خطوات تتويج الملك في بريطانيا.. مراسم مهيبة لم تتغير
نتظر تشارلز الثالث عقوداً قبل أن يصبح الخميس، في سن الثالثة والسبعين ملكا خلفا لوالدته إليزابيث الثانية.
وأعلن قصر باكينغهام، الجمعة، أن تشارلز الثالث سيُعلن رسميا ملكا صباح السبت خلال اجتماع لمجلس الخلافة.
ومن المتوقع أن يجتمع مجلس الخلافة الذي يتألف من شخصيات مرموقة، صباحا في قصر "سانت جيمس" في لندن ويعلن أن تشارلز أصبح ملكا.
وسيتلى الإعلان من على شرفة قصر سانت جيمس ثم ينقله أفراد من الحرس الخاص في عربات تجرها خيول لقراءته في ساحة "ترافلغار"، ثم في مبنى "رويال ايكستشنج" التجاري العريق.
بعد ذلك يعلن البرلمان يعلن ولاءه للملك ويعبر عن تعازيه له، ومن ثم يستقبل الملك الجديد رئيسة الوزراء والوزراء بعد الظهر.
أما عملية تتويج الملك في بريطانيا تمر بعدة خطوات، و"يعتبر حفل التتويج، الذي يكون مناسبة للاحتفال، حدثا دينيا مهيبا" وفقا لموقع الملكي الرسمي "رويال".
ويلفت الموقع إلى أن هذه المناسبة بقيت على حالها منذ نحو ألف عام، وتقام في كنيسة وستمنستر بالعاصمة لندن.
ويتم تتويج الملك أو الملكة بعد بضعة أشهر من تنصيبه أو تنصيبها، بعد فترة حداد، وزمن كاف لإتمام الاستعدادات اللازمة لتنظيم الحفل.
ويحضر مراسم التتويج ممثلون عن مجلسي البرلمان والكنيسة والدولة. كما يحضر رؤساء الوزراء وكبار المواطنين من الكومنولث وممثلي الدول الأخرى.
وأثناء الحفل، يؤدي الملك يمين التتويج، واختلف الشكل والصياغة على مر القرون.
ويتعهد الملك بالحكم وفقا للقانون، وممارسة العدالة برحمة (...) والحفاظ على كنيسة إنكلترا.
وبعد أداء اليمين، يتم "مباركة الملك" من قبل رئيس الأساقفة، وبعدها يجلس الملك على كرسي "الملك إدوارد" (صنع عام 1300، ويستخدمه كل ملك منذ عام 1626).
وتستمر المراسم بتلقي الملك الجديد صولجانا وكرة مذهبة (orb and sceptres)، ويضع رئيس الأساقفة تاج القديس إدوارد على رأس الملك، وبعد انتهاء "فعالية الولاء" (البيعة)، يتم الاحتفال.
كنيسة وستمنستر
وترتدي كنيسة وستمنستر حيث ستقام مراسم جنازة الملكة إليزابيث الثانية أيضا أهمية قصوى في بريطانيا منذ ما يقرب من ألف عام.
وفي أربعينيات القرن الماضي، بنى الملك إدوارد المعترف كنيسة حجرية في موقع دير للرهبنة البندكتية تأسس حوالي عام 960، في توسعة كبيرة للموقع.
وبدأت أعمال بناء الكنيسة القوطية المهيبة الحالية، بأوامر من الملك هنري الثالث عام 1245. وصممت لإقامة مراسم تتويج ودفن الملوك.
مراسم تتويج
كان وليام الأول أول ملك يتوج في الكنيسة عام 1066، واستمر التقليد على مر القرون.
في 1953 توجت الأميرة إليزابيث وجلست على كرسي التتويج لتصبح الملكة إليزابيث الثانية، وستقام مراسم التتويج نفسها لتشارلز ابنها البكر.
صنع كرسي التتويج في 1300-1301. ويضم الكرسي "حجر السكون" الذي استخدم لقرون في مراسم تتويج ملوك اسكتلندا.
والحجر سرق لفترة مؤقتة في عملية جريئة لطلاب اسكتلنديين في 1950 كسروه عن طريق الخطأ إلى جزئين.
في 1996 ومع تصاعد المشاعر القومية، أعيد الحجر رمزيا إلى اسكتلندا، لكنه سيعود من قلعة إدنبره إلى وستمنستر لمراسم التتويج.
واحتضنت الكنيسة مراسم تتويج 38 ملكا.
مراسم زفاف
شهدت الكنيسة أيضا مراسم زفاف لأفراد من العائلة الملكية، غالبيتها منذ الحرب العالمية الأولى. أولى تلك المراسم كانت زفاف الملك هنري الأول على الأميرة ماتيلدا من اسكتلندا في 11 نوفمبر 1100.
