Jul 15, 2022 3:21 PM
خاص

رسائل متبادلة بين طهران وواشنطن... والمنطقة بين التهدئة والتصعيد!

المركزية - دعا الرئيس الأميركي جو بايدن إيران للعودة الى الاتفاق النووي، مجددا رفضه حذف الحرس الثوري الإيراني من لائحة الإرهاب، وذلك في مستهل زيارته إلى إسرائيل؛ المحطة الأولى في جولته في المنطقة، والتي يستكملها بزيارة السعودية والمشاركة في قمة دول "مجلس التعاون الخليجي" حيث سيجري لقاءات ثنائية مع عدد من قادة المنطقة وأهمها مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. 

وأكد بايدن في المؤتمر المشترك مع رئيس حكومة تصريف الأعمال الجديد يائير لابيد، بعد توقيع "إعلان القدس"، أن "إيران لن تحصل أبدا على السلاح النووي، وان الدبلوماسية أفضل السبل لمنع إيران من حيازة هذا السلاح. لن ننتظر إلى الأبد ردا من إيران بخصوص المحادثات النووية، ويجب منع إيران من تسليح التنظيمات الإرهابية بينها حزب الله". وأضاف "نسعى إلى تحقيق أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط ودمج إسرائيل في المنطقة". 

في المقابل، حذر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من أن بلاده سترد على أي تحرك يستهدفها، وان بلاده ترصد التطورات في المنطقة بدقة، ولن تغفل عن أي تحرك فيها، مؤكدا أن بلاده لم تترك الاتفاق النووي، وأن سياسة الضغوط القصوى لم تحقق أهدافها. وأضاف رئيسي أنهم أبلغوا الأميركيين مرارا بأن إيران سترد بحزم على أدنى تحرك يستهدف وحدة أراضيها، مشيرا إلى أن مساعي واشنطن في المنطقة لن تحقق الأمن لإسرائيل. 

فكيف يمكن قراءة الرسائل المتبادلة بين طهران وواشنطن وما هي تداعياتها على المنطقة؟  

مدير "معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية" الدكتور سامي نادر يؤكد لـ"المركزية" ان "أهم ما جاء في البيان المشترك بين بايدن ورئيس الوزراء الاسرائيلي بعد التوقيع على "اعلان القدس" هو تأكيده على الشراكات. فالزيارة جاءت تحت عنوان "تحصين الشراكات"، شراكات الولايات المتحدة في المنطقة والتي ضربتها نكسة، والتي كانت قد انتعشت نوعاً ما في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، علما ان الأخير كان من جهة يريد تحصين هذه الشراكات ومن جهة اخرى لم يكن متحمسا للبقاء في المنطقة". 

ويشير نادر الى ان زيارة بايدن حملت ثلاثة عناوين رئيسية: الاول احتواء التضخم، خاصة وانه بات يشكل مشكلة على الاقتصاد الاميركي، وهذه المرة الاولى منذ العام 1973 تعاني الولايات المتحدة لهذه الدرجة اقتصاديا، وذلك بسبب تداعيات الحرب في اوكرانيا. وهذا العنوان هو من اهم اهداف الزيارة الى المملكة العربية السعودية، لضخ نفط اضافي في الاسواق لاحتواء التضخم عالميا. الهدف الثاني، تحصين الجبهة او الشراكات لمواجهة روسيا، فالجميع يعلم ان الاميركيين يخوضون حربا مع روسيا في شرق اوروبا وفي اوكرانيا تحديدا، وبالتالي فإن موقف شركاء الولايات المتحدة بالنسبة لروسيا يتميز عن الموقف الاميركي كي لا نقول على تناقض معه، أكان السعودية او اسرائيل او تركيا، التي أخذت مسافة من هذا الصراع وأبقت على علاقتها مع روسيا، لا بل ان البعض طورها. كما أنها، رغم تحالفها مع الولايات المتحدة، لم تفرض أي منها عقوبات على روسيا. الهدف الثالث، تحصين هذه الشراكة لمواجهة الصعود الصيني، خاصة في مسألة النفط. فالصين بدأت بشراء النفط باليوان الصيني وبالتالي هناك خوف ان تتسلل اقتصاديا الى المنطقة والى سوق النفط وتضرب بالتالي سيادة الدولار". 

