Aug 08, 2022 7:38 AM
صحف

شروط باسيل مَكمَن التعطيل هل يعتذر ميقاتي عن عدم التأليف قبل نهاية العهد؟

يشهد العالم أزمات ساخنة على امتداد الكرة الأرضية، من إعلان الصين وقف التعاون مع واشنطن في مجموعة من القضايا الأساسية، بما في ذلك مكافحة المخدّرات والمحادثات حول تغيّر المناخ، وذلك رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لتايوان، والتي أثارت توترا بين بكين وتايبيه، إلى استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا وما تثيره من استنفار أوروبي ضد موسكو، وصولاً إلى المحادثات الأميركية ـ النووية التي ما زالت تراوح، وتجدُّد العنف بين إسرائيل وحركة «الجهاد الإسلامي» وفي ظل المخاوف من تمددها لتشمل «حماس» و«حزب الله» الذي كان أساساً قد حَدّد نهاية أيلول آخر مهلة للترسيم واستخراج الغاز، ومن دون التقليل من الأزمة السياسية المتفاقمة بين «التيار الصدري» و«الإطار التنسيقي» الشيعي في العراق، والتي تتجه إلى مزيد من فصول التصعيد.

فالتوتر بهذا المعنى يشمل الدول الكبرى، أي الولايات المتحدة والصين وروسيا، وهنا تكمن خطورته، وهذا بالإضافة إلى توترات في أكثر من بقعة في العالم. وبالتالي، في هذا المناخ المتشنِّج بالذات يقترب لبنان من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية وسط اشتباك سياسي-إعلامي بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وفي ظل عدم قدرة فريقي الموالاة والمعارضة، حتى اللحظة من الاتفاق على مرشّح واحد من داخل صفوفهما.

وقالت مصادر معارضة لـ«الجمهورية» انّ «العبرة من كل ذلك انّ الانتخابات الرئاسية تأتي وسط توتر بين الدول الكبرى، وانعكاسات الحرب الأوكرانية، وتجميد الاتفاق النووي، وغياب التوافق الإقليمي، والتسخين المرتبط بالترسيم، فضلاً عن غياب أكثرية مرجحة لدى اي فريق داخلي. وبالتالي، السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن انتخاب رئيس في ظل انشغال العالم بأزماته العاصفة، ونصف الانتخابات الرئاسية هو خارجي، وانقسام الداخل وانزلاقه إلى توتر، ما يعني ان النصف الآخر معطّل بدوره؟

ولاحظت هذه المصادر «انّ هجوم باسيل على ميقاتي لا يخرج عن السياق الرئاسي، خصوصاً ان «التيار الوطني الحر» يخوض كل استحقاقاته على وقع التسخين السياسي، سواء من أجل شدّ عصب بيئته في استحقاق يخوضه مسيحياً، او من أجل إيصال الرسائل إلى حليفه «حزب الله» الذي كلّف ميقاتي، بأن عدم حسمه الاتجاه الذي سيعتمده رئاسياً لن يُبقي الوضع السياسي مستقراً، وهجومه العلني على ميقاتي يعكس رسائل امتعاض إلى حليفه الذي وافقَ على تكليف بلا شرط تأليف حكومة تشكل ورقة قوة للعهد في أشهره الأخيرة، الأمر الذي حرمه من منصة متقدمة لباسيل في خوضه الانتخابات الرئاسية، وان يكون في موقع متقدم في الفراغ الرئاسي، بدلاً من ان تكون هذه الورقة في يد ميقاتي منفرداً، الأمر الذي قد يمهِّد لخيارات «دستورية» قد يعتمدها رئيس الجمهورية والتي ستُدخل البلاد في فوضى دستورية بين مُدافِع عن هذا التوجه وبين رافض له».

ورأت المصادر نفسها ان «كل المؤشرات تدل إلى انّ الحماوة الرئاسية لن تبدأ مع بداية المهلة الدستورية، إنما مع بداية تشرين الشهر الأخير لانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، فيما من غير المعروف كيف ستتمكن باريس التي دخلت على الخط الرئاسي من إنتاج تسوية في ظل ظروف داخلية معقدة، ووضع خارجي متوتر؟».

وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ "اللواء" ان الاستحقاق الرئاسي سيكون الشغل الشاغل، حتى ان رئيس الجمهورية سيدخل على الخط، وقد تكون له مواقف منه بشكل متقطع.

ولاحظت المصادر ان حرب البيانات بين التيار الوطني الحر ومكتب الرئيس ميقاتي تراجعت، لكن لا شيء يمنع ان تشتعل مجدداً.

