Sep 30, 2022 6:02 AM
صحف

نواب الأمة يتامى التوافق.. والنتيجة أوراق لا تنتج رئيساً!

أشارت "اللواء" الى ان بصرف النظر عن اعلان الرئيس نبيه بري، عندما رفع جلسة مجلس النواب، التي اقتصرت على دورة واحدة، وكانت بمثابة «تبرئة ذمة»، عندما سئل عن موعد «الجلسة رقم 2»: «عندما أرى ان هناك توافقا سوف ادعو فورا الى جلسة، واذا لا فلكل حادث حاديث» في القراءة المنصفة، والواقعية لوقائع جلسة يوم امس 2022/9/29، ومسارها المتوزع بين توزيع الاوراق وقراءة المواد الناظمة، والدعاب الذي اظهره رئيس المجلس، وأضفى اجواء مرحة ومريحة على القاعة ومن - منها، فضلا عن كشف توزع الاصوات المقترعة من قبل النواب 122 الذين حضروا الجلسة، بعد غياب 6 نواب، اربعة منهم بعذر، واثنان من دونه، فإن هذه القراءة تتقاطع عند تصوير «نواب الامة» (وهو تعبير دستوري) بأنهم كانوا اشبه بيتامى التوافق الدولي- العربي والاقليمي على انتخاب الرئيس الجديد، فلا المبادرات ولا المؤتمرات الصحفية، او «النتعات السياسية» من شأنها ان تخرج رئيساً للبنان، فالاصوات التي توزعت بين الاوراق البيضاء (63 ورقة) اي 63 نائباً، والاوراق التي حملت اسم نائب زغرتا ميشال رينه معوض اي 36 نائباً، و(11 ورقة) للمرشح سليم ميشال اده، اي 11 نائباً الذي حصد أصوات النواب التغييرين.

والاغرب ان اوراق الجلسة، قبل الاطاحة بالنصاب ان النواب القدامى والجدد، لم يفلحوا بانتخاب رئيس، الامر الذي يقتضي التذكير بالمسار التاريخي لانتخاب رئيس جمهورية لبنان، قبل اتفاق الطائف وبعده، لجهة ترجيح الرئيس من قبل القوى الدولية والاقليمية وتقاطعاتها القوية، بدءا من انتخاب رؤساء رينيه معوض، والياس الهواوي واميل لحود وميشال سليمان وصولا الى الرئيس الحالي ميشال عون.

الثابت، اذاً ان الوقت الاولي والإقليمي لم يحن بعد لعملية الانتخاب، بانتظار تطورات متوقعة، بعضها يتعلق بترسيم الحدود، وبعضها الآخر بمصير مفاوضات الملف النووي الايراني، ونتائج الانتخابات التشريعية في كل من الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل، فضلا عن مشاريع التقارب او التباعد بين العرب وايران.

ماذا بعد؟جلسة «تبرئة الذمة» انقضت وراح المعنيون من النواب والقوى الدولية والاقليمية المعنية ايضا يراجعون ما جرى، لاستخلاص ما يلزم، بانتظار امر ما من شأنه ان يرجح الدعوة الي عقد جلسة او جلسات اخرى، مع بلورة اسماء أخرى، ابرزها اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون، اذا ما طويت صفحة النائبين سليمان فرنجية، الذي سمته الورقة البيضاء على الجملة، والنائب معوض.

واشارت مصادر سياسية الى ان مشهدية الجلسة الاولى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لم تخرج عن سياق التوقعات المسبقة، لجميع القوى والاطراف السياسيين ،بانها ستكون بمثابة جلسة جس نبض واختبار قوى واستكشاف مواقف وتصرفات هذه القوى، للاستفادة منها في الجلسات المقبلة، ومحاولة كل طرف باختيار المرشح الذي يمكنه الفوز بالمنافسة ،اذا حصلت، بمعزل عن التوصل الى تفاهم واسع على مرشح توافقي مقبول من كل الاطراف، وان كان هذا الامر لايزال دونه عقبات، يمكن تذليلها، اذا كانت النوايا صادقة لتحقيق هذا الهدف.

واعتبرت المصادر ان جلسة الامس التي تخللتها اجواء هادئة ومريحةاستنادا الى تصرفات معظم النواب،الا ان فشل المجلس النيابي بانتخاب الرئيس الجديد،في هذه الظروف الصعبة والضاغطة التي يواجهها اللبنانيون، اظهر بوضوح ان المسؤولين والمجلس النيابي باجمعه،من موالاة ومعارضة، بوادٍ والشعب اللبناني بوادٍ آخر، لا يابهون لمعاناته، ولا يشعرون باوجاعه، وظروف عيشه المهينة.

