Dec 01, 2022 12:46 PM
اقتصاد

هبوط دراماتيكي لـ"مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الثالث:
4 مليارات دولار دخلت لبنان صيفاً.. تأثيرها كان ضئيلاً جداً على الأسواق

المركزية- أورد "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الثالث من سنة 2022أن " (Q3 - 2022)حوالي 4 مليارات دولار تدفـّـقت الى البلاد خلال موسم الصيف، إنما تأثيرها على الأسواق التجارية كان ضئيلاً جداً...".

وجاء في المؤشر: "كان موسم الاصطياف ناجحاً هذه السنة، إن لجهة عدد المغتربين الذين قدموا الى لبنان خلال هذه الفترة، أو حتى لجهة الزوّار والسياح الأجانب.

وتشير التقديرات الى أنه تم أنفاق ما يقارب الـ 4 مليار دولار خلال الموسم.

لا شك في أن ذلك ساهم بشكل فعـّـال في وقف تدهور الليرة اللبنانية مقابل الدولارخلال هذه الفترة، إنما المؤسف كان أن القدر الأكبر من هذه المبالغ قد تمّ صرفها في القطاعات السياحية الترفيهية وبالأنشطة المتعلقة بها مباشرة، في حين أن القطاعات الأخرى، ولا سيما التجارية منها - والتى كانت تتوقـّـع شيئاً من الإنتعاش، لم يطالها سوى القليل جداً من تلك الأموال التى دخلت بمعظمها إمـّـا الى الخزائن في المنازل أو خرجت مجدّداً من البلاد، بدل أن تودع في المصارف وأن تساهم في إعادة تحريك العجلة الإقتصادية ولو بنسبة ضئيلة. 

وفي الوقت عينه، قامت جمعية تجار بيروت، بالمشاركة مع فريق من الهيئات الإقتصادية اللبنانية، بإعداد خطة تعافي تمّ تقديمها للأطراف المعنية في الحكومة، مع الأمل أن تولي تلك الأطراف الإهتمام اللازم لهذه الخطة وأن يتم المبادرة بتطبيق البنود المطروحة، نظراً لما يتطلـّـبه الإقتصاد اللبناني وباقي الأطراف المعنية، من بداية خروج من هذه الحالة بشكل طارئ، وعدم الإتـّـكال على ضخّ ظرفي لسيولة "متطايرة" (volatile)، والتى لا يمكن أن يكون لها أي أثر يـُـذكر لتغيير المسار الحالي.

فقد ساهم كل ذلك في مزيد من الإنكماش في الأسواق، وقد ترجمت أرقام أعمال القسم الأكبر من قطاعات تجارة التجزئة هذا الواقع المرير.

وكما في الفصل السابق، فقد ظلت العوامل الإقليمية والدولية (ولا سيما الحرب بين روسيا وأوكرانبا) تساهم في مواصلة إرتفاع معدّل التضخـّـم، إنما العوامل المحلية (ولا سيما الجهود المبذولة لإنجاح موسم صيف هذه السنة من قـٍـبل وزارة الإقتصاد والتجارة ووزارة السياحة وأيضاً من قـٍـبل التجار) ساهمت في الحد نسبياً من وتيرة الإرتفاع.

وقد بلغ المؤشر، ما بين الفصل الثالث لسنة 2021 والفصل الثالث لسنة 2022، نسبة + 162.47 % (بالمقارنة مع نسبة + 210.08 % في الفصل السابق له)، فيما كان يُـسجـّـل + 25.23 %  ما بين الفصلين الثاني والثالث.

ولو نظرنا الى معدّلات نسب التضخـّـم في كل قطاع على حدى، نلحظ من أبرزها:

ما بين الفصل الثالث لسنة 2021 والفصل الثالث لسنة 2022 :

+ 282.56 % في قطاع الصحة،

+ 262.45 % في قطاع  النقل،

+  231.62 %  في قطاع الإتصالات،

+ 214.28 % في قطاع المطاعم والفنادق،

+ 208.07 % في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غيرالروحية،

+ 162.90 % في قطاع الألبسة والأحذية،

+ 151.15 % في قطاع الإستجمام والتسلية والثقافة،

+ 150.65 % في قطاع الأثاث والتجهيزات المنزلية،

+ 145.47 % في قطاع المشروبات الروحية والتبغ،

+  36.50 %  في قطاع التعليم.

