Dec 08, 2022 6:56 AM
صحف

الواقع المأسوي يفترض تجاوز الحسابات الطائفية الضيقة الأفق

الواقع المأسوي الذي يمر به لبنان، يفترض تجاوز الحسابات الطائفية الضيقة الأفق، خصوصا لدى المسيحيين الذين كانوا في أساس قيام لبنان الكبير، ودفعوا باتجاه الاستقلال. فانعقاد مجلس الوزراء في هذا الظرف بالذات، أمر حتمي، وغيابه عن تصريف الاعمال، كما تعطيل النواب انتخاب رئيس، يُعدّ خيانة، وعظمى ايضا.

إن الأوضاع الراهنة لا تبرر عقد جلسة لحكومة تصريف الأعمال فحسب، بل تستدعي ان يكون مجلس الوزراء في حالة انعقاد دائم لمتابعة المستجدات ومناقشتها واتخاذ ما يلزم من تدابير سريعة لمعالجتها، كما جاء في "النهار".

ووفق الخبير الدستوري بهيج طبارة في مجموعته "كتابات في دولة القانون"، أن قدر الحكومة المستقيلة، وواجبها، أن تبقى تصرّف الأعمال الى أن يتم تشكيل حكومة جديدة عملاً بمبدأ استمرارية سير المرافق العامة، ولو بالحد الادنى، للحؤول دون حصول فراغ في مؤسسات الدولة، وفي الأزمات الكبرى التي يمر فيها البلد يصبح واجبها أن تمارس صلاحيات الحكومة العادية للتصدي لها ومواجهتها.

وعبارة تصريف الاعمال "مطاطة"، تضيق وتتسع بحسب الظروف التي يمر بها البلد، لذلك يمكن القول إنه كلما طالت مدة الأزمة الوزارية نتيجة تعثّر تشكيل حكومة جديدة زادت احتمالات حدوث أوضاع أمنية أو استحقاق مواعيد دستورية أو مالية أو حصول كوارث طبيعية تتطلّب معالجة سريعة، فتضطر الحكومة المستقيلة الى الانعقاد وممارسة صلاحيات الحكومات كاملة لحفظ أمن البلد وسلامة المواطنين.

والأمثلة على ذلك عديدة في تاريخ لبنان الحديث.

ففي العام 1969، بعدما أعرب رئيس الحكومة رشيد كرامي في مجلس النواب عن نيته الاستقالة إثر اصطدامات دامية بين القوى المسلحة وأنصار الفلسطينيين، دخل البلد في أزمة وزارية طويلة دامت نحو ستة أشهر، حان خلالها الموعد الدستوري لتقديم الموازنة الى مجلس النواب.

وقد انعقد مجلس الوزراء في الوقت الذي كانت الحكومة بحكم المستقيلة لإقرار الموازنة وإرسالها الى مجلس النواب ضمن المهلة الدستورية.

وفي العام 1975، وغداة استقالة الحكومة بعد بدء الأحداث الدامية، اضطرت الحكومة الى عقد جلسة أقرت خلالها التدابير اللازمة لمواجهة الأوضاع الأمنية التي كانت تمر بها البلاد.

ومرة أخرى، في العام 1979، في ظل حكومة مستقيلة وفي إطار تصريف الأعمال، عقدت الحكومة جلسة اتخذت فيها مجموعة من القرارات لعل أبرزها رفع سن تقاعد القضاة من 64 الى 68 سنة حرصاً على استمرارية عمل المؤسسة القضائية.

وعلى هذا الأساس، صدر عن مجلس الشورى، في العام 1969، قرار انطلق من التفريق بين الأعمال العادية المحصورة مبدئياً بالأعمال الإدارية، والأعمال التصرفية التي تخرج من حيث المبدأ عن صلاحية الحكومة المستقيلة. إلا أنه ترك الباب مفتوحاً أمام الحكومة المستقيلة لاتخاذ تدابير الضرورة التي تفرضها ظروف إستثنائية تتعلق بالنظام العام وأمن الدولة الداخلي والخارجي، وكذلك الأعمال الإدارية التي يجب اجراؤها في مهل محددة بالقوانين تحت طائلة السقوط والإبطال.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o