البيت الابيض يقتحم ملف الترسيم:التوصل لاتفاق محتمل ونضيق الخلاف
ميقاتي في بعبدا وبري في الجنوب ونواب المعارضة يجتمعون مجددا
جعجع ضد "الاعيب الخفة الدستورية" ورواتب القطاع العام قيد البحث
المركزية- فيما الترقب ينحصر داخليا بمفاعيل اللقاء الرئاسي الخامس في بعبدا ومواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، جاء الحدث من واشنطن مع دخول البيت الابيض مباشرة على خط المواقف الايجابية المتصلة بترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، اذ اعلن "ان حلّ النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل أولوية لإدارة الرئيس جو بايدن والتوصل لاتفاق ترسيم الحدود محتمل، ونحاول تضييق الخلاف بين إسرائيل ولبنان حول ترسيم الحدود، موجها التحية لروح التشاور للمفاوضين اللبنانيين والإسرائيليين حول الحدود".
ليس التدخل الاميركي الرئاسي المباشر في الملف عبثياً ولا يمكن ان يبقى مجرد موقف، فهو يعكس مدى الاهمية التي توليها واشنطن للمفاوضات ووجوب توقيع الاتفاق بين الدولتين للشروع في التنقيب المفترض وفق التوقعات اعتبارا من الخريف المقبل، فهل ان الموقف فعل حث للمفاوضين عشية عودة الوسيط اموس هوكشتاين الى بيروت، لتسهيل مهمته بعدما تم الاتفاق في لقائه مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في اليونان على الخطوط العريضة ويبقى الاطار التنفيذي، ام ان ثمة ما استجد دافعا البيت الأبيض الى "اقتحام" الملف؟
ميقاتي في بعبدا: في الغضون، ووسط انتظار عودة هوكشتاين الى بيروت، بقي الملف الحكومي متقدما على وقع الحديث عن مساع يضطلع بها الثنائي الشيعي لتأمين ولادة حكومية في اقرب وقت. الرئيس المكلف نجيب ميقاتي زار قصر بعبدا في الرابعة بعد الظهر، حيث استقبله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وقال لدى دخوله ممازحا الإعلاميين "الرئيس بري بالجنوب ما فينا نطلع مراسيم اليوم".
كلمة بري: وسط هذه الاجواء، تتجه الانظار الى الكلمة التي يلقيها رئيس مجلس النواب نبيه بري في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر عند الخامسة والنصف، وذلك على مسافة ساعات من انطلاق المهلة الدستورية لدعوة مجلس النواب الى انتخاب رئيس للجمهورية منتصف ليل الاربعاء – الخميس.
احترام الاصول: ليس بعيدا، أكد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم أن الرئيس بري يلتزم دائما بما تفرضه الأصول الدستورية والقانونية وسيدعو ضمن هذه المهلة الدستورية الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية ونحن بحاجة لان يكون الاستحقاق في موعده. وأشار الى أن "الحديث عن خيارات عديدة يعمل لها البعض لملء الشغور الرئاسي في حال حصوله خارج الالتزامات الدستورية سيدخل البلد في سجالات ونقاشات نحن بغنى عنها في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها وطننا". وقال في حديث متلفز " ان هذا الشهر سيكون حاسماً لاستمكال الاتصالات والتشاروات التي تسهّل عملية الانتخاب والوصول الى تفاهم حول الاستحقاق الرئاسي في مواصفاته وفي الشخصية التي ممكن ان تكون شخصية توافقية". وأعلن أننا "لم نسمِ الخيارات بعد بل نترك الأمور الى التفاهم الوطني لأننا نعي الحاجة الى هذا التفاهم والتوافق في هذه المرحلة الدقيقة والمصيرية". ورداً على سؤال في شأن ما إذا بقي الرئيس عون في قصر بعبدا بعد 31 تشرين الأول، قال "نحن في مرحلة ما بعد الطائف والأصول الدستورية لا تحتاج الى تفسير ونأمل ألا نصل الى هذه اللحظة ما دام هناك دستور يحكم وهو الفاصل". ودعا هاشم الى الاقلاع عن المصالح والعصبيات لوضع حد للانهيار الكبير الذي بدأ ينذر بالاخطر مع كل تأخير.
