Oct 27, 2022 5:01 PM
خاص

أهالي ضحايا المرفأ... وينن؟

المركزية – خاص

آخر مرة سمعنا فيها خبرا عن المسار القانوني في ملف تفجير مرفأ بيروت كان في 24 تشرين الأول الماضي عندما تقدم الوكيل القانوني للنائب علي حسن خليل بشكوى بحق رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود امام التفتيش القضائي لرفضه تطبيق القوانين وعرقلة عمل مجلس القضاء الاعلى في ملف المرفأ. والملاحظ أن عدسات الكاميرات وأقلام الإعلاميين صوّبت في المدة الأخيرة على قضية الموقوفين في ملف تفجيرمرفأ بيروت، وهي تستحق طبعا نظراً للأوضاع الإنسانية التي يعاني منها بعضهم والذين لا ناقة لهم ولا جمل بعملية توضيب وتخزين نيترات الأمونيوم وتفجير المرفأ. ذنبهم أنهم كانوا هناك بحكم ارتباطاتهم العملية أو نتيجة العقود الموقعة بينهم وبين إدارة المرفأ.

إنطلاقا من ذلك يبدو السؤال" وينن أهالي ضحايا المرفأ" مشروعاً، والأهم كيف ينظرون إلى مصير العدالة ومسارها عشية انتهاء العهد الذي شهد على ثالث أكبر إنفجار غير نووي في العالم، وكيف سيعيشون تلك اللحظات التي خطفت من عمرهم فلذات أكبادهم؟

يروي إبن أحدى ضحايا المرفأ أنه التقى منذ فترة وجيزة أحد القضاة المطلعين على سير العمل القضائي في لبنان، وعندما سأله عن الأسباب التي دفعت رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود إلى الموافقة على قرار وزير العدل بتعيين قاضٍ رديف في ملف جريمة تفجير المرفأ بذريعة النظر حصرا في ملف الموقوفين في القضية كان الجواب:" واضح أن هذا الملف سيفجّر البلد وهناك قرار على أعلى المستويات بإقفاله بس مش عارفين كيف".

ويتابع القاضي نقلا عن رواية أبن أحدى الضحايا "إلى حين ورود معطيات جديدة هل يجوز ترك الموقوفين في السجن من دون محاكمة؟هناك شق إنساني وشق قانوني وهناك ما يعرف في القضاء بهامش القانون الذي يستعمل لأمور إنسانية لكن المشكلة ليست في الجهة التي فجرت المرفأ إنما في الجهات التي سكتت لمدة 7 أعوام على تخزين مادة نيترات الأمونيوم في المرفأ والموافقة على الوضع الملتبس الذي كان سائدا".

لعل جواب القاضي كان كافيا ليفهم نجل احدى الضحايا أن ما حصل وسيحصل في ملف جريمة تفجير المرفأ أكبر من حجم الإنفجار وتداعياته"بدن يسكروا الملف وطالما أن هناك قاضٍ يتعاطى مع الأمر الواقع بهذه البساطة فهذا أمر محزن للغاية لأنه لو قام القضاء بما يتوجب عليه لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، بعد مرور عامين وشهرين على الجريمة".

جيد أن يكون أحد أهالي الضحايا قد سمع هذا الكلام،  وباعترافه يصرح " كلام القاضي خلاني إقرا شو عم بيصير وشو راح يصير". نعيد طرح السؤال: أهالي الضحايا وينن؟ ويجيب"الأهالي في حراك دائم بحثاً عن طاقة تفتح أمامهم أبواب الحقيقة للوصول إلى العدالة. مثلا هناك وقفات لمجموعات من أهالي الضحايا ينفذونها بشكل دوري لتسجيل موقف وتذكير الناس بالملف إضافة إلى اللقاءات الدورية التي تقام كل ثلثاء عند الخامسة والنصف مساء في مطبخ مريم في الكرنتينا . أما في الشق القانوني فقد تقدمنا بمشاريع اقتراحات للكتل النيابية بس لو بدا تتنفذ كانت انوضعت على نار حامية".

في الشق الإجتماعي يواظب أهالي ضحايا جريمة المرفأ على تلبية الدعوات التي يتلقونها من بلديات وجمعيات للمشاركة في لقاءات يتحدثون فيها عن وجعهم وتحركهم لمعرفة الحقيقة، إضافة إلى التحركات التي تقوم بها مجموعة من أهالي الضحايا الموجودة في الولايات المتحدة. وقد تقدمت هذه الأخيرة بدعوى ضد اصحاب الباخرة التي كانت تنقل مواد نيترات الأمونيوم وأفرغتها في مرفأ بيروت"ومن شأن ذلك أن يساعدنا في الداخل على الوصول إلى جزء من الحقيقة أو أقله محاسبة المسؤولين في هذا الشق تحديدا". 

ما يحز في قلب أهالي الضحايا مشهد التئام الطقم السياسي على اتفاق ترسيم الحدود البحرية "بدلا من أن يجلسوا معا ويضعوا أيديهم بأيدينا للوصول إلى حقيقة من فجر مرفأ بيروت ولماذا قتلوا أولادنا. لكن الواضح أن مرسوم ترسيم الحدود البحرية يدر عليهم بالمال والنفط ويؤمن مصالحهم الشخصية أما ملف جريمة تفجير المرفأ فيكشف الستارة عن أفظع جريمة ارتكبها نفس الطقم السياسي والشاهد على إنزال حمولة الموت من الباخرة إلى المرفأ وتخزينها مدة 7 أعوام من دون أن يرف لهم جفن". 

وبالتوازي مع الخيبات التي يحصدونها يوميا من السلطتين السياسية والقضائية "لا بد من الإشادة بموقف المحقق العدلي طارق البيطار الذي لا يزال متمسكا بالملف. وإذا فكروا أننا سنرضى بأقل من العدالة فهم مخطئون حتى لو انتهى عهد ودخلنا عهودا جديدة. فنحن لن نرضى بأقل من الحقيقة ولن تثنينا هذه المنظومة المرتبطة بكل أطيافها بالجريمة عن مواصلة التحرك . حتى القوى العظمى وتحديدا فرنسا التي اعتبر رئيسها إيمانويل ماكرون أن ما حصل في المرفأ كان مجرد حادث مؤسف لن يوقف تحركنا أمام محافل حقوق الإنسان في الأمم المتحدة". ويختم" مستمرون حتى آخر نفس ولن نرضى بأن تحولنا منظومة الأمر الواقع إلى "أهالي المفقودين 2".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o