وتوقعت مصادر سياسية تصاعد لهجة التراشق السياسي كلما اقترب حلول الموعد الدستوري لاجراء الانتخابات الرئاسية، في ضوء اغلاق ملف تشكيل الحكومة الجديدة والتركيز على تسيير الامور من خلال حكومة تصريف الاعمال حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وابدت المصادر خشيتها من تاثير حملة التهجم الاخيرة لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على مهام حكومة تصريف الأعمال، وتسيير شؤون المواطنين والدولة عموما، والدخول في مرحلة الجمود الحكومي حتى إنتهاء ولاية الرئيس عون ، بعدما اصابت هذه الحملة العلاقة بين الرئاستين الاولى والثالثه بمزيد من التدهور، بسبب انسداد كل مسارات تشكيل الحكومة الجديدة بفعل الشروط والمطالب التعجيزية للنائب باسيل الذي حاول تنصيب نفسه مقررا، بالتشكيل مكان رئيس الجمهورية خلافا للدستور والقوانين.

ونفت المصادر قيام اي وساطات او اتصالات من اي جهة كانت، لوقف حملات التراشق واعادة احياء حركة التواصل بين الرئاستين الاولى والثانية من جديد، الا انها لم تستبعد معاودة الاتصال بينهما بعد تبريد الاجواء بوقت قصير الا اذا استمرت وتيرة الحملات على حالها بالايام المقبلة.

وكشفت المصادر نقلا عن مقربين من التيار الوطني الحر، ان النائب باسيل الذي يواصل حملته على الرئيس ميقاتي في اللقاءات مع كوادر التيار، يعتبر انه بالتحالف مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مسؤول عن اجهاض وتعطيل كل خطوات الاصلاح وانقاذ الدولة من الازمة الحالية، وهم مسؤولون عن حماية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من المساءلة والملاحقة القضائية وغيره من كبار الموظفين البارزين.

وتضيف المصادر ان باسيل الذي يرفض رفضا مطلقا تاييد ترشيح خصمه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، لان الاخير لم يؤيد انتخاب العماد عون، وليس له قاعدة تمثيلية واسعة، يسعى حاليا لفتح ثغرة في علاقاته المسدودة مع معظم الاطراف السياسيين، من خلال إعادة التواصل مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، عبر أصدقاء مشتركين، على أمل ان يؤدي ذلك الى ترتيب عقد لقاء برعاية البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي ،لبحث موضوع الانتخابات الرئاسية والاتفاق على مرشح يمثل الطرفين، باعتبارهما أكبر قوتين مسيحيتين في لبنان. ولكن محاولات رئيس التيار الوطني الحر لم تلق ترحيبا من قبل القوات اللبنانية، التي اختبرت التعاطي مع رئيس الجمهورية وباسيل بعد تفاهم معراب طوال السنوات الماضية، واصيبت بخيبة امل كبيرة جراء تملص رئيس التيار من كل التزاماته، والتعاطي بكل سلبية معها، والاستمرار بنهج مغاير لمصلحة لبنان واللبنانيين، وقد تم إبلاغ كل الوسطاء بهذا الموقف.

وحسب "أساس"، أحد أكبر أخطاء حزب الله بحقّ العهد، برأي النائب جبران باسيل، منح حليفه الاستراتيجي الغطاء السياسي لإعادة تكليف نجيب ميقاتي الذي استثمر، عن سابق تصوّر وتصميم، هذه الورقة “لعدم تشكيل آخر حكومات العهد”.

هي نقطة تباعد إضافية بين الطرفين وصلت إلى حدّ تحذير باسيل حزب الله من تسليم نجيب ميقاتي ورقتَيْ التصريف والتكليف، وما بينهما التأليف، من دون أيّ اعتبار لخطورة المرحلة ولقرب نهاية ولاية ميشال عون، قائلاً لأحد مسؤولي الحزب: “إذا إنتو بدكم هيك، فإذا صحتين على قلبو (ميقاتي)”.

عملياً، لم يكن السجال عالي السقف بين ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر في الأيام الماضية سوى أحد أوجه الخلاف المزمن بين الطرفين بدءاً من تجربة 2011 الوزارية وصولاً إلى تمنّع تكتّل باسيل مرّتين في العهد الحالي عن تسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة.

وفق المعلومات، بدأ باسيل، مدعوماً من رئيس الجمهورية، بممارسة الضغوط السياسية والمعنوية لدفع ميقاتي إلى الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة قبل نهاية الولاية الرئاسية، وهو ما يُسقط ورقة التكليف من يد رئيس حكومة تصريف الأعمال.

فالعجز عن تأليف الحكومة، برأي عون وباسيل، يفترض وضع حدّ للتكليف عبر تقديم ميقاتي اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، خصوصاً على مشارف نهاية ولاية رئيس الجمهورية.

أمّا في حال تمسّك ميقاتي بالتكليف، وهو الأمر المرجَّح، فإنّ فريق رئيس الجمهورية وباسيل سيركّز على حتميّة سقوط ورقة التكليف دستوريّاً. لكنّ أوساط الرئيس المكلّف تجزم أنّ “الكرة هي في ملعب رئيس الجمهورية لجهة كسر حال المراوحة من خلال مبادرة رئاسية تصل ما انقطع بين عون وميقاتي”.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o