Aug 09, 2022 6:49 AM
صحف

هل تبلّغ لبنان طلبًا إسرائيليًا عبر دولة شقيقة أو صديقة بتأجيل الترسيم؟

نفى مصدر لبناني واسع الاطلاع لـ «الأنباء» الكويتية، ان «يكون لبنان قد تبلغ عبر دولة شقيقة او صديقة، بأن إسرائيل تريد تأجيل حسم ملف الترسيم للحدود البحرية مع لبنان الى ما بعد الانتخابات النيابية المبكرة في نهاية الخريف المقبل، وأن أي رسالة او معلومات او معطيات او تقرير لم يرد الى الجهات الرسمية بهذا الخصوص». وأوضح المصدر ان «الجهة الوحيدة التي تقوم بدور الوسيط هي الولايات المتحدة الأميركية عبر السفير آموس هوكشتاين، والأخير لم يبلغ السلطات الرسمية اللبنانية بأي موقف جديد، وهو موجود في إسرائيل يستكمل مباحثاته مع المسؤولين هناك، ونحن ننتظر عودته الى لبنان بالجواب على المقترح اللبناني الذي نأمل ان يكون إيجابيا وواضحا مما يعيد تحريك المفاوضات غير المباشرة للانتهاء من الترسيم سريعا».

يذكر أن مهلة الأسبوعين التي طلبها الوسيط الأميركي هوكشتاين في زيارته الأخيرة الى لبنان، للعودة بالجواب الإسرائيلي على الموقف اللبناني حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، لم تنقض، علما ان لبنان اكد ان آخر ما يمكن ان يتنازل عنه هو اعتماد الخط 23 حدودا بحرية زائدا حقل قانا، ولا يمكنه القبول بأقل من ذلك. كما ان لبنان أصر على ان تكون الإجابة الإسرائيلية خطية وليست شفهية، وفي حال كانت إيجابية تتم العودة فورا الى اجتماعات الناقورة برعاية الأمم المتحدة وبوساطة مسهلة أميركية لتحديد الإحداثيات التقنية قبل التوقيع على المحاضر، بحيث تجتمع الحكومة اللبنانية استثنائيا لتعديل المرسوم 6433 بإضافة حقل قانا الى الخط 23.

وقالت مصادر متابعة لملف الترسيم لـ«الجمهورية» ان لبنان لن يقبل بأي تأجيل اسرائيلي للبَت النهائي بملف ترسيم الحدود لاقتناعه انّ هذا التأجيل ينطوي على توجه اسرائيلي للهروب من هذا الاستحقاق، او على الاقل الهروب من الاقرار بحدود لبنان وحقوقه النفطية والغازية اذ لا ضمان في انّ اسرائيل ستعود الى التفاوض لإبرام الاتفاق مع لبنان بعد انتخاباتها، التي قد توصِل الى السلطة جهات اسرائيلية متشددة ترفض الاقرار بحقوق لبنان التي تحددها المواثيق والقوانين الدولية المرعية الاجراء.

في هذه الاثناء افادت وسائل إعلام اسرائيلية ان المبعوث الأميركي الخاص بقضية ترسيم الحدود البحرية مع لبنان اموس هوكشتاين موجود في إسرائيل، ويتابع ملف ترسيم الحدود.

وفي انتظار عودته الى بيروت، استقبل نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب امس سفير قطر في لبنان ابراهيم بن عبد العزيز السهلاوي وبحث معه في موضوع ترسيم الحدود البحرية والتطورات الاقليمية.

الى ذلك تترقب الاوساط السياسية مواقف ينتظر ان يعلنها الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله اليوم في ختام مسيرة العاشر من محرّم في ضاحية بيروت الجنوبية، والتي يتوقع ان يتطرّق في جانب منها الى ملف ترسيم الحدود البحرية، وهو كان قد أمل حتى ايلول أنه سيُبَت بهذا الملف في ضوء ما يُشاع من ايجابيات حول امكان التوصل الى اتفاق في شأنه قريباً.

وفي سياق متصل قال رئيس معهد أبحاث الأمن القومي والرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال عاموس يادلين إنّ «حزب الله» اللبناني سيفكر مرتين في أي مواجهة، وسيفكر في قضية منصة كاريش خصوصا بعد العملية العسكرية ضد قطاع غزة».

واضاف يادلين في تصريح للاذاعة الاسرائيلية «انّ أهداف العملية التي اطلقت عليها اسرائيل اسم «الفجر الصادق» كانت محدودة، ونتائجها حققت زيادة وقوة للردع الإسرائيلي».