ويتابع نادر: "أما العنوان الأبرز فهو الملف النووي وايران. وهنا نعود الى "اعلان القدس" وأبرز ما جاء فيه أنه تضمن التزاماً اميركياً اسرائيلياً لمنع ايران من الحصول على النووي. صحيح ان الرئيس الاميركي قال ان الاولوية هي للحل الدبلوماسي وهذا أفضل الطرق ولكن ايضا رئيس الوزراء الاسرائيلي قال لن نصل الى تسوية او حل الا اذا كان هناك التزام موثوق بأن المجتمع الدولي سوف يستعمل القوة لمنع ايران من الحصول على النووي. وهذا الاعلان الذي تم توقيعه بين الجانبين يعتبر بمثابة التزام اميركي بمنع ايران من الحصول على النووي. ولكن هل هذا موقف تصعيدي؟ انا اتصور انه موقف حاسم. ولذلك نرى في المقابل تصعيد ايران عبر ادواتها، هو أولا تصعيد مباشر من قبلها وثانياً من خلال اعادة إشعال الجبهات بما فيها تصعيد حزب الله في الفترة الاخيرة وكلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في موضوع الحدود البحرية، والمرتبط بشكل مباشر بايران وليس بأي اجندة لبنانية او مصلحة لبنانية او صراعات داخلية، وهو احد اجوبة ايران على "إعلان القدس" وعلى تحصين الشراكة الاميركية الاسرائيلية والاميركية الخليجية بشأن النووي"، مضيفا: "قلنا ان الهدف الاول للزيارة ضخ نفط اضافي في الاسواق لاحتواء التضخم عالميا، لكن هذا بطبيعة الحال لن يحصل بدون ثمن، وهذا الثمن سيكون المساعدة على مواجهة ايران. بالنسبة لاسرائيل تريد الحصول على تطمينات لجهة النووي والصواريخ في حين ان السعودية تطلب تطمينات لجهة اليمن والصواريخ". 

لكن كيف سيؤثر كل ذلك على المنطقة، هل نتجه الى حرب ام الى تسوية، هل سيتم التوقيع على الاتفاق النووي ام لا؟ يجيب نادر: "اعتقد ان فرص توقيع اتفاق وتسوية دبلوماسية تضاءلت، والمدة للوصول الى تسوية قصرت جدا، لأن ايران مستمرة في بناء قدراتها النووية وبالتخصيب العالي واصبحت تملك مخزون 60 في المئة من اليورانيوم المخصب، وفي حال لم يحصل الاتفاق ولم يخرج هذا المخزون من ايران بموجب اتفاق، فإن طهران ستتمكن في غضون اسابيع من اجتياز العتبة النووية. هذه لم تعد مسألة اشهر بل اسابيع وبالتالي، اذا كان هناك من تسوية فهذه فرصتها". 

ويختم: "فرصة التسوية ليست كبيرة لأن موازين القوى اليوم تختلف عن الـ2015 عندما لم يكن هناك الخيار الشرقي ولم تكن الصين قوية لهذه الدرجة وتتوسع ولم تكن حرب روسيا. اليوم يمكن لايران ان تلعب على هذه التوازنات وتتجه شرقا وان تتموضع  وتُوَازِن الضغط الاميركي بالانفتاح اكثر على الصين وروسيا، لذلك اعتبر ان الامور مع الاسف تتجه الى مزيد من التصعيد، والخيار العسكري الذي كان بعيدا جدا منذ فترة، ارتفعت اسهمه وامكانية حصوله". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o