وقالت المصادر انه بالرغم من ان الرئيس بري، اراد من عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، توجيه أكثر من رسالة وفي عدة اتجاهات،اهمها للداخل، ولكل الداعين لعقد جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، من سياسيين ومراجع دينية، بانه قام بواجبه الدستوري، وحقق مطلبهم، وللخارج، ولاسيما للدول المهتمة باجراء الانتخابات الرئاسية ايضا، والثانية، لكل الداعين لخوض الانتخابات الرئاسية بمرشحين غير توافقين، بانه يستحيل فوز أيّ منهم في ظل توزع موازين القوى السياسية الحالي. ولكن بالمقابل كشف فشل المعارضين والتغييريين وغيرهم من المنفردين بالاتفاق فيما بينهم على مرشح واحد لسدة الرئاسة، وإظهار حلفائه بموقف شبه موحد ظاهريا، بالاقتراع بالورقة البيضاء، بالرغم من عدم توحدهم على اسم مرشح رئاسي واحد حتى الآن، وتفادي اي طرف منهم بالمغامرة للاقتراع لصالح المرشح الوحيد الظاهر لها حتى الان سليمان فرنجية، تفاديا لحرق اسمه واخراجه من السباق للرئاسة مبكرا، بانتظار مسار تطورات الاستحقاق الرئاسي محلياً وخارجياً.

وتخلص المصادر الى القول ان خلاصة الجلسة،التي خطفت الاضواء عن اعادة تعويم الحكومة المستقيلة موقتا ، أعطت انطباعا عاما بأن إتمام الاستحقاق الرئاسي، ما يزال طويلا تسبيا، ويحتاج الى مزيد من التشاور داخليا بين مكونات المجلس النيابي والقوى البارزة ومع الخارج ايضا، للتفاهم على الشخصية التي ستنتخب للرئاسة الاولى.

وتوقعت المصادر انه في ضوء اخفاق الجلسة الاولى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يرتقب ان يعاود البحث في اعادة تعويم الحكومة المستقيلة مجددا، وقد بدأت الاتصالات والمساعي فعليا من الليلة الماضية، ولا يستبعد ان يعاود الرئيس المكلف نجيب ميقاتي زياراته لبعبدا قريبا،اذا وجد ان هناك رغبة حقيقية ونوايا سليمة، لاعادة البحث بتعويم الحكومة المستقيلة، وان كان دون ذلك أكثر من عقبة، وفي مقدمتها العراقيل والمطبات التي يطرحها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في طريق اعادة التعويم، كما تعود دائما على فرض شروطه ومطالبه التعجيزية، اثناء تشكيل الحكومات طوال سنوات العهد العوني.

وكشفت مصادر لـ «اللواء» ان الفرنسيين يبحثون عن تسوية لبنانية شاملة تضمن وصول قائد الجيش الى بعبدا، والتوافق على حكومة سياسية تضمن تطبيق خطة نهوض اقتصادي وتواكب مرحلة بدء استخراج النفط والغاز من المياه اللبنانية.

واعتبرت المصادر ان علاقة قائد الجيش ممتازة مع كل الجهات الدولية والعربية في حين ان علاقته مع حزب الله هي علاقة حذرة ولكن لا فيتو علني عليه اقله هذا ما يقوله الفرنسيون ، والمرحلة الحالية تحتاج الى رئيس يحظى بعلاقات دولية وعربية حتى يتمكن من اعادة ترتيب وضع لبنان السياسي والاقتصادي بعد انهياره خلال مرحلة حكم الرئيس عون.

وفي حين ان تأكيدات المجتمع الدولي تصب باتجاه الحسم بانها مسالة وقت قبل تولي قائد الجيش الرئاسة الاولى، يبدو ان جهات لبنانية محلية وازنة تعطي مساحة اكبر لامكانية التفاهم على بديل لعون وفرنجية معا، مؤكدة ان التشاور حول الملف الرئاسي ما زال في بدايته ، ووفقا لمصادرها فان حظوظ الرجلين غير واضحة، فرئيس تيار المردة سليمان فرنجية محاصر حتى اللحظة بعدم موافقة رئيس التيار الحر جبران باسيل على ترشيحه للرئاسة الاولى، في حين انه ثمة علامات استفهام كثيرة حول قائد الجيش وادائه وطريقة مقاربته لبعض الملفات الاستراتيجية.