ووالدا الملكة إليزابيث، الأمير ألبرت الذي أصبح فيما بعد الملك جورج السادس، وإليزابث بوز-ليون، تزوجا في الكنيسة في 1923.
وأقيمت مراسم زواج الملكة إليزابيث وفيليب ماونتباتن في الكنيسة في 1947، لتدخل بعض البهجة في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وشقيقة الملكة، الأميرة مارغريت، وولدي الملكة الأميرة آن والأمير أندرو تزوجوا في وستمنستر.
وآخر زفاف ملكي في الكنيسة كان زفاف الابن البكر لتشارلز، الأمير وليام على كيت ميدلتون في 2011.
وقبل 14عاما على ذلك أي في 1997، حضر وليام في نفس الكنيسة جنازة والدته ديانا بعد وفاتها في حادث سير في باريس.
مراسم جنازة
يعتقد أن 18 من ملوك بريطانيا مدفونون في مقبرة الكنيسة من بين 30 ملك وملكة، أولهم إدوارد المعترف وآخرهم الملك جورج الثاني في 1760.
كما تضم المدافن رفات 3300 شخص من بينهم عدد من أبرز شخصيات التاريخ البريطاني.
ومن بين هؤلاء تشارلز ديكنز وجيفري شوسر وصامويل جونسون وروديارد كيبلينغ وألفرد تنيسون وهنري بورسل ووليام ويلبرفورس ولورنس أوليفييه وتوماس هارد وثمانية رؤساء وزراء.
كما دفن رماد عالم الفيزياء الفلكية الكبير ستيفن هوكينغ عام 2018 بين قبري اسحق نيوتون وتشارلز داروين.
ولشخصيات كبيرة أخرى لوحات في الكنيسة تخلد ذكراهم مثل جين أوستن وبنجامين بريتن ونويل كوارد وفرانسيس دريك وإدغار إلغار ومارتن لوثر كينغ وأوسكار وايلد.
وفيها أيضا شاهد قبر لرئيس الوزراء في فترة الحرب وينستون تشرتشل داخل المدخل الغربي للكنيسة.
وأقيم شاهد القبر قرب مقبرة الجندي المجهول، الذي أحضرت جثته من البر الأوروبي بعد الحرب العالمية الأولى. ويرمز القبر لجميع الجنود البريطانيين الذين سقطوا في المعارك.
عقار تابع للعرش
والكنيسة، واسمها الكامل "كنيسة القديس بطرس الجامعة، وستمنستر" هي "عقار تابع للعرش"، ما يعني أنها لا تخضع لأي سلطة كنسية ما عدا سلطة الملك أو الملكة.
والملك البريطاني هو الرأس الأعلى لكنيسة إنكلترا.
ويمكن للكنيسة في الأوقات العادية استيعاب قرابة 2200 شخص، علما بأن غالبيتهم لن يتمكنوا من مشاهدة مراسم الجنازة بسبب الشاشة التي ستفصل صحن الكنيسة عن الجوقة.
وسيجلس أفراد العائلة الملكية في أقرب مكان إلى النعش.
واحتشد قرابة 8250 شخصا لمراسم تتويج الملكة إليزابيث بعد أن أقيمت منصات مخصصة لذلك.
وكان للكنيسة الواقعة بوسط لندن دور مهم في حياة الملكة الراحلة. فإلى جانب زواجها أقيمت في الكنيسة مراسم دفن والدتها واحتفالات في مناسبات تاريخية خلال عهدها الذي دام لفترة قياسية.
وخلال قداديس وصلوات في الكنيسة، كانت الملكة وزوجها الأمير فيليب يجلسان في كراسي مصنوعة خصيصا من خشب البتولا قدمها "نادي كندا" تخليدا لذكرى الكنديين الذين سقطوا في الحرب العالمية الثانية.
وتركت الملكة بصمتها في الكنيسة.
فقد خُلدت فترة عهدها القياسية في لوحة مرسومة على نافذة زجاجية في الكنيسة كشف عنها في سبتمبر 2018. واللوحة من تصميم ديفيد هوكني وترمز إلى ريف يوركشير في الربيع.
ودشنت الملكة "معارض اليوبيل الماسي للملكة" في يونيو 2018. وتقع المعارض على ارتفاع 16 مترا عن أرض الكنيسة وتضم كنوزا تروي تاريخ الكنيسة.
والكنيسة مفتوحة للعامة وتقيم القداديس والصلوات بشكل عادي.
المصدر: الحرة