Dec 13, 2022 6:05 AM
صحف

الحوار الرئاسي: شروط وتعقيدات.. القوات لا تشارك

المسعى الحواري الذي يفكّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري في إطلاقه هذا الاسبوع سعياً لإحداث ثغرة في الجدار الرئاسي المسدود، تؤدي الى توافق على انتخاب رئيس للجمهورية، مَرهون بإعلان الكتل النيابية، وفي مقدمتها كتلة «التيار الوطني الحر» الذي غادر امس رئيسها النائب جبران باسيل إلى قطر، وحزب «القوات اللبنانية» بكونهما الكتلتين المسيحيتين الكبريين سياسياً ونيابياً، صراحَة الاستعداد غير المشروط للمشاركة في هذا الحوار، ومن دون ذلك لا يمكن الجزم في إمكان عقده. بل انّ مصير هذا المسعى لن يكون مختلفاً عن مصير المبادرة الحوارية التي بدأ بري في التحضير لها منذ ما قبل جلسة الفشل الاولى في انتخاب رئيس للجمهورية في ايلول الماضي، ارتكازاً على المسلّمة الثابتة لديه بأنّ «وضع البلد بالويل، والتوافق هو المعبر الإلزامي الى انتخاب رئيس الجمهورية، ومن دون هذا التوافق ستستمرّ دوّامة الفراغ والبلد سيدفع الثمن».

واعتذر عن عدم السير بها بداية تشرين الثاني الماضي، نتيجة الاعتراض والتحفظ لا سيما من كتلتي «القوات» و»التيار». وفي خلفية اعتذار بري آنذاك «هل أُقيمُ حواراً لكي أحاور نفسي»؟

واذا كان استمزاج الآراء الذي اجراه بري حول مبادرته الاولى، قد اصطدم بشروط تعجيزية و«دَلع موصوف» من قبل بعض الكتل النيابية، ورفض فكرة الحوار لأسباب واعتبارات سياسية وشعبوية مَمجموجة، الا انّ مختلف التوجّهات النيابية لا تستطيع إنكار أنّ عدّاد جلسات الفشل في انتخاب رئيس قد أسقط اوراق التوت عن عجزها، وهزمها جميعها، وحشرها جميعها مع كل تلك الاسباب والاعتبارات في زاوية عبث أسبوعي صار مدعاة للسخرية، واصاب الناس بالغثيان. وهو الأمر الذي أدى الى تعديل في الخطاب السياسي لبعض المكونات النيابية والإقرار بخطأ الهروب من الحوار، وبالتالي توسيع دائرة المؤيّدين لسلوك السبيل الذي حدده بري بإطلاق حوار رئاسي بين الكتل النيابية.

على انّ في موازاة هذا المشهد، تحضر مجموعة من الأسئلة: هل انّ الصورة الحواريّة ستكتمل بمشاركة كل الكتل المسيحيّة بما فيها كتلتا «القوات» و«التيار»؟ وإن اكتملت هذه الصورة فأيّ حوار سيحصل؟ وهل ستتمكن التناقضات الداخلية من انتشال توافق حول رئيس للجمهورية من تحت الانقاض السياسية؟

حتى الآن تبدو الصورة متجهة نحو جلسة الفشل الحادي عشر في انتخاب رئيس للجمهورية، الا اذا طرأت مفاجأة في آخر لحظة عدّلت هذا المسار، فبحسب معلومات «الجمهورية» مِن مطّلعين على الاجواء التحضيرية للمسعى الحواري للرئيس بري، فإنّ غالبية الكتل النيابيّة أبدت موافقتها على المشاركة في الحوار، فيما ينتظر ما سيقرّره الطرفان النقيضان اي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» لناحية حسم مشاركتهما او عدمها. وفي ضوء ذلك تتقرّر الخطوة التالية للرئيس بري امّا لجهة تحويل جلسة الخميس من انتخابية الى جلسة حوارية مغلقة تعقد حول الطاولة المستديرة في مجلس النواب التي شهدت جولات حوارية سابقة، او الابقاء على مسار الجلسات الفاشلة إلى ان يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

وبحسب هؤلاء المطلعين فإنه ليس هناك توجّه الى عقد حوار بمَن حضر، ذلك ان المطلوب اساساً هو ان يحضر الجميع، وعلى وجه الخصوص الكتل النيابيّة المسيحية؛ إن لم يكن جميعها فغالبيتها. وبمعنى اوضح، فإنّ انعقاد الحوار ممكن إن حضر على الاقل أحد الطرفين المسيحيّين الأساسيين أيّ «القوات» او «التيار»، لكي تتشكّل اكبر مشاركة في محاولة صياغة توافق على انتخاب رئيس، فالحوار بمَن حضر بمعزل عن «القوات» و«التيار» يوازي عدم انعقاده حيث انه لن يؤدي الى اي نتيجة ايجابية بل الى مزيد من التشنج والتعقيد».

