Aug 24, 2022 3:59 PM
خاص

المفاوضات الايرانية – السعودية... مناورة أم تأسيس لعلاقات جدية؟

المركزية - في الساعات الاخيرة، أشارت إيران إلى أن المحادثات مع المملكة العربية السعودية مسألة منفصلة عن محادثات إحياء اتفاق طهران النووي لعام 2015، مضيفة أن التعاون بين طهران والرياض يمكن أن يساعد في استعادة الهدوء والأمن في الشرق الأوسط.  

قبل ذلك، افادت  وسائل إعلام عراقية عن "احتمال قيام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، بزيارة إلى العاصمة العراقية بغداد لإحياء العلاقات الثنائية"، و"أن مرحلة الاجتماعات الأمنية بين الجانبين الإيراني والسعودي قد انتهت ودخل البلدان مرحلة عقد الاجتماعات ذات البعد الدبلوماسي، وأن جولات الحوار الخمس التي استضافتها بغداد نقلت مسار العلاقات السعودية - الإيرانية إلى مرحلة تفاهم وتبادل وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية ووضع مسارات الحلول والمبادرات الاستراتيجية لها". إلا ان هذا الاجتماع لم يبصر النور حتى الساعة، وبالتالي بدأت التساؤلات حول جدية المفاوضات السعودية الايرانية، والى اي مدى ممكن ان تؤدي الى تطورات ايجابية، خاصة وان الامور تدور في حلقة مفرغة بينهما وكأن الطرفين يحاولان ان يقولا للعالم انهما يحاولان وان الامور غير مقفلة، فقط لا غير؟ 

العميد الركن خالد حماده يؤكد لـ"المركزية" أنه "لا يمكن فصل المسارات الدبلوماسية التي تحصل بين ايران والسعودية او بين ايران واي دولة خليجية عن مسار المفاوضات النووية في فيينا، حتى لو حاول الايرانيون التسويق لنوع من الفصل بين المسارات الدبلوماسية ومسارات التفاوض في فيينا. ذلك أن المجريات اليومية تؤكد ان بحث الملف النووي والنتائج التي ستخرج بها هذه المفاوضات هي التي ستطبع مستقبل العلاقات بين السعودية ودول الخليج بشكل عام وايران. صحيح ان المفاوضات لم تتناول مستقبل الأذرع الايرانية ودورها في استقرار الدول العربية، لكن هذه المفاوضات تترافق مع هدوء ملحوظ على كل الجبهات التي تحصل فيها المواجهات، إذ لم تشهد المنطقة منذ اشهر اي إطلاق لمسيرات او لصواريخ باليستية باتجاه جنوب المملكة او الامارات، كذلك نرى التزاما بوقف اطلاق النار في اليمن، برعاية دولية ولكن مع الاعتراف بما قامت به الرياض لتثبيت هذه الهدنة. وبالتالي يُترجم الهدوء الايراني بعدم القيام بأفعال معادية دون ان يتم التطرق الى ذلك في سياق المفاوضات". 

ويشير حماده الى ان "الدول العربية التي تراقب هذه المفاوضات بحذر، تُبدي ما أمكن من حسن النية لدور ايراني آخر في المنطقة، وهذا ما يُعبّر عنه الايرانيون بأنهم أصبحوا على وشك مباشرة عملية سياسية معلنة او تبادل دبلوماسي وسفراء. هذا التعبير يعكس فعلا الاقتراب الحذر الذي تضعه المملكة في المصاف الاول فهي لا تمانع بل تُحفز  على علاقات جيدة مع ايران، لكنها في الوقت عينه تراقب بالعين الاخرى مدى الالتزام الايراني فعلا بالتهدئة وتخفيف حدة التوتر". 

