Jun 21, 2022 3:11 PM
خاص

الحرب الروسية- الاوكرانية لا غالب ولا مغلوب... استنزاف الطويل الأمد

المركزية – بعد نحو خمسة اشهر على اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية في 24 شباط الماضي، بدأت المؤشرات السياسية والميدانية تتواتر بأن هذه الحرب ستكون طويلة ومكلفة، وآخرها ما قاله الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرغ، لصحيفة بيلد آم زونتاج الاسبوعية الألمانية، إن "الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا قد تستغرق سنوات، ويجب ألا نتوانى عن دعم أوكرانيا حتى لو كانت التكلفة مرتفعة، ليس من أجل الدعم العسكري فحسب، بل أيضا بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء". فهل أمسك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اوروبا تحديدا والولايات المتحدة خصوصاً من "اليد التي تؤلمها" اي النفط والغذاء من أجل دفعها باتجاه الرضوخ لشروطه؟ 

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية" ان "النظام العالمي الجديد اختل توازنه في 24 شباط الماضي بسبب غزو روسيا لاوكرانيا. وقد هدف بوتين من خلال هذه الحرب الى تعديل وضعه وفرض أمر واقع على اوروبا من خلال سلاحَين، الاول سلاح الطاقة، خاصة وانه يعلم ان اوروبا مرغمة على الحصول على النفط والغاز منه، والثاني سلاح الغذاء او الامن الغذائي من خلال محاصرته للموانئ الاوكرانية وسرقة الحبوب والبواخر كي يفاوض عليها مع المجتمع الدولي". 

ويضيف العزي: "لقد حث وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر الغرب على التوقف عن محاولة إلحاق هزيمة ساحقة بالقوات الروسية في أوكرانيا، محذرًا في الكلمة التي ألقاها في منتدى دافوس، من أن ذلك ستكون له عواقب وخيمة على استقرار أوروبا على المدى البعيد. وبالتالي المطلوب هنا عدم انتصار اوكرانيا، لأنها اذا انتصرت فإنها ستخلّ بموازين القوى الاساسية في اوروبا وستصبح لها كلمة أقوى من الكلمة الفرنسية والبريطانية والالمانية، ولذلك يصرّ الاوروبيون على عدم هزيمة روسيا من قبل اوكرانيا. لكن في الوقت نفسه، عدم انتصار روسيا أيضاً، لأن من شأن ذلك أن يدفع ببوتين إلى دقّ أبوابهم، لذلك يحاولون تأجيل تقديم سلاح ريثما تستفيق روسيا من الصدمة وتذهب باتجاه تسوية، والتوصل إلى صيغة لا غالب ولا مغلوب". 

ويتابع: "إلا أن الروس لم يتقبلوا حتى اليوم فكرة ان ليس باستطاعتهم صنع نصر وتهديد الاوروبيين من خلال الغاز، لكن في النهاية لن يستطيعوا ان يقودوا الحرب إلى ما لا نهاية، لأن روسيا ستعاني من التضخم والتدهور الاقتصادي وعندها سيقف الشعب اعتراضا. لذلك، فإن الاوروبيين معنيون بأن يدعوا الروس للجلوس الى الطاولة والشرط الاساسي عودة الى ما قبل 23 شباط والنقاش في قضيتي القرم والدونباس مطولا. وهذا يعني الدخول في تسوية، شرطها الاساسي ألا تعود روسيا الدولة القطبية الثانية في العالم، خاصة بعد أن كبدت اوكرانيا أكبر ثاني جيش في العالم خسائر كبيرة ونكسة لم يكن يتوقعها. لذلك، وصل الروس الى نقطة "الجمود"، لا تقدم ولا تراجع. وهذا معناه الاستنزاف، ومن هنا ضرورة ايجاد طرف للعب دور الوسيط، وقد يلعب الاتراك او الصينيون او الهنود هذا الدور ولكن لا بد من القول ان الكلمة الاولى والاخيرة للادارة الاميركية هي التي تحدد ماذا تريد". 

ويؤكد العزي أن "منذ اليوم الاول، لم تكن الولايات المتحدة تريد هزيمة روسيا انما استنزافها، وإضعاف موقعها، والتسوية قادمة ولكن كلما عجلنا بها كانت الخسائر في الجيش والقدرات أقل، يقول كيسنجر للروس. وهنا نعود الى ما قاله كيسنجر بوجوب عدم دفع روسيا للارتماء في أحضان الصين أكثر لأن معركتنا مع الصين وليست مع روسيا وهذا الكلام يعني بأن الرسالة الاميركية وصلت أولاً للروس الذين كانوا يعتبرون أنفسهم قوة جبارة وباستطاعتهم تسجيل انتصارات وفرض معادلة قوية في النظام الدولي الجديد وتكون روسيا بالتالي داخل هذه القطبية. والرسالة الثانية الى الاوروبيين ومفادها بأن "لا يمكنكم ان تقاتلوا بدوننا وعليكم ان تأخذوا ما نحن نفرضه عليكم". أما الرسالة الثالثة فموجهة الى الصين وهي "اياكم واللعب معنا، فقد عاينتم ما حصل لروسيا، مارسوا أعمالكم المطلوبة في التبادلات التجارية واي عمل "أحمق" في تايوان سوف يصيبكم جراءه ما أصاب روسيا". 

ويختم العزي: " باب قطار التسوية سوف يُفتَح من الحرب الاوكرانية وهذه التسوية ستنعكس بالطبع على الشرق الاوسط، وبالتالي إضعاف موقع روسيا يعني إضعاف الموقع الايراني، الحامي والممول لكل هذه الممانعات في المنطقة. المطلوب من روسيا المحافظة على الستاتيكو. ومن هنا لا انتصار لروسيا لأن بانتصارها سيغيّر كل العالم وسيفتح شهية لغزوات جديدة اكانت في اوروبا او آسيا او اميركا اللاتينية او الشرق الاوسط وبالتالي انتصار معادلة الكبير سيأكل الصغير". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o