الجلسة

أذاً، انتهت الجولة الاولى من جلسات انتخاب رئيس الجمهورية كما كان متوقعاً بلا رئيس بسبب عدم توافق اكثرية الكتل النيابية على اسم مرشح او اسمين، حتى ان قوى المعارضة المستجدة وقوى التغيير وبعض المستقلين لم تتفق على اسم واحد فتشتّت اصواتها بين مرشحين اثنين ميشال معوض وسليم ميشال إده وبإسم «لبنان»، بينما حصد الثنائي الشيعي وحلفاؤه 63 ورقة بيضاء كانت كافية لتظهير صورة الوضع بأنه لا رئيس للجمهورية من دون توافق اكثرية اعضاء المجلس من الطرفين ولو طالت الجلسات الى ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون ودخلت البلاد الفراغ الرئاسي والفوضى الدستورية.

وقد طار نصاب الجلسة بعد دورة الانتخاب الاولى، التي وصفت بانها لجس النبض واستشراف مواقف الكتل، علماً ان حضور الجلسة وصل 122 نائباً بينما النصاب المطلوب لها 86 نائباً، في حين أن النواب الغائبين هم: سليم الصايغ وستريدا جعجع بلا عذر، ونجاة صليبا، نعمة أفرام وفؤاد مخزومي وابراهيم منيمنة بعذر. واعلن الرئيس نبيه بري بعد رفع الجلسة انه لن يدعو الى جلسة ثانية قبل حصول التوافق على مرشح معين.

اضاف: إذا لم يكن هناك توافق واذا لم نكن 128 صوتاً لن نتمكن من إنقاذ للمجلس النيابي ولا لبنان. وعندما ارى ان هناك توافقاً سوف أدعو فوراً الى جلسة، واذا لا فلكل حادث حديث .

وعلمت «اللواء» ان اصوات نواب مجموعة التغيير الـ 11 صبت كلها لمصلحة المرشح سليم ميشال إده، بينما غاب اثنان منهم هما النائب ابراهيم منيمنة الذي اعتذر عن الحضور لإصابته بكورونا، والنائبة نجاة صليبا بداعي السفر والّا لكان اده حصد 13صوتاً. وذهبت اصوات نواب كتل القوات اللبنانية والحزب التقدمي وحزب الكتائب و«تجدد» وبعض المستقلين مثل الدكتور غسان سكاف وبلال الحشيمي وايهاب مطر وربما جان طالوزيان لمصلحة ميشال معوض، اما الاوراق البيضاء فوضعها نواب «امل وحزب الله والحلفاء نواب التيار الوطني الحر وبعض المستقلين»، ووضع النائب عبد الكريم كبارة عبارة «نهج الرئيس رشيد كرامي». وقالت مصادرالثنائي لـ «اللواء» : اننا لن نحرق اصوات مرشحنا من الان وعند الجدّ نضع الاسم الذي نتفق عليه.

وصوّت بورقة «لبنان» 10 هم من «قدامى تيار المستقبل» وثلاثة او اربعة مستقلين.

ولم يعرف من صوت لأسم «مهسا اميني» الايرانية، لكن مصادر نيابية وصفت من صوّت لها بأنه «حرتقجي».

وذكرت مصادر نيابية مطلعة على توجهات الرئيس برّي لـ«اللواء»، ان رفع جلسة انتخاب رئيس للجمهورية لا يعني وقف الجلسات التشريعة، خاصة ان بري أعلن في ختام جلسة الامس انه سيدعو الى جلسة اخرى عند حصول توافق على اسم الرئيس، وبما ان التوافق متعذر حاليا وقد يتأخر حصوله، فقد يعقد بري جلسات تشريعية بين جلستي الانتخاب لدرس وإقرار باقي قوانين الاصلاحات المالية والاقتصادية.

واوضحت المصادر، ان اللجان النيابية تعمل على إنجاز هذه القوانين وغيرها من مشاريع واقتراحات قوانين، وكلما انجزت قانونا سيوضع على جدول اعمال الجلسات التشريعية.

وأبرزت ابرزت محصلة الجلسة اكثر من مؤشر: الاول ان نصاب الثلثين سيبقى هو السائد في كل الدورات للحضور، اما للانتخاب ففي الدورة الاولى 86 وفي الدورات التي تلي 65 حسب المادة 49 من الدستور- وهو ما حرص على تأكيده رئيس المجلس خلال الجلسة– اما الثاني فهو ان لا أكثرية محسومة في المجلس اليوم، وبالتالي التوافق هو البديل عن الفراغ، لان اي فريق مهما تمكن من اجتذاب الاصوات من الان الى الجلسة المقبلة، لن يتمكن بكل الاحوال من انتخاب رئيس صدامي او يحسب على فريق دون الاخر، وإلا فان تطيير النصاب سيكون دائما السيف المسلط للرد على اي محاولة تأخذ البلد الى مزيد من الانقسامات والمحاور.