وهنا نلاحـَـظ أن النسب لا تزال مرتفعة جداً، لا سيما في قطاعي الصحة والنقل، كما نلاحظ القفزة التى تمّ تسجيلها في قطاع الإتصالات (من جرّاء التعديلات التى أتمّ تطبيقها في التسعير).

أما بين الفصل الثاني والفصل الثالث لسنة 2022، فقد تم تسجيل المعدّلات التالية :

+ 215.10  % في قطاع الإتصالات،

+ 78.76 % في قطاع الصحة،

+ 38.97 % في قطاع المطاعم والفنادق،

+ 31.27 % في قطاع المشروبات الروجية والتبغ،

+ 27.85 % في قطاع الإستجمام والتسلية والثقافة،

+ 26.56 % في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غيرالروحية،

+ 23.74 % في قطاع  النقل،

+ 23.46  % في قطاع الأثاث والتجهيزات المنزلية،

+ 11.94  % في قطاع الألبسة والأحذية.

الملفت خلال هذا الفصل كان الإرتفاع الملحوظ في الأسعار في قطاع الإتصالات بالطبع، كما في قطاع الصحة والمطاعم والفنادق، وأيضاً المشروبات الروحية بنسبة أقل.

وبذلك، ومع كل الجهود التى بذلها التجار تجهيزاً للموسم، كما وفي ظلّ نسبة تضخـّـم مرتفعة جداً، لم تشهد معظم القطاعات سوى حركة خجولة كان تأثيرها إنكماشياً بإمتياز، فإستمرّت أرقام الأعمال بالتراجع، حتى في بعض القطاعات المعيشية الأساسية كالمواد الغذائية والدواء، وقد لامست نسبة التراجع الـ 100 % مرّة أخرى.

وبالتفاصيل، بعد التدقيق في أرقام الأعمال الإسمية (Nominal) المجمـّـعة لقطاعات تجارة التجزئة ما بين الفصل الثالث من 2021 والفصل الثالث من 2022، يتبيـّـن أن هنالك إرتفاعاً في هذه الأرقام بنسبة يوازي 15.40 %  بعد استثناء قطاع المحروقات ( للتذكير: إن هذا الإرتفاع يمثل نسبة الإرتفاع في أرقام الأعمال الإسمية بالليرة اللبنانية قبل التثقيل)!

إنما بعد عملية تثقيل تلك الأرقام بنسبة مؤشر غلاء المعيشة للفترة المعنية (+ 162.47 %)، يتبيـّـن أن تلك الأرقام قد سجـّـلت بالفعل إنخفاضاً، وذلك في كل قطاعات الأسواق التجارية، بإستثناء قطاع الوقود حيث سجـّـل حجم الكميات التى تمّ بيعها إرتفاعاً بنسبة 37.58 % بمقارنة الفصل الثالث لهذه السنة مع الفصل الثالث من السنة الماضية.

وبذلك، تشير كل تلك الأرقام الى أن حالة الإنكماش مستمرّة وتتزايد فصلاً تلو الفصل وسنة بعد سنة، حتى خلال المواسم التى كان من المفترض أن ينتعش فيها الإستهلاك – ولو قليلاً.

ومن جهة ثانية، فقد تسارعت أيضاً زيادة نسبة مؤشر غلاء المعيشة الفصلي بين الفصل الثاني والفصل الثالث لسنة 2022، حيث تمّ تسجـيل نسبة + 25.23 % ما بين هذين الفصلين (بالمقارنة مع نسبة + 26.18 % التى تمّ تسجيلها في الفصل السابق)، وكانت النتائج التى أعلنت عنها أكثرية القطاعات سلبية، ولو بتفاوت في النسب – حيث كان هنالك قطاعات شهدت تراجعاً شديداً (مثل قطاع السوبرماركت والسلع الصيدلانية والهواتف الخليوية والسلع البصرية على سبيل المثال)، في حين شهدت قطاعات أخرى زيادة في الطلب وإرتفاعاً في المبيعات (مثال الأجهزة الطبية والأجهزة المنزلية الكهربائية إلخ).

تجدر الإشارة الى أن قطاع الوقود قد سجـّـل زيادة في الكميات المباعة خلال هذه الفترة حيث تمّ تسجيل إرتفاع بنسبة 13.40 % لهذه الفترة بالمقارنة مع الفصل الثاني (- 14.84%).

