الرئيس ميقاتي وابلاغهم نتيجة التشاور معه، وان الوزراء كانوا في جو ان جلسة التشاور الوزارية كانت ستعقد الاثنين الماضي لكن يبدو ان ميقاتي ارتأى تأجيلها لمزيد من التشاور مع المرجعيات السياسية والروحية وهو لذلك زار البطريرك بشارة الراعي ومن ثم الرئيس بري، الى جانب قوى اخرى، وارتأى توجيه الدعوة لجلسة التشاور الجمعة لكن حتى مساء امس لم يكن الوزراء الثمانية قد تبلغوا اي شيء رسمي.

وفي المواقف أشار عضو اللقاء الديمقراطي النائب النائب راجي السعد في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أن "الاستحقاق الرئاسي أصبح بحكم المؤجل الى السنة الجديدة"، متوقعا اجراء بعض التعديل على طريقة الحوار و"تحويله الى لقاءات ثنائية لضمان مشاركة كل الكتل النيابية فيه"، مؤكدا أن "لا تغيير في موقف اللقاء الديمقراطي في جلسة اليوم، وأن التصويت سيكون كما جرت العادة للنائب ميشال معوض".

من جهة أخرى اعتبر مصدر سياسي رفيع لصحيفة "الجمهورية": "لقد دخلنا في قُمقم مقفل وانحبسنا فيه، ولا نملك الا الدعاء الى الله لكي يخرجنا منه".

وعرضَ المصدر الرفيع المشهد الرئاسي بقَوله: "لا مسلسل الإنتخاب نفع، والفشل يجرّ الفشل منذ ما قبل نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون، ولا الحوار ممكن، ولا التوافق على رئيس للجمهورية مَقدور عليه، ولا نية لأطراف الصدام والانقسام بالنّزول عن أعمدة المواصفات والصدامات والشعبويات، فكيف يمكن ان تنتظر ان ينتخب رئيس للجمهورية في المدى المنظور؟ أنا اخشى انّ رئاسة الجمهورية باتت امام شهور طويلة من الفراغ".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o