Sep 14, 2022 4:13 PM
خاص

الصراع الأرمني –الأذربيجاني.. مصالح جيوسياسية أقوى من السياسية

يولا هاشم

المركزية – هو الصراع اياه والاشتباكات ذاتها عادت تذر بقرنها بين أرمينيا وأذربيجان. توتر فاحتقان فقصف، بالتوازي مع اتصالات رئاسية بين الدول الكبرى عموما والاوروبية في شكل خاص وتمنيات على الطرفين بعدم الانزلاق الى الحرب. فما هي قصة الصراع المتجدد بينهما؟ 

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية" ان "الصراع يتمحور حول منطقة "ناغورني كاراباخ او ما يسمى بـ"المنطقة السوداء". ففي العام 1992، حققت أذربيجان نوعا من الانتصار واستعادت نصف المنطقة التي كان ثمة صراع عليها في "كاراباخ" ما بين الارمن والروس. لذلك تعتبر اذربيجان ان بنود اتفاق السلام الذي وقِّع بين الرئيس الأذري إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان وما بين الروس أواخر العام 2020 لم تنفذ بنوده نتيجة الصراعات الموجودة داخل الدولة الارمنية، خاصة وان ارمينيا اصبحت تُحكم بتوجهَين: الاول الارمني الموجود في قلب الدولة الارمنية والذي يقوده اليوم رئيس الوزراء باشينيان، والثاني ما يسمى بالميليشيات التي نمت في كاراباخ أثناء الحرب في التسعينات وسيطرت على الدولة الارمنية وجرّتها إلى الحرب والنزاع بشكل دائم دون الوصول الى تسوية اتفاقات فعلية مع أذربيجان، متناسية أن الجانب الأذربيجاني بدأ ينمو ويتضح بأنه يملك ثروات نفطية وغازية، في حين لم يستطع الارمن، بسبب صراعهم السياسي،  الاستفادة من التطورات الجديدة بايجاد اماكن ورؤوس اموال للاستثمار في ميادين جديدة والدخول في المنطقة الاقتصادية الحرة ما بين جورجيا وارمينيا واذربيجان". 

"هذه المجموعة اعتلت السلطة وانتقلت من السلاح والميليشيات الى رئاسة الدولة والوزراء، وبالتالي كل المشكلة باتت معلقة في الدعم الروسي لهذه الجماعات مما ادى الى انقلاب داخلي في اوساط الارمن وبالتالي اعتبروا وجود الروس غير جدي وهم سيفتتحون علاقات جدية مع الغرب والفرنسيين، وخاصة ان ارمينيا تحولت الى سوق سوداء من قبل ايران بالتفافها على العقوبات الدولية. لهذا السبب، في الحرب الاخيرة، فوّض الجميع، بما فيهم اواشنطن وباريس، روسيا بإنهاء هذا الملف. وبالتالي، أُنهي هذا الملف حسب مصالح روسيا، لأن روسيا باعت سلاح لأذربيجان، وهناك طفرة مالية كبيرة في اذربيجان وحقول غاز تم اكتشافها، لكن لا يمكن استخراجها إلا بضمان امان هذه الحقول. وبالتالي وقعت المعركة الاخيرة التي استولى فيها الارذربيجانيون على مساحة شاسعة من الاراضي المتصارع عليها، ووقع الجميع اتفاق انهاء الحرب. لكن مجموعات السلاح حاولت الانقضاض على الحكومة وتحميل مسؤولية الخسارة لباشينيان. وبالتالي نزلت الى الشوارع وحاولت ان تعيق عمل الحكومة ما ادى الى الاستقالات والذهاب نحو انتخابات مبكرة، ونجح باشينيان بهذا العمل، وهنا المسألة الاساسية". 