عليه، جاءت النتائج المجمـّـعة لكافة قطاعات تجارة التجزئة لتسجـّـل – مقارنة بمبيعات الفصل الثاني لسنة 2022، مزيداً من التراجع في أرقام الأعمال الحقيقية المجمـّـعة خلال هذا الفصل، (نتيجة لمزيد من التراجع في القدرة الشرائية الفعلية لدى الأسر اللبنانية، علماً بأن مراجع رسمية أشارت الى أن 14% فقط من تلك الأسر تتقاضى كل أو جزء من أجرها، أو ترده حوالات من الخارج ، بالدولار الفريش).

 وقد بلغ التراجع الحقيقي (أي بعد التثقيل بنسبة التضخـّـم) للنشاط المجمـّـع نسبة – 19.60 % بعد إستثناء قطاع الوقود والمحروقات (بالمقارنة مع نسبة - 23.02 % في الفصل السابق) علماً بأن قطاع الوقود والمحروقات قد سجـّـل هو الأخير أيضاً زيادة فصلية بنسبة + 13.40 % من حيث الكميات كما أشرنا أعلاه، وذلك بالرغم من الإرتفاع شبه المستمر في سعر صفيحة البنزين وطن المازوت.

وفي ما يلي نِسَب التراجع الحقيقي الفصلي في أهم قطاعات تجارة التجزئة:

       السلع البصرية والسمعية (- 77.82 %)

       السلع الصيدلانية (- 77.31 %)

       السوبرماركت والمواد الغذائية (- 58.52 %)

       السلع الرياضية (- 35.90 %)

       أجهزة الهواتف الخلوية (-  29.25% )

       الكتب، والصحف والمجلات (- 27.85 %)

       التجهيزات المنزلية (- 26.54 %)

       اللعب والألعاب (- 18.23 %)

       التبغ ومنتجاته (- 12.76 %)

       العطور ومستحضرات التجميل (- 12.41 %)

       الساعات والمجوهرات (- 9.89 %)

       الأثاث والمفروشات (- 3.31 %)

       الملبوسات (- 0.95 %)

أما القطاعات التى شهدت تحسـّـناً فتضمـّـنت :

       المشروبات الروحية (+ 1.38 %)

       المطاعم والسناك بار (+ 3.74 %)

       المخابز والحلويات (+ 4.28 %)

       المجمـّـعات التجارية (+ 13.80 %)

       معدّات البناء (+ 23.61 %)

       الأحذية (+ 38.26 %)

       الأجهزة المنزلية الكهربائية، والراديو والتلفزيون (+ 48.99 % )

       الأجهزة الطبية (+ 50.05% )

لا بدّ أن التحسـّـن في القطاعات المذكورة أعلاه جاء نتيجة لزيادة أعداد روّاد المجمـّـعات التجارية وزيادة مصروف زوّار "الصيف" اللبنانيين لإقتناء مستلزمات ضرورية لأهاليهم وعائلاتهم المقيمة في لبنان (الأجهزة المنزلية الكهربائية على سبيل المثال).

في ضوء ما سبق، وبعد الإشارة الى أن المؤشر الأساس (100) الذي قد تم تبنـّـيه هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأن تضخم الأسعار خلال الفصل الثاالث من سنة 2022، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ + 25.23 %،

نعلن عن أن "مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسَبنك لتجارة التجزئة" هو: 1.37 للفصل الثالث من سنة 2022 مقابل 1.52 في الفصل السابق له.

إذاً "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الثالث من سنة 2022 إستمر في مساره التنازلي، وسجـّـل مزيداً من الهبوط الدراماتيكي.

إن هذه الأرقام ليست سوى مرآة للواقع الإقتصادي اللبناني، وللتخبـّـط الذى تمرّ به البلاد من جرّاء شحّ الإحتياطيات بالعملات الأجنبية لدى البنك المركزي وتبعاتها على كل المستويات المالية والإقتصادية، وغياب تام لضخّ أي إستثمارات جديدة، وإنعدام للثقة في القدرة على النهوض في المستقبل القريب في غياب أي خطة تعافي جدّية وطول انتظار ظهور بوادر توافق مع صندوق النقد الدولي".

* * *

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o