ويعتبر حماده ان "التقارب الايراني السعودي ستكون له انعكاسات ايجابية في حال حصوله وفي حال تم بجدية والتزام، إنما لا يزال هناك وقت طويل لكي تستعيد السعودية ثقتها بالادارة الايرانية، خاصة وأنها تعتبر ان طهران هي وراء زعزعة الاستقرار في سوريا ولبنان واليمن وهي كذلك وراء إحباط العملية السياسية في العراق، فلا يُعقل ان تستعيد العلاقات السعودية - الايرانية مستوى ملموساً من التطور ما لم تُبحث كل هذه الملفات. فالمملكة التي تتمتع بموقع اقليمي ممتاز ولها تحالفاتها مع الغرب كما مع روسيا والصين ولها علاقات اقتصادية كبيرة وتقود حاليا العلاقات الدولية في العالم العربي، غير لاهثة لإقامة علاقات مع طهران". 

ويؤكد حماده ان "الميل للاعتقاد ان هناك دولة من دول الخليج تلهث وراء استعادة العلاقات مع طهران يُجانب الحقيقة، لذلك يمكن التأكيد ان المفاوضات جدية لكنها تتقدم بحذر، ومستقبلها مرتبط مباشرة بمدى الصدقية التي ستُبديها ايران. 
صحيح ان الولايات المتحدة تسوق الملف النووي على اساس أنه السبيل الوحيد لمراقبة الانشطة النووية الايرانية وربما ضبط نسبة التخصيب عند 60 في المئة، قبل ان تبلغ نسبا أعلى من ذلك، وتخوّل ايران الحصول على سلاح نووي، لكن هذا الموضوع لا يقلق دول الخليج لأن السلاح النووي هو للتهديد وليس للاستعمال، والدول الخليجية مأزقها ومشكلتها مع طهران هي من التدخلات السياسية والميليشيوية ومذهبة السياسات في العالم العربي وليس مع السلاح النووي. السعودية ليست عاجزة عن إطلاق مشروع نووي وربما يأخذ سنين معدودة ولا يستلزم كل ما استلزمه المشروع الايراني، فبإمكانها  شراء مواد مخصبة وجاهزة للاستخدام وهناك صداقات عديدة للمملكة مع دول نووية، وبإمكانها امتلاك هذه التقنيات، لكن المسألة ليست في السباق النووي الذي يُرهق الاقتصادات أكثر فأكثر، بل في بناء علاقات حقيقية". 

ويلفت الى ان "ايران حاولت خلال السنوات الأخيرة ان تقول أن بإمكانها تغيير واقع العالم العربي والتصرف وكأن ليس هناك اي قوة أخرى عربية بإمكانها التأثير على المشروع الايراني، إنما ثبُت بالتجربة الطويلة ان طهران استطاعت تقويض الاستقرار في عدد من الدول لكنها لم تستطع فعلا ان تمتلك حلفاء وازنين أو ان تغيّر فعلا طبيعة الحياة السياسية والعلاقات العميقة التي قد يرتبط بها الشعب الايراني بشعوب المنطقة. فالقيادات السياسية في المنطقة ليست فقط هي التي تحاذر الاقتراب من طهران بل شعوب المنطقة أيضاً تحاذر الاقتراب منها ومن مشروع ولاية الفقيه. وقد شاهد العالم ما يجري في العراق، وكيف ان مقتدى الصدر الذي يمتلك الاكثرية في البرلمان لا يريد هذا النفوذ في العراق. كذلك شاهدنا هذا النفوذ في سوريا وكيف انهارت سوريا ولكن لم تتمكن فعلا طهران من تغيير المعادلة وتثبيت دولة تحكم سوريا متحالفة معها، وكذلك في لبنان بالرغم من غطرسة حزب الله وسيطرته على الحياة السياسية، نرى في المقابل ان هناك فعلا عدائية واضحة تجاه المشروع الايراني في كل المناطق اللبنانية حتى ولو تغنى حزب الله بتحالفاته هنا وهناك مع هذا الزعيم السياسي او ذاك". 

ويختم حماده: "اذا العلاقات الجيدة هي مصلحة لطهران كما هي مصلحة للدول العربية شرط ان تكون فعلا محكومة بالجدية والصدقية لأن المحاولات السابقة لترميم علاقات ايران الخليجية كانت تتوقف لأسباب مجهولة فيما تستمر الانشطة الايرانية بتقويض استقرار دول المنطقة".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o