Jul 23, 2022 12:01 PM
خاص

نظريتان تتحكمان بمفاوضات الترسيم "مسيّرة" ام "مخيّرة

المركزية – منذ ان أطلق حزب الله مسيراته "السلمية" الثلاث في الثاني من تموز الجاري باتجاه المنطقة الاقتصادية الخالصة لفلسطين المحتلة، لم يثبت حتى هذه اللحظة انها بلغت "منصة كاريش" قبل اكتشافها وتدميرها. فليس هناك ما يثبت ذلك لا في الإعلام الحربي التابع لحزب الله ولا من الجهة الاسرائيلية وهو ما ترك علامات استفهام كثيرة حول مدى تأثيرها على مسار المفاوضات التي قادها رئيس الوفد الاميركي المسهل إلى مفاوضات الناقورة اموس هوكشتاين.

و بمعزل عن الترددات السياسية التي تركتها العملية وردات الفعل المتفاوتة عليها، بقي ما هو مطروح بشأن المفاوضات يتصل باستكشاف ما غيرته هذه العملية في مسار المفاوضات، ليقع الخلاف حول نظريتين:

- الاولى اعتبرتها حادثة عابرة "تبرأ" منها لبنان الرسمي و"استوعبها" المفاوض الاميركي، وان ما تعهد به الوسيط الاميركي يمكن ان يتجاوز تردداتها وما يمكن ان يعود به من تجاوب اسرائيلي مع الطرح اللبناني يسمح باستكمال مهمة الترسيم الى النهاية الايجابية المعلن عنها. 

- اما النظرية الثانية فقالت انها حادثة تجاوزت موقف حزب الله ودوره على الساحة الجنوبية  ومفاعيله لتعتبر أنها جاءت في توقيتها وشكلها ومضمونها مرتبطة بمسار المفاوضات الايرانية – الاميركية، وان ما قام به الحزب  يتجاوز دور ومهمة الوسيط الاميركي لترتبط العملية بملف الطاقة العالمية طالما ان شرق المتوسط بات مصدرا  للبدائل المفقودة منها بعد العقوبات على موسكو وتقنين وارداتها الى أوروبا.

وعلى خلفية التناقض بين النظريتن يدافع المنغمسون في الدفاع عن  النظرية الأولى بالتأكيد ان الوقائع التي جرت حتى اليوم، تثبت ان عملية المسيرات كانت مجرد عرض قوة، وان ما يمكن ان يحققه الوسيط الاميركي بات على مسافة قصيرة من ان يترجمه عمليا بانجاز عملية الترسيم على مراحل تبدأ محطاتها الاولى بعودته إلى لبنان بموقف اسرائيلي ايجابي، ينهي ما هو قائم من تردد ويقود الى التفاهم النهائي في ايلول المقبل تزامنا مع بدء استخراج الغاز من منصة "اينيرجي باور" في نفس التوقيت ويسمح للبنان باستئناف أعمال الاستكشاف في الوقت عينه.

اما دعاة النظرية الثانية، فهم  ومن موقع الدفاع عنها يؤكدون ان العملية تمت بقرار وتوقيت إيراني لا علاقة للبنان بهما. وأنه يجب النظر اليها من باب الربط مع مصير المفاوضات الاميركية – الايرانية المعقدة والتي لم تنته بعد إلى اي نتيجة ايجابية، وهو ما سيقود إلى الاعتبار ان ايران باتت حاضرة بقوة في قلب مفاوضات الترسيم وربطت مصيرها والتفاهمات الأخرى التي قد تمتد إلى مصير المفاوضات السعودية – الايرانية وصولا الى التفاهم حول الملف النووي.

و بمعزل الدفاع الممكن عن النظريتين، فان مراجع ديبلوماسية وسياسية عليمة عبرت ل "المركزية" عن خشيتها من ان تتعقد المفاوضات التي يقودها هوكشتاين في الأيام المقبلة، وهو ما سيظهر ان جاء إلى بيروت بسلة جديدة من الشروط الاسرائيلية من مصير حق لبنان بـ "حقل قانا" واعادة النظر بالخط المتعرج في البلوكين 8 و9 التي تدفع لبنان الى مواقف متصلبة، كان قد تجنبها سابقا عندما تجاهل الخط 29 وقبل بتعديلات انحصرت بما قبل به وصولا الى النقطة 23.

وتأسيسا على هذه المعادلة فان الرهان – وبحسب المصادر الديبلوماسية عينها -  يبقى على الموقف الاسرائيلي الايجابي الذي سيعود به الموفد الاميركي وقبوله بالطرح اللبناني الأخير الذي بني قبل حادثة المسيرات، فتنتفي مفاعيلها بطريقة تسقط كل النظريات التي بنيت من حولها على انها كانت المحطة الفاصلة في مصير المفاوضات. وفي حال العكس تخشى المراجع عينها ان تكون هناك اكثر من قطبة مخفية تضعف موقف لبنان الرسمي أمام نظريات حزب الله واسرائيل التصعيدية وتعيد خلط الاوراق من جديد وقد تطلق العنان للعمليات العسكرية بشكل من الأشكال قبل التفاهم على توقيت متزامن بين حفظ حق لبنان بالحد الادنى الذي وفرته التسوية الاخيرة او تتحول المنطقة الى "بركان امني" من جديد يعيد خلط الاوراق، ليس على الساحة الديبلوماسية والسياسية فحسب، انما ستطال قطاع الطاقة بما لا يتوقعه احد من ترددات سلبية عندما تنقاد المنطقة الى مواجهة يعرف الجميع موعد اندلاعها من دون اي تقدير لنهايتها.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o