في كل الاحوال، يبقى السؤال الاهم، هل سيدعو الرئيس بري قريبا لجلسة، ام سيتكرر السيناريو الذي حدث في الجلسة الاولى التي عقدت لانتخاب بديل عن الرئيس ميشال سليمان وعقدت في 23 نيسان 2014، طيّر نصابها ونصاب اكثر من 45 جلسة، ليعود المجلس بعد سنتين، اي في 31 تشرين الاول 2016 لينتخب الرئيس ميشال عون، وبالتزامن لا يتوقف المجلس عن دوره التشريعي، اكان في جلسات تشريعية او الجلسة الإلزامية المرتقبة في اول ثلاثاء يلي الخامس عشر من تشرين الاول لتجديد المطبخ التشريعي واللجان النيابية، فالمجلس سيد نفسه وهو لا يتحول الى هيئة ناخبة الا خلال جلسات الانتخاب، ولا شيء يمنع في حال تشكلت الحكومة من عقد جلسات لنيلها الثقة، لان الرئيس بري بدعوته لجلسة الامس، استلم زمام المبادرة في الدعوى للجلسات، ولم يعد بالإمكان الاجتماع الحكمي في الايام العشرة الاخيرة التي تسبق انتهاء ولاية الرئيس الحالي – اي 31 تشرين الاول – الا من خلاله، حسب ما تؤكد المصادر النيابية.

من جهة أخرى، أشارت "نداء الوطن" الى ان في وقائع الجولة الرئاسية الأولى وما أفرزته في صناديق الاقتراع، ظهر جلياً أنّ تكتلات وكتل المعارضة الرئيسية ربحت هذه الجولة بعدما نجحت في تسجيل عدة نقاط سياسية في مرمى فريق السلطة الذي بدا حابساً الأنفاس وكاتماً "أصواته" النيابية بورقة بيضاء تحت وطأة عدم اتفاق مكوناته على مرشح رئاسي واحد، مقابل ذهاب قوى المعارضة والتغيير بترشيحات جدية إلى الجلسة تقدمها النائب ميشال معوّض الذي حاز بنتيجة التصويت على 36 صوتاً، تلاه مرشح تكتل "نواب التغيير" سليم إدة بـ11 صوتاً، قبل أن تسارع كتل 8 آذار وفي طليعتها نواب "الوفاء للمقاومة" إلى تطيير نصاب الدورة الثانية، متسلحةً بـ63 ورقة بيضاء لتثبيت حجمها النيابي، وليبادر رئيس المجلس تالياً إلى تلقف كرة التعطيل من فريقه السياسي، معلناً رفع الجلسة و"مودّعاً" النواب "على الواقف" بكلمة أشبه بـ"تعليمة" رئاسية مفادها أنه لا ينوي الدعوة إلى جلسة انتخاب رئاسية ثانية قبل أن يتأكد من حصول "توافق... وإلا فلكل حادث حديث".

و"لم يكن تفصيلاً"، بنظر مصادر المعارضة أن يحظى مرشح "يتمتع بمواصفات سيادية من الطراز الرفيع كميشال معوّض بنسبة أصوات كانت ستبلغ 40 صوتاً في الدورة الأولى لولا تغيّب بعض النواب، وكان من المرجح أن ترتفع أكثر إلى حدود الـ50 صوتاً في الدورة الثانية في حال انعقدت، خصوصاً وأن معوّض عبّر بالفم الملآن من المجلس النيابي (عقب انتهاء الجلسة) عن المبادئ والخيارات التي يمثلها بدءاً من مبدأ السيادة والإصلاح ورفض الاستقواء، وصولاً إلى التأكيد على تبنيه خيار التوافق لكن على أن لا يُبنى على أساس وجود سلاح خارج الشرعية أو فرض أيديولوجيات على اللبنانيين، واضعاً ترشحه تحت سقف ركيزة سيادة دولة المؤسسات والدستور والطائف وإعادة ربط لبنان بالشرعيتين العربية والدولية"، معربةً من هذا المنطلق عن ارتياح المعارضة إلى نتائج الدورة الانتخابية الأولى باعتبارها تشكل "حجر الأساس" في توجهاتها حيال الاستحقاق الرئاسي بانتظار تبلور صورة "الاتصالات المستمرة مع سائر تكتلات ونواب المعارضة والتغيير والمستقلين للتقدم خطوات إضافية باتجاه الوصول إلى توافق أوسع على مرشح مشترك لرئاسة الجمهورية".

من جهة أخرى، ونقل زوار عين التينة لـ"الجمهورية" عن الرئيس نبيه بري ارتياحه الى مجريات أولى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، مُعرباً عن أمله في إحراز تقدم نحو التوافق قريبا على الرئيس المقبل حتى تتسنى الدعوة إلى جلسة أخرى.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o