واشار إلى أن نصرالله «ينظر ويرى دقة المخابرات الإسرائيلية في معرفة اماكن اختباء القادة، وان دولة إسرائيل تعرف أيضا كيفية ربط النيران بدقة». وقال: «حزب الله» عليه ان يفكر مرتين وان يستخلص النتائج الذي رآها في العملية الاخيرة كرادعٍ له في قضية الحدود البحرية الجنوبية»، وفق صحيفة «معاريف» العبرية. وشدّد يادلين على أن «اسرائيل ستتعامل بقوة مع «حزب الله» اكثر من تعاملها مع الجهاد الاسلامي».

كشفت مصادر ديبلوماسية وسياسية عليمة لـ"الجمهورية" بأن هوكشتاين الذي عبّر عن ارتياحه لحسم لبنان موقفه المتجاوب معه، وجّه اكثر من دعوة الى الجانبين اللبناني والإسرائيلي الى عدم الاخذ بأيّ من السيناريوهات الاعلامية التي تسرّبت في الدولتين، وانه عليهما عدم الاخذ سوى بما يقدمه على الورق ومن هنا كان حرصه على إبقاء إثنين من فريق عمله في بعبدا ليعملا مع الفريق اللبناني المتخصّص لنقل وجهة نظر لبنان الدقيقة وصياغة الاقتراحات كما انتهت اليها اجتماعات قصر بعبدا مع رئيس الجمهورية ورئيسي المجلس النيابي والحكومة، وما عبّرا عنه من موقف جامع لا يقبل اي تفسير قبل ان يعود من تل أبيب بالموقف الرسمي وبالصيغة عينها التي حملها من لبنان.

من جهتها، أشارت "الاخبار" الى ان المعنيين بالملف يبدون أكثر ميلاً للقول إن «الاتفاق صارَ أقرب من أيّ وقت مضى للأسباب المذكورة»، لكن «على لبنان أن يراه مكتوباً للتوقيع عليه». وأشار هؤلاء إلى تفاصيل الاتفاق التي وافقَ عليها العدو الإسرائيلي في المضمون، لكنه لا يزال يبحث عن مخرج شكلي لها. وفي هذا الإطار، أشار المعنيون إلى أن هذه التفاصيل تتضمّن اعترافاً إسرائيلياً بالخط 23 مع تعديل بسيط في إحداثيّاته، والإقرار بحقّ لبنان بالبلوك الرقم 8 كاملاً، وعدم وجود شركات تجارية مشتركة، فضلاً عن أن حقل قانا سيكون من حصة لبنان. لكن في هذه النقطة، تقول مصادر مطلعة إن «العدو الإسرائيلي لا يُمكِن أن يتنازل عن هذا الحقل من دون مقابل، فقانوناً يحتاج أيّ تنازل عن ملكية إسرائيلية (يعتبرون الحقل من حصة إسرائيل) إلى موافقة مؤسسات عدة في الكيان؛ منها رئيس الدولة ورئيس الحكومة مع ثلثي أعضائها، فضلاً عن غالبية الثلثين من أعضاء الكنيست، وهو أمر غير متوافر»، لذا «يبحثون عن مخرج يتحدث عن سيادة إسرائيل على الحقل، على أن يكون مخزونه ملكاً للبنان». ويتفرّع من هذه النقطة تفصيل آخر متعلّق بعمل الشركة التي ستُنقب في حقل قانا، فهل ستكون بحاجة إلى إخطار أم إلى إذن من العدو كلما أرادت الدخول إلى الحقل؟ وحسب المصادر، وافقَ هوكشتين نفسه خلال لقاء بعبدا على أن يكون إخطار بالعمل حتى لا تتحكم «إسرائيل» بالتنقيب داخل الحقل.

كل هذه المعطيات تعكس دفعاً لإحداث خرق في جدار ملف الترسيم، مع العدّ التنازلي للمدة الزمنية التي وضعها لبنان، فضلاً عن تطوّر جديد دخل على خط التفاوض يتمثّل في اعتراف اليونان بملكية شركة «إنيرجيان» أو جزء منها ووجود عاملين يونانيين على متنها، ما قد يضعها أمام ضغط شعبي كبير يمنعها من المخاطرة بأرواح مدنيين يونانيين من خلال العمل في بؤرة أمنية حساسة. وإذا كانَ البعض يميل إلى التفاؤل، فإنّ ذلك لا يبدّد خطر التصعيد في أي لحظة إذا لم يصِل العرض مكتوباً خلال الأسابيع القليلة المقبلة، كما لا يلغي الخلافات الداخلية المستترة حتى اللحظة، إذ لفتت المصادر إلى «وجود خلاف بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فالأول يريد توقيع الاتفاق في قصر بعبدا بشكل منفصل، أما الثاني فيُصرّ على أن يكون التوقيع في الناقورة».