واكدت مصادر سياسية مسؤولة لـ«الجمهورية»: انّ الجلوس على طاولة الحوار هو السبيل الاوحد لتجاوز الازمة الرئاسية، وكل الاطراف على المحك وتحت الاختبار في مرحلة هي الاخطر في تاريخ لبنان وباتت تهدّد وجوده.

ولفتت المصادر إلى «أنّ فرصة الحوار المتاحة للتوافق تشكل لحظة الفرز بين من يريد صدقاً لهذه الازمة ان تنتهي، وبين من يريد اطالة عمرها وابقاء البلد اسيراً للتأزم والتعقيد، وفي هذه الحالة فليتحمّل كل طرف مسؤوليته امام الرأي العام اللبناني الذي بلغ الحدّ الاعلى من القرف من استمرار مسرحية التعطيل وكذلك امام المجتمع الدولي، الذي يرسل إشارات متتالية يحثّ فيها اللبنانيين على المُسارعة الى اختيار رئيسهم».

القوات: الى ذلك، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» ان الانتخابات الرئاسية تندرج ضمن الاستحقاقات الديموقراطية التي لا علاقة لها بالإشكاليات التي تتطلّب طاولات حوار سياسية، ولو تمّ الالتزام بالمهلة الدستورية للانتخابات الرئاسية التي لا توضع لـ»الديكور»، بل من أجل ان تنفّذ لما دخل البلد في هذا الشغور الذي تحوّل إلى القاعدة عند كل استحقاق رئاسي في ظل وجود فريق يضع الشعب اللبناني أمام احتمالين: إمّا الشغور وإمّا انتخاب رئيس من صفوفه.

وأكدت المصادر انه عدا عن ان التجارب الحوارية في لبنان منذ العام 2006 فشلت فشلا ذريعا، ودلّت الى انّ فريق الممانعة يريد الحوار من أجل الحوار كسباً للوقت وبهدف التلطّي خلفه لمواصلة سياساته التعطيلية، فإنّ الدستور واضح لجهة ان الانتخابات الرئاسية تحصل بالاقتراع السري وليس بطاولات حوار معروفة نتائجها قبل انعقادها.

ودعت المصادر إلى المزاوجة بين الانتخابات والحوار لجهة أن يُبقي الرئيس نبيه بري الدورات الانتخابية الرئاسية مفتوحة، وأن يعمد بين دورة وأخرى إلى التداول في مكتبه مع الكتل النيابية بشكل ثنائي أو بالطريقة التي يراها مناسبة حول كيفية الخروج من المأزق الرئاسي، على ان يفتتح بعدها الدورة الثانية وهكذا دواليك بانتظار صعود الدخان الأبيض.

وشددت المصادر على عدم جواز استبدال الجلسات الانتخابية بجلسات حوارية، و«القوات» لن تشارك في حوار رئاسي منفصل عن الآلية الانتخابية التي مجرّد اعتمادها تشكّل عامل ضغط على الكتل المعطِّلة من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كما شدّدت على ان التوافق يحصل في التداول الجانبي وخلف الكواليس وليس في جلسات استعراضية للصورة والمشهدية وكل الهدف منها التغطية على الفريق المعطِّل للانتخابات الرئاسية وشراء الوقت نتيجة مأزومية فريق الممانعة وخلافاته الداخلية التي حالت وتحول دون تبنّيه لمرشّح رئاسي واقتراعه بالورقة البيضاء.

التيار: ولم تَبدر من التيار الوطني الحر اي ايجابية حيال الحوار الرئاسي في مجلس النواب، وإن كان رئيسه النائب جبران باسيل قد ألمح الى عدم المشاركة، حيث قال في مقابلته التلفزيونية الاخيرة ما حرفيّته: «نحن مع مبدأ الحوار والتشاور، ولكن لنجاح الحوار يجب ان يتمّ التحضير له، و«ما فيك بمطرح تضربني بخنجر وبعدين تدعوني الى الحوار»، هناك جرح كبير والرئيس بري لا يحتاج الى من يعلّمه عن الميثاقية التي يصرّ على تطبيقها في مجلس النواب».

وكان التيار قد حدد ما سمّاها معاييره الرئاسية، وفيها:

المعيار الاول، ان يكون رئيس الجمهورية العتيد نتاج توافق فعلي بين اللبنانيين، لا نتيجة فرض مقنّع بالتوافق.

المعيار الثاني، ان يكون الرئيس العتيد منطلقاً من حيثية تمثيلية أكيدة، مباشرة أو غير مباشرة، تكريساً للميثاق، وحفاظاً على ما تحقق على صعيد الشراكة الوطنية منذ العام 2005، على يد مختلف المكونات، ومن دون أي انتقاص من أي طرف.

المعيار الثالث، ان يكون الرئيس العتيد تتويجاً لتفاهم وطني شامل حول اولويات المرحلة المقبلة، سياسيا واقتصاديا وماليا.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o