Nov 15, 2022 6:26 AM
مقالات

حزب الله: إستحقاق رئاسي بتقنيات الترسيم البحري

إفتتحت كلمة أمين عام حزب الله حسن نصرالله في ذكرى يوم الشهيد مرحلة جديدة من المناورة حول تشكيل السلطة في لبنان، سمات المرحلة الإنتقال من التعطيل تحت مسميّات رفض مرشح التّحدي والبحث عن مرشح توافقي الى مرحلة وضع لائحة الشروط الملزمة على الطاولة:  «لا نريد رئيساً للجمهورية يغطي المقاومة، لا نريد رئيساً للجمهورية يحمي المقاومة، المقاومة في لبنان ليست بحاجة إلى غطاء والمقاومة في لبنان ليست بحاجة إلى حماية، ما نريده رئيساً لا يطعن المقاومة في ظهرها ولا يتآمر عليها ولا يبيعها» ،وبهذا يقطع حزب الله الطريق على كلّ مرشح يحاول أن يتلوّن ويتمايز أو يدّعي أنه في الموقع الوسط أو أنه قادر على إعادة العمل بمقولة ربط النزاع، ويستدرج من ناحية أخرى العروض لكلّ من يقدّم نفسه مرشحاً تحت هذا العنوان.

المقاسان المعتمدان للترشيح هما الرئيسان إميل لحود وميشال عون. وبصرف النظر عن اختلاف موقعيّ القيادة من الخلف لكلّ منهما ما بين عنجر وحارة حريك، إلا أنهما تشابها بفرض ترشيحهما على اللبنانيين وبتحدي الإرادة الوطنية وفرض الحكومات والسياسات على الأكثرية النيابية خلال فترتيّ الحكم، وبتعميق الإنقسام وترك البلاد تتخبط في أزمة سياسية حادّة بعد الخروج من بعبدا. والسؤال ههنا هل كانت المقاومة موضع ترحيب أكبر من قِبل اللبنانيين قبل انتخاب إميل لحود أم بعد خروجه، والسؤال عينه يُطرح ما قبل فرض عون رئيساً وما بعد خروجه. 

خرج أميل لحود تاركاً حزب الله في موقع الإتهام بسلسة إغتيالات سياسية بدأت في تشرين الأول 2004 واستمرت حتى العام 2013، وبالمقابل خرج عون مثقلاً بتفجير المرفأ وصراع مع السلطة القضائية على خلفيّة عدم امتثال حلفاء حزب الله لاستدعاءات المحقق العدلي في الجريمة الكبرى، وبأزمة إقتصادية خانقة ركيزتاها الأساسيتان فساد مستشرٍ وانهيار سياسي. وبهذا ليس مقبولاً التبسيط والإختباء وراء القول أنّ هناك من لم يطعن المقاومة بظهرها ولا ضيْر في سقوط العشرات من رجالات ثورة الأرز أو أن يقضي مئات اللبنانيين في تفجير مرفأ بيروت!! أفلا تُصان المقاومة إلا بقتل اللبنانيين وبإفقارهم....وأليس شهداء ثورة الأرز في مصاف الشهداء الذين تُقام لهم ذكرى يوم الشهيد....

إنّ شهداء لبنان الذين سقطوا في مواجهات مع العدو الإسرائيلي أو في عمليات إستشهادية نوعيّة، والذين أحيا الحزب ذكراهم منذ أيام هم باقة من أبناء لبنان بتنوّعه السياسي والمناطقي، طائفتهم لبنان وعدوهم كلّ محتل دنّست أقدامه وجنده وسلاحه أرض لبنان، هم من يحرّم طعنهم في الظهر وقد طُعنوا... الشهيد أحمد قصير أمير الإستشهاديين كما أسماه نصرالله في كلمته إفتتح عصر العمليات الإستشهادية وأسّس لدحر العدو، وتبعته قافله من الإستشهاديين تدلّل أسماؤهم وتضحياتهم على لبنان وفقط على لبنان. أحمد قصير ومن بعده الفتى نزيه قبرصلي وعلي صفي الدين وحسن قصير وسناء محيدلي وإبتسام حرب وأسعد برو وصلاح غندور وخالد علوان وغيرهم العشرات، هؤلاء لم يكن لديهم مربعات أمنية وهم لم يغزوا بيروت ولا حاولوا اقتحام القرى الجبلية الآمنة ولم يستبيحوا الحدود ولم يقاتلوا إلا من أجل لبنان، هؤلاء لم يكن لديهم ثلث معطل ولا هم فرضوا انتخاب رئيس للجمهورية أو عطلوا النصاب الدستوري، ولو استُدعوا للمثول أمام القضاء لامتثلوا ولوقف كلّ اللبنانيين خلفهم ولانحنى القضاء أمام شموخهم. 

نريد رئيساً يحمي إرث هؤلاء وأمثالهم ويطمئن اللبنانيين كلّ اللبنانيين على حاضر البلاد قبل مستقبلها، رئيساً لا يطعن أحداً في ظهره. كلا، المقاومة في لبنان بحاجة الى غطاء كلّ اللبنانيين والى حمايتهم جميعاً، ومأزق حزب الله في تحوّل المقاومة الى مشروع سياسي يفرضه فريق لبناني على الآخرين والى مشروع أمني لا قيمة للدولة التي ينشدها لأنها فقدت احترام مواطنيها وشرعيتها بافتقادها القدرة على تطبيق القانون والمساواة بين أبنائها، وإلى مشروع إقليمي يخاطب القوى الكبرى ويقاسمها النفوذ على حساب لبنان واللبنانيين.

 يحاول حزب الله مدفوعاً من طهران التي تعيش عزلة دولية استدراج تدخّل خارجي من خلال الإستحقاق الرئاسي، وهو إذ انتقل بالأمس في ذكرى يوم الشهيد إلى تصعيد الموقف من خلال وضع لائحة المواصفات على الطاولة، فإنما أرادت طهران من ذلك الدخول الى جدول أعمال وزراء خارجية دول المجموعة الأوروبية التي أدرجت لبنان بعد خطاب نصرالله على اجتماعها في بروكسل الذي ينتهي اليوم، وربما تطمح طهران أن تكون موضوعاً في اجتماعات الرئيس الأميركي خلال الأيام المقبلة في كمبوديا مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أو مع الدول العشرين في اندونيسيا التي ستكون الحرب الروسية الأوكرانية وتحالفات روسيا أحد أهم موضوعاتها. 

بعد أن خبا وهج اتّفاق الترسيم البحري دون القدرة على توظيفه في تسويّة داخلية، يسيل لعاب طهران أمام استحقاق رئاسي برعاية أميركية يشبه اتّفاق ترسيم الحدود البحرية، خذوا كاريش في الرئاسة وأعطونا قانا بشروطكم.

العميد الركن خالد حماده - اللواء

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o