في المقابل، لفتت "نداء الوطن" الى ان هوكشتاين الذي لن يعود من دون جواب اسرائيلي واضح وحاسم يأخذ في الاعتبار تهديدات «حزب الله» ويتعاطى على اساسها بدليل الاستيضاحات التي طلبها من المعنيين بالملف والمطلعين على موقف «حزب الله»، وهنا تؤكد مصادر موثوقة انه وخلافاً لما اشيع فلا وجود لوساطة عربية مع «حزب الله» بملف الترسيم البحري، على اعتبار ان حضور الاميركي يلغي الحاجة لأي وساطة والاتصالات متواصلة بينه وبين الحكومة ومدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم.

بات «حزب الله» في جو ان اسرائيل لا ترغب بحرب مع لبنان وابدت استعدادها للاعتراف بحق لبنان في الخط 23 كاملاً مع قانا كاملة، مقابل التنازل من جانب لبنان عن مساحة من البلوك رقم ثمانية ربما تكون على احد اطرافه، بحجة الحاجة الى اقامة تمديدات لبعض الخطوط باتجاه قبرص.

والصحيح ايضاً انها باتت محشورة على ابواب انتخاباتها ولذا فهي ارسلت نصيحة للبنان تطلب منح المزيد من الفرصة وارجاء البت بالموضوع الى ما بعد الانتخابات الاسرائيلية. أبلغ اللواء ابراهيم المعنيين بالطلب الاسرائيلي وتبلغه «حزب الله» الذي اعتبر نفسه غير معني بالمهل الزمنية التي يحددها العدو، ولا تدخل الانتخابات الاسرائيلية في حساباته اياً كانت النتائج وانه لا يزال مصراً على المهل التي التزم بها، والتي سبق وأعلنها امينه العام السيد حسن نصرالله اي بداية ايلول، والا فهو لن ينتظر مزيداً من الوقت ريثما تكون اميركا أمنت مصادر نفط جديدة لاوروبا بينما لبنان غارق في الانتظار. يرفض «حزب الله» منح اسرائيل المزيد من الوقت او التراجع عن المهلة التي حددها الامين العام، ولغاية اليوم لم يتلق جواباً اسرائيلياً على المقترحات اللبنانية المتعلقة بالترسيم ولم يبد الوسيط الاميركي اي تعليق على رفض المهل التي تطلبها اسرائيل.

في هذا الوقت لمس المسؤولون في لبنان ان انجاز الترسيم للحدود البحرية قد يشكل مدخلاً لانجاح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ويشكل بوابة لأي مساعدات دولية مطلوبة ودونه فسيكون الامر مقتصراً على مساعدات انسانية محدودة. والمتوقع حسب بعض المطلعين على الملف عن قرب ان عهد عون سيشهد فقط انطلاقة المفاوضات مجدداً في الناقورة اما مرحلة التوقيع فستكون حكماً خارج عهده. لكن مصادر مغايرة مواكبة للمفاوضات تقول ان العودة الى الناقورة ان حصلت فستكون عودة تقنية، والاتفاق ان حصل فسيوقعه تقنيون عن الجانبين اللبناني والاسرائيلي ويتم ابلاغه الى الامم المتحدة بعد ان يرفع للحكومة ثم يقره مجلس النواب.

بالموازة يُنقل عن مسؤول كبير في الدولة قوله ان الموقف اللبناني الموحد دونه عقبات تتعلق بالمراحل الثانية لانجاز الترسيم، ومن سيوقع على اتفاقية الترسيم وهل ستكون معاهدة يجب ان يوقعها رئيس الجمهورية او اتفاقية تجارية يلزمها العودة الى مجلس الوزراء مجتمعاً. يترك ميقاتي الملف في عهدة عون ولا يرغب بالتدخل في تفاصيله ويتجنب المسؤولية بينما تفصله عن نهاية عهد عون ايام معدودة.

ويبدي المسؤول قلقه لان اي طرف في لبنان لا يملك الاحداثيات التفصيلية التي تمتلكها اسرائيل حول ملف الترسيم ما يثير الريبة من نوايا اسرائيل، التي وان كانت تتحاشى الحرب مع لبنان لكن من غير المعلوم ما الذي ستعطيه بعد بالتحديد والشيطان يكمن في التفاصيل.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o