الدستور واضح: رئاسيا ايضا، وفي وقت سجل اجتماع جديد لعدد من نواب المعارضة في ساحة النجمة، أكّدت عضو تكتل الجمهورية القوية النائب ستريدا جعجع ان "فليكن موقفنا واضحا أمام الجميع، ومنذ البداية، نحن ضد كل "ألاعيب الخفّة الدستوريّة" التي بدأنا بسماع طلائعها عبر مصدر وهمس من هنا ومقال وموقف مبطّن من هناك". وشدّدت على أن "الدستور واضح ومواده واضحة ولا تحتمل أي لبس أو تأويل، فبالنسبة لمدّة ولاية رئيس الجمهوريّة فقد نصّت المادة 49 من "الفصل الرابع: السلطة الإجرائيّة" من الدستور اللبناني وبشكل واضح على أن الرئيس "تدوم رئاسته ست سنوات ولا تجوز إعادة انتخابه إلا بعد ست سنوات لانتهاء ولايته"، وبالتالي مدّة ولاية رئيس الجمهوريّة هي ست سنوات بالتمام والكمال ولم تنص المادة على أي امكانيّة للتمديد أو للتجديد في أي حالة من الحالات، وبالتالي فلا إمكانيّة لإطالة ولاية رئيس الجمهوريّة، لأي سبب من الأسباب، سوى بتعديل دستوري يتطلب تصويت ثلثي مجلس النواب عليه، من هنا ليس هناك أي مبّرر دستوري لبقاء رئيس الجمهوريّة في القصر الجمهوريّ ولو لدقيقة واحدة فقط بعد انتهاء ولايته". ولفتت إلى أن "المادة 62 من الدستور اللبناني واضحة أيضاً ولا تحتمل أي لبس أو تأويل وتنص على أنه "في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً بمجلس الوزراء"، لذا وبالنسبة لمن يحاولون التسويق لفكرة أن حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها القيام بالمهمة وبالتالي أصبح هناك ضرورة لاستمرار الرئيس بتوليه مقاليد السلطة منعاً من الفراغ، نقول: لو كان يريد المشترع استثناء حكومة تصريف الأعمال لكان أورد ذلك صراحةً في النص، وهنا نجد أنفسنا مضطرين إلى أن نعود بأصحاب هذه النظريّة إلى مراجع الإجتهاد والفقه الدستوري محلياً وفي معظم دول العالم التي أتت آراؤها واضحة في هذا الخصوص بإمكانيّة اناطة مهام الرئاسة إلى حكومة تصريف أعمال عملاً بمبدأ الإستمراريّة، وتحاشياً للوقوع في الفراغ الدستوري أو في فراغ الحكم، وحرصاً على سلامة الدولة وسلامة المؤسسات والإدارات العامة".
الشيعية الكيانية: على صعيد آخر، إستذكر الرئيس عون الإمام موسى الصدر في الذكرى الـ44 لتغييبه، وقال عبر “تويتر”، إنه “لا يزال حاضراً بيننا بفكره وبإيمانه بلبنان وطن العيش المشترك، وبسعيه من أجل وحدة العائلة اللبنانية”. وأضاف “فيما يفتقد اللبنانيون هذه القامة الوطنية والروحية في هذه الظروف الصعبة، تبقى مواقفه مصدر إلهام للعمل من أجل خلاص لبنان وشعبه". من جانبه، غرد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عبر تويتر كاتبا "أحد أهداف تغييب الإمام موسى الصدر هو تغييب الشيعية اللبنانية الكيانية التي تشاركت مع الجماعات الأخرى بتأسيس الميثاقية اللبنانية". واضاف "في هذه الذكرى الأليمة لتغييبه الـ44 نفتقد إلى دوره في إعادة الاعتبار للجمهورية اللبنانية والدولة اللبنانية ومعنى لبنان".
المرفق العام: اقتصاديا، وغداة سقوط قانون الكابيتال كونترول في مجلس النواب، رأس ميقاتي اجتماعا لـ"اللجنة الوزارية المكلفة معالجة تداعيات الأزمة المالية على سير المرفق العام". بعد الاجتماع قال وزير الاشغال علي حمية "موضوع الاجتماع اليوم يتعلق برواتب القطاع العام لأن اللجنة الوزارية اتخذت سابقا قرارا بزيادة الرواتب لمدة شهرين، وبطبيعة الحال فإن الرئيس ميقاتي وبعملية استباقية منه قبل نهاية شهر أيلول، سيدعو الى اجتماعات مكثفة لرسم خارطة لنهاية العام من حيث كيفية تأمين الإيرادات، وان وزارة المالية ستشرح في الاجتماع الذي دعا اليه الرئيس ميقاتي يوم الاثنين المقبل، تفاصيل رفد الخزينة العامة بالايرادات، وستفصل ما هي الايرادات في الخزينة العامة، وعلى أساسها تقر المنهجية والتصور الجديد حتى نهاية العام 2022، فلا دولة بلا موظفين للقطاع العام، وبالتالي الوضع القائم الأن في الادارات العامة ليس بخير، والهاجس الأساسي هو أن نؤمن مدخولا كريما لموظفي القطاع العام لاستمرارية عمل الدولة".
عون وسليم: الى ذلك، استقبل الرئيس عون وزير الدفاع الوطني موريس سليم واجرى معه جولة افق تناولت شؤون الساعة في البلاد ولا سيما منها الأوضاع الأمنية، إضافة الى التطورات الحكومية وحاجات العسكريين والمؤسسات التابعة لوزارة الدفاع. كما تطرق البحث الى موضوع التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب وظروف عملها ومسائل أخرى تتعلق بمؤسسة الجيش".
السلوم: وفيما لا جديد حول عودة الوسيط الاميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية اموس هوكشتاين الى بيروت، التقى الرئيس عون نائب طرابلس فراس السلوم الذي بحث معه في عدد من المواضيع العامة، لا سيما مسار تشكيل الحكومة الجديدة وترسيم الحدود البحرية الجنوبية، والمواقف السياسية الراهنة. وأوضح السلوم انه بحث مع رئيس الجمهورية في تمثيل الطائفة العلوية في الحكومة وفي الوظائف العامة إضافة الى عدد من الحقوق التي من حق العلويين في لبنان الحصول عليها.