ويضيف: "لكن هذا الضغط من المجموعات والاحزاب الموالية لروسيا يعوق عمل باشينيان وتطوره والعمل بالرغم من انه يحاول الذهاب الى تطوير المواقف الارمنية وفقا للمصالح الاقتصادية التي فُرِضت على هذه المنطقة. لكن من يعرقل هذا التطور هم الروس الذين يشعرون ان وجودهم في هذه المنطقة نابع من خلال الصراع الذي يغذّونه ما بين الاذربيجان والارمن، واللذين أصبحا في المرحلة الاخيرة يائسَين من تصرفات موسكو ويدعوان الغرب ومجلس الامن للتدخل، ما دفع  بوزير الامن الاميركي ويليام برنز الى التوجه الى ارمينيا واذربيجان من اجل اقامة علاقة جديدة بين الطرفين ودعاهما للجلوس الى الطاولة لانهاء الملف".  

ويؤكد العزي أن سبب الاشتباك الأخير هو ان، منذ قرابة الشهر، بدأت مناوشات محدودة على خلفية تنفيذ الاتفاق القاضي بفتح ممر الى منطقة لاتشين، وهي امارة صغيرة بحكم ذاتي ومنطقة الرئيس الاذربيجاني علييف وتحتاج إلى ممر بري، لذلك اتُفق على فتحه لربط المناطق الاذربجانية بعضها على بعض. لكن واجهته تعقيدات دفعت بالاذربيجانيين إلى شن هجوم واسع لإبعاد المسلحين الكرباخيين عن السيطرة على هذه الحدود. لذلك، فُتِحت النار مجددا بين الطرفين. لكن هذه المرة، في حال لم تتدخل قوى لحسم الأمر وإجلاس الطرفين على طاولة المفاوضات والضغط من قبل موسكو على مجموعة كاراباخ، فإن ذلك سيؤدي إلى سقوط مساحات ومناطق جديدة من المناطق الارمنية نتيجة تفوقهم العددي والبشري ووجود الدعم الكامل التركي والاسرائيلي والغربي". 

ويعتبر العزي أن "في ظل صراع اذربيجان مع ارمينيا لن يستطيع الروس حماية الارمن، لأن الروس يتلاعبون بهذا الملف وخذلوهم اكثر من مرة، وبالتالي، اصبح باشينيان يشعر بحالة من النفور الكامل لما تمارسه روسيا في ارمينيا، فقام بفتح علاقات سرية في البداية مع اذربيجان للتوصل الى اتفاق، ومن ثم مع ايران للتوصل إلى انهاء المشكلة القديمة التي يتلاعب بها العالم، ويدفع الارمن الى الإنغلاق وتكبيل تحركهم او اجبارهم على فتح علاقة اما مع ايران لأنها على حدودهم او مع الروس بحدودهم الجوية. لذلك، فإن باشينيان يفكر بطريقة مختلفة، تقوم على اقامة علاقات دبلوماسية جديدة مع تركيا واذربيجان، ما سيغير مسار الحركة ويجبر تركيا على دفع الملف الفعلي الاذربيجاني-الارمني الى ان يكون ملفا ناضجا، بعكس ما تمارسه روسيا في تغذية الصراع وابقائه على حاله". 

 "من هنا دخلت تركيا على الملف الارمني، واصبح الاتراك موجودين كسعاة خير وسلام أولاً بسبب علاقتهم القوية مع اذربيجان وثانياً بسبب وجودهم على بحر قزوين المشترك مع الدول وممر اجباري لدول وسط آسيا ذات القومية التركية والانتماء العرقي والتوجه الديني الاسلامي. لذلك، نحن امام دور تركي اساسي في هذه المنطقة وبالتالي لم يستطع الروس جعل هذا الملف حيويا لانهائه والانتقال من شعار "الحلف السياسي" الذي كان سائداً في الثمانينات والذي كان يطغى على كل التحالفات الاخرى، إلى شعار "المصالح الجيوسياسية" والتي باتت اقوى من التحالف السياسي".  

ويختم: "الوضع مستمر في التصعيد وهو اليوم صراع روسي - اوروبي في قلب كاراباخ".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o